الرئيسية > أخبار اليمن
تلعب على أوتار الأعمال التنموية والإغاثية للتمدد والسيطرة
الهلال الأحمر.. ذراع الإمارات الاستعمارية في اليمن
المهرة بوست - الراية
[ الثلاثاء, 08 مايو, 2018 - 09:57 مساءً ]
تستغل تدهور الأوضاع الاقتصادية للشعب اليمني لكسب تأييد الشارع
العمل الإغاثي الإماراتي يد سوداء تنهب خيرات اليمن
الجمعية الإماراتية حاولت التجسس على المقاومة في غزة لصالح الموساد
ينتشر علم الإمارات بجانب صور شيوخها في لوحات إعلانية عملاقة في شوارع مدن جنوب اليمن مع عبارات شكر لما تقدّمه «الأيادي البيضاء» - كما يحب الإعلام المحلي للإمارات أن يطلق عليها- لليمنيين من مساعدات ومعونات. غير أن اليمنيين لم يلمسوا إلا «أيادي سوداء» ولم يروا سوى هذه اللوحات المستفزة لمشاعرهم ودعم أبوظبي للميليشيات في محافظات يمنية مختلفة ومحاولة سيطرتها على الموانئ والجزر اليمنية بالقوة. وتقف جمعية الهلال الأحمر الإماراتية خلف هذه اللوحات الدعائية العملاقة. دخلت الجمعية جنباً إلى جنب مع القوات العسكرية الإماراتية بمسميات إنسانية وإغاثية ومضمون دعائي وسياسي.
وتلعب الإمارات على أوتار الأعمال التنموية والإغاثية باعتبارها وسيلة ناعمة للتمدّد والسيطرة. وتلجأ لهذه الطريقة - المنافية لأخلاقيات ومبادئ العمل الإنساني والخيري المتعارف عليها دولياً - لعدة أسباب تشمل التغطية على التحرّكات العسكرية في مناطق تبعد مئات الكيلومترات من مناطق الصراع والحروب التي تشارك فيها عبر التحالف العربي، كمحاولة السيطرة على محافظتي جزيرة سقطرى والمهرة.
كما تعمل الإمارات لكسب تأييد الشارع لتحرّكاتها، واستغلال حاجة الناس في ظل الظروف الإنسانية والاقتصادية المتدهورة، التي تمر بها اليمن في الوقت الحاضر. رغم أن هذه التحرّكات - وإن كان في ظاهرها خدمة السكان - إلا أنها أثارت القلق لدى قطاع كبير من الأهالي، وكذلك قلق اليمنيين حول حقيقة ما تريده أبوظبي في بلدهم، في ظل ما تكشفه التقارير الصحفية الدولية قبل المحلية.
ليست اليمن الاستثناء في الدور المشبوه لجمعية الهلال الأحمر الإماراتي، ففي 2014 قامت السلطات الفلسطينية في غزة بالتحقيق مع أعضاء بعثة الهلال الأحمر الإماراتية بعد الاشتباه بهم، حيث اعترفوا بعملهم في جهاز أمن إماراتي وبمحاولاتهم الترصد لمواقع المقاومة لصالح الموساد. بعدها طُلب من بعثة الهلال الأحمر مغادرة غزة على الفور.
إعصارا تشابالا وميج كبوابتي دخول لسقطرى
بالرغم من أن جزيرة سقطرى اليمنية الواقعة في بحر العرب، وهي عبارة عن أرخبيل من أربع جزر، تتمتع بأهمية استراتيجية كبرى بسبب موقعها على المحيط الهندي بالقرب من خليج عدن، تعد من بين القليل من المحافظات التي نجت من دائرة الحرب بحكم ابتعادها مئات الكيلومترات عن مناطق التوتر في البلاد، إلا أنها لم تسلم من أيادي الإمارات التي امتدت إليها، لا لمساعدة أهلها، وإنما طمعاً بموقعها وثرواتها، وكان بوابة ذلك كالعادة العمل التنموي والإغاثي. في 2016، وقّعَت الإمارات اتفاقاً - غير معلن - مع رئيس الوزراء الُمقال خالد بحاح لإغاثة وتنمية سقطرى بعد تعرّضها لإعصاري تشابالا وميج في 2015. لكن الذي حصل عكس المعلن تماماً، وهو تسيير رحلات أسبوعية بين أبو ظبي والجزيرة اليمنية الأكبر، بواسطة شركات طيران الإماراتية، دون تصريح من الحكومة اليمنية أو إظهار أي اعتبار لها. كانت الإمارات تزعم أن الرحلات محمّلة بالمعونات الإغاثية دون الخضوع لأي تفتيش أو رقابة من قبل السلطات اليمنية. الطائرات والمراكب التي عليها شعار الهلال الأحمر وجمعيات خيرية إماراتية حملت من المعدات العسكرية أضعاف ما حملته من مواد الإغاثة، وكذلك عدد من الضباط بهويات ممثلي جمعيات خيرية. تعتمد الإمارات على مندوبين لها داخل سقطرى، بكامل الصلاحيات والأموال لبسط السيطرة على الجزيرة، وهما خلفان المزروعي، مندوب مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان إلى سقطرى، والثاني يدعى محمود فتح آل خاجة. والرجلان يشرفان على كافة المشاريع الإغاثية والتنموية، وفي نفس الوقت التوسع العسكري والأمني والاجتماعي في محافظة سقطرى.
ويكفي أن الإشارة إلى أن السيطرة الأخيرة للإمارات على مطار جزيرة سقطرى ومينائها، بالتزامن مع تواجد الحكومة اليمنية هناك، استخدمت فيه مؤسسة خليفة لخداع برج المراقبة بالمطار. بحسب ما أكدته مصادر محلية لـ «يمن شباب نت»، ذكرت أن «مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية خدعت برج المطار في سقطرى لوصول طائرة محمّلة بمواد غذائية، ليتضح بعد نزولها أنها طائرة حربية محمّلة بأكثر من (100) جندي إماراتي»، وعدد من الدبابات.
وتنكشف صلات المزروعي وآل خاجة بالسلطة الإماراتية من خلال متابعة الأخبار التي تنشرها عنهما وكالة الإمارات الرسمية، عن مقابلاتهم مع الوزراء، واستضافتهم لعدد من المسؤولين في حفلات عشاء ينظمانها بشكل مستمر. بالإضافة إلى ظهورهما الدائم على القنوات الإماراتية الرسمية، بصفتهما ممثلي جمعيات خيرية تقوم بعدة أنشطة في دول نامية.
مؤسسات إماراتية كالهلال الأحمر الإماراتي يتم عبرها إرسال وفود إماراتية إلى سقطرى للاطلاع على المشروعات التنموية في مختلف المجالات، وعمل مسح ميداني لعدد من المتطلبات واحتياجات المحافظة في مجال التعليم، والصحة، والطرق، والعديد من المشروعات التنموية. وكلها- كما بات يعرف معظم أبناء الجزيرة- تخفي غايات أمنية وعسكرية وسياسية. ويقول سكان محليون: إن الضابط الإماراتي خلفان المزروعي المكنى بأبو مبارك، هو الآمر الناهي في سقطرى. ومن أنشطته إنشاء مصنع لشحن الأسماك إلى الإمارات، بعد أن يقوم بشرائها بأسعار زهيدة من الصيادين المحليين. بينما نُقل عن مسؤول حكومي تأكيده تصدير مائة طن من الأسماك أسبوعياً. بحسب تقارير متداولة على نطاق واسع.
وقد بدت السيطرة على الأراضي، الوجه الأبرز للنفوذ الإماراتي في الجزيرة. فقد اشترى المزروعي أراضي بمساحات شاسعة في السواحل بالقرب من الميناء، وأخرى في منطقة نوجد، جنوب الجزيرة. إضافة إلى الاستيلاء على مساحات في محمية دكسم، المحظورة من البناء فيها بموجب القانون اليمني. وكل هذا ليس بجديد، فقد تناقلته تقارير صحفية عديدة متطابقة، دولية ومحلية.
الهلال الأحمر الإماراتي في المهرة
بالعودة إلى الساحل اليمني، لم تختلف وسيلة الإمارات بالاعتماد على يافطات العمل الإنساني في السيطرة على محافظة المهرة، أقصى شرق اليمن، الحدودية مع سلطنة عمان. فالمحافظة كانت تشهد استقراراً أمنياً وبعيدة عن مناطق النزاع العسكري ونقاط التماس. ولم يكن لأبوظبي أي مبرّر لأن تدخل بقواتها أو بقوات موالية لها إلى المحافظة باسم التحالف العربي. كالعادة، كانت خدمات الهلال الأحمر الإماراتي في اليمن، الغطاء الذي انطلقت تحته الإمارات في المهرة لتتحرّك عسكرياً وأمنياً، منتصف 2017. بالتزامن ضغطت أبو ظبي على الرئيس عبدربه منصور هادي من أجل تعيين شخصية من المهرة تقيم في الإمارات، وهو محمد أحمد قحطان المجيبي، في منصب مدير أمن المحافظة.
كان هذا الرجل على صلة وثيقة بيوسف سعيد الكعبي من الهلال الأحمر الإماراتي، وهو ما يشير إلى أن الكعبي كان له دور إغاثي ظاهرياً، بينما دوره الحقيقي كان سياسياً وأمنياً وعسكرياً. واصلت الإمارات خطواتها التوسعية، من خلال فتح معسكر تدريب لها، لتجنيد آلاف الشباب من المهرة في معسكرات تابعة أو موالية لها. وبعدها لجأت إلى التجنيد القائم على أساس قبلي لضمان مزيد من الولاء، مستغلة علاقاتها ببعض شيوخ القبائل. وقد اضطرت إلى تغيير طاقم الهلال الأحمر العامل بالمهرة عقب ردود فعل غاضبة تجاه دفعة تجنيد قامت بها على هذا النحو، لكن التغيير تم بعد أن أنجز الطاقم مهمته في فتح ثغرات النفوذ في المحافظة.
انتهاك أخلاقيات ومبادئ العمل الإنساني
هكذا استخدمت الإمارات اليافطات الإنسانية والعمل الخيري والإغاثي في بحثها عن موطئ قدم راسخ في اليمن. وظفت الضباط والمخبرين في طواقم المنظمات والجمعيات الخيرية حتى تسهل حركتهم وتبعدهم عن الأنظار. تنافي هذه الطريقة في استغلال الأعمال الخيرية والإغاثية المواثيق والأعراف الدولية. ينص القاموس العملي للقانون الإنساني على مبدأ الإنسانية والاستقلال في العمل الإنساني والإغاثي. استناداً إلى تعريف الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، فإن الهدف من هذا هو ضمان الطبيعة الإنسانية لمنظمة المساعدات أو نشاط إغاثة. ولا بد وأن يكون من الممكن إثبات أن الإنسانية هي الشاغل الوحيد الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار.
ويتضمّن هذا المبدأ أن كل منظمة إغاثة يجب أن تكون مستقلة عن أي قيود غير القيود الإنسانية. كما يجب أن يكون العمل الإنساني مستقلاً عن أي ضغوط سياسية أو مالية أو عسكرية. وأن قيده الوحيد، أو حده الوحيد، وهدفه الوحيد هو الدفاع عن الكائن البشري. ولذلك يجب أن تكون منظمات الإغاثة قادرة على إثبات استقلالها عن أي قيود خارجية، ويجب أن تكون أنشطة الإغاثة مستقلة عن أي ضغوط عسكرية أو سياسية أو أيديولوجية أو اقتصادية. ويعكس هذا المبدأ المفهوم الرئيسي الذي يميز الأعمال الإنسانية التي تنفذها الدول، عن تلك التي تقوم بها منظمات خاصة. إلا أن الطبيعة الخاصة غير الربحية لمنظمة ما، لا تكفي لتكون دليلاً على الاستقلالية.
ولا بد من أن تأخذ في الاعتبار عوامل مثل التمويل الكامل للمنظمة، ومبادئ تأسيسها، وشفافية نشاطها.
مشاركة الخبر: