الرئيسية > أخبار اليمن
بعد أن انكشفت أطماعها.. هل طوَت الإمارات صفحة «سقطرى» أم أنها مجرد بداية؟
المهرة بوست - خاص
[ الخميس, 24 مايو, 2018 - 09:33 مساءً ]
قد يرى كثيرون أن دولة الإمارات طوت أزمة جزيرة "سقطرى" اليمنية بلا رجعة، بعد الرسالة التي وجهتها إلى مجلس الأمن الدولي، فيما يعتقد آخرون أن الأزمة لم تضع أوزارها بعد، بل كانت مجرد بداية لأزمات أخرى.
ولعل الأدوار الإماراتية المشبوهة في اليمن ضد الحكومة الشرعية، تعضد الرأي الثاني، على نحو تتسع معه السيناريوهات المستقبلية لشكل الصراع المحتدم بين الطرفين.
اعتراف إماراتي لحفظ ماء الوجه
ووجهت الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، ردًّا على رسالة الحكومة اليمنية حول الأحداث الأخيرة التي جرت في جزيرة سقطرى، وذلك بعد أن كان الانتشار العسكري الإماراتي بهذه الجزيرة الإستراتيجية قد أثار أزمة بين أبوظبي والحكومة الشرعية اليمنية.
وأكدت الإمارات في الرسالة إلى مجلس الأمن أن وجود قواتها في الجزيرة بدأ عام 2012، بعد إعصار مرجان وقبل أزمة اليمن، واعتبرت الرسالة أن الوجود الإماراتي في الجزيرة يقتصر فقط على مساعدة السكان والتنمية، مؤكدة اعتراف الإمارات التام بسيادة اليمن على جزيرة سقطرى.
وخلصت الرسالة الإماراتية إلى أن العمليات التي تقوم بها الإمارات تتسق بشكل تام مع عملياتها في المناطق الأخرى باليمن، وأنه تمت تسوية الوضع بشكل تام في جزيرة سقطرى، وإن هناك تنسيقًا قويًّا بين الإمارات والحكومة اليمنية والسعودية.
وقبل أسابيع، قال مسؤول يمني إن دولة الإمارات سحبت قواتها وعتادها العسكري من جزيرة سقطرى، في حين بقي بعض المدنيين الإماراتيين، بعد شكوى تقدمت بها الحكومة اليمنية إلى الأمم المتحدة، وبعد التوصل لاتفاق رعته السعودية، وينص على عودة الوضع في سقطرى لما كان عليه قبل وصول تلك القوات دون إذن من الحكومة الشرعية اليمنية.
وفي مقابل انسحاب العسكريين الإماراتيين، حلت بالجزيرة قوات سعودية قالت الرياض إنها ستتولى تدريب القوات اليمنية.
وكانت الحكومة اليمنية الشرعية وصفت الإنزال الإماراتي في سقطرى بأنه وجود عسكري غير مبرر، مؤكدة أن جوهر الخلاف مع الإمارات يكمن في السيادة ومن له الحق في ممارستها.
أزمة.. انتهت أم بدأت؟
المثير! أن الرسالة الإماراتية توحي بأن غبار الأزمة قد انقشع، إلا أن شواهد ودلالات عدة تشير إلى العكس تمامًا، أي أن إجلاء القوات الإماراتية من سقطرى مجرد بداية لأزمة أو سلسلة أزمات تنتظر اليمن.
ولعل الصراع المحتدم والحرب المستعرة التي تشنها الإمارات ضد الحكومة الشرعية منذ فترة ليست بقليلة، تنبئ بما يمكن أن تكون عليه الفترة المقبلة، وأن هذا الجلاء مجرد سعي إماراتي لحفظ ماء الوجه بعد أن وصل الأمر لمجلس الأمن.
"عبدالخالق عبدالله" الأكاديمي الإماراتي البارز ومستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، كشف جزءًا من نوايا الإمارات فيما هو آتٍ، ضد الحكومة الشرعية، حيث هاجم من انتقد منهم دور بلاده في اليمن بالتزامن مع أزمة سقطرى.
وغرّد عبر حسابه في "تويتر": "تطاولت شخصيات يمنية عديدة محسوبة على الشرعية مؤخرًا، بالقبيح من الاتهامات، على الإمارات التي قدمت لليمن تضحيات لم تقدمها أية دولة في العالم.. الإمارات السخية ستستمر في أداء واجبها تجاه اليمن، لكن نكران الجميل سيكون ثمنه عسيرًا لشخصيات بائسة اتضح أنه حتى الكلاب الضالة أكثر وفاء منهم".
الرسالة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، هي حرب جديدة تعلنها أبو ظبي ضد الحكومة اليمنية الشرعية وليس ضد بعض المحسوبين عليها، وفقًا لتعبير "عبدالله"، فالوجود الإماراتي في سقطرى نال هجومًا وافرًا من رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر وغيره من المسؤولين، وليس مجرد شخصيات محسوبة على الشرعية.
على الجانب الآخر، فإن الوضع الميداني في سقطرى والانسحاب الإماراتي الجبري، يشعلان معركة النفوذ بين أبو ظبي والرياض، بعد أن حلت قوات سعودية محل الإماراتية المنسحبة.
صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، قالت في تقرير لها، إن جزيرة سقطرى اليمنية استبدلت "احتلالًا باحتلال آخر"، مشيرة إلى أنه "مع بدء السعوديين بتأكيد أنفسهم في الجزيرة، فإنهم يهددون الطموحات الهادئة للإمارات في هذا الجزء من العالم".
وعلقت بأن سقطرى أصبحت في مركز الصراع بين الرياض وأبو ظبي التي ترغب ببناء إمبراطورية عسكرية تنافس الهيمنة السعودية، وعليه فإن الأمر ليس إلا مجرد بداية لأزمات أخرى قد تسعى الإمارات الجريحة من خلالها إلى استعادة ما ظنته في حوزتها.
حرب على الشرعية
وفيما يخص الحرب التي يتوقع أن تشنها الإمارات على الحكومة الشرعية بعد تهديدات مستشار "بن زايد"، فإن المقدمات تقود إلى النتائج، وما حدث من وقائع خلال الفترات الماضية يكشف الستار عن تلك الحرب.
في فبراير الماضي، كشفت تقارير إعلامية أن الإمارات تعمل حاليًا على إعادة إنتاج قوات "صالح" عبر تجميع بقايا القوات العسكرية الموالية له خاصة من وحدات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة التي تم تشكيلها في عهده لحماية نظامه وعائلته، حتى تلعب بتلك القوات دورًا في شمال اليمن، كما استخدمت من قبل قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية والشبوانية في الجنوب.
السعي الإماراتي الجديد يأتي في سياق أدوار مشبوهة تمارسها أبو ظبي منذ مشاركتها في تحرير مدينة عدن العاصمة المؤقتة والتي تتخذها حكومة أحمد بن دغر الشرعية مقرًّا لها.
ورغم أنها المسيطرة على الأرض في المدينة الجنوبية، إلا أنها واجهت اتهامات رسمية من الحكومة الشرعية بالتورط في دعم الاحتجاجات المسلحة لانفصاليي الجنوب، والتي قادت لإحكام سيطرتهم على المدينة أواخر يناير الماضي.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر حكومي في القصر الرئاسي اليمني اتهامه الإمارات بدعم الانفصاليين تأكيدًا لتفوق نفوذها في الجنوب.
وشهدت عدن، في يناير الماضي، معارك لمدة 3 أيام، بين قوات الحماية الرئاسية التابعة للحكومة الشرعية وقوات تابعة لـلمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، حيث أعلنت قوات المجلس السيطرة على كامل مدينة عدن الساحلية.
ونقلت الوكالة عن مسؤول كبير في صفوف قوات المجلس الانتقالي الموالية للإمارات قوله، إن من الواضح أن الرئيس "عبد ربه منصور هادي" والسعودية يحاولان تقليص النفوذ الإماراتي في الجنوب.
الصراع الذي تنكره الإمارات علنًا وتموله في الخفاء، تفجَّر بين ما يسمى "المجلس الانتقالي" و"هادي"، عقب قرار الأخير، في أبريل الماضي، إقالة الرئيس الحالي للمجلس ومحافظ عدن "عيدروس الزبيدي".
كما اختتم "هادي" 2017 بسلسلة قرارات شملت تغييرات أمنية وإدارية وحكومية واسعة، لكن أكثر ما لفت الأنظار، الإطاحة بثلاثة من الموالين للإمارات أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي، وهم: "ناصر الخبجي" من منصبه محافظًا للحج، و"فضل الجعدي" من الضالع، وإقصاء "عادل الحليمي" من وزارة النقل.
الدلالة الأبرز في تلك القرارات، أن هؤلاء المستبعدين حل مكانهم شخصيات مناوئة للمجلس الانتقالي وللإمارات ودورها المشبوه في اليمن، وهم: اللواء ركن علي مقبل صالح، محافظًا للضالع إلى جانب مهامه قائدًا للواء 33 مدرع قائدًا لمحور الضالع، والعميد ركن أحمد عبدالله التركي، محافظًا للحج قائدًا للواء 17 مشاة، وصالح أحمد الجبواني، وزيرًا للنقل.
ولعل الممارسات العدائية التي تقودها الإمارات ضد الرئيس اليمني ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى أكثر من عام كامل، حيث لم يتوجه إلى عدن التي يُفترض أنها العاصمة المؤقتة للبلاد، نتيجة دور الإمارات المسيطرة على المدينة كليًّا في ذلك.
وفي سبتمبر الماضي، قصفت الإمارات قوات الحماية الرئاسية التابعة للرئيس اليمني، وكذلك منعت طائرته من الهبوط في مطار عدن الدولي، ورفضت تنفيذ قرارات رئاسية له في تغيير مدير مطار عدن الدولي ومناصب حكومية في المحافظة الجنوبية.
مصادر يمنية كشفت أنه مقابل الإسناد الجوي الإماراتي تحركت "ميليشيا الحزام الأمني" الموالية لأبوظبي على الأرض باتجاه (خور مكسر) حيث مقر المطار، لفك الطوق الذي فرضته قوات الحرس الرئاسي على العناصر التابعة للقيادي في الجنوب صالح العميري المعروف بـ"أبي قحطان" بداخل مقر المطار، ثم اعترضت ميليشيا الحزام الأمني قوات من الجيش الوطني التابع للمنطقة العسكرية الرابعة أثناء توجهها نحو المطار، واشتبك الطرفان.
وقبلها بأشهر كانت حادثة قصف اللواء 23 في منطقة العبر بمحافظة حضرموت، جنوبي اليمن، حيث تعرض هذا اللواء، الذي كان يضم قوات موالية للرئيس "هادي"، لقصف من طائرات إماراتية قيل إنه "عن طريق الخطأ"؛ ما أدى إلى مقتل 53 جنديًّا وجرح العشرات.
مشاركة الخبر: