الرئيسية > أخبار اليمن
كارثة صحية .. كيف حولت الحرب الطب في اليمن إلى وسيلة للإسترزاق على حساب الإنسانية؟
المهرة بوست - تقرير خاص
[ الإثنين, 22 أكتوبر, 2018 - 12:04 صباحاً ]
كانت الساعة الـ 2 بعد منتصف الليل، عندما خرج عبدالله محمد من منزله في العاصمة صنعاء، متجها إلى أحد المستشفيات الحكومية لإسعاف طفلته الوحيدة "انتصار" البالغة من العمر 6 سنوات بعد تعرضها لتسمم غذائي حاد.
والد انتصار الذي يعمل في مهنة التدريس، هو الآخر أحد ضحايا الحرب الذين انقطع عنهم مصدر رزقهم الوحيد منذُ أكثر من عامين ولم يعد بإمكانه إنقاذ طفلته الوحيدة من الموت.
وبعد أن اشتدت حالة ابنته المرضية حمل طفلته، وخرج من شقته الشعبية مشيا على الأقدام لأكثر من ساعة ونصف حتى وصل إلى أحد المستشفيات الحكومية ليتفاجأ بقسم الطوارئ خالي من الدكاترة والممرضين.
يقول "محمد" للمهرة بوست، إنه صرخ بأعلى صوته طالبا الإستغاثة لإنقاذ فلذة كبدة بعد أن فقد جسمها معظم السوائل بسبب البكتيريا التي أصابتها، لكنه قوبل بمعاملة سيئة ولن يرثوا لحالة أبنته الإنسانية.
وأشار "محمد" إلى أنني قررت الخروج من المستشفى، وقبل ذلك ذهبت إلى مكتب المسؤول عن الطوارئ داخل المستشفى ووجدته مجتمعا مع بعض الممرضين والأطباء، والجميع ويضحكون وعندما رأوني قام احدهم يريد اغلاق الباب فقلت له هل لأني كنت اصيح واستنجد باحثا عن طبيب يوقف فقدان جسم ابنتي للسوائل التي فقدها يتم معاقبتي بهذه الطريقة ؟
وبين أن أحدهم هاجمني بقوله، مالذي تريد أن نعمله لك أخرج انت والقمامة التي تحملها، فخرجت مسرعا إلى أحد المستشفيات الخاصة وأجرى الأطباء العلاجات اللازمة للطفلة لكنني تفاجئت بفاتورة العلاج التي بلغت أكثر من 20 الف ريال يمني وأنا لا أحمل سوى الف ريال، فتركت الطفلة في المستشفى وعودت إلى المنزل باكيا ولا أدري من أين سأجمع المبلغ لكي أخرج مريضتي ولم أجد خيارا آخر سوى بيع الجنبية التي ورثتها بعد والدي وهي آخر ما تبقى لنا من خيرات الدنيا التي سلبتها عننا الحرب.
النظام الصحي هش
وللعام الرابع على التوالي فاقمت الحرب الوضع الصحي في اليمن، وأصبحت المستشفيات الحكومية في العاصمة صنعاء ومحافظات يمنية كثيرة عاجزة عن تقديم الخدمة لمجموعة كبيرة من الاسباب ، وعلى راس تلك الأسباب اختفاء العلاجات، اضراب الكادر الطبي بسبب انقطاع المرتبات، وغياب الموازنات التشغيلية، الى جانب ذلك غياب الكهرباء وغياب المستشفيات النفطية وما الى ذلك من أسباب لا حدود ولا حصر له.
وحذرت منظمة الصحة العالمية، في بيانات سابقة من تدهور الوضع الصحي في اليمن وقالت إن الأزمة في البلاد تزداد ،خطورتها كل يوم مع احتدام الصراع.
وأشار إلى أن النظام الصحي في اليمن هش للغاية، لذا فإن أي عبء إضافي يمكن أن يعمل على إرباك القدرات الموجودة".
نهب المساعدات الإنسانية
وبالرغم من الإحصائيات الطويلة والعريضة التي تعلن عنها المنظمات الدولية، إلا أن معظمها حبر على ورق ولا تتوفر المواد الدوائية والإغاثية إلا ما ندر.
يقول أحد الأطباء "للمهرة بوست" إن التعامل الغير أخلاقي من بعض الكوادر الطبية في بعض المستشفيات الحكومية، السبب وراءة المنظمات الدولية والتابعة للأمم المتحدة، حيث تحول معظمهم متعاونين أو موظفين ويتقاضون رواتب شهرية بالدولار مما أصابهم بالجشع ولد يعد الكثير منهم يراعي الظروف الإنسانية التي تمر بها البلاد.
وبين أن عمليات الدعم والإغاثة التي تقدمها تلك المنظمات لا تصل إلى المواطن المستحق فهناك فساد وجشع كبير في أوساط بعض هوامير الفساد التي أكلت رزق الغلابه والجائعين بسبب الحرب.
وكانت منظمة سياج لحماية الطفولة، قد قالت في بداية شهر أكتوبر الجاري، إن متوسط من يحصلون على مساعدات انسانية حقيقة لا يتعدى 10% تقريبا من اجمالي المستحقين الفعليين؛ حيث يتم نهب المساعدات الانسانية من خلال تبييض اموالها من قبل شبكة منظمات محلية ودولية وبمساعدة وتواطؤ مسؤولين حكوميين وسلطات محلية وهذه سياسة ممنهجة ومدروسة قد ترقى الى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية الأمر الذي يوجب فتح تحقيقات شفافة عن مصير مليارات المساعدات المعلن عنها والتي كانت كافية لانتزاع اليمن بشكل كامل من وضعه الكارثي.
ودعت المنظمة حينها إلى السماح بوصول المساعدات الانسانية الى جميع مستحقيها وعدم فرض اي اجندة في توزيع المساعدات المنقذة للحياة أو فرض معايير فير مهنية أو تصنيف العاملين عليها وفق مبدأ التبعية من قبل أطراف الصراع الرئيسية.
كما دعت الى محاسبة الاطراف والجهات التي تقوم بسرقتها واستخدامها لخدمة اغراض عسكرية وللإثراء السهل على حساب ملايين الجائعين والمشردين وغالبيتهم من الاطفال والنساء.
التحالف دمر القطاع الصحي
من جانبه يرجع الدكتور "يوسف الحاضري" إلى أن عدم قيام الأطباء بواجبهم الكامل اتجاه الحالات المرضية العاجلة، ناتج عن الوضع الصحي الكارثي التي يشنها تحالف السعودية والإمارات على البلاد منذ 1300 يوم.
وأفاد الحاضري في تصريح لـ "المهرة بوست"، أن الوضع الصحي في اليمن جراء 1300 يوم من الحرب والحصار أصبح كارثي بكل ما يمكن أن يسمى كارثي .
وأضاف: أن القطاع الصحي مثله مثل بقية القطاعات الاخرى اصابه التدمير المباشر وغير المباشر من قبل تحالف السعودية والإمارات.
وبين أن عمليات التدمير كانت ولا زالت بتعمد واضح مستمر حتى اصبح اليوم يمضي هذا القطاع باقل مما يمكن ان يقوم به أي طاع فحجم الخسائر المباشرة تفوق المليار دولار اما حجم الخسائر المباشرة فلا يمكن أن نحصيها خاصة عندما نتكلم عن ارواح عن امراض متعددة ومنها النفسية وعن اموات معظمهم لا يعرف لماذا ماتوا ...
55% خارج عن العمل
وأضاف أن " 438 مرفق صحي تم تدميره تدميرا كاملا أو جزئيا بالقصف المباشر و الحصار اجهز على جزء كبير اخر مما اخرج 55% من القطاع الصحي عن العمل .. وأكثر من 120 صنف دوائي لأمراض مزمنة لا نستطيع الحصول عليها بسبب اغلاق مطار صنعاء والذي ادى الى وفاة 27الف مريض عجزوا عن السفر عبر المطار للإغلاق ..
وبين " الحاضري " أن مراكز الغسيل الكلوي توقفت واخرى تعطلت اجهزة ولم نستطع اصلاحها واخرى لا يتواجد بها محاليل غسيل وكل ذلك ادى الى وفيات كثيرة ..
وأضاف الدكتور يوسف المتحدث عن وزارة الصحة بصنعاء "كذلك الكولير والذي من المعيب أن نتكلم في القرن الواحد والعشرون عن حالة كوليرا واحدة .. فكيف عن الاف الوفيات والاصابات الحال ينطبق على الدفتيريا وايضا الملاريا وحمى الضنك والذين حصدتا في فترة العدوان ارواح العشرات من الالاف عوضا عن الاصابات..
موت طفل كل عشر دقائق..
ويختم " كما لا ننسى سوء التغذيتة بواقع 2200000 طفل من بينهم 400 الف مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم الذي اصبح اليوم نتكلم عن موت طفل كل عشرة دقائق ومليون ومئتي الف امرأة حامل او مرضع مصابة بنفس المرض .. وغير ذلك من مآسي كبيرة وكثيرة بسبب انقطاع الرواتب منذ 26 شهرا بسبب نقل البنك من صنعاء الى عدن .. فانقطعت عن 48 الف موظف في الصحة لتضاف مآسي الى مآسي ..
ونظرا للظروف الاقتصادية المتدهورة، وفي ظل هذا الغياب للخدمة، تشهد المستشفيات الحكومية ازدحاما كبيرا، بسبب عدم قدرة الناس على العلاج في المستشفيات الخاصة، فأحيانا تعجز المستشفيات الحكومية عن استقبال عشرات ومئات الحالات، نظرا لعدم وجود اسرة رقود، وأحيانا لعدم توفر الطبيب المختص، وأحيانا لعدم توفر الأجهزة، والعلاجات الخاصة..
وفي ظل الوضع المتدهور بل والحرج .. تصبح الحلول لهذا الوضع المأساوي لا يحتمل التأخير، بل يحتاج الى التدخل السريع والطارئ. .لإنقاذ ما يمكن انقاذه .. من ارواح لهذا الشعب المغلوب على امره ..
مشاركة الخبر: