الرئيسية > تقارير
تهدئة هشة في الحديدة .. هل يستأنف "التحالف" هجومه أم تنجح الضغوط الدولية في إيجاد حل سياسي ؟
المهرة بوست - تقرير خاص:
[ الأحد, 18 نوفمبر, 2018 - 08:46 مساءً ]
توقف الهجوم العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات على مدينة الحديدة ومينائها غربي اليمن، رضوخا للضغط الدولي الكبير الذي قادته بريطانيا لإيقاف القتال الذي تسبب بمقتل أكثر من 35 مدني بحسب الأمم المتحدة، وفاقم معاناة السكان ودمر الكثير من المصانع والمنشآت الطبية والتجارية أبرزها مستشفى 22 مايو، ومجمع إخوان ثابت التجاري، خلال أسبوعين فقط من المواجهات التي وصلت إلى الأحياء المكتضة بالمدنيين.
لكن هذا التوقف المؤقت كما تقول الحكومة الشرعية ومن ورائها السعودية والإمارات، لم يخفف معاناة المدنيين المحاصرين داخل المدينة التي يتقاسم سيطرتها قوات التحالف العربي وجماعة الحوثي، وواصل كل طرف الدفع بالمزيد من التعزيزات العسكرية وبناء تحصينات داخل المؤسسات والمنشآت الحيوية، أبرزها ميناء الحديدة الذي حوله الحوثيون لثكنة عسكرية حقيقية، وهو مؤشر فعلي على أن اندلاع المعركة مسألة وقت لا أكثر.
وعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار إلا أن الغارات الجوية التي يشنها تحالف السعودية والإمارات، لازالت متواصلة وبشكل كثيف، وسقط فيه عدد من المدنيين ابرزهم ثمانية قتلى في هجوم جوي بمديرية الجراحي جنوب الحديدة، وهو هجوم أدانته المفوضية السامية للاجئين، ويقابل الهجمات الجوية استمرار القصف المدفعي الذي يشنه الحوثيون على مواقع القوات المدعومة من التحالف، وسقطت بعض القذائف على الأحياء السكنية كان آخرها حي "سبعة يوليو" وسقط في الهجوم ثلاث فتيات فيما أصيب ثلاثة آخرون.
تهدئة هشة .. تسبق المعركة !
وتوقع السفير الروسي لدى اليمن، “فلاديمير ديدوشكين”، احتدام حدة المواجهات من جديد حول مدينة الحديدة ومينائها على شاطئ البحر الأحمر، وقال في تصريحات نقلتها وكالة “تاس”، إن الأوضاع على خطوط الجبهات الرئيسة في محافظات الحديدة وصعدة وحجة والضالع والبيضاء وتعز، “لا تزال متوترة جدا.
وأكد الدبلوماسي الروسي إن الاشتباكات العسكرية في الحديدة، شهدت انخفاضا نسبيا خلال اليومين الأخيرين، لكن لا وقف إطلاق للنار تم التوصل إليه، لذا فإن دخول المواجهات دورة جديدة من التصاعد لا يمكن استبعاده، وأضاف أن المخاوف الأساسية يثيرها في الوقت الحالي احتمال امتداد الأعمال القتالية إلى منطقة الميناء الذي تصل اليوم من خلاله إلى البلاد 90% من المواد الغذائية والوقود والأدوية.
بدوره أكد ناطق جماعة الحوثي "محمد عبدالسلام"، أنه لاحقيقة على الأرض تشير لتوقف التصعيد العسكري، معتبرا الهدوء الشكلي هو بهدف الإعداد لتصعيد أكبر يخطط له تحالف السعودية والإمارات، واصفا تحركات مسلحي الجماعة بأنها دفاعية أمام عدوان تدعمه واشنطن ولندن.
ونفى الناشط اليمني "بسيم جناني" في منشور له على فيسبوك، توقف المعركة بشكل نهائي، وأضاف لاصحة لأي إنسحاب عسكري للتحالف، فجميع القوات في مواقعها الأمامية والتعزيزات تصل بشكل يومي، وأضاف أنه ورغم هذا الحراك الدولي، لازالت القوات المشتركة المدعومة من التحالف تعزز من تواجدها في المدينة، ومن الصعب الآن الحديث عن نهاية المعركة.
دعوات لإنهاء الحرب لا إيقافها..
ورحبت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، بدعوات وقف القتال في اليمن، لكنها شددت على ضرورة إنهاء الحرب بشكل كامل، وقالت المنظمة في نداء وجهته مديرة اليونيسيف “هنريتا فور”، مساء الجمعة، إن الدعوات المتزايدة لوقف إطلاق النار في اليمن علامة مرحب بها، لكن أطفال البلد يحتاجون إلى إنهاء الحرب.
مدير برنامج الغذاء العالمي "ديفيد بيسلي" الذي زار الحديدة قبل أيام، أكد في مؤتمر صحفي عقده مساء الجمعة بالمقر الدائم للأمم المتحدة بمدينة نيويورك الامريكية، أن الحديدة أصبحت مثل مدينة أشباح في أجزاء منها، وأضاف كنا نوزّع الطعام وكان الناس يأتون إلينا بالمعنى الحرفي، يخرجون من منازلهم بأسرع ما يمكن إلى نقاط توزيعنا، حيث سنمنحهم ما يكفي من الطعام لمدة شهر واحد.
وشدد "بيسلي" على ضرورة إبقاء ميناء الحديدة مفتوحًا أمام حركة الملاحة التجارية مضيفا بأي ثمن ويجب أن يظل مفتوحا، مشيرا أن ما يتراوح بين 70% و80% من واردات اليمن التجارية تأتي عبر هذا الميناء، ولذلك يتعين أن يبقى ميناء الحديدة مفتوحا، ونحن مستعدون لتشغيله”.
واعتبر الصحفي والناشط اليمني "وديع عطا" في منشور على فيسبوك، توقيف معركة الحديدة انتصارٌ مجاني، يمنحه التحالف المنفوش لعصابات الانقلاب الحوثي في الحديدة، وفرصة أخرى تُطيل من عمر بقائهم في المحافظة المنكوبة بهم منذ 4 سنوات، ومساحة زمنية إضافية يمنحها التحالف للتموضع أكثر في المدينة وتقطيع أوصالها و التمترس بالمدنيين.
وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في افتتاحيتها يوم الأربعاء الفائت، إن الملايين من اليمنيين يعانون بينما كان الأمير "محمد بن سلمان، يلاحق حرباً كارثية ضد المتمردين الحوثيين الموالين لإيران، وانتقدت تقديم الولايات المتحدة الدعم اللوجستي والاستخباراتي للمملكة العربية السعودية وحليفتها في التحالف الإمارات العربية المتحدة منذ الضربة الأولى التي قام بها الأمير في مارس 2015، وواصلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة توفير الأسلحة.
فرص الحل السياسي
المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، أكد عزمه القيام بزيارة الأسبوع المقبل، إلى صنعاء والحديدة الخاضعتان لسيطرة جماعة الحوثي، وقال في إفادة أمام مجلس الأمن الدولي، مساء الجمعة، بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، عزمه عقد جولة جديدة من المفاوضات بين أطراف الأزمة اليمنية في السويد، بهدف التوصل إلى اتفاق انتقالي لاستئناف عملية انتقالية جديدة”.
وأضاف المبعوث الخاص أن المحادثات القادمة في السويد سترتكز على وثيقة قام هو بإعدادها، وترتكز على آليات سياسية وأمنية بضمانات للتنفيذ، وتهدف لوقف إطلاق النار في اليمن، مشيرا إلى تلقيه تأكيدات حازمة من الأطراف المعنية بشأن التزامهم بالمشاركة في المشاورات المقبلة، دون تحديد موعد دقيق، وأبلغ أعضاء المجلس بأن أطراف النزاع كانوا على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن تبادل السجناء والمعتقلين، معربًا عن أمله في “تفعيل هذا الاتفاق قريبا.
ويرى الباحث السياسي اليمني “عزت مصطفى” في حديث خاص لـ "المهرة بوست" أن التسوية السياسية باتت قريبة جداً أكثر من أي وقت مضى، بالنظر إلى التصريحات التي تصدر عن الإدارة الأمريكية والمبعوث الأممي مارتن غريفيث؛ وهي تصريحات مختلفة اللهجة عن العام الماضي والذي قبله؛ مشيرا أن التسوية السياسية شارفت على التحقق، وهذا لا يعني انتهاء الصراع في اليمن بقدر ما يشير إلى ترحيله لجولات قادمة.
وكان وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، قال إن فرص إجراء محادثات لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاثة أعوام ونصف العام في اليمن، صارت “أكثر واقعية” بعدما أكدت السعودية له استعدادها لإجلاء 50 مقاتلا حوثيا مصابا في إجراء لبناء الثقة.
ويعاني اليمن، منذ نحو 4 سنوات، من حرب بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي من جهة، والحوثيين الذين يسيطرون على محافظات بينها صنعاء منذ 2014، من جهة أخرى، وخلفت الحرب المستمرة أوضاعًا معيشية وصحية متردية للغاية، وبات معظم سكان البلاد بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
مشاركة الخبر: