الرئيسية > أخبار اليمن
سياسة "التجويع" في اليمن.. التحالف يحاصر اليمنيين كوسيلة حرب على الحوثيين
المهرة بوست - الأناضول
[ الخميس, 22 نوفمبر, 2018 - 11:09 صباحاً ]
أزمة غذائية حادة تضرب اليمن، فجرت انتقادات واتهامات للتحالف العربي بقيادة السعودية، بالوقوف وراء شبح مجاعة وشيكة تتهدد البلد المهتز منذ سنوات على وقع الحرب. ولئن اتهمت منظمات حقوقية دولية التحالف بـ"التسبب" بالأزمة، وصعّدت شخصيات بحثية ومحققون صحفيون وخبراء أمميون، انتقاداتهم حد اتهام التحالف باستخدام "التجويع" "استراتيجية" لحسم المعركة ضد الحوثيين، إلا أن تلك الأطراف لم تعف الحوثيين أيضا من مسؤولية مفاقمة الأزمة. أما التحالف، فيؤكد من جانبه، أنه أولى -منذ بداية عملياته باليمن- العمل الإنساني أهمية كبرى، وخصص مساعدات مالية كبيرة لمواجهة الأوضاع الإنسانية بهذا البلد. في الفترة الأخيرة، تصاعدت تحذيرات جهات أممية عدة من أزمة غذائية حادة باليمن، محذّرة من مجاعة قاتلة. ففي 6 نوفمبر/تشرين ثان الجاري، قال جوزيه غرازيانو دا سيلفا، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة الأممية (الفاو)، خلال جلسة بالأمم المتحدة، إن اليمن "يشهد مأساة إنسانية لم يسبق لها مثيل". وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول، حذر المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، إرفيه فيرسول، من أن الملايين باليمن يواجهون "أسوأ أزمة جوع في العالم". ولفت فيرسول إلى أن نحو 18 مليون يمني لا يعرفون، يوميا، سبل الحصول على وجبتهم القادمة، مشيرا أن أكثر من 8 ملايين منهم على حافة المجاعة. وأضاف، بمؤتمر صحفي، أن 3.5 ملايين آخرين قد يعانون من انعدام الغذاء الحاد بالفترة المقبلة؛ ما يعني أن نحو 12 مليون يمني قد يواجهون خطر المجاعة. وباليوم ذاته، قال كريستوف بولياك، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، للصحفيين، إن 400 ألف طفل يمني مصابون بأكثر أشكال سوء التغذية حدة. وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قالت ليز غراندي، منسق الأمم المتحدة لشؤون اليمن، بتصريحات إعلامية، إن الجوع يهدد 13 مليون شخص بهذ البلد، وإن الأمر قد يتحول لـ"أسوأ مجاعة بالعالم منذ قرن". ووفق "شبكة نظم الإنذار المبكر من المجاعة" (أمريكية حكومية)، فإن لحج (جنوب شرق صنعاء) هي أكثر المحافظات اليمنية معاناة من انعدام الأمن الغذائي، وهي في المستوى الرابع، بينما يشير المستوى الخامس للمجاعة كاملة. وبالفعل، أدّت الأزمة الغذائية إلى سقوط وفيات بين الأطفال؛ حسب تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس"، في 25 سبتمبر/أيلول 2018. ووفق التقرير، تعتمد الكثير من الأسر بمديرية خيران المحرق في حجة، في غذائها على تناول أوراق الشجر، فيما تم تسجيل وفاة 5 أطفال بمنطقة "أسلم" بالمديرية جراء سوء التغذي أزمة غذائية حادة تُجمع منظمات حقوقية دولية وأخرى بحثية على مسؤولية التحالف العربي عنها، بالدرجة الأولى، فيما لا تعفي الحوثيين من المسؤولية أيضا. لكن التحالف يقول، بالمقابل، عبر بياناته، إنه شكّل، منذ بداية الحرب باليمن، خلية للإجلاء والأعمال الإنسانية، تتولى المهام ذات العلاقة بالعمل الإنساني كافة، والتنسيق مع المنظمات الدولية، لضمان رفع المعاناة عن الشعب اليمني. منظمة العفو الدولية، اتهمت في تقرير نشرته في 6 يونيو/حزيران 2018، التحالف بالتسبب، بشكل رئيسي، بالأزمة الغذائية باليمن، عبر الحصار والقيود المفروضة على وصول المواد الغذائية. وفي تقرير بعنوان: "تضييق الخناق.. عراقيل التحالف والحوثيين تفاقم المعاناة الإنسانية باليمن"، قالت المنظمة: "عقب تبني مجلس الأمن القرار 2216 في 2015، أخذت المملكة تفتش المراكب وتؤخر أو تقيد دخولها إلى موانئ البحر الأحمر اليمنية، مدعية أنها تطبق الحظر المفروض على توريد الأسلحة كما نص القرار". وفي رد على القيود التي فرضها التحالف، يضيف التقرير، أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة، في 2016، "آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن" (آلية التحقق والتفتيش)، لتسهيل تدفق السلع على ظهر المراكب التجارية نحو الموانئ اليمنية على البحر الأحمر. بيْد أن التحالف "أصر على مواصلة عمليات تفتيش السفن حتى بعد أن تكون آلية التحقق والتفتيش قد منحتها التصاريح اللازمة لدخول الميناء"، وفق المصدر نفسه. المنظمة نفسها ألقت أيضا بجزء من المسؤولية على إدارة الحوثيين؛ متهمة إياها بـ"وضع عراقيل أمام إيصال المساعدات الإنسانية داخل اليمن". ولفتت، بذات الصدد، إلى أن نظام إصدار التصاريح لحركة المركبات والسلع والأشخاص، أدى إلى تقييد حرية المنظمات الإنسانية وموظفيها في التنقل داخل البلاد. كما اشتكت تلك المنظمات من إجراءات بيروقراطية زائدة تسببت في عمليات تأخير مفرطة، ورشاو طلبها مقاتلون حوثيون للسماح للقوافل بالمرور عبر حواجز التفتيش. رغم مساهمة الحصار البحري، بصورة أكثر حدة، بالأزمة الاقتصادية باليمن، ساهمت هجمات التحالف على المصانع والمستودعات ومحطات توليد الطاقة والمواقع الاقتصادية الأخرى أيضا في ندرة السلع الغذائية، وفق "هيومن رايتس ووتش". جاء ذلك في تقرير نشرته المنظمة الحقوقية في 2016، بعنوان: "قصف المنشآت التجارية غارات التحالف السعودي على البنى الاقتصادية باليمن". ووثقت المنظمة ضربات جوية للتحالف، بين مارس/آذار 2015 وفبراير/شباط 2016، استهدفت 13 منشأة اقتصادية مدنية، كانت تنتج أو تخزن أو توزع البضائع للمدنيين، بما فيها الغذاء والدواء والكهرباء. واعتبرت المنظمة أن الهجمات "أثّرت على المواقع الاقتصادية وبشكل خاص على المدنيين، فازدادت ندرة المواد الغذائية والأدوية، وارتفعت أسعارها بشكل كبير". وحسب دراسة أجرتها مارثا ماندي، الباحثة بكلية لندن للاقتصاد، حول أشكال القصف بالأشهر الـ17 الأولى من تدخّل التحالف العربي باليمن، في ورقة نشرتها في 2017، "الشبكة الدُّولية لحقوق الطعام والتغذية"، فإن هناك "أدلة قوية عن وجود استراتيجية تهدف لتدمير عمليات إنتاج الطعام وتوزيعه" بمناطق الحوثيين. وعلاوة على ما تقدم، وثقت مراكز بحثية إجراءات حوثية ساهمت في تفاقم الأزمة الغذائية. "مركز صنعاء للدراسات السياسية والاستراتيجية"، ذكر في تقرير صدر مطلع 2018، أن الإدارة الحوثية فرضت، أواخر فبراير/ شباط 2017، رسوما جمركية على جميع الشاحنات التجارية التي تدخل المحافظات الخاضعة لسيطرتها. وأدى ذلك إلى مضاعفة الرسوم الجمركية التي يدفعها التجار في الموانئ؛ ما ضاعف بدوره أسعار الغذاء. اتهام التحالف بالتسبب بالأزمة الغذائية باليمن، صعدها البعض حد اتهامه باستخدام "التجويع" "استراتيجية" لحسم المعركة ضد الحوثيين، اتهامات تأتي رغم تقديم التحالف، بأكثر من مرة، مساعدات مالية للحد من الأزمة الإنسانية باليمن، أخرها إعلانه، الثلاثاء، تخصيص 500 مليون دولار لهذا الغرض. ففي تقرير نشر في يناير 2018، اتهمت لجنة خبراء أمميين، التحالف باستخدام "التهديد بالتجويع وسيلة للمساومة وأداة للحرب" باليمن، وعلى النحو ذاته، اتهم الباحث البريطاني أليكس دي وال، السعودية والإمارات باستخدام "التجويع استراتيجية عسكرية" باليمن. واعتبر دي وال، وهو مؤلف كتاب "التجويع الجماعي"، الصادر في مارس/آذار 2018، أن الرياض وأبوظبي "يعتبران نقص الغذاء السلاح الأكثر فاعلية في اليمن، وتريدان بذلك إخضاع الحوثيين. وأشار أن "البلدين لن يسمحا لمجرد وفاة مليون شخص جراء المجاعة، بالوقوف أمام هدفهما"، وموضحا: "إنهما يجوّعان اليمنيين بطريقة ملتوية للغاية"؛ فاليمن يستورد 80 بالمائة من طعامه، ويصل جزء كبير منه إلى ميناء الحُديدة (غرب)، لكن عمليات تفتيش السفن التي تحمل الأغذية تتسبب في تأخير وصوله". كما أدى قصف التحالف للميناء المذكور، في 17 أغسطس/آب 2015، إلى تدمير جميع الرافعات المستخدمة لتفريغ حمولات السفن بالميناء، ما جعل عمليات تفريغ الشحنات بطيئة جدا. بدورها، اتهمت "مؤسسة السلام العالمية" (بحثية/ أمريكية)، بتقرير أعده البروفسور مارثا موندي، التحالف بـ"استخدام التجويع سلاح حرب لتقويض سلطة الحوثيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتهم". واعتبر موندي، في تقريره المنشور في أكتوبر/تشرين الأول 2018، أن "حملة القصف التي تستهدف مباشرة الإمدادات الغذائية باليمن، بدأت في 2016 وهي مستمرة وتصبح أكثر فاعلية". وخلص التقرير إلى "وجود أدلة قوية على أن التحالف تبنى استراتيجية تهدف إلى تدمير إنتاج الغذاء وتوزيعه في المناطق الخاضعة الإدارة الحوثية. خلاصة توصّل إليها أيضا تقرير للباحث السياسي دان جلازيبروك، نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، في نوفمبر/تشرين الثاني ،2017 إلى أن "سلاح المجاعة" يستخدمه التحالف أداة حرب باليمن. من جهته، كشف تحقيق صحفي لـ"إيونا كريغ" نشرته صحيفة "الغادريان" البريطانية، في 12 ديسمبر/كانون الثاني 2017، كيف استهدف التحالف البنى التحتية من الصيادين والمزارع والأسواق والمخازن، إضافة لمنع دخول المواد الغذائية للأراضي اليمنية. ونقل التحقيق الوارد بعنوان "قصف للتجويع.. كيف استهدف الطيران السعودي الإمدادات الغذائية"، عن محمد حساني، رئيس نقابة الصيادين بميناء الحُديدة، إن التحالف "دمر منذ بداية الحملة، أكثر من 250 قارب صيد، وقتل 152 صيادا". الاتهامات نفسها وردت أيضا بتقرير لمؤسسة "جلوبال ريسيرش" البحثية، أعده الباحث دانييل لاريسون، ونشر في مارس/آذار 2018، كما وردت أيضا بعدة مقالات لمحللين سياسيين ومؤرخين ومنظمات دولية أخرى. وبينما لا يرد التحالف على اتهامه باستخدام التجويع سياسة لحسم المعركة باليمن، ينوّه السعوديون بأنهم، إلى جانب الإمارات، من بين أكثر المانحين سخاء لجهود الإغاثة الإنسانية في اليمن.
مشاركة الخبر: