الرئيسية > تقارير
مشاريع الرياض الوهمية تقتل المهرة.. حصار جائر يحرم بوابة اليمن الشرقية الغذاء والدواء (تقرير خاص)
المهرة بوست - تقرير خاص
[ الجمعة, 01 مارس, 2019 - 01:29 صباحاً ]
تزعم السعودية منذُ إرسال قواتها إلى محافظة المهرة أواخر العام 2017، بأن وجودها العسكري الهدف منه مكافحة التهريب وضخ مشاريع تنموية، إلا أنه على أرض الواقع يوجد عكس ذلك.
ومنذُ وصول سفير السعودية برفقة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى محافظة المهرة في أغسطس من العام 2018 ووضع حجر الأساس لثمانية مشاريع جديدة المحافظة لم تكن سوى مشاريع وهمية تسعى السعودية من خلالها لتثبيت وجودها في أهم محافظات اليمن تتميز بموقعها الإستراتيجي المطل على بحر العرب.
يقول مصدر في مكتب الصحة بالمحافظة، إنه كان الأحرى بالسعودية التي تدعي أنها ستعمل على بناء مشاريع تنموية من ظمنها تأهيل وتوسعة مستشفى الغيضة من خلال إنشاء مركز كلى وعمليات ومركز طوارئ وعناية مركزة أن تنهي حصارها للمحافظة وتدع التجار يدخولن الإحتياجات اللازمة من الغذاء والدواء.
ولفت في تصريح لـ "المهرة بوست" إلى أن المحافظة تعاني من حصار متزايد، تعاني المستشفيات على أثره من نقص حاد في المواد الطبية.
وبين أن المحافظة استقبلت آلاف النازحين من المحافظات التي تشهد حرب مستعرة، ويعاني العشرات من الأطفال من أمراض معدية لاتتوفر لها أدوية مثل الإسهال وغيرها من المحاليل الطبية المضادات الحيوية.
مشاريع وهمية لخدمة مصالحها
ويقول وكيل محافظة المهرة السابق الشيخ علي سالم الحريزي، إن السعودية تقدم مشاريع الإعمار للمحافظة بهدف خدمة مصالحها فقط.
وسخر الحريزي، في مقابلة تلفزيونية سابقة ، من إعلان السعودية مشروع إعادة أعمار المهرة قائلاً: إن المهرة لم تشهد حرباً ولم يتم تدميرها والأولى إعادة أعمار ما دمره التحالف في المحافظات اليمنية الأخرى.
وقال الحريزي إن ” برنامج اعمار المهرة هو من اجل تمرير الأنبوب النفطي ولا نريد من السعودية أي مشروع إذا كانت من اجل انتزاع كرامتنا”.
ويذهب مدير أمن المهرة السابق "محمد قحطان"، إلى أن حديث السعودية عن إعادة إعمار المهرة "لا أساس له على أرض الواقع.
واعتبر "قحطان" كل ذلك مجرد دعايات لغايات تحسين الصورة أمام الرأي العام “لأن المهرة لم تحصل فيها حرب، وهناك محافظات أخرى دمرتها الحرب ولم يصلها الإعمار السعودي.
وأكد أن المهرة "كانت وما زالت محافظة مسالمة ويلجأ لها جميع أبناء اليمن هربا من الحرب، حيث نزح إليها قرابة نصف مليون مواطن وباتت تسمى اليمن الصغير".
وحذر قحطان التحالف السعودي الإماراتي من "فرض إرادته بالقوة، واختبار صبر المهريين"، مستنكرا "السياسة التي يتبعها التحالف والتي تفرق بين أبناء البيت الواحد والمحافظة الواحدة" متمنيا على العقلاء في الخليج النظر للمهرة ووضعها الخاص والحفاظ على هدوئها بشكل جدي.
نزعة للاستحواذ على الجغرافيا
وتشهد المحافظة، منذ أبريل الماضي، اعتصامات سلميّة للمطالبة بخروج القوات السعودية والإماراتية من المهرة، وتسليم منفذي شحن وصرفيت، وميناء نشطون، ومطار الغيضة الدولي، للقوات المحلية، والحفاظ على السيادة الوطنية.
يُذكر أن قوات سعودية وصلت إلى محافظة المهرة، نهاية 2017، وهي تمنع حركة الملاحة والصيد في ميناء نشطون، كما حوّلت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية، ومنعت الرحلات المدنية من الوصول إليه.
وتكتسب المهرة أهمية بالغة؛ حيث تُعدّ ثاني أكبر محافظة يمنية من حيث المساحة بعد حضرموت، ويوجد فيها منفذان حدوديان مع عُمان، هما صرفيت وشحن، وأطول شريط ساحلي في اليمن يقدَّر بـ560 كيلومتراً، وميناء "نشطون" البحري.
وبعد أكثر من أربع سنوات من انطلاق الحرب في اليمن، لم تبدأ المملكة مشاريع إعادة الإعمار التي تحدثت عنها والتزمت بها أمام المجتمع الدولي؛ باستثناء ما أعلنته في محافظتي المهرة وسقطرى، اللتين لم تكونا في حاجة ماسّة لمشاريع؛ باعتبار أن الحرب لم تصلهما كبقية المحافظات التي تدمرت.
ويرى مراقبون أن أن التحالف السعودي الإماراتي أظهر نزعة للاستحواذ على الجغرافيا اليمنية في محافظتي المهرة وسقطرى، البعيدتين جداً عن مسرح العمليات العسكرية؛ ما يؤكد انحراف المهمة التي قامت من أجلها الحرب، ومن ثم تعاظمت تبعاتها الاقتصادية وتسارع انهيار العُملة الوطنية.
قصص ومعاناة
وفي تقرير أعده مراسل صحيفة “دايلي تلغراف” غاريث براون من الغيضة عاصمة محافظة المهرة، شرق اليمن أشار فيه إلى “اليأس المتزايد مع سيطرة السعوديين على اليمن”.
ويقول "براون" إنه بدأ رحلته في المهرة من وحدة الأطفال في مستشفى الغيضة المركزي التي كان فيها طفل يصرخ على ذراع امه يعاني من التهاب جلدي مع تقيأ وحمى، وفي أوضاع أخرى كان يمكن أن يتم تهدئته بمنحه مسكنات وهي غير متوفرة في المستشفى في شرق اليمن.
ولهذا يتردد صدى صراخه في عنبر المستشفى. ولا شيء يخفف ألم الطفل إلا عناق والدته له.
ورغم ابتعاد الحرب عن الغيضة ومعظم محافظة الحرب عن الغيضة والمهرة بشكل عام، إلا أن المحافظة كما يقول السكان المحليون للصحفي "براون" تعاني من حصار متزايد وخنق تقوم به السعودية حيث تخسر المحلات التجارية وتعاني المستشفيات من نقص حاد في المواد الطبية ويمنع الصيادون من مغادرة الشواطئ للصيد.
وتحذر وكالات المساعدة الإنسانية الدولية من أي هجوم على ميناء الحديدة التي تدخل إليه نسبة 70% من المساعدات الإنسانية قد يؤدي إلى مجاعة في البلاد. ورغم وجود واحات من الأمان في البلاد إلا أن نقص المواد الغذائية يدفع الناس نحو اليأس.
وتقول الصحيفة إن والدة الطفل الباكي هي سمارا علي، 38 عاما والتي فرت مع اولادها من مدينة تعز التي تشهد قتالا إلى المهرة حيث لم يحمها الهروب من جبهات القتال من آلام الحرب.
وقالت: “بعض الأدوية مجانية والأخرى يجب دفع ثمنها ولكن لا عمل لي أو مال وأتسول في الشوارع من أجل أطفالي”. ولا يوجد في رفوف صيدلية المستشفى الكثير من الأدوية.
وقدم مسؤولها علي حسين قائمة من الأدوية الناقصة مثل المضادات الحيوية وأدوية وقف الإسهال ولا يوجد حتى المحاليل الملحية. ولا يوجد إلا بعض الإبر التي تستخدم في الحالات الطارئة.
وقال حسين إن بعض الأدوية زاد سعرها بنسبة 200% منذ بداية الحرب، ولا يمكن الحصول على الخدمات الرئيسية.
قيود تقتل المهرة تدريجيا
وبحسب الصحيفة: يزعم السعوديون أنهم يقومون بتمويل مشاريع كبرى في المحافظة حيث أشار السكان إلى وحدة لغسيل الكلى في المستشفى. ولكنهم يقولون إن السياسات السعودية والقيود المشددة تقوم بقتل المهرة تدريجيا، وكل هذا باسم مكافحة التهريب.
وقال حسين “لو أرادوا المساعدة فعليهم فتح الحدود”. وعلى المعبر الحدودي وقفت الشاحنات في صف يمتد ميلا بانتظار الفحص والسماح لها بالدخول.
ويقول سائقوها إن محاربة التهريب تعني أن فترة الانتظار تمتد لـ 12 ساعة حتى بالنسبة للشاحنات المحملة بالحاجيات الأساسية مثل البسكويت والبطانيات.
وترى الصحيفة البريطانية في بلد يواجه فيه الملايين من خطر المجاعة والألاف الذين لا يستطيعون الحصول على الدواء فالشاحنات المحملة بكل ما تحتاجه المهرة تقف على الطرف الآخر من الحدود.
مشاركة الخبر: