الرئيسية > أخبار اليمن
السنة الخامسة للحرب: اليمن ساحة لتصفية الحسابات بين التحالف وإيران
المهرة بوست - يورونيوز
[ الثلاثاء, 26 مارس, 2019 - 06:08 مساءً ]
تمر اليوم أربع سنوات على التدخل العسكري الذي يقوده التحالف العربي في اليمن، فيما تواجه البلاد أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث هناك أكثر من 20 مليون نسمة يعانون من المجاعة والأوبئة ويبوؤن عنف النزاعات المسلحة.
ويبقى اليمن، في السنة الخامسة للحرب، ساحة لتصفية الحسابات بين دول التحالف العربي وإيران، فيما لا شيء في الأفق يشير أو يؤكد على أن أصوات المدافع ستصمت قريباً.
جذور النزاع
اندلع الحراك اليمني تزامنا مع انطلاق الربيع العربي ولكن الإطاحة بالنظام لم تكن هدفه الوحيد. يرى فريزون روش، الباحث الفرنسي في المركز الوطني للبحوث العلمية أنه رغم ضجر اليمنيين بشكل عام من حكم الرئيس اليمني السابق علي عبد صالح، الدكتاتوري، والذي استمر أكثر من ثلاثة عقود، فإن النزاع مرتبط أكثر بتصفية حسابات بين من يسميهم الباحث بـ"المفترسين اليمنيين" المحليين الثلاثة، الذين رغبوا في المحافظة على السلطة، أو إعادة توزيعها بشكل مختلف.
وتلك الأطراف، بحسب روش، هي الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والجنرال علي محسن الأحمر المقرب من حزب الإصلاح، وكذلك حامد الأحمر الذي يترأس تحالفا لقبائل جد مهمة.
وتدخل الطرفان الأخيران لإزاحة صالح الذي أراد توريث الحكم لابنه، محاولين إعادة تقسيم السلطة السياسية والاقتصادية في البلاد.
الاصطدام مع الحوثيين
في محاولة للخروج من الأزمة وبإشراف المملكة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي، وقع اتفاق سياسي في الرياض سلم خلاله علي عبد صالح مهامه إلى نائبه عبد ربه منصور هادي الرئيس الحالي.
وكان يتوقع تنظيم حوار وطني وصياغة دستور جديد وتنظيم انتخابات جديدة، ولكن بعد سنتين ونصف من المرحلة الانتقالية، قرر الرئيس هادي أن المنطقة التي ستكون تحت سيطرة الحوثيين، لن يكون لها منفذ على البحر، ما جعل الحوثيين ينسحبون من كل تعاون، لتندلع بذلك شرارة الحرب الأهلية.
كما أن الرئيس هادي حذف، تحت ضغط صندوق النقد الدولي الدعم عن اليمنيين، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار ودفع الناس إلى الانتفاض والسماح للحوثيين بالنزول بسلاحهم نحو صنعاء والسيطرة على العاصمة.
وبعد مفاوضات، وُضع الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية، ولكنه تمكن من الفرار إلى عدن ثم تسلل الى الرياض حيث طلب المساعدة العسكرية من السعودية، لإعادته إلى منصبه رئيسا للبلاد.
التدخل السعودي
تدخلت السعودية في اليمن بذريعة إعادة الشرعية إلى هذا البلد.
ولكن روش له رأي آخر. بالنسبة إليه، إن ما دفع السعودية إلى تشكليل تحالف عربي مع حليفتها الإمارات العربية، ووضع حد للانقلاب الحوثي في اليمن، كان خشيتها من إقامة يمن تحت سيطرة إيرانية.
لذلك تدخلت السعودية واستهدفت خاصة شمال اليمن، وتدخلت الإمارات واستهدفت خاصة جنوبه.
مقتل صالح والحصار
شهدت السنوات الأربع الماضية في اليمن تطورات، أهمها اغتيال الحوثيين للرئيس السابق علي عبد الله صالح، فقضي على حزبه الذي كان يسيطر على اليمن، الذي حيث تقطن أغلبية تناهز خمسة وعشرين مليون نسمة الشمال، فيما يقطن خمسة ملايين نسمة الجنوب، وعندما قررت السعودية تدمير كل ما يوجد في الشمال، حيث فرضت حظرا جويا وحصارا بحريا على البلاد، كانت النتيجة هي تعذر القيام بإمدادات إلى السكان، ما أدى إلى تفاقم أزمة إنسانية أضحى فيها حوالي 20 مليون نسمة على حافة المجاعة، أو أن بعض الملايين يعيشونها فعلا.
تعدد الجبهات الميدانية المفتوحة
جرت على مدى السنوات الأربع تطورات ميدانية عسكريا، إذ أصبحت هناك العديد من الجبهات، مثل الشمال على الحدود السعودية، وعلى البحر الأحمر، ومن جانب ميناء الحديدة، وفي الجنوب حول مدينة تعز، وفي منطقة مأرب، وتعدد الجبهات يزيد من تعقيد الوضع.
والمعروف عن المنطقة الشمالية للبلاد أنها جبلية، والحوثيون المتعودون عليها يتحكمون فيها ويحتمون فيها من قصف القوات السعودية، التي لم ترسل قوات على الأرض، لإدراكها أنها لن تستطيع السيطرة عليها.
ترعرع التنظيمات المتطرفة
في هذا المشهد يوجد منتمون لتنظيمي القاعدة وداعش في اليمن، وقد استغلت الولايات المتحدة إلى حد كبير قواعدها في دجيبوتي خاصة لتصفية قادة من التنظيمين جسديا بحسب روش، كما أن الإمارات تدخلت جنوب اليمن وساهمت في القضاء على عناصر من التنظيمين، ما يجعل خطورتهما ربما تحت السيطرة، رغم أن جميع العناصر المؤهلة لارتفاع مستوى نشاط التنظيمين موجودة، بوجود المجاعة والبطالة، فكل يمني يعاني من المجاعة، هو على الأرجح عنصر قد يتم انتدابه في أحد التنظيمين.
مسؤولية الأمم المتحدة
تتحمل الأمم المتحدة مسؤولية بشأن تطور النزاع في اليمن بحسب الباحث روش، لأن الأمين العام للأمم المتحدة لم يعرف بين 2011 و2014 كيف يقيم الوضع، وسمح بإشاعة أجواء من انعدام الثقة أدت إلى الوضع الذي نعرفه الآن، كما أن خلفه لم تكن له مساحة كافية للتحرك، في وقت جرى فيه انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، إلى جانب وجود أحداث جعلت الغرب يركز على نزاعات مثل سوريا، ما جعل المنظمة الأممية تتخلى عن الملف اليمني.
ولم يفلح قدوم البريطاني مارتن غرفيثس بداية العام الحالي في إنجاح اتفاقات ستوكهولم، التي كان يفترض أن تحل مسألة السيطرة على ميناء الحديدة. واليوم أصبح الرئيس هادي يفتقد إلى المصداقية يقول الباحث الفرنسي، والجنوبيون يطالبون بالانفصال تساندهم في ذلك الإمارات، ومحاولات التسوية لا تبدو متجهة في طريقها الصحيح من جانب ممثل الأمم المتحدة الحالي، رغم حصوله على دعم بالاجماع من أعضاء مجلس الأمن الدولي.
أزمة إنسانية وتوقع الأسوأ
يعيش حوالي 20 مليون يمني اليوم على حافة المجاعة، وفيما يطعن مجلس انتقالي في الجنوب في شرعية الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، وأضحى من الصعب جدا توحيد اليمنيين من جديد، حتى وإن تم الاحتفاظ بالخيار الفدرالي.
ويبن الباحث روش أن النزاع اليمني يعكس تغييرا في موازين القوى وإعادة تشكيل للمشاعر الوطنية في دول المنطقة، فالسعودية تشعر أنها مهددة من إيران، والإمارات التي تريد لعب دور هي بصدد تشكيل حزام عسكري حول خليج عدن، انطلاقا من الضفة الجنوبية لليمن، وكذلك في اريتريا حيث أقامت قاعدة جوية، وشرعت بتحديث ميناء في "أرض الصومال".
يرى روش أن هناك شعوراً بأن الإمارات تريد إرساء نظامها الأمني في تلك المنطقة، لأن عبر مضيق باب المندب تمر حوالي 40% من التجارة البحرية العالمية، وهو أمر مهم لمصر، لأن قناة السويس مرتبطة بحرية الملاحة عن طريق باب المندب، والأمر نفسه ينطبق على الأردن فيما يخص ميناء العقبة وإسرائيل فيما يخص ميناء إيلات.
ويلاحظ الباحث الفرنسي أن الأمن بصدد الانتقال في اتجاه جنوب شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي، وإنه مع تدهور الوضع الإنساني والتوترات بين دول المنطقة، والحشد العسكري في دجيبوتي مثلا مع وجود عديد القواعد الجوية، بما فيها الراجعة بالنظر إلى دول أعضاء في مجلس الامن الدولي، فإن الأسوأ يمكن أن يحدث.
ما الذي قد يحدث؟
يرى الباحث روش أنه من الصعب التكهن بالسيناريوهات الممكنة، لأنه كان هناك تفاؤل مع بداية العملية الانتقالية في اليمن، ولكن الأمور خرجن عن مسارها، والنزاع مستمر للسنة الخامسة. ف
الوضع بالنسبة للحوثيين لن يستمر تحمله طويلا، لأنهم استنفدوا كل ما لديهم من ذخيرة جمعها عبد الله صالح على مدى أكثر من ثلاثة عقود، ولأن الوضع الإنساني متأزم تدينه الأمم المتحدة، مما يستوجب إيجاد حل، بقطع النظر عن موافقة الجميع ليس فقط للاجتماع، وإنما لتقاسم السلطة.
الكرة الآن بحسب روش هي ليست فقط في ملعب الحوثيين الذين انتهجوا سياسة انتحارية بسلوكهم الحالي، وإنما هي في مرمى السعودية والإمارات أيضا، لأنه ينبغي لهذين البلدين أن يقبلا بألا يكون اليمن ألعوبة بين أيديهما جنوبي شبه الجزيرة العربية، ولكن ذلك يتطلب شروطا عدة، رغم أن الغرب وضع ضغوطا على الرياض (التي تقود التحالف العسكري)، إثر اغتيال عناصر مخابراتها الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصليتها في تركيا، ولكن ذلك لا يبدو كافيا حتى ينتهي النزاع، خلال الأشهر المقبلة في اليمن.
مشاركة الخبر: