الرئيسية > تقارير
حزب الإصلاح إلى أحضان قاتليه.. مختارا أم مجبرا ؟ "تقرير خـــاص"
المهرة بوست - خاص
[ السبت, 17 نوفمبر, 2018 - 08:37 مساءً ]
في 14 ديسمبر/كانون الأول من العام الحالي، خرج رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح محمد اليدومي من الرياض مع وفد الرئيس هادي للمشاركة في قمة منظمة التعاون الإسلامي في تركيا، في أول خروج له من العاصمة السعودية منذ قرابة 4 أعوام.
لم يكمل اليدومي رحلته حتى أُعيد بطائرة خاصة إلى الرياض للقاء هو الأول من نوعه بين الخصمين اللدودين الإصلاح –الإخوان المسلمين في اليمن- والإمارات ممثلة بولي عهد أبوظبي محمد بن زائد وبترتيب سعودي، وفقا لتصريحات قادة الحزب آنذاك.
من حينها وقبلها وبعدها أيضا؛ يصرّ قادة الإصلاح على أن لا خلاف بينهم ودولة الإمارات، وتصرّ الأخير إلا التنكيل ورعاية الاغتيالات بحق كوادر الحزب داخل البلاد، وفقا لعدة تقارير دولية لم تخفى على أحد سوى قادة الإصلاح الخاضعين لإقامة جبرية في الرياض، وفقا لمراقبين، منذ رحيلهم من صنعاء عقب سيطرة جماعة الحوثي على البلاد في سبتمبر 2014.
لم يُحدثَ اللقاء ولا محاولات تودد الحزب للإمارات فارقا مع أدواتها داخل اليمن ولا في وسائل إعلامها.
استمرت تصفية كوادر الحزب ومعها استمر الهجوم الإعلامي عليه واتهامه بالتواطئ مع الحوثيين حينا وبتنفيذ أجندة ضد التحالف أحيانا أخرى، حتى جاءت لقاءات مفاجئة هذا الأسبوع بين الطرفين في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
مع لقاءت اليدومي وأمين عام حزبه عبدالوهاب الآنسي بقادة الإمارات؛ توقفت الحملة الإعلامية للأخيرين على حزب الإصلاح، وفجأة كالزيارة؛ تحول الحزب من إرهابي إلى ودودٍ يُمكن استقباله واجراء لقاءات معه.
تباينت مواقف المتابعين والمحللين لكواليس الزيارة وما تحمله.
مواقف تظهر الحزب مختطفا..
منتصف أكتوبر الماضي، كشف تحقيقا لصحيفة " بازفيد" الأمريكية استئجار الإمارات مرتزقة بينهم أمريكان وإسرائيلين بإمكانيات هائلة لاغتيال كوادر حزب الإصلاح في عدن، وأثبت ما أورده بصور للفريق ومقاطع فيديو لعمليات اغتيال لقيادات إصلاحية في عدن.
أثار التحقيق الصحافي غضبا واسعا ومطالبات من عدة منظمات دولية بإجراء تحقيق دولي فيما ورد فيه.
أنصار حزب الإصلاح داخل اليمن وخارجه، كانوا ضمن من غضبوا بل وأكثرهم صدقا ووجعا من هول ما جاء في التحقيق .. ظن الكثير منهم بأنها اللحظة الفارقة وصلت وستفرض على قيادة الحزب في الرياض إصدار بيان إدانة أو ستطالب الإمارات بتوضيحات حول ما ورد في التحقيق من تمويلها ورعايتها لتصفية كوادره في عدن وغيرها؛ إلا أن شيئا من هذا لم يحدث.
خاشقجي..
قُتل خاشقجي؛ فضج العالم يوسائل إعلامه ومنظماته وأحزابه بل وحتى زعمائه تنديدا بالجريمة البشعة التي تعرض لها الصحفي في قنصلية بلاده بإسطنبول؛ التفت المملكة بحثا عن حلفائها فلم تجد أحدا سوى دولا وكيانات رهن إشارتها على الدوام.
المفارقة كانت في خروج قيادة حزب الإصلاح –في الرياض ببيان أعلنت فيه وقوف الحزب مع المملكة في مواجهة تداعيات مقتل خاشقجي، ولتستقبل وسائل إعلام السعودية والإمارات –الغير رسمية-الإعلان على محمل التشكيك بسبب تأخر صدوره، بشكل أشار إلى أن خلف صدوره الكثير من الضغط على قيادة الحزب الممنوعة من مغادرة الرياض.
زيارة جديدة..
الزيارة الأخيرة أيضا للعاصمة الإماراتية أظهرت استسلام الحزب ومواصلة استجدائه رضى الإمارات، رغم كل ما حدث له منها، حيث ظهر قادة الحزب –في الرياض- بتصريحات ضد قطر ودول أخرى بتهمة متهم الحزب بها من وسائل إعلام التحالف وهي "دعم الحوثيين"، مجددة الولاء للتحالف، كما ورد في حديث لنائب الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح مع صحيفة "الشرق الأوسط"، وكذلك في قناة الحدث.
كل هذا يدفع بعدد من أعضاء الحزب قبل الآخرين لتساؤل: هل نأخذ مواقف قيادة الإصلاح في الرياض على أنها مجبرة عليها، أم أن مصالح البلاد والمرحلة السياسية تقتضي كل هذا الرضوخ؟.
الإصلاح حيث السعودية..
تعليقا على ما سبق، تحدث لـ "المهرة بوست" الكاتب الصحفي كمال حيدرة، قائلا بأن حزب الإصلاح يتصرف كجزء مهم في هيكل السلطة الشرعية اليمنية، لذلك ابتعد خلال الثلاثة أعوام الماضية عن اتخاذ مواقف خاصة به، بعيدا عن مواقف الشرعية".
يضيف حيدرة: "يحتمي الإصلاح بالشرعية في مواجهة الضغوط المسلطة عليه، وخصوصا من جانب دولة الإمارات، وهذا منحه هامش مناورة جيد بقدر ما جن عليه الكثير من المشاكل، ولعل أبرزها استمرار الاغتيالات لكوادره في المناطق "المحررة"، والتي تشير تقارير إلى أنها تجري برعاية إماراتية".
حيدرة أوضح بأن "انحياز الحزب في عدد من القضايا الاقليمية إلى موقف الشرعية، والذي هو أساسا الموقف السعودي، لم يكن موقفا تكتيكيا لتجنب الضغوط بقدر ما هو تعبيرا عن موقف نهائي".
يحيل حيدرة صمت الحزب عما يتعرض له من قبل الإمارات إلى أنه يأتي في إطار " إبقاء الموقف في حدود يمكن التحكم فيها، وذلك نظرا للتأثير الاماراتي الواضح في السياسة السعودية في المرحلة الراهنة، والتي قد تؤثر بشكل سيء على علاقة السعودية والإصلاح".
لا خيار آخر للحزب..
الصحافي والمحلل السياسي عدنان هاشم قال بأن "اليمن وحزب الإصلاح في وضع شاذ"، موضحا بأن هذا الوضع "يؤثر بالطبع على قيادة الحزب ويؤثر على اتخاذ القرارات".
يضيف هاشم في تصريحات لـ "المهرة بوست" بأنه "تبعا للسياسة الخليجية الأخيرة فالكثير من الأمور يتم اتخاذها من قبل الحزب ليس جبرا ولكن لأنه الخيار الوحيد أمام الإصلاح لاتخاذه".
مستقبل الحزب..
كَثُرَ الحديث مؤخرا عن وجود تيارين داخل حزب الإصلاح خصوصا مع تباين تصريحات الطرفين في الحزب، والمتمثلين بطرف راديكالي تابع للسعودية ومستقر فيها، وتيار ليبرالي في قطر وتركيا ويناقض مواقف الأول تماما في كل ما يتعلق بالتحالف.
في هذا الشأن، وحول هل يمكن أن يسعى التحالف من خلال تقاربه مع قيادة الإصلاح لإيجاد شرخ حقيقي داخل الحزب وتقسيمه إلى حزبين؛ اختصر الصحافي والمحلل السياسي عدنان هاشم رؤيته لمستقبل الحزب بالقول بأنه "من الصعب جدا حدوث شرخ داخل حزب الإصلاح"، مشيرا إلى أن الحزب "تجاوز أكثر من هذه المحنة في تاريخه".
أما الصحافي والكاتب جمال حيدرة، في تصريحاته لـ "المهرة بوست"، فرأى بأن حزب "الإصلاح لا يمكن أن يفرط بعلاقته التاريخية بالسعودية لمصلحة أي علاقة جديدة".
حيدرة أشار إلى أن: "وجهة النظر القائلة بوجود تيارين قطري وآخر سعودي يتجاذبان الحزب ليست صحيحة تماما، ومواقف الاصلاحيين المناهضين للسعودية يمكن عدها مواقف شخصية لا تعبر عن انشقاق داخل الحزب".
مكررا : "سيبقى الإصلاح مستعدا دائما للتضحية بأي علاقة قد تضر علاقته بالسعودية".
مشاركة الخبر: