الرئيسية > تقارير
في ظل تحييد التحالف للشرعية و "الانتقالي".. ما هو السيناريو القادم في الجنوب والمهرة؟ "تقرير خاص"
المهرة بوست - خاص
[ الأحد, 04 نوفمبر, 2018 - 10:15 مساءً ]
مع قرار إقالة الرئيس هادي لأحمد عبيد بن دغر وتعيين معيين عبدالملك خلفا له منتصف اكتوبر الماضي، بدا التحالف العربي، وكأنه استفاق على واقع "المناطق المحررة" جنوب البلاد، ليذهب لترتيب أوراق جديدة على الساحة.
عاد رئيس الوزراء الجديد إلى عدن ومعه السفير السعودي محمد آل جابر وقوافل دعم بالمشتقات النفطية، واعداً بـ"خطوات قادمة بالتنسيق مع الحكومة اليمنية"، فيما أعلن وفد إماراتي أن بلاده "ستقدم كافة الإمكانيات للحكومة في سبيل تحقيق التنمية المحلية وإعادة الإعمار"، إضافة إلى «معالجة الوضعين الاقتصادي والإنساني، وتطبيع الأوضاع الأمنية".
موقف بدا مختلفاً جذرياً عمّا تمّ التعامل به من قبل التحالف مع حكومة بن دغر، حيث عمل على عدم استقرار الوضع أمام الحكومة اليمنية على مدى الثلاثة أعوام الماضية.
مقابل هذا التغير تصاعدت الاحتجاجات المناوئة للتحالف في عدن وأبين و حضرموت والمهرة على حساب تراجع مكوّن ما يسمى " المجلس الانتقالي الجنوبي" وميليشياته في عدن وباقي محافظات جنوب البلاد.
عجز الانتقالي بضغط من التحالف السعودي الإماراتي، كما يرى مراقبين، عن التحرك في عدن وغيرها، فيما نجح الحراك الجنوبي بزعامة حسن باعوم، من العودة إلى الواجهة بعد حرب قاده الانتقالي ضده في محافظات الجنوب.
أخرج "الحراك الثوري الجنوبي" مظاهرات منددة بالتحالف العربي في كريتر بعدن الأسبوع الماضي، وفي أبين، كما أخرج مظاهرة لذات الغرض في مدينة سيؤون بحضرموت، يوم أمس السبت.
تسوية سياسية..
تبدو الصورة وكأن ما حدث تسوية سياسية قام بها التحالف، وتجاوز من خلالها الأهداف التي يسعى إليها الطرفان "الانتقالي" الطامح في السيطرة على الجنوب وفصلها عن الشمال، و "الحكومة الشرعية" التي رأت نفسها -قبل قدوم معين عبدالملك- صاحبة السيادة والمخولة بمعالجة وإدارة الأوضاع في المناطق المحررة من الحوثيين، لتكتفي وفقا لتصريحات رئيس الوزراء الجديد معين عبدالملك بـ "معالجة الأوضاع الاقتصادية فقط"، بإشراف من التحالف السعودي الإماراتي.
تشير المعطيات، وفقا لمتابعين، إلى أن هذه الصفقة أرادها التحالف لإدارة الأزمة اليمنية مؤقنا، إلى حين الاتفاق السياسي الذي من المفترض أن تبدأ المشاورات على بنوده الشهر الجاري في السويد، بحسب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث. وما يعزّز تلك الفرضية تصاعد المطالبات الدولية بوقف الحرب خلال 30 يوماً، وفق ما دعت إليه الولايات المتحدة، وأيّدته فرنسا وبريطانيا وعدة دول.
تماهي لتمرير مطامع الإمارات..
رأى الصحفي والكاتب محمد دبوان المياحي بأن "التحالف شعر بأن طريقته في حصار الحكومة وفرض الوصاية عليها فاشلة، وبدأت الرمال تتحرك من تحت أقدامه، الأمر الذي دفعه لاتخاذ تدابير مختلفة فأوعز للرئيس بإقالة بن دغر وتعيين الدكتور معين بديلا له كي يكون في الأمر مدخلا لمصالحة ما بين الحكومة والتحالف".
واستدرك دبوان في تصريحات لـ "المهرة بوست": بالتأكيد ليست مصالحة حقيقية وإنما بحثا عن صيغة وصاية مجملة للتخفيف من وقاحة التحالف المكشوفة في مصادرة واستقلال القرار الوطني وتعطيل عمل رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر".
وأضاف دبوان: "باختصار .. ما حدث جاء لإيجاد نوعا من التماهي بين المجلس الانتقالي والحكومة، على أن يسمح الأول للحكومة بالعمل، مقابل التزام الحكومة بعدم التصادم مع مطامح الإمارات المعروفة في الجنوب".
إحراق للانتقالي ..
بالتزامن مع التوجيهات الإماراتية الأخيرة لـ "المجلس الانتقالي" بتوقيف كافة أنشطته في عدن وغيرها من مناطق الجنوب، عاد الحراك الثوري الجنوبي، الرافض للحوار مع الانتقالي باعتباره "راعٍ لمصالح التحالف"، إلى الواجهة بعد تحييده، واستطاع رغم القمع تسيير مظاهرات مناهضة للتحالف ومطالبة برحيله، في كل من عدن وأبين وحضرموت.
وفي هذا الصدد قال دبوان " بالنسبة للانتقالي الجنوبي ودوره سابقًا ولاحقًا، فهو ليس أكثر من عربة أجيرة لدى الإمارات، تحركه كيفما تشاء، حين تطلب منه التصعيد يفعل وحين تطلب منه التهدئة ينكس رأسه".
وأشار دبوان: "مثلا بسيطًا على مدى تبعية الانتقالي، قبل أيام من عيد الاستقلال 14 إكتوبر أصدر بيانًا تأريخيًا مخيفًا فهم منه الكثير أنه بيان نهائي لإعلان الانفصال، دعى فيه الشعب للاحتشاد خلفه وتحدث عن الجاهزية للسيطرة على المؤسسات الحكومية، بدا الأمر كأنه نقطة فارقة لاعودة فيها، وفي أربعة أيام فقط تبخر كل هذا، وتلاشى موعد المظاهرات وسحبت الإمارات قادة الانتقالي إليها بهدوء".
على ذات السياق، رأى متابعون بأن التهدئة التي أرساها التحالف ستقوّي "الطرف الثالث المتمثّل في مكوّنات الحراك الجنوبي والقوى الوطنية الأخرى لملء الفراغ، وبالتالي مقارعة التحالف فيما يتعلق بالسيادة والاستقلال"، مشيرين إلى أن "القضية لا تتعلّق بالخدمات بقدر ما تتعلّق بالوجود الأجنبي في الجنوب".
المهرة .. غضب لا يهدأ
ارتفعت وتيرة الاحتجاجات ضد التخاذل الحكومي تجاه التواجد السعودي في محافظة المهرة، ومساعيها لاحتلال المحافظة، وتمرير أنبوب نفطي إلى بحر العرب مرورا بمحافظة المهرة، الحدودية مع سلطنة عمان.
زادت حدة الغضب الشعبي في المهرة بعد رفض رئيس الوزراء المعين مؤخرا معين عبدالملك مقابلة لجنة اعتصام أبناء المهرة الأسبوع الماضي، خلال زيارته للمحافظة المنكوبة بعد عاصفة "لبان".
وشهدت ساحة اعتصام مدينة الغيظة، عاصمة المحافظة، مظاهرات حاشدة الجمعة الماضية تنديدا بموقف الحكومة اليمنية وتأكيدا على استمرار الاحتجاجات ضد التواجد العسكري للسعودية في المحافظة.
على هذا الصعيد يرى الصحفي والكاتب محمد دبوان بأن "حراك أبناء المهرة يشكل مصدر قلق كبير للسعودية كونه حراكًا متماسكًا وغير قابل للاختراق أو الاحتواء".
يشير دبوان في حديثه مع "المهرة بوست" إلى "أن الكرة بملعب المحتجين من أبناء محافظة المهرة" موضحا بأن "مواصلة الاحتجاجات ستدفع السعودية حتما إلى الخضوع والاستجابة لمطالبهم المشروعة المتمثلة بوقف انتهاك سيادة البلاد".
أما الكاتب والمحلل السياسي مصطفى راجح فيذهب نحو بعدٍ آخرٍ يربطه باحتجاجات المهرة، ويتمثل وفقا لراجح بـ "قضية خاشقجي وتداعياتها وتأثيراتها على سياسة السعودية وتوجهاتها".
يقول راحج في تصريحات خاصة لـ "المهرة بوست" "إن قضية مقتل خاشقجي ربما يدفع السعودية لمراجعة توجهاتها وإيجاد صيغة اخرى لعلاقة التحالف بالشرعية، وتخفف من الاحتقان القائم في المهرة".
يوضح راجح بأن هذه المراجعة السعودية قد توجِد "تفاهما جديدا بين الرياض وسلطنة عمان لاحتواء تصاعد الاحتجاجات في محافظة المهرة، وتسويتها بتفاهم سياسي باعتبار ان العامل العُماني اساسي في هذه المحافظة اليمنية، المجاورة لعمان".
مشاركة الخبر: