الرئيسية > أخبار اليمن
اليمن.. الريال الإلكتروني خدمة جديدة قد تعمق الانهيار الاقتصادي
المهرة بوست - الجزيرة نت - مراد العريفي
[ الجمعة, 18 مارس, 2022 - 09:45 صباحاً ]
بدأت السلطات المالية للحوثيين العمل بالريال الإلكتروني وسط تحذيرات من أن الخطوة ستعزز من انقسام السلطات المالية بين البنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين، وبين البنك المركزي التابع للحكومة اليمنية في عدن.
ورغم أن استخدام النقود الإلكترونية في التعاملات المالية يعد في أدنى مستوى له، فإن السوق اليمني يملك فرصا واعدة، لتمنح سلطات الحوثيين شركات محلية تصاريح بتقديم الخدمات المالية الإلكترونية.
وقال بسام الورافي، مدير التسويق والشراكات الإستراتيجية في شركة "وي نت"، إحدى المؤسسات المقدمة لخدمة الريال الإلكتروني، إن 12 بنكا تجاريا انضمت للشركة ضمن مشروع تسريع التحول الرقمي للبنوك والمؤسسات المالية، وأضاف للجزيرة نت أن الخدمة تعمل لتحييد القطاع المالي بعيدا عن أي صراعات.
وأصدرت وزارة المالية في حكومة الحوثيين (غير معترف بها) قرارا يقضي بصرف رواتب بعض القطاعات العامة في مناطق سيطرتها عبر نظام الدفع الإلكتروني، لكن الموظفين اعترضوا وطالبوا بصرفها نقدا.
التعامل الورقي
ويمنع الحوثيون التعامل بالأوراق النقدية الجديدة التي طبعتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة، مما قلل من حجم المعروض النقدي في مناطق سيطرتها، التي تمثل ثلثي المناطق السكانية في البلاد.
وقال أستاذ السياسة النقدية في المعهد الوطني للعلوم الإدارية طارق ملهي للجزيرة نت إن الأوراق النقدية المتداولة تلفت وخرجت عن نطاق الخدمة، لتعوّض المعاملات النقدية بالعملة الأجنبية، وذلك يعد خطرا على الاقتصاد.
وأضاف أن الاستعاضة بالريال الإلكتروني ليس أمرا مجديا في ظل غياب مؤسسات مصرفية مؤهلة من حيث البنية التحتية، فالبنوك تتركز بشكل محدود في المدن الرئيسية، كما أن المجتمع يفتقر إلى الوعي بخدمة الريال الإلكتروني.
وتعتمد الخدمة الجديدة على تطوير البنى التحتية لنظام الائتمان والاتصالات الرقمية وخدمات النقود الإلكترونية القائمة على التكنولوجيا المالية، وهي قطاعات منهارة وضعيفة.
ويغلب في اليمن التعامل بالنقد الورقي، ليزيد عدد شركات الصرافة والتحويلات المالية من 876 عام 2017 إلى 3244 عام 2019، حسب تقرير لمركز صنعاء للدراسات (يمني غير حكومي).
وقال التقرير إن ما يقرب من 2.9 مليون يمني (أي حوالي 10% من السكان) يمتلكون حسابا مصرفيا واحدا.
ويقول معاذ علي، وهو تاجر مواد غذائية في العاصمة صنعاء، إن التداول بالريال الإلكتروني في هذا التوقيت مخاطرة كبيرة، في ظل انقسام البلاد بين أطراف النزاع وغياب سلطة موحدة، ويضيف للجزيرة نت "في هذا الظرف يبقى التعامل النقدي هو الأضمن رغم المصاعب".
تحسين الأداء المالي
ووفق محمود ناجي، رئيس جمعية البنوك اليمنية (مستقلة) ومقرها في صنعاء الخاضعة لسلطة الحوثيين، فإن خدمة الريال الإلكتروني ستحسن الأداء المالي وتقلل التكلفة، مشيرا إلى أن اليمن متأخر جدا في هذا المجال، وقال للجزيرة نت إن الخدمة ستقلل تكلفة نقل النقد الورقي بين المحافظات بسبب الحرب.
وعلل ناجي بأن اليمن يملك بنية تحتية لبدء الخدمة، لافتا إلى أن مزودي الخدمة والبنوك سيتجاوزون العقبات والمشاكل التي ستطرأ مع بدء العمل.
وقال إن البنوك المشتركة في الخدمة تعمل في نطاق السلطة النقدية وتملك أرصدة تأمينية، كما أن جمعية البنوك بدأت بتدريب مجموعة من ممثلي البنوك على الخدمة عبر مختصين دوليين.
سلطة غير شرعية
لكن البنك المركزي في عدن الخاضع لسيطرة الحكومة استنكر إنشاء نموذج للنقود الإلكترونية خارج الإطار القانوني للقطاع المصرفي.
وقال مصدر في البنك المركزي اليمني في عدن، للجزيرة نت، مفضلا عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول الحديث للإعلام، إن البنك المركزي في صنعاء غير مخول منح التراخيص، ويعد سلة غير شرعية.
وأوضح أن خدمة الريال الإلكتروني غير المقننة والخاضعة لسلطة غير شرعية، لا تختلف عن الحسابات المالية للشركات المصرفية التي تضارب بالعملة في السوق السوداء دون سقوف مالية.
ووفق المصدر، فإن السلطات النقدية عجزت حتى اللحظة عن السيطرة على السوق الموازية، إذ تعمل محلات وشركات الصرافة في عزلة خارج النظام المصرفي الرسمي.
ولا يحظى البنك المركزي في صنعاء باعتراف دولي، ولا يتمتع بإمكانية الوصول إلى الامتيازات الدولية والدعم الدولي، وليس لديه إمكانية الوصول المباشر إلى الشبكات المالية العالمية.
تضارب التشريعات
ووفق تقرير مركز صنعاء، فإن البنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين وسّع نطاق ونوع مقدمي الخدمات المالية المؤهلين للحصول على ترخيص لتقديم خدمات الريال الإلكتروني، وأوجد فرصة للجهات الفاعلة الأقل تنظيما مثل شركات الصرافة والتجار.
وقال إن ذلك يناقض تشريعاته السابقة التي منحت البنوك العاملة في اليمن حصريا حق تقديم خدمات الريال الإلكتروني.
وحذر التقرير من أن ذلك سيعمق الانقسامات في المؤسسات المعنية بتشغيل خدمات الدفع الإلكتروني، ويخلق حالة يُعامل فيها كيانان متنافسان في البلد نفسه على حد سواء كسلطات نقدية شرعية من قِبل المجتمع الدولي.
ووفق التقرير البحثي فإن طرح أي مبادرات شاملة لتعزيز نظام النقود الإلكترونية والدفع الإلكتروني ترتبط على الدوام بإنهاء الانقسام السياسي، وتحقيق الاستقرار في النظام النقدي، وهو ما يجب أن يبدأ بتوحيد البنك المركزي اليمني وسعر الصرف الرسمي، ومعالجة أزمة السيولة الحادة، وإنهاء حرب العملة.
مشاركة الخبر: