الرئيسية > تقارير
ما وراء التواجد الأمريكي البريطاني بالمهرة؟
المهرة بوست - خاص
[ الثلاثاء, 26 يناير, 2021 - 07:18 مساءً ]
يرى متابعون ومحللون سياسيون ومواطنون بمحافظة المهرة، أن تواجد القوات السعودية بالمحافظة يأتي وسط حماية أمريكية بريطانية عززتها الإدارة السابقة للولايات المتحدة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب الذي غادر البيت الأبيض في الأيام القليلة الماضية.
محافظة المهرة أو ما يطلق عليها البوابة الشرقية لليمن والمطلة على بحر العرب بشريط ساحلي يعد الأطول في البلاد بطلو 560 كم والمحاذية لسلطنة عمان من الشرق والسعودية من الشمال، تشير التقارير من الباحثين والمختصين والخبراء أنها تحتضن في باطنها الثروات الهائلة النفطية والغازية والمعدنية، فضلا عن موقعها الجغرافي الاستراتيجي، الذي جعلها في مرمى أطماع الدول العظمى عبر البوابة الشمالية التي يأمل قادتها في أن ينالهم شيئا من القسمة ويحققوا أطماعا قديمة.
منذ قدوم القوات السعودية إلى مدينة الغيضة مركز محافظة المهرة، في نوفمبر / تشرين الثاني 2017م والمحافظة تشهد حراكاً شعبياً واسعاً رافضاً للتواجد العسكري للمملكة، رافعا مبررات وأسباب وصفها مراقبون بأنها واقعية ومنطقية، حيث تبعد عن مركز الصراع والمناطق المواجهات المسلحة مئات الكيلومترات، وتعد المهرة أبعد نقطة عن مركز الصراع لتمثل منطقة آمنة جعلها قبلة لآلاف النازحين من المحافظات اليمنية الذين اكتووا بنيران الحرب.
ويرجع أبناء المهرة سبب رفضهم للتواجد العسكري السعودي أنه لم يكن بعلم السلطات المحلية ولا القيادة الشرعية- التي يصفونها بأنها تخاذلت فيما بعد نتيجة ضغوط كبيرة تعرضت لها في الرياض، إضافة إلى أسباب أخرى من قضايا تتعلق بهويتهم وثقافتهم وأرضهم التي يشعرون بأن السعودية منذ عشرات السنين تهدد وجودهم كقبائل محتفظة بهويتها ولغتها المحلية القديمة (اللغة المهرية) وأن الرياض تسعى للسيطرة على أرضهم وإيجاد منفذ لها على سواحل بحر العرب.
ويدل على تلك الأطماع السعودية، وفق أبناء المهرة، الانتشار العسكري الكبير لقوت المملكة في كل مديريات الساحل المهري من خلال بناء قرابة عشرة معسكرات في تلك المديريات، إضافة الى القاعدة العسكرية داخل مطار الغيضة والتي تضم خبراء وعسكريين وآليات عسكرية بريطانية وأمريكية.
واستطاع موقع "المهرة بوست" الحصول على معلومات مؤكدة من داخل مطار الغيضة الدولي، حول وجود مروحيات وآليات عسكرية وقوة أمريكية بريطانية ضخمة، بجوار القوات السعودية التي تعمل تحت إشرافهم، الأمر الذي يتضح للرأي العام يوما بعد أخر أن للبريطانيين والأمريكيين نوايا في جر محافظة المهرة إلى مربع الصراع الدولي.
خلال الأعوام الثلاثة الماضية لم تكن محافظة المهرة خالية من الأحداث التي تصدر مشهدها الأمريكان والبريطانيين على الصعيد العسكري و أيضاً الدبلوماسي، لتؤكد تلك الوقائع والأحداث تقاسم المصالح على حساب أبناء محافظة المهرة والسيادة اليمنية بين الدول المشتركة في التواجد العسكري داخل المهرة شرق اليمن والمتمثلة في السعودية وأمريكا وبريطانيا.
-ظهور قوات أمريكية في أحد أحياء الغيضة
في الثالث من يونيو / حزيران 2019م ظهرت في أحد أحياء مدينة الغيضة عاصمة المهرة قوات سعودية مسنودة بقوات أمريكية خلال عملية أدعت أنها للقبض على أمير داعش، رغم أن تفاصيل المقبوض عليه ومكان تواجده تثبت عدم صحة تلك الادعاءات، وعلقت لجنة الاعتصام السلمي و الأحزاب والشخصيات السياسية والاجتماعية والناشطين الإعلاميين بمحافظة المهرة أن ذلك فقط يأتي لإيجاد مبررات التدخل الأجنبي في محافظة المهرة.
- وفد بريطاني يتجول بالمهرة
في 21 نوفمبر / تشرين الثاني 2020م وفد بريطاني يترأسه ضباط من الاستخبارات البريطانية برفقتهم العميد السعودي تركي المالكي المتحدث باسم التحالف السعودي الأماراتي، قام بجولة استطلاعية في مدينة الغيضة.
و لأفاد مصدر أمني لـ"للمهرة بوست" أن الزيارة البريطانية هدفها الأساسي إلصاق تهمة الإرهاب بمحافظة المهرة واستخدامها "ذريعة" لتوسيع التواجد العسكري.
وأوضح المصدر الأمني أن ذريعة الإرهاب أتضحت أكثر من خلال ادّعاء البريطانيين أن مدينة الغيضة غير مستقرة وإصرارهم على تواجد عناصر من تنظيم القاعدة في محافظة المهرة.
وأشار المصدر إلى أن زيارة الوفد البريطاني لم تُعلن بناءً على طلبهم و غادروا محافظة المهرة مباشرة بعد الجولة التي استمرت لساعات قليلة فقط.
- السفير الأمريكي يزور المهرة
في الثلاثين من نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، وتزامناً مع عيد الاستقلال الذي يحتفل به الشعب اليمني من كل عام بمناسبة خروج الاحتلال البريطاني، قام سفير الولايات المتحدة الامريكية لدى اليمن السيد كريستوفر هنزل بزيارة مباشرة إلى محافظة المهرة قادما من الرياض.
وقالت مصادر مطلعة حينها لـ"المهرة بوست" أن السفير الامريكي تفقد القوات الأمريكية المتمركزة في مطار الغيضة إلى جانب قوات سعودية وبريطانية، وعقد سلسلة لقاءات مع قيادة السلطات المحلية والأمنية بمحافظة المهرة وقيادات الأمن والجيش وأجهزة الاستخبارات.
وبدا واضحا تصريحات السفير الأمريكي وتركيزها على شماعة الإرهاب، والتي تأتي في إطار التوجه نحو تثبيت تلك "الذريعة" لتبرير تدخلهم العسكري.
وتحدثت مصادر إعلامية، لـ"المهرة بوست" عن عزم الرياض وواشنطن تحويل مطار الغيضة إلى مركز دولي للحرب على الإرهاب في المناطق الشرقية لليمن.
وخلال تلك الزيارة صرح السفير الأمريكي هنزل، أن الولايات المتحدة تدعو إيران الى التوقف عن تهريب الأسلحة الفتاكة للحوثيين، وتدعوهم إلى الانخراط في بناء العملية التي تقودها الأمم لإنهاء الصراع.
ويرى قطاع واسع من أبناء محافظة المهرة أن إقدام السفير الأمريكي على هذه الدعوة من محافظتهم لها عدة دلالات وإشارات أهمها وضع أمريكا يدها العسكرية على محافظة المهرة، وهو الأمر الذي أثار سخطً شعبيا واضح في اليمن عموما والمهرة خصوصا في رفض أن تكون بلادهم ساحة لصراع الدولي والإقليمي وجلب مزيداً من الحروب فيما تبقى من المناطق اليمنية التي تعتبر آمنة ومستقرة إلى حدٍ ما.
والملفت أن تلك الزيارات المكثفة التي يقوم بها البريطانيين والأمريكيين بمسؤولين رفيعي المستوى سبقها بأيامٍ قليلة عمليات مداهمة لعناصر تنظيم القاعدة من قبل قوات الأمن والجيش بتنسيق ومعلومات -حسب تصريحات رسمية - تلقوها من القاعدة العسكرية بمطار الغيضة والتي تضم قوات "أمريكية - بريطانية - سعودية".
ويقول أبناء المهرة إن محافظتهم لم تعرف مثل هذه التنظيمات وسبق وأن حذروا منذ وقت مبكر أن هناك خطط واضحة تقوم بها القوات السعودية بأوامر أمريكية لنقل التنظيمات الإرهابية إلى محافظة المهرة لخلق مبررات عبر نشر الفوضى والسيطرة عليها وتمثيل دور المنقذ.
وكان نائب رئيس لجنة الاعتصام السلمي الشيخ عبود هبود قمصيت، أكد في تصريحات سابقة أن السعودية والإمارات تسعيان إلى تشويه محافظة المهرة أمام المجتمع الدولي وعملوا جاهدين على تصوير المهرة أنها معقل للقاعدة.
وأضاف "نوضح للجميع أن تلك المزاعم مفضوحة والمهرة لن تكون معقل للقاعدة والاحتلال"، مشيرا إلى أن تحالف السعودية والإمارات يستخدم ورقة القاعدة من أجل ترسيخ وجوده بالمهرة.
واتهم "قمصيت" الرياض بالسعي نحو تشوية محافظة "المهرة" أمام المجتمع باستخدام مزاعم الإرهاب والتطرف.
عقب زيارة السفير الأمريكي كريستوفر هنزل، إلى محافظة المهرة، التقى نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر في الرياض، مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر ومعه السفير الأمريكي لدى اليمن كريستوفر هنزل.
وحسب مصادر مطلعة تم مناقشة تمكين القوات الأمريكية في محافظة المهرة، تحت ذريعة محاربة الإرهاب ووقف مطامع إيران التخريبية في المنطقة وحماية الممرات المائية والدولية، الأمر الذي يصفه أبناء المهرة بالعبث والسعي إلى استخدام المحافظة لأجندة تضر بمصلحة الشعب اليمني.
هجوم على سفينة بريطانية قبالة المهرة
في الخامس من ديسمبر كانون الأول الماضي، أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، تعرض سفينة إلى هجوم قبالة ساحل محافظة المهرة اليمنية.
ونشر الموقع الإلكتروني للهيئة إحداثيات الهجوم، الذي وقع في جنوب شرق اليمن، في منطقة تطل على بحر العرب، قبالة مدينة قشن، في محافظة المهرة، ولم تقدم الهيئة حينها تفسيرا حول هوية السفينة المستهدفة، وطبيعة الهجوم الذي تعرضت له.
وأثارت الحادثة التي جاءت عقب زيارة السفير الأمريكي للمهرة، التساؤلات بشأن الهدف من وراء الزج بالمهرة في حوادث الإرهاب واستهداف السفن التجارية.
وأضحى الحديث عن القوات الأمريكية والبريطانية في محافظة المهرة، يتصدر حديث الشارع والنخب في محافظة المهرة، وسط تحركات تجري للبحث في آلية للتصعيد على المستويات المتاحة والممكنة ومخاطبة المجتمع الدولي ودول المنطقة في رفض التواجد العسكري السعودي الأمريكي البريطاني الذي يهدف لجعل محافظة المهرة ساحة صراعات دولية.
مشاركة الخبر: