حلف قبائل حضرموت يؤكد استمرار في التصعيد ويرفض أي قرارات لا تلبي مطالبه     الجيش الأمريكي يقول إنه دمر 5 مسيّرات ونظامين صاروخيين للحوثيين     ارتفاع عدد ضحايا السيول بمحافظة ذمار إلى 30 قتيلا     مصدران: سفينة مملوكة لشركة سعودية تتعرض لهجوم في البحر الأحمر والمهاجمون مجهولون     ناقلة نفط وسفينة تجارية تبلغان عن تعرضهما للهجوم في البحر الأحمر     الأمم المتحدة: وفاة وفقدان 41 شخصا جراء سيول المحويت باليمن     زعيم الحوثيين: نحضر للرد على قصف الحديدة والتوقيت سيفاجئ إسرائيل     بينها تعيين قائد جديد للقوات المشتركة باليمن.. أوامر ملكية بتعيين قادة عسكريين جدد     عدن.. غروندبرغ والعليمي يبحثان الحاجة الملحة لحوار يمني "بناء"     محافظ المهرة يصدر قراراً بتعيين مدير جديد لفرع المؤسسة العامة للكهرباء بالمحافظة     في ختام مباحثات في مسقط.. غروندبرغ يدعو إلى حوار بناء لتحقيق السلام في اليمن     اليونان تقول إنها على اتصال مع السعودية بشأن ناقلة نفط معطلة في البحر الأحمر     الحوثيون: لم نوافق على هدنة مؤقتة وإنما سمحنا بقطر الناقلة سونيون     أسبيدس: لم يتسرب نفط من الناقلة سونيون المتضررة بعد هجوم الحوثيين     مشايخ ووجهاء سقطرى يطالبون بإقالة المحافظ رأفت الثقلي ويتهمون بالفشل في إدارة الجزيرة     

عبدالجبار الجريري

لماذا يرفض أبناء المهرة التواجد السعودي؟

[ السبت, 26 يناير, 2019 ]
محافظة المهرة الواقعة شرق اليمن، هي ثاني أكبر محافظة يمنية بعد حضرموت، كما أنها المحافظة اليمنية الوحيدة التي لها حدود برية مع دولتين، فهي تحد من الجانب الشرقي سلطنة عمان، ومن الجانب الشمالي المملكة العربية السعودية. تمتعت محافظة المهرة خلال السنوات الماضية بحالة ثابتة على مستوى الأمن والاستقرار، حيث لم تتعرض إلى غزو مليشيات الحوثي، ولم تشهد في ذات الوقت أي تحركات للقاعدة أو داعش، مما ميزها أمنياً عن بقية المحافظات اليمنية. 
  
لكن بعد أن جاءت عاصفة الحزم ومن ثم عاصفة الأمل، بدأت قوات التحالف خاصة القوات السعودية، بالتمدد شرق اليمن في اتجاه المهرة، في خطوة مماثلة للتمدد الإماراتي في عدن وشبوة وحضرموت وسقطرى. ظلت المهرة آمنة مطمئنة إلى أن جاءت القوات السعودية، فحولت ميناء نشطون الوحيد في المحافظة إلى ثكنة عسكرية، وسيطرت على مطار الغيضة وحولته هو الآخر إلى قاعدة عسكرية مركزية. كما قامت بإنشاء معسكرات عديدة في مناطق مختلفة من المحافظة، وشكلت مليشيا مسلحة على غرار ما تفعله الإمارات في عدن وشبوة وحضرموت. الهدف من كل ذلك ضمان ولاء المجتمع المهري. 
  
لم تتوقف أيدي القوات السعودية عن هذا الحد، بل امتدت إلى منفذي شحن وصرفيت شرق المهرة، وفرضت فيهما إجراءات صعبة أشبه بالتطفيشية، تسببت في تراجع حركة نقل البضائع والأفراد، وهو ما كلف المحافظة خسائر مالية كبيرة، نتيجة تراجع حركة النقل في هذين المنفذين. هذه الحالة السيئة التي وصلت إليها المهرة لم تروق للكثرين من أبناء المحافظة، من بينهم وكيل المهرة السابق الشيخ علي سالم الحريزي، وهو ما دفعه للتحرك الصريح والعلني لرفض التواجد السعودي، الذي سبب للمهرة خسائر مالية بالإضافة إلى المعنوية المتمثلة في شق الصف، ودعم طرف على آخر. 

انطلقت مظاهرات واعتصامات المهرة، بمشاركة شعبية واسعة النطاق، والجميع يرفع شعار رحيل القوات السعودية. أبناء المهرة ليسوا سذج، فهم يدركون كغيرهم من أبناء اليمن، أن الهدف الأساسي للقوات السعودية في المهرة حماية أنبوب النفط الذي تنوي المملكة مده عبر الأراضي المهرية. السعوديون وقعوا في ورطة كبيرة بعد الرفض الشعبي لهم في المهرة، فاستخدامهم للقوات العسكرية أرسل رسائل خاطئة لأبناء المهرة، وزاد من توسعة الانتفاضة الشعبية الرافضة لتواجدهم. 
 
كان ينبغي على السعودية التنسيق مع الشرعية اليمنية في الرياض حول قضية أنبوب النفط، لكن التهور والطيش الذي بات سمة أساسية في سياسية المملكة الداخلية والخارجية، منعها من أن تأتي البيوت من أبوابها. لا المال ولا الترهيب سينجح في وأد انتفاضة أبناء المهرة؛ وليس من العدل على السعودية أن تبعث بقواتها العسكرية إلى آخر اليمن شرقاً، بينما جبهات القتال بحاجة للسلاح والجنود في ظل تعنت الحوثيين. الكثير لا يعلم أن هناك المئات أو ربما الألاف من أبناء المهرة في السعودية من حَمَلَة الجوازات السعودية ممنوع عليهم تجديد جوازاتهم، فكيف تقبل السعودية التواجد في المهرة في ظل عدم حصول أبناء هذه المحافظة على حقوقهم الكاملة داخل السعودية؟ 

المجتمع المهري مجتمع قبلي لا يرضخ للضغوط والأساليب التهديدية، ولا يمكن لهم التفريط بسيادة بلادهم وكرامتهم. فتحويل المطارات والموانئ إلى ثكنات عسكرية، والسيطرة على القرار الأمني والإداري، كلها عوامل ستزيد من حالة الاحتقان الشعبي في المهرة، ولن تُحقق أي سلام. كم هو مؤسف أن يجد الشعب اليمني يوماً نفسه، في مواجهة أطماع من أتى لإنقاذه من انقلاب مليشيا الحوثي، ومن أتى بهدف إعادة الشرعية اليمنية! 

والأكثر أسفاً من هذا، كيف تُريد السعودية من أبناء المهرة واليمن قبول تواجدها في محافظاتهم المحررة، وهي في ذات الوقت تُرّحل شهرياً المئات من اليمنيين؟ وتفرض على المقيمين في أراضيها رسوماً باهظة، لم تراعي حالة اليمن الاستثنائية، ولا الأزمة الإنسانية التي يتعرض لها هذا الشعب المكلوم. خلال العام الفائت وحده تم ترحيل 800 ألف يمني من السعودية، وفق إحصائيات الشرعية اليمنية! السعودية تتعامل مع اليمن وكأنها بلاد بلا شعب ولا كرامة ولا سيادة، لذلك تسعى لتحويل المهرة إلى حديقة خلفية لها.

مدونات الجزيرة
 


مشاركة:


تعليقات