الرئيسية > تقارير
ما وراء المحاولات المستمرة للسعودية والإمارات للسيطرة على "المهرة"؟! (تقرير خاص)
المهرة بوست - خاص
[ الجمعة, 31 أغسطس, 2018 - 11:40 مساءً ]
منذ نحو عام، تسابق السعودية والإمارات، الزمن؛ للسيطرة على محافظة المهرة، شرقي اليمن، مستخدمة تدخلها العسكري في اليمن؛ بحجة استعادة الشرعية، لتنفيذ هذه الأجندات التي تكشف كل يوم أن ما زعمت أنها أهداف عاصفة الحزم، ليست سوى الواجهة للسيطرة على اليمن وثرواتها.
ظلت المهرة بعيدة عن واجهة الأحداث في اليمن، وتكاد تكون محافظة مستقلة عما يجري في اليمن من أحداث منذ أربع سنوات، لأسباب كثيرة منها عدم وصول مليشيا الحوثي إليها، فضلا عن تماسك المجتمع المهري، الذي يعيش بشكل متجانس بعيدا عن الفتن والمشاكل التي تحاول بعض القوى الخارجية وتحديدا السعودية والإمارات تنفيذها في اليمن.
لم يرق للسعودية والإمارات، هذا الإستقرار الذي تعيشه المهرة، وما مثّله ميناءها البري والبحري، من متنفس لليمنيين الذي أضحى نافذتهم الوحيدة للولوج إلى دول الجوار، وكذا مختلف دول العالم، بعد الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات على موانئ اليمن، ومطاراته؛ لأسباب أقل ما توصف بأنها "لإذلال اليمنيين وإهانة كرامتهم". الأمر الذي دعاهم للحشد العسكري الى هذا المحافظة، تحت مبررات حماية المنافذ اليمنية من التدخلات الإيرانية.
بدأت الحشود العسكرية للسعودية في المهرة، مع نهاية العام المنصرم، وتحديدا في نوفمبر 2017، وذلك قامت بالسيطرة على مطار المحافظة وميناء نشطون وسيحوت وغيرها من المرافق الهامة، تحت تلك المبررات الواهية، لتزداد هذه الحشود بالتزامن مع الحشود العسكرية الأخرى التي تقوم الإمارات في محافظة أرخبيل سقطرى.
ومع استشعار أبناء محافظة المهرة، أن محافظتهم باتت تعيش بشكل إحتلال سعودي غير مُعلن، الأمر الذي دعا أبناء المحافظة لتنفيذ اعتصام مفتوح في مايو الماضي، للمطالبة بإخراج القوات السعودية من المحافظة، ومع استمرار زخم هذه المظاهرات الشعبية، رضحت السعودية لتوقيع اتفاق مع المعتصمين، وتشكيل لجنة للإشراف على النقاط المتفقة عليها، أهمها إخراج القوات السعودية، من المحافظة.
مثّل ذلك الإتفاق بمثابة هزيمة للسعودية، الأمر الذي دعاها للإلتفاف على مطالب المعتصمين، ومحاولة التوغل العسكري مرة أخرى، من خلال استحداث مواقع عسكرية في المحافظة وصلت وفقا لمصادر محلية إلى نحو 16 موقعا عسكريا، وهو الأمر الذي دعا عدد من أبناء المهرة، بالتهديد باستخدام خيار الكفاح المسلح، في حال استمرت السعودية، في حشودها العسكرية بالمحافظة.
المهرة المستقلة!
هكذا وصف الصحفي اليمني "يحي السواري" بوابة اليمن الشرقية، محافظة المهرة. مشيرا إلى أن "حوالي 3 مليار ريال عوائد جمارك منفذ شحن البري (شهريا)، وحوالي 2 مليار ريال قيمة صادرات الأسماك في النصف الأول من العام 2018م، ناهيك عن إحصائيات الأسواق المحلية الأخرى".
وأرجع السواري، أسباب السباق السعودي على محافظة المهرة، ومحاولة سيطرتهم عليها، إلى الإستقرار الذي تعيشه، وكذا الإيرادات التي تتحصل عليها، والذي جعلها تواصل صرف مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين، كمحافظة وحيدة تقوم بذلك، فضلا عن كونها المحافظة الوحيدة التي عارضت الهيمنة السعودية عليها.
وقال يحي السواري: "المهرة هي المحافظة الوحيدة التي لم تتوقف عن صرف مرتبات موظفي الدولة، حتى النازحين، يستلمون رواتبهم الحكومية من ميزانية المحافظة، وهي المحافظة الوحيدة التي مازالت الحكومة تستلم منها ايرادات نقدية، لهذا هي محافظة مستقلة ماديا". مشيرا إلى أنها أيضا: "المحافظة الوحيدة التي استطاعت أن تعارض الهيمنة السعودية، والمسؤلين المهريين هم لوحدهم من تعامل مع الضباط السعوديين بنديّة، وهذا ما يزعج الأشقاء في السعودية". حسب وصفه.
وأكد أن السعودية لا تريد هذا التعامل الندي معها من قبل أي محافظة يمنية، كالمهرة؛ لأنهم يريدونها أن تكون محافظة محتاجة لهم لكي يعملوا على إذلالها وفرض هيمنتهم ووصايتهم عليها، كما يعملوا في كثير من المحافظات المحررة، الأمر الذي دفعهم لتعيين محافظ للمهرة تابعا لهم، ويعمل على تنفيذ أجنداتهم فيها.
وقال: "هم يريدونها كباقي المحافظات محتاجة، وتمد يدها لهم تذللا وتملقا، وحينها سيفعلون ما يريدون، وأوامرهم لن تُناقش كما حدث من قبل". مضيفا أن السعوديين: "يزعجهم مناقشة أوامرهم وأفكارهم، هم يريدون مسؤل يقول دائما (حاضر سموك)، مثل المحافظ الجديد راجح باكريت، الذي ضغطت السعودية لتعيينه؛ مع العلم انه كان استاذا تربويا، ولم يتدرج في الوظيفة العامة، أخذوه من أمام السبورة، ووضعوه على كرسي المحافظة؛ فقط لانه يستطيع قول (حاضر سموك) بطريقة مؤدبة وهذا مؤهله الوحيد". حسب وصفه.
وكشف عن مخطط قذر ومهين تقوم به السعودية في المهرة، مشيرا إلى أنها تستخدم المشاريع الإغاثية التي تزعم تنفيذها في المحافظة، لتنفيذ مخططات أخرى، جميعها تعمل على نشر الفرقة والفتنة في المحافظة، وتقوم بتجنيد مليشيات من خارج المحافظة، وصرف المرتبات الشهرية لهم، ليكونوا أدواتها في المحافظة، لمحاولة فرض هيمنتهم عليها عسكريا.
وأكد أن "السعودية تنفذ مخطط مهين لليمن واليمنيين في المهرة"، مشيرا إلى أنها "وضعت حجر اساس لمشاريع تنموية، واليوم التالي بدأت بانشاء معسكرات، والى جوار القوات السعودية، أستقدمت قوات من محافظات أخرى وتحديدا من (الضالع ولحج وأبين)".
وأضاف الصحفي السواري، أن السعودية، "وجهت محافظ المهرة، بتسيير رواتب شهرية للمجاميع التي تم استقدامها من الخارج من ميزانية المحافظة". مستغربا من هذا التصرف الذي لا يهدف خدمة المحافظة إطلاقا. مؤكدا أن السعودية: "لو كان تهدف لتأمين المحافظة؛ فهناك قوات عسكرية في المهرة، وكانت تستطيع التجنيد من أبناء المهرة، بدلا من تجنيد أفراد من خارج المحافظة، لكنها تعلم أن المهري لا يتملق من أجل راتب شهري وهي تبحث عن المتملقين". حسب وصفه.
"باكريت" يفضح الرياض
وكان محافظ المهرة "راجح باكريت"، قد فضح مزاعم الرياض، أمس الجمعة، عندما نفى شائعات التهريب عبر المحافظة، التي تروج لها وسائل إعلام عربية ومحلية موالية للسعودية والإمارات.
وبين "باكريت" في تصريحات أدلى بها لبرنامج "اليمن في أسبوع" والذي يبث على قناة أبوظبي، أن المهرة تتعرض للتشوية في السمعة، وتشويه في دورها الحاصل.
ولفت إلى المهرة مثلها مثل أي محافظة يمنية، تطل على البحر ولابد أن يوجد هناك نسبة بسيطة من التهريب، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني نها مرعى أو ممر دولي للتهريب.
واتهم "باكريت" وسائل إعلامية من ضمنها التواصل الاجتماعي، تحاول إظهار أن المهرة مجرد ممر للتهريب مشيرا إلى ان تلك الإدعاءات مجرد أوهام ولا يستطيع أصحابها إعلانها صراحة.
ومنذُ أن تدخل التحالف العربي باليمن، في 26 مارس/ آذار 2015م، سعت وسائل إعلام سعودية لتصوير المهرة بأنها المحافظة التي يهرب عن طريقها السلاح للحوثيين.
كما نفى باكريت خلال المقابلة ضبط أي شحنة تهريب في منافذ المحافظة الحدودية مع سلطنة عمان. ويقول مراقبون إن تصريحات "باكريت" وهو أحد الشخصيات التي تبرر التواجد العسكري السعودي في المحافظة، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الرياض تقف خلف شائعات التهريب في المحافظة.
وتابع باكريت خلال حواره مع قناة "أبو ظبي"، أن محافظة المهرة هي الوحيدة من بين محافظات اليمن، المستقرة والآمنة الشاملة التي تجمع كل أبناء الجمهورية اليمنية فيها بدون مشاكل أو حساسيات، مؤكدا أن الميزات السابقة لاتنطبق على محافظة كما أشرت تشتهر بالتهريب.
ومنذ نهاية العام الماضي ومطلع العام الحاليّ، دفعت السعودية بقوات وتعزيزات عسكرية إلى المهرة تحت شعار محاربة التهريب، إذ منعت حركة الملاحة والصيد في ميناء نشطون على مضيق هرمز، كما حولت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية ومنعت الرحلات المدنية من الوصول إليه.
لكن اليقظة الشعبية لدى أبناء المهرة أثبتت أن وجود السعوديين في المهرة لم يكن منعًا للتهريب فقط كما اعتقد البعض بداية الأمر، خاصة بعد ما كشفته بعض الممارسات الميدانية للرياض عن نوايا غير طيبة تتنافى تمامًا مع ما أُعلن رسميًا، ما تسبب في تأجيج مشاعر الاحتقان والغضب لدى سكان المحافظة، ومن هنا كانت الاعتصامات والاحتجاجات التي عمت مختلف المناطق.
ولفت المراقبون إلى أن المخطط السعودي، للتواجد العسكري في المحافظة قديم، وذريعة مكافحة التهريب ستارا تتشكل من خلفه الهيمنة العسكرية على بوابة اليمن الشرقية.
مواقف شجاعة
وكان الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، قد وجّه عبارات الثناء والتقدير لأبناء محافظة المهرة، على مواقفهم الشجاعة في وجه المحاولات السعودية والإماراتية للتوغل العسكري داخل المحافظة، التي تعد بوابة اليمن الشرقية.
وقال التميمي، في مقابلة مع قناة الجزيرة، في برنامج "الإتجاه المعاكس"، مساء أمس الثلاثاء، "أتوجه بالتحية والتقدير والإعتزاز، لأبناء محافظة المهرة، هؤلاء الذين أثبتوا أن الروح اليمنية لم تمت بعد، وأن الحرص على التراب اليمني تجسد في تضحياتهم ونضالاتهم التي عبروا عنها".
وأكد أن تضحيات أبناء المهرة جاءت "في لحظة انكشف ظهرهم من كل دعم ومساعدة ومساندة". وقال: ومع كل ذلك "هؤلاء صمدوا وثبّتوا، في سفر التاريخ، أن التراب اليمني لا يمكن أن يتجزأ تحت أي مبرر كان".
ونفى مزاعم السعودية والإمارات، التي تزعمان أن حربهما في اليمن لإستعادة الشرعية". مؤكدا في هذا الصدد، أن "السعودية لم تأتِ لتعيد الشرعية، وإنما لتأخذها وتجرفها". متسائلا: أين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأعضائها وكذا الوزارات السيادية للبلد؟.
وأوضح "أن العاصمة المؤقتة عدن، ليست عاصمة سياسية". مؤكدا أن الإمارات التي تسيطر عليها "جرفت كل الإجراءات الممكنة التي كانت ستعمل على إبقاءها كعاصمة سياسية لكل اليمنيين". إذ أبقتها "كمسرح للفوضى والقتل والتصفيات والجرائم السياسية". وقال: "هذه هي المهمة الحقيقة للتحالف في اليمن".
ووصف ما يقوم به التحالف العربي في اليمن، من محاولات للهيمنة على موانئ البلاد وسواحلها بـ"المهمة الثأرية الإنتقامية". مؤكدا أن السعودية والإمارات "تجهلان التاريخ كما تجهلان أيضا أن اليمن لا يمكن لهما ابتلاعه". حسب قوله.
وعن مزاعم التحالف أن وجوده في محافظة المهرة، لأجل حماية اليمن من تهريب الأسلحة الإيرانية، قال التميمي: "هذا الكلام ليس واقعيا، وقد أثبتت الأحداث وبالدلائل القطعية، أنه باطلا وليس صحيحا على الإطلاق".
مشاركة الخبر: