الرئيسية > أخبار اليمن
هل بدأ "عمليا" تقسيم اليمن؟ المجلس الانفصالي يحضّر للقاء يمنحه التفويض ومكونات جنوبية تعتذر وخلافات بألوان متعددة
المهرة بوست -
[ الإثنين, 01 مايو, 2023 - 10:36 مساءً ]
يُحضّر المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي) المدعوم إماراتيا، لعقد لقاء تشاوري بعدن للمكونات السياسية الجنوبية في الرابع من مايو/أيار الجاري؛ ذكرى إعلان المجلس في عام 2017.
ويرمي المجلس من هذا اللقاء، وفي هذه الذكرى، للحصول على ما يراه “تفويض الشعب” والتوقيع على “ميثاق الشرف الوطني”، تمهيدا لتقديمه ممثلا للجنوب في مفاوضات الحل النهائي ضمن مخطط فرْضه حاكما مستقبليا لما تسمى دولة الجنوب العربي، بعدما صار له فصائل مسلحة ومؤسسات تموله ضمن تهيئة استغرقت سنوات.
يأتي هذا في ظل تواتر الأنباء التي تؤكد اقتراب التسوية النهائية للأزمة اليمنية وتشكيل لجنة تفاوض.
وارتفعت في الشهور الماضية لغة الانتقاد التي توجهها مكونات سياسية يمنية جنوبية ضد المجلس الانتقالي؛ وتطالب بمشاركتها في أي حوار يتعلق بمصير الجنوب، رافضة اعتبار “الانتقالي” ممثلا لكل مكونات المشهد السياسي الجنوبي.
على ما يبدو أن ثمة مَن يدفع لتعميد المجلس الانتقالي، في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة في تاريخ اليمن، ليكون ممثلا لصوت الجنوب في أي مفاوضات، لاسيما وأن مخطط تقسيم اليمن ماض بلا هوادة؛ وهو المخطط الذي تجلى بوضوح في التمهيد للحرب وتكريس توازن الضعف وإفراغ البلد من أصوات قواه المدنية الحية والمؤثرة، وإنشاء دويلات الميليشيات، وتعزيز قوة أمراء الحرب.
ويعتبر مراقبون قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، الأخير بشأن إنشاء هيئة العمليات المشتركة وتعيين رئيس عمليات القوات التابعة للمجلس الانتقالي لقيادتها خطوة تذهب إلى تجميد، إن لم يكن إيقاف، عمل اللجنة العسكرية والأمنية المعنية بتوحيد ودمج الفصائل المسلحة (الميلشيات) ضمن قوات وزارتي الدفاع والداخلية. ولم يستبعد بعض المراقبين الربط بين هذا القرار والتحضير لهذا اللقاء.
ترافق ذلك مع تراجع لهجة “الانتقالي” في خطابه الموجه للمكونات السياسية الجنوبية، التي ظل لسنوات يتجاهلها؛ ليأتي لقاء الحوار معها؛ فيخطب ودها ويطلب مشاركتها في لقاء يريده كما وضعه البعض مهرجانا جماهيريا أكثر من كونه لقاء تشاوريا، وحتى وإن كان لقاء تشاوريا- تساءل أحدهم- كيف يرعاه مَن يفترض أن يكون طرفا فيه؟!.
مما لاشك فيه أن المجلس الانتقالي لا يُقدِم على هذه الخطوة دون موافقة التحالف وتحديدا الإمارات، وكأن الممول قد عزم على تقديم “الانتقالي” ممثلا حصريا لجنوب اليمن أو ما يريدون أن يكون (دولة الجنوب العربي) في استهداف واضح للهوية والوحدة الثقافية لبلد عريق.
من العوامل آنفة الذكر تأتي أهمية الحاجة إلى ما اعتبره بعض معارضيه “مسرحية” تفويضه من بقية المكونات السياسية الجنوبية.
على صعيد مواقف المكونات السياسية الجنوبية إزاء ما يرتب له المجلس الانتقالي، أعلن عدد منها رفض المشاركة في اللقاء، لكن اختلفت مواقف تلك المكونات، إذ إن ثمة مكونات تؤمن بالانفصال لكنها ترفض رؤية المجلس الانتقالي كالمجلس الأعلى للحراك الثوري، الذي أعلن بيانا اعتذر فيه عن المشاركة.
وقال إنه «لن يشارك في هذا اللقاء، وسبق له أن أوضح للجنة حوار المجلس الانتقالي أن الإصرار على الدفع بمكونات الحراك الجنوبي المستقلة رأيا وموقفا للتوقيع على ميثاق وطني يفوض المجلس الانتقالي كممثل حصري عن القضية الجنوبية استباق للحوار والتفاف عليه، وأن مثل هذا اللقاء الذي يجري تحضيره يأخذ شكل مهرجان جماهيري أكثر من كونه لقاء تشاوريا جنوبيا لوضع أسس ومبادئ الحوار”.
وأوضح «أن أرضية الحوار التي يفترض أن تتم تسويتها من قبل المجلس الانتقالي قبل الشروع فيه لم تُمهد بعد ولا زالت قيادات من الحراك الجنوبي مغيبة في السجون دون تهم بسبب مواقفها السياسية فضلا عن صحافيين ونشطاء مدنيين لم يسمح حتى لأسرهم بزيارتهم، ولم يحالوا منذ أشهر للنيابة أو المحكمة في خرق واضح لكل الأعراف، ناهيك عن تدخلات المجلس الانتقالي في شؤون مكونات الحراك الجنوبي والدفع بعمليات التفريغ”.
وأشار إلى أن المجلس الانتقالي أثبت، خلال الفترة الماضية، أنه «غير جدي في تغيير سلوكه تجاه المكونات والطيف الجنوبي عموما، ولم يقدم خطوات لمعالجة الجروح الناتجة عن حرب 2018 و2019 واستأثر وحده بالسلطات الممنوحة من الحكومة اليمنية لإلحاق الأذى بالآخرين، ويمضي في ذلك مطبعا الأوضاع بعيدا عن هدف التحرير والاستقلال غير آبه بكل ما يتحدث عنه من شعارات وطنية سوى تشغيل آلاته الإعلامية للتدليس».
مؤتمر حضرموت الجامع، وهو من أكبر المكونات السياسية في محافظة حضرموت كبرى محافظات اليمن مساحة وأغناها نفطا، له رؤيته المختلفة في مسألة الانفصال مثل كثير من المكونات الحضرمية. وقد أعلن المؤتمر اعتذاره عن المشاركة في اللقاء، مرجعا ذلك إلى «كون الأسس التي تبنى عليها قاعدة الحوار لم تكن مكتملة بعد، الأمر الذي يلزم مؤتمر حضرموت الجامع عدم المشاركة والحضور في ذلك اللقاء، من منطلق العدل و المنطق وحفاظًا على حضرموت ومكانتها».
فيما هناك مكونات سياسية جنوبية تؤمن بالوحدة، وترفض الانفصال، كالمؤتمر الشعبي العام الجنوبي، الذي أصدرت لجنته التحضيرية، التي يرأسها نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الاسبق أحمد الميسري، بيانا أعلن فيه اعتذاره أيضا، معتبرا في بيان ما يحصل «ليس سوى مغالطات تمثل امتدادا للنهج غير السوي واللامسؤول للانتقالي، وهو ما دأب عليه منذ تأسيسه لضرب التنوع السياسي واختزاله في وجه واحد يدعي الوصاية على الجنوبيين ويستفرد بالجنوب ليحقق غايات وأهداف محركيه، وهو ما لن نقبل به، أو تقبل به باقي المكونات الجنوبية”.
وقال «إن الذهاب لمسرحية جديدة كهذه، ليس إلا مدعاة للسخرية ودليل على حالة التخبط والفشل، وعدم الاتعاظ مما سبق من مسرحيات حوار زائفة، انتهت جميعها لنفس النتيجة المخيبة للانتقالي نفسه، فلا حوار يمكن أن يقوم على قاعدة التابع والمتبوع، ويكون فيه الانتقالي مجموع الجميع لا جزء منهم…!”.
وأضاف «أن ما يتم التحضير له ليس إلا مجرد فعالية احتفالية تخص الانتقالي وننأى بأنفسنا عنها، ولا نعتقد أن هناك عاقلا يقبل لنفسه بهذا الاستنقاص ويلطخ تاريخه بهذه المهزلة التي لا يتحقق منها أدنى مصلحة وطنية».
وكانت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي قد ناقشت، الأحد، في اجتماعها الدوري برئاسة رئيس المجلس، عيدروس الزُبيدي، التحضيرات الجارية لانعقاد اللقاء التشاوري للمكونات السياسية الجنوبية. وأكد الزبيدي أن هذا اللقاء؛ وفق خبر نشره موقع المجلس على الإنترنت، سيمثل مدخلا لشراكة جنوبية حقيقية تضم غالبية المكونات السياسية في الجنوب.
في خضم ذلك ترتفع أصوات يمنية جنوبية مدافعة عن الوحدة ضمن ما تشهده منصات التواصل الاجتماعي في اليمن حيث قال رئيس تحرير صحيفة (عدن الغد)، فتحي بن لزرق، أحد أهم صحف عدن اليومية، في تغريدة على تويتر:« لا يحتاج عاقل أن يفهم أن الوحدة اليمنية كانت طوق النجاة الكبير في جنوب اليمن. خارطة الأحقاد هذه التي لا تخطئها عين اليوم، ولا يمكن لصاحب عقل وحكمة أن يتجاهلها هي أحقاد أطفأتها الوحدة اليمنية في العام 1990، ولولا هذا الحدث العظيم في حياة الجنوبيين لما تبقى من الجنوبيين إلا بضعة (نفر) يجري عليهم العالم اليوم تجارب مكافحة “الانقراض”. ولذلك فلا غرابة أن يخرج العقلاء من الجنوبيين اليوم ليقولوا للناس تمسكوا بوطن يمني واحد وعادل ومنصف لجميع أبنائه، هذه الأصوات التي يتعالى صوتها، هي ذات الأصوات التي كُتم صوتها في سبعينيات القرن الماضي لينفرد يومها المجانين بالبلاد، ويسومون الناس سوء العذاب واليوم يجاهد هؤلاء مجدداً لكي لا يحدث الاختطاف الثاني للشطر الجنوبي من الوطن وتتكرر المأساة مجدداً».
نقلا عن القدس العربي
مشاركة الخبر: