الرئيسية > أخبار اليمن
بالصور.. "نيويورك تايمز" تكشف مأساة حرب السعودية على اليمن
المهرة بوست - الشرق
[ الأحد, 18 نوفمبر, 2018 - 03:20 مساءً ]
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن الحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن دفعت بالملايين إلى حافة المجاعة، مشيرة إلى الطفلة أمل حسين 7 سنوات، وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة بسبب الجوع.
وأضافت في تقرير مدعوم بالصور أعده الكاتب دكلان والش والمصور تايلر هكس في بلدة حجة ومناطق أخرى في شمال اليمن نوفمبر الحالي، ان "أمل" لم يبق منها سوى جلد وعظام، وقد أدارت برأسها جانبا كما لو أنها لا تستطيع أن تتحمل التقاء عينيها بأعين الذين ينظرون إليها.
وتابعت الصحيفة: "الصدر يعلو ويهبط والعينان تطرفان، والصبي ابن الثلاثة أعوام يرقد بصمت على سرير في المستشفى في بلدة حجة. إنه عبارة عن كيس من العظام يصارع من أجل التنفس".
ووصفت حالة أحد اليمنيين قائلة: "علي الحجاجي، والد الصبي، وقف بجانبه ببالغ القلق، فقد سبق له قبل ثلاثة أسابيع أن فقد أحد أبنائه لجائحة الجوع التي تجتاح اليمن. وهو الآن يخشى أن يخسر ابنا آخر".
وأكدت "نيويورك تايمز" أن هذا لم يحدث بسبب نقص الطعام في المنطقة: فالمتاجر مملوءة بالبضائع والأسواق مزدحمة خارج بوابة المستشفى. لكن السيد الحجاجي ليس لديه ما يشتري به أي مواد غذائية، لا سيما وأن الأسعار ترتفع بسرعة كبيرة، وقال: "أكاد لا أستطيع شراء قطعة من خبز عتيق. ولهذا يموت أطفالي أمام عيناي”.
الحرب المدمرة في اليمن استأثرت بمزيد من الاهتمام مؤخرا بعد أن أدى تصاعد الغضب حول قتل معارض سعودي في إسطنبول الى تسليط الأضواء على الأفعال السعودية في أماكن أخرى. وأقوى الانتقادات للحرب التي تقودها السعودية تركزت على الضربات الجوية التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين في حفلات الزواج والمآتم وباصات نقل الطلاب - تلك الضربات المنفذة بالقنابل والاستخبارات التي تحصل عليها السعودية من الولايات المتحدة.
ويقولون خبراء المعونة ومسؤولي الأمم المتحدة إن حربا أخرى مختلفة تخاض في اليمن: حرب اقتصادية تُلحِق خسارة أفدح بالمدنيين وتهدد الآن بالدفع بالبلد الى هاوية مجاعة ذات أبعاد كارثية.
وتحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، فرض التحالف الذي تقوده السعودية وحلفاؤها اليمنيون مجموعة من الإجراءات الاقتصادية العقابية التي تستهدف تقويض سيطرة المتمردين الحوثيين على شمال اليمن. لكن وطأة هذه الإجراءات - بما فيها فرض الحصار بصورة دورية، والقيود الصارمة على الاستيراد، وحجب رواتب ما يقرب من مليون موظف مدني – وقعت وطأتها على كاهل المدنيين، وتسببت في تدهور الاقتصاد، ودفعت بالملايين إلى وهدة الفقر.
وأدت تلك التدابير الى تكبد خسائر تزداد فداحتها تدريجيا: تدمير البنية التحتية، وخسارة الوظائف وفرص العمل، وضعف العملة وارتفاع الأسعار. لكن وتيرة الانهيار الاقتصادي في الأسابيع الأخيرة تسارعت بصورة مخيفة، مما دفع بكبار مسؤولي الأمم المتحدة الى إعادة النظر في تنبؤاتهم بشأن المجاعة.
وذكر مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، يوم الثلاثاء، أمام مجلس الأمن: "ثمة خطر واضح ملموس الآن من مجاعة شديدة واسعة النطاق على وشك أن تطبق على اليمن”. واستطرد قائلا إن ثمانية ملايين يمني يعتمدون بالفعل على المعونات الغذائية الطارئة من أجل البقاء، والرقم قد يصل قريبا إلى 14 مليون نسمة، أو نصف سكان اليمن.
وحذر لوكوك من أن المجاعة هنا ستكون “أكبر بكثير من أي شيء شهده أي عامل مهني في هذا الميدان خلال حياته العملية”.
وقال أليكس دي وال، مؤلف كتاب المجاعة والموت الجماعي، الذي يحلل المجاعات الحديثة التي من صنع الإنسان، "إن الناس يعتقدون أن المجاعة مجرد نقص في الغذاء. ولكنها، في اليمن، مرتبطة بالحرب على الاقتصاد".
وتشير"نيويورك تايمز" إلى أن علامات المجاعة ظاهرة في كل مكان عبر الحدود الطبقية والقبلية والمناطقية. فأساتذة الجامعات المحجوبة رواتبهم يطلقون نداءات يائسة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ملتمسين المساعدة. والأطباء والمعلمون يضطرون إلى بيع ما لديهم من ذهب أو أرض أو سيارة لإطعام عائلاتهم.
وفي شوارع العاصمة صنعاء تستجدي امرأة مسنة من أجل الصدقات بمكبرة صوت. هذه المرأة، واسمها زهرة البجالي، تنادي: “ساعدوني! لدي زوج مريض. لدي منزل للإيجار. أرجوكم، المساعدة.”
وفي أروقة الجوع المكتومة في المستشفى، يتأرجح الرضع المرضى بين الحياة والموت. ومن بين مليون طفل مصابين بسوء التغذية في اليمن، يُعتَبَر 400,000 طفل في حالة صحية حرجة – وهذا الرقم من المتوقع أن يرتفع بنسبة 25 في المائة في الأشهر المقبلة.
"إننا نُسحَق!" هذا ما قالته الدكتورة مكية مهدي في العيادة الصحية في أسلم، وهي بلدة فقيرة في شمال غرب البلاد مغمورة باللاجئين الفارين من القتال في الحُديدة، المدينة الساحلية التي عصفت بها الحرب والتي تقع على بعد 90 ميلاً إلى الجنوب.
وبينما كانت الدكتورة تنتقل بخفة بين أسرّة المرضى في عيادتها البسيطة كانت تواسي الأمهات وتصدر الأوامر للمساعدين الطبيين، وتُغذي الرضع المرضى بالحليب بيديها. الوقت بالنسبة لبعض من أولئك الأطفال كان قد فات: ففي الليلة السابقة، مات صبي عمره 11 شهرا لقد كان وزنه خمسة أرطال ونصف فقط.
وألقت الدكتورة مكية مهدي نظرة على ما حولها وعبّرت عن عجزها عن فهم واستيعاب الاهتمام الطاغي في العالم الغربي بقتل السعودية لجمال خاشقجي في إسطنبول، وقالت: "لقد فوجئنا بمدى استحواذ قضية خاشقجي على الاهتمام بينما ملايين الأطفال اليمنيين يعانون الأمرّين. لا أحد يعيرهم أي اهتمام"، ولامست الطبيبة الجلد المرتخي لفتاة ناعسة عمرها 7 سنوات وذراعها أشبه بعصا جافة وقالت: “انظر! لا لحم! عظام فقط!”
وأكد صحيفة "نيويورك تايمز" أن سفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن لم ترد على أسئلتها حول سياسات السعودية في اليمن، لكنها أدعت بأنها، إلى جانب الإمارات، من بين أكثر المانحين سخاء لجهود الإغاثة الإنسانية في اليمن، لكن تلك الجهود طغت عليها هجمات التحالف على الاقتصاد اليمني، بما في ذلك حرمان موظفي الخدمة المدنية من رواتبهم، والحصار الجزئي الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وطبع كميات هائلة من الأوراق النقدية، مما أسفر عن انخفاض حاد للعملة.
وتؤكد " تيويورك تايمز" أن الهجوم الرامي الى الاستيلاء على الحُديدة، الذي بدأ في يونيو، عرّض للخطر شريان الحياة الرئيسي للاستيرادات إلى شمال اليمن، وتسبب في تشريد 570.000 يمني، ودفع بمزيد من الناس الى خطر الموت جوعا.
مشاركة الخبر: