الرئيسية > عربي و دولي
السودان والأزمة الخليجية.. هل يقطع البشير «شعرة معاوية»؟
المهرة بوست - متابعات
[ الإثنين, 14 مايو, 2018 - 02:37 مساءً ]
"الحصار لا يعجبنا".. هكذا أعلن السودان موقفه صراحةً من الأزمة الخليجية، في خطوة قاربت أكثر نحو قطر، منها إلى الدول الأربع (مصر والإمارات والسعودية والبحرين) .
السودان على لسان مساعد رئيسه إبراهيم السنوسي، دعا دول الخليج العربي إلى نبذ الخلاف وتحقيق الوحدة من أجل مواجهة "إسرائيل" التي تحتل الأراضي الفلسطينية.
وقال السنوسي - في كلمة أمام الجالية الفلسطينية في الخرطوم بمناسبة الذكرى الـ70 للنكبة: "الخلاف بين دول الخليج، والحصار لا يعجبنا".
وأضاف: "ندعو إخوتنا في الخليج إلى نبذ الخلاف وتحقيق الوحدة من أجل مواجهة عدو الأمة الحقيقي، والمتمثل في الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين".
الأزمة الخليجية اندلعت في 5 يونيو الماضي، حيث قطعت الدول الأربع علاقاتها مع قطر، ثمّ فرضت عليها حصارًا برًا وبحرًا وجوًا بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، متهمة دول الحصار بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.
وعند الحديث عن الموقف السوداني، يمكن تقسيمه إلى شقين، أحدهما عسكري، إذ أنّ السودان عضو في التحالف العربي بقيادة السعودية، الذي يقود حربًا في اليمن، وبهذا المنطق فإنّ الخرطوم تجد نفسها مضطرةً للوقوف إلى جانب معسكر السعودية في الأزمة الخليجية.
فمنذ مارس 2015، شارك السودان بنحو ألف جندي في اليمن، متعهدًا بنشر كتيبة قوامها 6 آلاف جندي إن دعت الحاجة لذلك، قبل أن يعلن تضامنه مع السعودية وقطع العلاقات مع إيران على خلفية أزمة السفارة، في 4 يناير 2016، لكن الخرطوم أبدت عدم تقبل كلي للتضامن مع الرياض ضد حليف آخر هو الدوحة، بحسب تقارير.
وفيما يتعلق بهذا الجانب، فإنّ كثيرًا من المرات شهدت الحديث عن انسحاب سوداني من قوات التحالف، آخرها أمس السبت، وتحديدًا بعد تغريدة قيادي حوثي تحدّث فيها عن مقتل كتيبة سودانية كاملة فيما أسماها "معركة المظلات التاسعة".
وبعد هذه التغريدة، تردّدت أنباء عن قرار سوداني بالانسحاب من التحالف، بيد أنّ دبلوماسي سوداني نفى ذلك، حيث صرح السفير السوداني في السعودية عبد الباسط السنوسي، لصحيفة "سبق" السعودية، بأنّ "قوات بلاده ما زالت تؤدي مهماتها في الحرب ضد المليشيا الحوثية الموالية لإيران"، حسب حديثه.
بيد أنّ الأمر لا يتوقف على حرب اليمن، إذ أنّ نظام الرئيس السوداني عمر البشير، يرتبط بعلاقات وثيقة مع قطر التي دعمته ماديًّا، حينما كان اقتصاد بلاده على وشك الانهيار في الفترة ما بين 2007 و2012؛ نتيجة سنوات الحصار الدولي الطويلة التي واجهها.
في نفس الوقت، كان للسودان علاقات جيدة مع السعودية التي كانت لها بصمتها المؤثرة في إعادته إلى الساحة الدولية، وتخفيف العقوبات الأمريكية أواخر العام الماضي، وإنعاش اقتصاد السودان المتهاوي أيضًا.
والسعودية هي أكبر مستثمر عربي في السودان خلال العام 2016، باستثمارات تقدر بنحو 15 مليار دولار، وتتركز تلك الاستثمارات على الأعلاف والقمح والذرة؛ أي إنها منتجات تهم المملكة، سواء للأمن الغذائي للإنسان أو للحيوان، في حين تدعم في الوقت ذاته اقتصاد الخرطوم الهش.
وبين هذا وذاك، رأى السودان نفسه مطالبًا بالحفاظ على "شعرة معاوية" في تعاملها مع الأزمة الخليجية، ويفسّر ذلك موقفها منذ بدء الأزمة، حيث وصفتها بأنّها "تطور مؤسف بين دول عربية شقيقة وعزيزة على قلوب السودانيين والأمة العربية".
كما أعربت الخرطوم عن استعداداها لـ"بذل كل الجهود لتهدئة النفوس ووقف التصعيد وإصلاح ذات البين، لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، بما يحقق المصالح العليا لشعوب المنطقة".
إلا أنّ إعلان السودان أنّ "الحصار على قطر" لا يعجبه، قد يُفسّر بأنّ تقارب مع الدوحة، وهو ما يهدّد بقطع تلك "الشعرة" التي حافظ عليها نظام البشير في تعاطيه مع الأزمة.
في معرض حديثه عن تلك التطورات، يقول المحلل السياسي السوداني بكري عبد العزيز: "الجيش يعيد تقييم مشاركته في حرب اليمن، وهذه المسألة ضغط على دول الخليج لمساعدته في أزمة الوقود للحصول على دعم منهم".
ويضيف في حديثٍ لـ"مصر العربية": "السعودية والإمارات تضعان شروطًا من أجل هذه المساعدة، ومنها تخلي البشير عن جماعة الإخوان المسلمين، ومقاطعة قطر وتركيا والوقوف مع مصر في أزمة سد النهضة".
ويشدّد عبد العزيز على أنّ الشعب السوداني يريد دولة ذات سيادة، لكنه يرى أنّ نظام البشير جعلها تخضع لتحكمات دول أخرى، وهو ما يرفضه الشعب إذ يدعو إلى وقف المشاركة في حرب اليمن، وانسحاب الجيش على الفور.
ويتابع: "حتى إذا حصل البشير على دعم بالملايين من دول الخليج، فإنّ الأزمات ستستمر، لأنّ نظام البشير لن يتخلى عن المحور التركي القطري، ولن يتخلى عن الإخوان".
ويوضح: "السودان داخليًّا يعاني أزمة سيولة وأيضًا عدم وجود وقود، وهذه أمور خطيرة، وبالتالي يمكننا اعتبار أنّ السودان مقبل على ثورة جياع قريبًا جدًا".
ويرى أنّ السودان بعيدٌ عن "معسكر السعودية" في الأزمة الخليجية، إذ أنّه لن يتخلى عن المحور القطري - التركي، وهو ما لا يرضي الرياض التي قد تضغط على نظام البشير بسبل أخرى.
مشاركة الخبر: