الرئيسية > تقارير
إنهيار الريال اليمني يفضح كذبة وديعة الــ 2 مليار دولار السعودية (تقرير خاص)
المهرة بوست - خاص
[ الثلاثاء, 07 أغسطس, 2018 - 10:36 مساءً ]
واصل الريال اليمني، إنهياره مقابل العملات الأخرى، للأسبوع الثاني على التوالي، في ظل فشل ذريع، وعدم قدرة الحكومة الشرعية على معالجة هذا الإنهيار، الذي سيكون له أثار كارثية على حياة المواطنين اليمنيين.
فقد هوى الريال اليمني إلى مستويات غير مسبوقة أمام الدولار الأميركي، وقال متعاملون في صنعاء وعدن إن سعر الصرف ارتفع إلى 550 ريال مقابل الدولار، والى 155 ريالا مقابل السعودي.
ولم تستطع الوديعة السعودية، التي أعلنت عنها المملكة، في وقت سابق، وضع حد لهذا التهاوي، والذي انعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين في اليمن، خصوصا مع استمرار الحرب، وانقطاع مرتبات الموظفين المدنيين والعسكرييين للعام الثاني على التوالي.
وكانت السعودية قد أعلنت في مارس/آذار الماضي، إيداع ملياري دولار في المصرف المركزي اليمني، بعد مطالبة الحكومة اليمنية بمساعدات مالية عاجلة لإنقاذ الريال من الانهيار ودعم الاقتصاد المتداعي.
وبحسب مراقبين، فإن تهاوي الريال اليمني، وبهذه الصورة الغير مسبوقة، يكشف مدى كذبة الوديعة السعودية، والتي لم تكن سوى مسكن أو مهدئ ساهم في وضع حد لتهاوي الريال أمام العملات الأخرى، خلال الأشهر الماضية فقط، بعد اعلان السعودية الوديعة في البنك المركزي.
واعتبر خبراء في الاقتصاد، أن الوديعة السعودية لن تكون أكثر من مجرد مسكن مؤقت لدعم استقرار العملة اليمنية المحلية، حيث ستذهب في معظمها للقطاع التجاري الخاص لتمويل استيراد السلع الأساسية.
سحب أول دفعة
مطلع الشهر الجاري، أقر مجلس إدارة البنك المركزي في اجتماع له، سحب الدفعة الأولى من الوديعة السعودية لتغطية الاعتمادات البنكية للمواد الأساسية بمبلغ وقدره 20 مليون و428 ألف دولار.
كما أقر الدفعة الثانية من طلبات البنوك لتغطية الاعتمادات من الوديعة السعودية واستكمال إجراءاتها وفقا للآليات المعتمدة والموافقة على إصدار شهادة الإيداع للبنوك التجارية بنسبة فائدة 17 بالمائة.
ووافق مجلس إدارة البنك على إصدار سندات حكومية بنسب فائدة تصل إلى 12 بالمائة ولفترات مختلفة من سنة إلى ثلاث سنوات وإصدار ودائع الوكالة للبنوك الإسلامية بصافي ربح عند البيع بنسبة 13 بالمائة وبحسب الآليات المقررة من هيئات الرقابة الشرعية.
وأكد التزام البنك المركزي بتغطية الاعتمادات المستوفاة للشروط للمواد الأساسية المحددة بتمويل من الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار.
دور الأمارات
ورأى المحلّل الاقتصادي اليمني، هشام البكيري، أن الأسباب الجوهرية لانهيار العملة والاقتصاد اليمني تتمثَّل في استمرار تعطيل سيطرة السلطات الشرعية اليمنيَّة على الموانئ، وتصدير النفط من قبل دول التحالف العربي، وخاصة الإمارات، التي تُدير المناطق المحرَّرة في الجنوب.
وأكَّد في حديث لــ"المهرة بوست"، أن ذلك يحرم خزانة الدولة اليمنية من ملايين الدولارات والعملات الصعبة التي تغطّي احتياجات العمليات المالية والاقتصادية للدولة، التي تعتمد ميزانيّتها العامة السنوية على النفط والغاز بنسبة 70% من عائداتها المالية.
وأوضح البكيري أن من الأسباب أيضاً "عدم انتقال المؤسَّسات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية الكبيرة إلى العاصمة المؤقَّتة عدن، وكذلك اختلال الوضع الأمني، وعدم تطبيع الأوضاع في المناطق المحرَّرة".
واعتبر أن ذلك يؤدّي دوراً بارزاً في تعطيل الأنشطة الاقتصادية والصادرات التي يمكن أن تدرّ أموالاً على خزانة الدولة، وهو ما ينعكس على قوة العملة الوطنية؛ فالنشاط الاقتصادي وزيادة الصادرات يعزّزان العملة الوطنية".
وتُعرقل الإمارات عمل أهم المنافذ الاقتصادية اليمنية؛ فميناء عدن يعمل بطاقة جزئية؛ بسبب الإجراءات التي تُتَّخذ أحياناً، مثل تأخير منح السفن إذن الدخول.
