الرئيسية > عربي و دولي
فرنسا تبدأ الإفراج عن مئات السجناء “المتطرفين”
المهرة بوست - متابعات
[ الاربعاء, 18 يوليو, 2018 - 11:10 صباحاً ]
قبل خمس سنوات، ألقت الشرطة القبض على رجل فرنسي في العشرينات من عمره، كان حصل على هوية مزيفة واشترى ملابس تشبه الزي العسكري كجزء من خطة للانضمام إلى المسلحين في سوريا.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أُدين المشتبه فيه، “نسيم”، بالتآمر لدعم جماعة إرهابية، بموجب قوانين تمنح السلطات الفرنسية حرية واسعة في الزج بـ”المتطرفين” في السجن.
لكن نسيم سيتم إطلاق سراحه في الأسابيع المقبلة، من بين مئات السجناء الذين تطرفوا خلال الحرب في سوريا وظهور داعش، والذين من المقرر الإفراج عنهم من السجون الفرنسية، قبل نهاية العام المقبل.
ومع إطلاق سراحهم، تستعد السلطات الفرنسية المختصة بمكافحة الإرهاب لتجدد التهديد الأمني الذي تضاءل مع تفكيكهم لخلايا إرهاب داعش في أوروبا، وفي محاولة لمنع الهجمات المحتملة، تخطط الشرطة الفرنسية لتشكيل وحدة جديدة لمراقبة السجناء السابقين.
وقال المدعي العام الفرنسي، فرانسوا مولينز، للتلفزيون الوطني في أيار/مايو الماضي: “إن الإفراج عن سجناء في نهاية مدة عقوبتهم دون إصلاحهم، وبعد أن أصبحوا أكثر تطرفًا نتيجة لوقتهم في الداخل، مجازفة كبيرة”.
وتشمل تلك المجموعة سجناء ينهون أحكامًا أطول بعد أن أدينوا قبل الحرب السورية، مثل “جمال بغال”، الذي غادر السجن يوم الاثنين، بعد أول إدانة له تتعلق بالإرهاب في عام 2001، وأحدثها في عام 2013، والذي قال قضاة فرنسيون، إنه كان معلمًا لاثنين من الرجال الذين شنوا هجمات “شارلي إبدو” في عام 2015، ومن الجدير بالذكر أن بغال قد تم ترحيله من فرنسا إلى الجزائر فور إطلاق سراحه.
وبحسب وزارة العدل، سيتم الإفراج عن حوالي 50 شخصًا ممن يقضون أحكامًا متعلقة بالإرهاب و400 آخرين “تطرفوا” أثناء وجودهم في السجن قبل نهاية عام 2019.
اختبار أمني
وفي بلد لا يزال يعاني سلسلة من الهجمات الإرهابية القاتلة على مدى السنوات الثلاث الماضية، نفذ معظمها أشخاص قضوا عقوبات في السجون الفرنسية، فإن عودتهم الوشيكة إلى المجتمع ستختبر قدرة الأجهزة الأمنية على إدارة التهديد المحتمل.
وقالت وزارة العدل، إن بعض السجناء الذين تنتهي عقوباتهم أدينوا بجرائم لا تتعلق بالإرهاب ولكنهم اعتنقوا الإسلام المتطرف في السجن، بينما أُدين آخرون بجرائم إرهابية عقوباتها أقصر من 5 سنوات.
وفي عام 2016، سنَّت فرنسا قوانين أكثر صرامةً تمدد عقوبات بعض الجرائم الإرهابية، بينما ظل متوسط عقوبة السجن في الاتحاد الأوروبي على الجرائم المتعلقة بالإرهاب 5 سنوات في عام 2017.
وحُكم على نسيم بالسجن لمدة 6 سنوات، رغم أن الجرائم الأكثر جدية والمتعلقة بالإرهاب كانت تؤدي لعقوبات أطول.
وقبل اعتقاله، كان نسيم عاطلًا عن العمل، وتبنى وجهات نظر متطرفة عبر الإنترنت من منزله في مدينة نيس الفرنسية، وذلك وفقًا لما ذكرته محاميته كميل لوكوت.
وقالت كميل، التي وافقت على مناقشة قضية موكلها بشرط عدم الكشف عن اسمه الأخير، لا يزال نسيم يتبع نوعًا “صارمًا” من الإسلام، وردًا على سؤال عن ما إذا كان نسيم لا يزال متطرفًا، قالت: “إذا كان التطرف هو الرغبة في ارتكاب أعمال إرهابية، لا”.
بدورها تشعر السلطات الفرنسية بالقلق من أن المتطرفين المحررين قد يميلون لدعم العنف، وقالت وزيرة العدل نيكول بيلوبيت للتلفزيون الوطني الشهر الماضي: “سنستبق إطلاق سراحهم ونراقبهم عن كثب”.
وقد ارتكب بعض هؤلاء هجمات إرهابية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك شاب (19 عامًا) قتل كاهنًا في كنيسة بشمال فرنسا وطعن ضابط شرطة ورفيقه في منزلهما خارج باريس.
وقالت وزارة العدل إن “عدد المتطرفين في السجون الفرنسية ارتفع في السنوات الأخيرة مع ظهور داعش، ومع كسب التنظيم الإرهابي للأراضي في العراق وسوريا، اجتذبت ذراعه الدعائية آلاف التابعين عبر الإنترنت”.
كما تسببت الحملة الفرنسية على الإرهاب بزيادة عدد المتطرفين في السجون بسبب الجرائم المرتبطة بالإرهاب، والذين اختلطوا بالسجناء العاديين ونشروا التطرف.
ووفقًا لوزارة العدل، يوجد حاليًا 512 سجينًا في فرنسا لجرائم تتعلق بالإرهاب، أي زيادة بأكثر من 3 أضعاف خلال 4 سنوات، ويعتقد أن عدد السجناء المتطرفين بلغ 1200 سجين، وهي زيادة بنسبة 70? منذ عام، وفقًا لبيانات الحكومة.
ووفقًا لـ “جان لويس بروغير”، وهو قاض سابق في مكافحة الإرهاب، كافحت أجهزة المخابرات في مراقبة هذا العدد الكبير من الناس الذين سرعان ما أصبحوا متطرفين على الإنترنت من قِبل تنظيم داعش والمتعاطفين معه.
وقال: “كان لدينا طفرة غير مسبوقة في الإرهابيين المحتملين في بلدنا”.
ومن بين المساجين الذين سيتم الافراج عنهم، أشخاص أدينوا قبل ظهور تنظيم داعش، وبعض الذين ساهموا في تطرف السجناء الآخرين.
وكان بغال، الجزائري الذي أطلق سراحه يوم الاثنين، قد تلقى حكمًا بالسجن لمدة 10 سنوات في عام 2013 بتهمة التخطيط لمساعدة “علي بلقاسم”، الذي أدين بتفجير محطة مترو باريس عام 1995، على الهروب من السجن، وهي خطة لم تسنح له الفرصة لتنفيذها.
وكان بغال حكم عليه في وقت سابق بالسجن 10 سنوات عام 2001 للتآمر لتفجير السفارة الأمريكية في باريس.
وستحاول الوحدة الجديدة داخل شعبة مكافحة الإرهاب التابعة لقوات الشرطة الفرنسية، منع مثل هذا التطرف، إذ ستتشارك وحدة المعلومات مع السجون ووكالات الاستخبارات، وتراجع تفاصيل الأشخاص على قوائم المراقبة، تحسبًا لتغيير العنوان أو السفر إلى الخارج.
ويقول فرهاد خوسروكافار، عالم الاجتماع في كلية الدراسات الاجتماعية والعلوم الاجتماعية ومؤلف كتاب جديد عن الجهاد: “إن المخاطر أكبر بكثير بالنسبة للحكومة؛ لأن الناس يركزون على هذه المسألة بعد أن عانوا خلال هجمات السنوات الأخيرة، والآن أصبحت الحكومة أكثر خوفًا من ذي قبل”.
مشاركة الخبر: