قتلى وجرحى باشتباكات بين مسلحين قبليين في لحج     وفاة طفلة مصابة بالدفتيريا بمخيم للنازحين في مأرب     إسرائيليون يتهجمون على وزير الأمن القومي "بن غفير" ويحاصروه بمقر حكومي     القوات الحكومية تعلن إحباط هجوم للحوثيين في تعز     هيئة بريطانية تعلن عن دوي ارتطام وتصاعد للدخان من البحر جنوب غربي عدن     الأرصاد يتوقع هطول أمطار متفاوتة الشدة على عدد من المحافظات ويحذر من الصواعق     مباحثات "أمريكية عمانية" بشأن التصعيد في البحر الأحمر     كتائب القسام تعلن إيقاع قوتين إسرائيليتين في كمينيْن بالمغراقة في غزة     سفينة حربية يونانية تعترض طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر     حجة.. إصابة مدني جراء انفجار لغم في ميدي     القوات الأمريكية تعلن التصدي لصاروخ باليستي وأربع مُسيّرات حوثية     وزير الدفاع يبحث مع السفير الصيني جهود تحقيق السلام في اليمن     تراجع كبير في حركة السفن بقناة السويس جراء الهجمات الحوثية في البحر الأحمر     وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نظيره اليوناني التعاون الدفاعى وجهود حماية التجارة فى البحر الأحمر     انتشال جثث 14 مهاجرا قبالة سواحل تونس    

موسى الفرعي

كن إماراتيًا لتلوي عنق التاريخ

[ الثلاثاء, 20 مارس, 2018 ]
هوليودية العصر الحديث إماراتية بامتياز، لا بإمكاناتها السينمائية ولا ببطولات مطلقة لأبطالها التراجيديين بل بتسخير المكياج الإعلامي لقلب الحقائق وتزوير التاريخ بشكل فاضح وصريح.

وها نحن اليوم في حضرة فيلم ذاكرة ومسيرة زايد الأول الذي بث على قناة الإمارات بتاريخ 16 مارس، وقد حاول كل من يقف خلف هذه المهزلة تأكيد الوجود الإماراتي وهذا حق مشروع، ولكن لا حق لأمة في النصب والاحتيال التاريخي، ليس من حق أية أمة السطو على مقدرات الشعوب التاريخية المادية وغير المادية لتغيير مسرح أحداث التاريخ لصالحهم.

ها هي الإمارات اليوم من خلال هذا الفيلم تحاول الترويج لدور بطلهم في حل الخلافات والنزاعات في عُمان وذلك بتصوير موكب ” رشيدي ” في طريقه لحل الخلاف الذي نشب بين السيد ثويني والسيد ماجد بعد وفاة والدهم السيد سعيد بن سلطان، والذي يظهر فيه البطل مشهرا سيفه في بعض المشاهد وفي ذلك ما فيه من رسائلهم المبطنة، ولو تم هذا الترويج نتيجة لما تحتمه الجيرة أو الواجب أو رد الجميل فلا بأس، أما بهذه العلوية المزيفة فلا.

السيد ثويني والسيد ماجد أبناء السيد سعيد بن سلطان صاحب الفترة الذهبية في تاريخ هذه الإمبراطورية العملاقة لعمان والتي امتدت من بحيرات إفريقيا غربا حتى مشارف شبه القارة الإفريقية، هؤلاء ينأى كل على جانب بطلهم وأحيانا يكون في المقدمة وهم من ورائه، ويستدعيهم إلى خيمته في قلب الصحراء ويحل الخلاف والنزاع الواقع بينهم، بهذه السوبرمانية يختتم الفيلم ويكمل رضى العقول العقيمة.

لن أتطرق إلى أكداس الأدلة والشواهد التاريخية التي تلقف ما صنعوا، ولا يفلح الساحر حيث أتى، لكنني أحيل القارئ الكريم إلى نقطة واحدة فقط وبعدها أطرح السؤال والنتيجة، وهنا أشير إلى سجلات مكتبة الهند الشرقية التي أطلقت في القرن الثامن عشر على المنطقة الواقعة على السواحل الجنوبية للخليج العربي والتي تضم في وقتنا الحالي الإمارات العربية المتحدة اسم ” ساحل القرصنة ” حيث تتعرض سفنهم للهجوم من قبيلة القواسم، وإن كانت هناك تفاسير تاريخية أخرى ” جباية الضرائب والإغارات البحرية ” مثالا حيث أطلق البريطانيون على ذلك ابتزازا وقرصنة، وظل هذا الأمر حتى عام 1853 وهو عام معاهدة الهدنة البحرية، وتقول سجلات مكتبة الهند الشرقية عن وضع الإمارات.

بعد هذه المعاهدة: بدأت بريطانيا عقب الحملات العسكرية عام 1809-1819 في عرض إبرام المعاهدات مع القبائل المحلية والتي بموجبها تعترف بريطانيا بالأسر الحاكمة وتعرض الحماية مقابل هدنة بحرية، بيد أن كل مشيخة قد احتفظت بسلطتها على شؤونها الداخلية، وفي هذا إشارة واضحة إلى عدم الوحدة الكلية، وظل هذا الوضع حتى تأسيس الإمارات رسميا عام 1971.

وقد وقّعت إمارات الساحل المتصالح مع بريطانيا عام1892 معاهدة يحظر بموجبها على حكام الإمارات إبرام اتفاقيات مع أي سلطة بخلاف بريطانيا وذلك لتعزيز النفوذ البريطاني على المشيخات، وظل ذلك حتى عام1968 حين أعلنت بريطانيا انسحابها من الخليج بسبب الضغوطات الاقتصادية. وقد وصفت السجلات الوضع الاقتصادي في الساحل المتصالح اعتماده على رعي الماشية وصيد الأسماك وتصديرها وصيد اللؤلؤ، حتى بدأ التحول الجذري في المنطقة عام1962. عند هذه النقطة نعود إلى الهوليودية الإماراتية وهي تصور الموكب ” الرشيدي ” لبطلهم في ذات الفترة.

كيف بعد ذلك كله يمكن للجاهل قبل العاقل تصور من عايش تلك الأوضاع الاقتصادية وفرادنية السلطة أن يملك تلك القدرة على حل خلاف يتعلق بالإمبراطورية العمانية العملاقة وبتلك الأبهة والعلو التي صورها الفيلم، وقد كان أولى لأي بطل مزعوم في أرضهم أن يلتفت لوحدة السلطات المتفرقة إن كان يملك القدرة على ذلك، قبل الالتفات إلى حل الأزمات والخلافات الخارجية.

هنا تتجلى قدرة الدور الإماراتي على فضح نفسه أكثر من قدرته في ادعاء البطولات، وقبل ذلك كله النصب على ضيوف الفيلم مثل الدكتور محمد المقدّم الذي تم اقتطاع حديثه واستخدام ما يناسب الفكرة العامة التي يرغبون بالترويج لها، كما يتبين للجميع الإعلان الإماراتي الكبير لكل من ينوي ليّ عنق التاريخ أن يصبح إماراتيًا أولاً كي يكون قادرًا على ذلك ويأخذ براءة واعترافًا بالتدليس والتزييف مختومًا بالختم الإماراتي.

نقلاً عن موقع أثير 


مشاركة:


تعليقات