وهناك تفتعل المليشيا المدعومة من أبوظبي المشكلات، التي وصلت إلى حدّ الاشتباكات مع القوات الحكومية، وسط اتّهامات للإمارات بتعمُّد عرقلة عمل الميناء منذ أن كان مؤجَّراً لشركة موانئ دبي (2003 -2012).
الوضع أكثر سوءاً في ميناء المخا، الذي كان بالإمكان أن يسحب الحركة من ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين؛ بسبب قربه من المناطق الشمالية، لكنه بعد عامين من تحريره ما زال مقرّاً للقوات الإماراتية.
ولا يقتصر الأمر على الموانئ البحرية، فالمطارات أيضاً لها نصيب، إذ إن "الريان الدولي" في المكلا تحت قبضة قوات إماراتية منذ تحرير المدينة من تنظيم "القاعدة"، قبل عامين.
كما يفرض التحالف قيوداً على تصدير النفط اليمني الذي لم يستعد كامل نشاطه، حيث تُباع كمّيات محدودة، وفقاً لموافقة الإمارات.
حلول ومعالجات
ودعا المحلل الاقتصادي السلطات الشرعية اليمنية إلى بسط سيطرتها على المنشآت الاقتصادية الحيوية؛ "النفطية والغازية والمصافي والموانئ التجارية"، فهي الشريان الرئيس لإمداد خزانتها بالعملات الصعبة.
إضافة إلى "تفعيل السلطات الجمركية في المنافذ البحرية والبرية في جميع المحافظات الخاصة لسلطات الشرعية، وتفعيل أدواتها القانونية لمواجهة التهرّب الضريبي الحاصل نتيجة غياب دور المؤسَّسات المالية الجمركية، والتي أتاحت المجال لتجار الحروب لممارسة عمليات التهريب، ولضعفاء الضمير في المؤسَّسات المالية الجمركية للتحصيل إلى جيوبهم الخاصة، وفرض الرقابة والمحاسبة للمؤسَّسات الإيرادية للدولة، ومحاربة الفساد المتفشّي في كل مفاصل الشرعية".
الريال السعودي
في مقال له تحت عنوان "مساهمة الريال السعودي في تدهور الريال اليمني"، أشار الكاتب والصحفي اليمني أحمد شبح، إلى "أن المملكة العربية السعودية، للعام الرابع على التوالي، تُنفق أموالا كبيرة في اليمن".
وقال شبح: "عشرات ومئات الملايين من العملة السعودية تقدم في شكل رواتب واعتمادات، ودعم للجيش والأمن ومساعدات واكراميات للشهداء والجرحى، ومثلها اعتمادات ودعومات مالية للجهات والشخصيات، ومساعدات نقدية واغاثية وانسانية وأخرى لشراء ولاءات واستقطابات". مؤكدا أن "هذه التدفقات النقدية تتسرب خارج الأوعية النقدية والمالية".
ونوه أن هذه "الأموال التي تضخها المملكة يتم صرفها وانفاقها في الغالب بعيدا عن الحكومة، خارج البنك المركزي اليمني والمؤسسات المالية الرسمية والأطر النظامية".
وأشار إلى أن "الامارات تدفع رواتب واعتمادات ما يسمى بقوات النخبة في حضرموت وشبوة وقوات الحزام الأمني في عدن وأبين ولحج والضالع وكذلك الدعم والمساعدات للجهات والشخصيات وكل ما تنفقه أبوظبي في اليمن يتم بالريال السعودي وليس بالدرهم!!.
وأوضح أحمد شبح: "أن الريال اليمني يعيش أسوأ أحواله منذ بدأت عاصفة الحزم في مارس 2015م، ويواجه انهيارات لم يشهدها من قبل أمام العملات الأجنبية، وأمام الريال السعودي تحديدا رغم ارتفاع حجم العملة السعودية الموجودة في السوق اليمنية".
ولفت إلى أن "البنك المركزي والحكومة يضخون كميات كبيرة من العملة الجديدة المطبوعة حديثا بدون غطاء مالي، ولينما لا يتم سحب العملة القديمة والتالفة لاستبدالها أو الغاء التعامل بها، هذه العملة القديمة يتم استبدالها وتبييضها بالعملة الجديدة وشراء العملة السعودية وبأسعار مرتفعة ومتفاوتة ويتم سحبها من السوق لتذهب لاحقا إلى خارج البلاد".
وأضاف: "الأوراق اليمنية، القديمة والجديدة، المشروعة والمشبوهة تتسرب إلى خارج مناطق سيطرة الحوثي لشراء وسحب الريال السعودي من المناطق المحررة عن طريق أشخاص وشركات لأغراض تجارية في ظل الحصار وتعطل الموانئ وعدم قدرة البنك المركزي على تقديم الاعتمادات المستندية وكقيمة بضائع ومستوردات تتدفق إلى الداخل عبر المناطق المحررة".
مشاركة الخبر: