الرئيسية > تقارير
"عدن" بين التصعيد العسكري الإماراتي والخيارات الحكومية المفتوحة؟ (تقرير خاص)
المهرة بوست - خاص
[ الخميس, 11 أكتوبر, 2018 - 12:57 صباحاً ]
بين الحكومة الشرعية، المدعومة سعوديا، والتي تتخذ من الرياض مقرا مؤقتا لها، والمجلس الانتقالي، المدعوم إماراتيا، والذي يتخذ من أبو ظبي مقرا مؤقتا له، تعيش العاصمة المؤقتة عدن، على صفيح ساخن، وسط مخاوف من انزلاقها إلى مربع العنف، الذي إن بدأ، قد لا يتوقف.
الأربعاء 3 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، كانت البداية لهذا التوتر؛ وذلك إثر التصعيد الذي دعا إليه ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، مسنودا بتصريحات شديدة اللهجة على لسان عدد من قياداته، وتحركات ميدانية لقوات عسكرية موالية له مع نشر عدد من الآليات العسكرية في أماكن استراتيجية.
حيث أعلن المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، في بيان له، اعلان حالة الاستنفار القصوى والسيطرة على مؤسسات الدولة، بقوة السلاح. داعيا القوات الجنوبية إلى الاستنفار والجاهزية استعدادا لمواجهة من وصفهم بـ"مثيري العبث والفساد". في إشارة إلى الحكومة، التي دعا أيضا إلى طرد مسئوليها، واصفا إياهم بـ"الفاسدين".
رد حكومي
ردت الحكومة الشرعية، برئاسة رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، على دعوات المجلس الانتقالي بالسيطرة على مؤسسات الدولة، وتحديدا الايرادية منها، بالتحذير، "من أي أعمال شغب من شأنها الإضرار بأمن الوطن ووحدته، وأمن وسلامة المواطن اليمني، داعية المواطنين إلى رفض كل دعوات الفوضى والتمزق والتقسيم".
وأكدت الحكومة على موقفها الداعم والثابت المساند للرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي ولشرعيته رئيساً للجمهورية اليمنية، ولمشروعه الاتحادي، الحافظ للدولة والمجتمع، والرافض لكل أشكال التمرد الحوثي والانفصالي، وكل الأعمال الإرهابية.
من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية، في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس 4 أكتوبر 2018، "أنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي أعمال فوضى وتخريب تطال مؤسسات الدولة، داعية في الوقت ذاته، دول التحالف إلى تحمل المسؤولية القانونية".
وقالت وزارة الداخلية في بيان نشرته على موقعها الرسمي، "إنها تعلن عن موقفها الواضح والصريح بكل وحداتها الأمنية من "بيان ما يسمى بالمجلس الانتقالي الغير مسؤول والداعي إلى الفتنة والفوضى تحت غطاء شعبي وسلمي وهمي".
وأكدت "بأن أجهزتها الأمنية لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي أعمال فوضى وتخريب تطال مؤسسات الدولة ومرافقها وتعطيل مصالحها وإقلاق السكينة العامة، وتهديد السلم الاجتماعي تحت أي غطاء أو مبرر".
استغلال وابتزاز
واستغل المجلس الانتقالي المدعوم اماراتيا، الوضع الاقتصادي، وانهيار العملة، لتدشين تحركاته الرامية إلى الانقلاب على شرعية الرئيس هادي، وحكومة بن دغر، وذلك في إطار رغبة الممول الإماراتي. وفقا لتعبير، الوزير في الحكومة الشرعية، صالح الجبواني.
حيث أكد وزير النقل صالح الجبواني، "أن تصعيد "المجلس الانتقالي" ضد الحكومة جاء تلبية لرغبة الراعي الممول، وان الشعب سيدافع عن الحكومة كونها أخر قلاع اليمن".
وكتب الجبواني تغريدة في حسابه بتويتر قال، إن "ما يسمى بالانتقالي يدعو الناس لفعل ما عجز عنه وبيانه ما هو إلا تصعيد جديد لإسقاط الحكومة تلبية لرغبة الراعي الممول".(في إشارة لدولة الإمارات).
وأضاف الوزير، أن الحكومة آخر قلاع الدفاع عن اليمن وليصح من أوهامه ويصحح موقفه من يريد إسقاطها، لأن شعبنا سيدافع عنها كرمز لسيادته ومشروعه الاتحادي بقيادة القائد الرمز الرئيس هادي.
وأدى انهيار العملة اليمنية، إلى خروج مظاهرات ووقفات احتجاجية، رافقها أعمال شغب في بعض المحافظات وتحديدا في محافظة حضرموت من قبل الحراك الموالي لإيران.
كما شهدت مدينة تعز، مظاهرات حاشدة، واضراب التجار، نتيجة انهيار العملة التي وصل سعرها إلى 800 ريال، للدولار الواحد، في تهاوٍ لم تشهده العملة الوطنية من قبل، وهو الأمر الذي فتح شهية الامارات، للانقلاب على الحكومة شرعية، والرئيس هادي، رغبة في تحقيق حلم الانفصال.
وشهد هذا الاعلان، احتفاء غير مسبوق من قبل جماعة الحوثي المسلحة في صنعاء، حيث رحبت بهذا البيان، مؤكدة أنه يأتي لطرد من أسمتهم بـ"الغزاة والمحتلين"، في إشارة الى التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات.
وبحسب مراقبين، فإن هذا التناغم يأتي في إطار رغبة الطرفين، الحوثيين في صنعاء، والقوى الانفصالية في الجنوب، والتي تتحرك في إطار ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي"، لإعادة تقسيم اليمن، إلى إقليمين، الجنوب للمجلس الموالي للإمارات، والشمال الخاضع لسيطرة الحوثيين.
اتهامات متبادلة
وردا على استغلال ما يسمى بالمجلس الانتقالي في الجنوب، دعواته للانقلاب على الحكومة الشرعية، واتهامها بالفساد، وتحميلها مسؤولية انهيار العملة، قال رئيس الوزراء، في اجتماع عقده مع أعضاء الحكومة، "إن الأسباب التي أدت لانهيار الريال، هي انقلاب الحوثي، وأسباب سياسية مستجدة على المشهد اليمني، تناغم فيها الحوثيون والانفصاليون والارهابيون، ومن يقف خلفهم".
وأضاف: "لكن موقفنا من الدفاع عن مصالح شعبنا العليا لن يتزحزح قيد أنملة، سنحافظ على يمن موحد، يمن اتحادي، يمن جديد.. مشروع الرئيس عبدربه منصور هادي، والقوى الوطنية والغالبية الساحقة من أبناء اليمن، وسندافع عن نظام سبتمبر المجيدة وأكتوبر العظيمة".
جاء ذلك في الوقت الذي أكد مراقبون، أن الأزمة الاقتصادية، وانهيار العملة اليمنية بشكل غير مسبوق، تقف خلفها دولة الامارات، وذلك في إطار محاولاتها الرامية، لجعلها، ورقة ابتزاز؛ لفرض مطالبهم على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
تحرك أممي
لم تمض سوى ساعات قليلة، على إعلان المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، للفوضى والتمرد على الشرعية، حتى أعلن المبعوث الأممي الى اليمن، مارتن غريفيت، توجهه إلى أبو ظبي للقاء قيادة المجلس.
حيث ألتقى المبعوث الأممي، الخميس 4 أكتوبر، مع رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.
وقال ناطق المجلس الانتقالي سالم ثابت العولقي، في منشور على صفحته الرسمية على الفيس بوك، إن "اللقاء ناقش جهود السلام لحل الأزمة في اليمن، وجهود المبعوث الخاص لإحياء المفاوضات ومشاركة الجنوب، ممثلا بالمجلس الانتقالي الجنوبي، في المفاوضات القادمة".
وأوضح أن اللقاء تطرق إلى المستجدات الجارية في الجنوب، والانهيار الاقتصادي والخدمي والمعيشي جراء ما اسماها "ممارسات الحكومة الفاسدة". مشيرا إلى أن الزبيدي أكد أن المجلس الانتقالي لن يكون إلا مع خيارات شعب الجنوب، أيا كانت".
تهديد الملاحة الدولية
لم تقتصر تهديدات المجلس الانتقالي بالسيطرة على مؤسسات الدولة والانقلاب على الشرعية والحكومة فحسب؛ بل ذهبت خيارات المجلس أبعد من ذلك. حيث هدد باستخدام القوة لاستهداف الملاحة الدولة، إذا تم تجاهله في أي مشاورات قادمة.
وجاءت التهديدات على لسان اللواء أحمد بن بريك، رئيس ما تسمى "الجمعية الوطنية بالمجلس الانتقالي الجنوبي"، في معرض رده على سؤال مذيع قناة "أبو ظبي" حول خيارات المجلس الانتقالي حال تم إقصاءه من المشاورات الأممية القادمة؟.
وأجاب بن بريك " سنقلب الطاولة، لن يكون هناك استقرار في المنطقة لا في البحر العربي ولا الأحمر ولا باب المندب".
وجاءت تصريحات بن بريك التي أدلى بها من الإمارات ثاني أكبر دولة مشاركة في التحالف العربي، عقب يومين من بيان للمجلس الانتقالي، دعا فيه لإسقاط الحكومة الشرعية والسيطرة على المؤسسات الايرادية بمحافظات الجنوبية.
تفجير صراعات
وإزاء التهديدات التي أطلقها المجلس الانتقالي، حذرت كثير من القوى السياسية، في الجنوب، من مغبة التصعيد الذي أعلن عنه الانتقالي المدعوم إماراتيا.
وفي هذا الصدد، حذّر الائتلاف الوطني الجنوبي من تفجير صراع جنوبي في اليمن عن طريق محاولات بعض القوى التي وصفها بالمأزومة استغلال الأزمة الاقتصادية لتنفيذ أجندة سياسية هدفها تحويل مسار المعركة الرئيسية من مربع الصراع بين الشرعية والانقلاب إلى مربعات صراع جنوبية داخلية جديدة.
وأكد الائتلاف في بيان ضرورة إيجاد إستراتيجية مشتركة بين التحالف السعودي الإماراتي والحكومة الشرعية تضمن إيقاف تدهور سعر صرف الريال اليمني.
واستنكر الائتلاف الزج باسم المقاومة الجنوبية في حلبة الخلاف السياسي، مؤكدا أن الهدف من وجودها هو دعم الشرعية.
كما دعا جميع القطاعات العسكرية والأمنية في مختلف محافظات الجنوب إلى احترام شرف المهنة العسكرية والاصطفاف تحت إمرة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتمكين الحكومة الشرعية من إدارة قطاعات الموانئ والمطارات والنفط والغاز.
معركة مرتقبة
ويرى مراقبون، أن التوتر الحاصل في عدن، حتما سينفجر بين الحكومة المدعومة من السعودية، والانتقالي المدعوم من الامارات، وإن تأخر لبعض الوقت. مؤكدين أن المعركة ان بدأت، لن تكون بين الحكومة والمتمردين، بل ستكون بين السعودية والامارات بشكل أوضح.
إذ أن كل طرف بات يسعى للسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي اليمنية، معتمدا على الأجنحة الموالية له، والقوى التي بناها منذ تحرير عدن من الحوثيين، أواخر العام 2015م.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه ستة أحزاب يمنية، بينها حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، تنديدهم بموقف المجلس الانتقالي. مؤكدة وقوفها مع الحكومة الشرعية، مثمنين الدور السعودي في دعم اليمن، متجاهلين بشكل كامل الدور الاماراتي.
خرجت أحزاب أخرى، على رأسها الحزب الناصري والاشتراكي، مطالبين بإقالة الحكومة، وهو التوجه الذي تريده الامارات عبر أدواتها المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي.
حيث جاءت هذه البيانات، لتظهر مدى الخلاف الكبير الحاصل بين السعودية والامارات في اليمن، والذي انعكس على شكل بيانات متعددة، تعكس مدى الرؤية المختلفة، بين دول التحالف.. ويبقى السؤال: من المنتصر أخيرا؟.
مشاركة الخبر: