ياسين التميمي
الانتقالي في مهمة تمرد جديدة
[ السبت, 29 أغسطس, 2020 ]
ربما أكون من بين كثيرين من الذين لم يفاجئهم سلوك المجلس الانتقالي، الذي أعلن قبل يومين تعليقه المشاركة في تنفيذ آلية التسريع في تنفيذ اتفاق الرياض، ولم يروها سوى انخراط في مهمة تمرد جديدة تحظى بالدعم المعتاد من تحالف يثبت أنه شديد السوء.
فالمجلس الانتقالي لا يصدر بالتأكيد عن موقف أصيل بقدر ما يعبر عن إرادة سياسية مضمرة لدى التحالف السعودي الإماراتي الذي يعمل مع كل مراجعة جديدة لاتفاق الرياض على إضافة مكسب جديد لهذا المجلس الانتقالي وكان آخرها تمكين محافظ عدن الجديد احمد لملس المحسوب على هذا المجلس من تسلم مهامه كمحافظ يعمل بقرار جمهوري بعيداً عن الجمهورية.
أكثر ما يلفت الانتباه أن اللجنة العسكرية السعودية التي ذهبت إلى عدن لمباشرة الإشراف على تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض، أحاطت مهمتها بتكتم شديد إلى الحد الذي لا يمكن معه تقييم مهمتها هل نجحت أم فشلت.
وكان واضحاً أن غياب ممثلين عن الطرف الحكومي منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها اللجنة مباشرة مهامها اعطى انطباعاً سلبياً، إذ كان في استقبالها أحمد سعيد بن بريك في مطار عدن، وكأنها تزور بلداً أجنبياً وليس اليمن.
عوضاً عن أن تسلط اللجنة السعودية الضوء على موقف المجلس الانتقالي السلبي من تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض، صمتت، لكي تتيح لهذا المجلس صرف الأنظار عن هذا الجزء المهم من الاتفاق إلى ما يعتبرها خروقات من جانب القوات الحكومية في أبين.
ليس هناك مقارنة أبداً في التداعيات التي يمكن تخلفها اشتباكات متقطعة في جبهة تمر بهدنة هشة، وبين رفض طرف في اتفاق الرياض تنفيذ الشق العسكري الذي يعني تخليه عن السيطرة العسكرية والأمنية في محافظة عدن، بما يسمح بإعادة انتشار القوات وتهيئة الظروف لمقدم الحكومة الجديدة.
لم تقم السعودية بإجراء يستحق الاهتمام حيال الموقف المستفز للمجلس الانتقالي، ويبدو أنه لم يفاجئها ذلك الموقف، فهو ضمن المخطط المرسوم.
لذا لم يكن غريباً أن يبدأ السفير السعودي لدى اليمن محمد بن آل جابر مهمة لقاءات في الرياض مع أطراف في الشرعية أقل ما يقال عنها أنها بعيدة عن التأثير الميداني في إنجاح أو إفشال اتفاق الرياض، لينقل الطرفين إلى مستوى جديد من المشاورات التي قد تفضي إلى آلية لتفعيل الآلية.
يؤكد السعوديون ومن ورائهم الإماراتيون أنهم طرفان متحللان من الالتزامات المفترضة تجاه الحكومة الشرعية وتجاه اليمن وحاجته لعبور هذه المرحلة الخطيرة، ليثبتا دورهما كطرفين متآمرين ويسعيان إلى تفكيك الدولة اليمنية، والسيطرة على جغرافيتها متسولين التناقضات الجهوية والمذهبية الناشئة بين المكونات اليمنية والتي تسببت بها عملية الاستقطابات الحدية الممولة من هذين البلدين العربيين السيئين.
تتجه الأنظار اليوم إلى السلطة الشرعية التي يتواجد رئيسها في الولايات المتحدة في مهمة علاجية أدخلت هذه السلطة في حالة شلل تام، ما وفر بيئة خصبة للرياض وأبوظبي ليتصرفا على هذا النحو، ويمنحان المجلس الانتقالي هامشاً من المناورات المكشوفة التي تهدف إلى حرمان الشعب اليمني من العوائد المتوقعة لاتفاق الرياض الذي بدا في ظاهره خطوة لتقنين التمرد وإعادة تشكيل ائتلاف وطني سياسيي وحكومة يُبقيان السلطة الشرعية بمشروعها الوطني مرجعية عليا.
مشاركة: