الرئيسية > أخبار اليمن
ما دلالات التحركات الدولية وعودة عمليات التحالف باليمن؟
المهرة بوست - عربي 21 - أشرف الفلاحي
[ الأحد, 28 نوفمبر, 2021 - 09:49 صباحاً ]
تتسارع وتيرة الأحداث في اليمن بشكل دراماتيكي، مع عودة العمليات العسكرية الواسعة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، والتي أعقبت تحركات دبلوماسية دولية على وقع استمرار الحوثيين في التصعيد العسكري في محافظة مأرب (شمال شرق)، وهو ما أثار أسئلة عدة حول دلالات ذلك.
ومنذ الأسبوع الماضي، ومقاتلات التحالف بقيادة الرياض تنفذ عمليات جوية واسعة طالت أهدافا ومواقع مهمة في محافظات خاضعة لجماعة الحوثيين، بينها العاصمة صنعاء، كما ورد في بيانات المتحدث باسم التحالف، تركي المالكي.
وجاءت هذه العمليات في أعقاب حراك دولي نشط، قام به المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرج، ونظيره الأمريكي، تيم ليندركينغ، بينها زيارتهما إلى العاصمة المؤقتة عدن، جنوبا، ومحافظة تعز (جنوب غرب)، التي زارها الأول مطلع الشهر الجاري، في زيارة هي الأولى لمبعوث أممي، الذي تناوب على هذا المنصب ثلاثة مبعوثين خلال الأعوام الماضية.
ولم تنجح المساعي الدبلوماسية الأممية والأمريكية في إيقاف هجوم مسلحي الحوثي على مدينة مأرب، التي رفضت قياداتها إجراء أي لقاء مع المبعوث الأممي، غروندبرج، وهو ما يشير إلى تعثر تلك المساعي، وعودة الخيار العسكري إلى الواجهة بقوة.
معلومات استخباراتية
وإزاء ذلك، يرى الخبير الاستراتيجي اليمني في الشؤون الأمنية والعسكرية، علي الذهب، أن العمليات الجوية التي يشنها التحالف العربي ناتجة عن عملية استخباراتية، وتدخل في إطار استراتيجية "اعرف عدوك" أو "استراتيجية الاستخبارات".
وقال الذهب لـ"عربي21" إن "هذه الاستراتيجية تهدف للحصول على أجد المعلومات، أو على المعلومات بشكل أوسع وأجدها في صفوف العدو".
وبحسب الخبير اليمني في الشؤون العسكرية، فإن السعودية ربما وصلت إليها تلك المعلومات بطريقتين؛ الأولى" بواسطة عملائها". أما الطريقة الثانية، وفقا للمتحدث ذاته، "فقد تكون عن طريق الولايات المتحدة بما تملكه من تقنيات عالية".
ورجح الخبير الاستراتيجي الذهب أن تكون واشنطن هي من زودت الرياض بتلك معلومات، لسببين؛ الأول: "تعرض مصالح الولايات المتحدة وحلفائها للتأثير والابتزاز من قبل الحوثيين في صنعاء".
أما السبب الثاني، فيضيف الذهب أنه يعود للمفاوضات مع إيران بشأن الملف النووي، المزمع انطلاقها مطلع الشهر المقبل.
كما أشار إلى أن ذلك بمثابة رسالة من الولايات المتحدة لإيران وحلفائها، أنهم متاحون لها في أي لحظة، متى ما أرادت، سواء باستهداف مباشر من قبلها، أو من حلفائها الدوليين في منطقة الخليج والجزيرة العربية.
وأوضح الخبير اليمني أن هذه العمليات التي ينفذها التحالف بقيادة المملكة، جاءت تزامنا مع العمليات التي جرت في مناطق بالساحل الغربي من اليمن، وخدمتها كثيرا.
وتابع: لقد أثخنت بالحوثيين، وضاعفت من مأساتهم، بعدما نجحت عمليات الساحل في السيطرة على الطريق الرابط بين محافظتي الحديدة وتعز، والتوغل في مديرية حيس وجبل رأس، وصولا إلى أطراف مديرية الجراحي (جنوبي الحديدة)، ومناطق في مديرية مقبنة، (جنوب غرب تعز).
فيما لفت إلى أن تلك العمليات أضعفت عمليات الحوثيين الهجومية في منطقة الجوبة، جنوب مأرب والمناطق الأخرى غربي المدينة الغنية بالنفط.
ولم يستبعد أن يكون لعودة العمليات الجوية الواسعة للتحالف السعودي ضد الحوثيين برفضهم استقبال المبعوث الأممي، ذلك أن الأمم المتحدة تنظر للتحالف العربي على أنه يعمل في إطار الفصل السابع، فما عجزت عنه الدبلوماسية، تحققه الآلة العسكرية.
الخبير اليمني في الشؤون العسكرية والأمنية بيّن أن "تمرد الحوثيين على المساعي الدبلوماسية لحل الصراع، وتعرض السعودية لعديد من الهجمات الصاروخية، ومصالح أمريكا للمضايقات والابتزازات في صنعاء، بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني"، كلها عوامل لها ارتباط بتسارع الأحداث في اليمن.
وأكد الخبير اليمني الذهب أن السعوديين استفادوا بشكل كبير مما اعتبرها "رسائل أمريكية" للحوثيين وإيران الداعمة لهم، متابعا القول إن السعودية نفذت عملياتها برضا وقناعة، مبررة أنها تأتي استجابة للرد على ما تعرضت له من هجمات صاروخية أو بطائرة غير مأهولة من قبل الجماعة الحوثية.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، هاجمت الخارجية الأمريكية جماعة الحوثيين، واتهمتها بـ"اقتحام مقر سفارتها" في صنعاء، واختطاف العشرات من الموظفين لديها، مطالبة إياهم بـ"الإفراج عنهم، ومغادرة مجمع السفارة".
والأسبوع الماضي، كشف مسؤولون أمريكيون عن إفراج الحوثيين عن قرابة 30 موظفا محليا في السفارة بصنعاء، إلا أنه أكد وجود محتجزين آخرين حتى الآن في قبضة الجماعة.
وصرح مسؤول أمريكي لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، بأنه "تم احتجاز 39 من موظفينا المحليين في صنعاء الشهر الماضي، وقد تم إطلاق سراحهم بجهود دبلوماسية قادها المبعوث الأمريكي إلى اليمن في المنطقة (تيم ليندركينغ) وبدعم شركائنا الدوليين، وما زال عدد من موظفينا محتجزين حتى الآن".
الرهان على مأرب
من جانبه، قال الباحث اليمني في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية (يمني غير حكومي)، علي السكني، إن التحركات الدولية لن تحقق أي اختراق أو تقدم في عملية السلام ما لم يعطي المجتمع الدولي معركة مأرب أولوية لوقف القتال الدامي فيها.
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن نجاح المجتمع الدولي وإدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في اليمن مرهون حاليا بمعركة مأرب، ومدى امتلاكهم أدوات ضغط وتأثير كافية على الحوثي، لكي يقبل بوقف التصعيد والجلوس على طاولة المفاوضات، مؤكدا أنه ما لم يحدث ذلك، فإن أي تحركات مهما كانت ستكون عديمة الجدوى في ظل استمرار المعركة هناك.
وأشار الباحث السياسي اليمني إلى أنه يمكن للحوثي أن تقدم بعض التنازلات الوقتية في ملف تعز، خصوصا رفع الحصار، وذلك ردا على سؤال بشأن الزيارة التي قام بها المبعوث الأممي إلى مدينة تعز، في 9 نوفمبر/ تشرين ثان الجاري.
وقال: "سيكون لتلك التنازلات -إن حدثت- آثار إيجابية على السكان، لكنها تسعى من خلال ذلك إلى تحقيق نقاط أمام المجتمع الدولي، مقابل استمرارية في مهاجمة مأرب".
ويعتقد الباحث اليمني في مركز صنعاء للدراسات أن جماعة الحوثي في كلا الحالتين، سواء سيطرت على مأرب أو فشلت، ستتراجع عن الخطوات التي قد يقوم بها تحت مبررات وذرائع كثيرة.
فرض تسوية
وفي السياق ذاته، رأى نائب رئيس تحرير موقع "المصدر أونلاين" اليمني، علي الفقيه، أن التحركات الدولية المكثفة هي تدشين لمرحلة جديدة من الجهود الأممية، والتي تسعى لإنهاء الحرب في اليمن، ومحاولة لتحريك عملية السلام الراكدة منذ مدة طويلة.
وقال الفقيه في حديث لـ"عربي21": "قد تكون التحركات أيضا تمهيدا لطرح تسوية جديدة دار النقاش حولها طويلاً خلال الفترة الماضية بين المبعوثين الأممي والأمريكي والأطراف المعنية باليمن (السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا)".
وبحسب الصحفي اليمني، فإنه لا فرص حقيقية في نظري حتى اللحظة، مؤكدا أن المتغير الوحيد هو ما يصدره الحوثي من وعود بحسم المعركة في مأرب، والتي أنعشها ما حققه من تقدم في الجبهة الجنوبية من المحافظة.
وتابع موضحا: "قد تعتقد كثير من الأطراف الدولية أنه قد يمكنهم من فرض تسوية تمنح الحوثي السيطرة على شمال اليمن، وبالتالي يمكن التوصل معه إلى تسوية".
إلا أن الصحفي الفقيه استبعد ذلك، وقال: "في تقديري لن يحدث هذا؛ لأن إسقاط مأرب بدا هدفا صعبا للحوثي، وقد تفشل كلياً في ذلك".
مشاركة الخبر: