الرئيسية > أخبار اليمن
مع بدء العام الدراسي.. طلاب اليمن بين مأساة التعليم ومعاناة الحرب (تقرير خاص)
المهرة بوست - خاص
[ الجمعة, 12 أكتوبر, 2018 - 12:30 صباحاً ]
بدأ العام الدراسي الجديد 2018/ 2019 في اليمن، في ظل ظروف صعبة وقاسية؛ بسبب توقف مرتبات الموظفين في القطاع الحكومي، بينهم المعلمون منذ قرابة العامين، عقب قرار نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وتمر اليمن بأزمة هي الأسوأ، والأكثر تعقيدا في تاريخه المعاصر. فمنذ اندلاع الحرب الراهنة في 26 مارس/ آذار 2015 التي تقودها السعودية، تعرضت مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة لأضرار جسيمة أخرجت بعضها عن الخدمة وأصابت الأخرى بالتشظي وفقدان التوازن، وانقطاع الرواتب عن كل موظفي الدولة بما فيهم القطاع التربوي.
وفي قطاع التعليم خلفت الحرب الراهنة أزمة تعليمية هي الأسوأ في تاريخ اليمن المعاصر وإحدى أضخم الأزمات التعليمية في منطقة الشرق الأوسط بعد سوريا.
وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ابتهاج الكمال، قالت في تصريحات سابقة، إن "الحرب في اليمن حرمت أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم، منهم مليون و600 ألف طفل حرموا من الالتحاق بالمدارس خلال العامين الماضيين"، مشيرة إلى أن 2372 مدرسة تعرضت للقصف ودمرت جزئيا وكلياً، واستخدام أكثر من 1500 مدرسة سجون وثكنات عسكرية.
وأدى التدهور الاقتصادي للبلد مؤخرا وانهيار العملة المحلية إلى أدنى مستوى في تأريخها مقابل العملات الأجنبية إلى تفاقم معاناة اليمنيين، وجعلت من الصعب جدا تمكن الاطفال من الحصول على فرصة للالتحاق بالمدرسة.
تحذيرات دولية
المدير الإقليميّ لليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خيرت كابيليري، كان قد قال في بيان أصدره في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي إنّ "ثلاثة أرباع المعلّمين لم يتلقّوا رواتبهم منذ ما يقارب العام، وإنّ العنف قد أدّى إلى إغلاق مدرسة من بين كلّ 10 مدارس في كلّ أنحاء البلاد".
ومطلع العام الجاري قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، في تقرير لها، إن توقف رواتب المدرسين يهدّد بحرمان 4.5 ملايين طفل في اليمن من الدراسة، ويعرض 13 ألف مدرسة تمثل نحو 78 في المائة من إجمالي المدارس في اليمن لخطر الإغلاق الكلي، إضافة إلى تضرر نحو ستة ملايين تلميذ.
وذكرت الـ "يونيسيف"، أن الحرب في اليمن تسببت في إرغام نصف مليون طفل يمني على ترك الدراسة جراء الحرب، ما يرفع العدد الإجمالي للأطفال المحرومين من التعليم إلى مليوني طفل. مشيرة إلى أن 5,4 مليون طفل معرضون للخطر خلال الوصول إلى المدارس الرسمية.
يكشف التقرير الصادر عن اليونيسف السالف الذكر أنّ "أكثر من 2500 مدرسة لا تعمل في اليمن، إذ دمّر ثلثاها بسبب العنف، فيما أغلق 27% منها، ويستخدم 7% منها في أغراض عسكريّة، أو كأماكن لإيواء النازحين، وأنّ ما لا يقلّ عن 2419 طفلاً تمّ تجنيدهم في القتال منذ آذار/مارس 2015".
الجدير بالذكر أنّ 11 مليون طفل في اليمن في حاجة إلى مساعدة للحصول على الغذاء والعلاج والتعليم والمياه، حسبما قالت المديرة التنفيذيّة لمنظمّة اليونيسف هنرييتّا فور في تقرير صحفي، بعد زيارة استغرقت 4 أيّام إلى محافظتي عدن وصنعاء، في تمّوز/يوليو الماضي، مضيفة أنّ طفلاً يموت كلّ 10 دقائق، وأنّ النزاع محتدم في هذا البلد، والذي هو أصلاً على حافّة الهاوية.
وتقول منظمة أوكسفام إن "1600 مدرسة باتت خارج نطاق الخدمة نتيجة تحوّلها إلى ركام أو إلى معسكراتٍ لأحد طرفي النزاع، أو في أحسن الأحوال إلى ملاجئ للنازحين، ويقدر عدد الأطفال الذين لا يرتادون المدارس بمليوني طفل، بينما يواجه 4.5 ملايين طالب مشكلة في ارتياد مدارسهم".
وحسب مركز الدراسات والإعلام التربوي، فإن الانتهاكات التي يتعرض لها المعلمين في اليمن تتجاوز إهمالهم وحرمانهم من حقوقهم وتعرضهم للمضايقات، إلى انتهاك كافة حقوقهم الإنسانية المختلفة.
يشير المركز إلى أنه منذ مارس/آذار 2015، قتل أكثر من 1300 معلم، وهجر ونزح حوالي 30% من المعلمين، فيما تعرض قرابة 3.600 للاعتقال والإخفاء القسري، وتحول نحو 20% من المعلمين إلى ممارسة أعمال قتالية، وآخرين إلى ممارسة أعمال أخرى.
حلول ترقيعية
يشار إلى أن إدارات المدارس الحكومية في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين فرضت رسوما شهرية على الطلاب تدفع كإتاوات لتوفير ولو جزئ ضئيل كمرتبات للمعلمين في تلك المدارس.
وتقوم بعض المدارس في الأرياف إلى جمع التبرعات من أهالي المنطقة وفاعلي الخير لتوفير جزء من رواتب المدرسين، وتغطية نفقات المدرسة حتى تظل فاتحة أبوابها لاستقبال الطلاب.
خذلان
من جهتها نقابة المعلمين اليمنيين عبرت عن قلقها البالغ واستنكارها الشديد للحال المأساوي والانتهاكات الإنسانية بحق التربويين في البلاد. وقالت في بيان لها إن حرمان المعلم من تقاضي راتبه كل شهر جريمة إنسانية وتجويع متعمد لآلاف الأسر والأطفال.
وحملت النقابة جميع أطراف الصراع ، مسؤولية تدهور العملية التعلمية، كما طالبت كل الاطراف بالتعاون وصرف رواتب التربويين لمواجهة أعباء الحياة في ظل الوضع الراهن.
مصادر تربوية في نقابة المعلمين اليمنيين تحدثت لـ "المهرة بوست" إن توقف رواتب قرابة 170.000 معلم لأكثر من سنيتين، جعل وضعهم في غاية السوء، في ظل خذلان الجميع لهم.
وأشارت إلى أن الظروف الاقتصادية الحالية أجبرت العديد من المعلمين للقيام بأعمال أخرى لتوفير احتياجاتهم، لافتا إلى أن الزيادة في الرواتب المقدرة بـ30% لن تكون حلا في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية، واستمرار غلاء الأسعار بشكل دائم.
مبادرات فردية
ونتيجة لتفاقم الأزمة في اليمن وحرمان المعلمين من الرواتب دفع أحد المدرسين في تعز لتحويل منزله الخاص إلى مدرسة لاحتواء الأطفال ووقايتهم من الضياع أو التشرد.
وسعى المدرس اليمني عادل عبد الخالق الشريحي الذ حول منزله إلى مدرسة "النهضة" بخطوته تلك في تشكيل منظومة تعليمية شاملة قائمة على التطوع وحبّ العلم، وقد استعان في إنجاح تلك الخطوة بالمدرسين الحكوميين النازحين وتطوّع طلاب الجامعات في تدريس الطلبة.
على الرغم من بساطة منزله وقلة إمكانياته، فإن عادل يستقبل في منزله 700 طالب علم منذ أربعة أعوام بين فتيان وفتيات، ليعلمهم ما يضاهي المدارس الخاصة العالية التكاليف التي تحيط بالمنطقة.
مشاركة الخبر: