الرئيسية > عربي و دولي
اتفاق أوبك يضع علاقة السعودية والإمارات على المحك
المهرة بوست -
[ الخميس, 03 ديسمبر, 2020 - 11:20 مساءً ]
للمرة الثانية خلال شهرين تعرض اتفاق (أوبك+1) النفطي للتهديد من أبو ظبي؛ ذلك أن أبو ظبي اعترضت على تأجيل دول (أوبك + روسيا) الزيادة المتوقعة في الإنتاج في كانون الثاني (يناير) من العام 2021؛ والمقدرة بمليون و900 ألف برميل.
فبعد أن عمدت أبو ظبي لرفع حصتها من الإنتاج آب (أغسطس) الماضي من (2 مليون) برميل إلى (2 مليون و900 ألف) برميل متجاوزة حصتها المقرة باتفاق (أوبك +روسيا) بأكثر من 800 ألف برميل في اليوم؛ عادت أبو ظبي يوم أول الثلاثاء الموافق الأول من شهر كانون الأول (ديسمبر) الحالي للاعتراض على دعوات تمديد الاتفاق النفطي وتجميد الزيادة المتفق عليها لتراجع التقديرات العالمية بتعافي الاقتصاد الدولي والطلب العالمي على النفط.
اعتراض أبو ظبي أعاق اتفاق دول أوبك +1 من ناحية إجرائية بحسب العديد من المراقبين؛ في حين أن هدفها الحقيقي ابتزاز الدول المنتجة على أمل زيادة حصتها من الإنتاج على حساب باقي دول المجموعة ومن ضمنها العراق وليبيا والسعودية وروسيا؛ فأبو ظبي تعلم أن الزيادة في إنتاج النفط ستقود لانهيار جديد في أسعار النفط بداية العام القادم ليقارب المستويات التي بلغها نهاية آذار (مارس) ونيسان (أبريل) الماضي؛ فهي تستثمر في الأزمة وتضغط على شركائها.
الضغوط الإماراتية ترافقت مع تلميحات من مسؤولين إماراتيين للانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك متحررة من القيود والقواعد التي يفرضها الانتساب للمنظمة؛ فأبو ظبي ترغب برفع مستوى إنتاجها إلى 3 ملايين برميل لتجاوز أزمتها الاقتصادية التي تفاقمت بعد تفشي وباء كورونا عالميا.
الضغوط الإماراتية ضاعفت حجم الحرج لدى الرياض التي تترأس لجنة أوبك +1 عبر وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان كرئيس مشارك؛ حرج دفع وزير الطاقة السعودي للتعبير عن رغبته بالاستقالة من اللجنة الرئيسية لأوبك+1؛ عارضا المنصب على وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي الذي اعتذر عن استلام المنصب بدوره؛ تحركات كشفت عن مستوى متقدم من التوتر والاضطراب في العلاقات بين الرياض وأبو ظبي.
التحالف السعودي مع أبو ظبي بات مكلفا من الناحية السياسية والأمنية والاقتصاية في آن واحد؛ إذ أعاق وقف النزيف السياسي للرياض إنهاء أزمة حصار دولة قطر والتقارب مع تركيا أكثر من مرة؛ مضيقا حدود وهامش المناورة للرياض.
فالرياض التي عبرت عن استيائها في آب (أغسطس) الماضي من تجاوز أبو ظبي حصتها الإنتاجية؛ عادت وأبدت امتعاضها بصيغة أكثر صدامية مع أبو ظبي؛ فاتفاق موسكو والرياض بالحفاظ على معدلات الإنتاج بات عرضة للانهيار مزعزعا ثقة موسكو بالقيادة والإدارة السعودية لملف العلاقة بين موسكو وأوبك؛ مسألة من الممكن أن تدفع الرياض لتحمل الكلفة الإضافية الناجمة عن رفع حصة حليفها في أبو ظبي من السوق العالمية تجنبا لانهيار الاتفاق.
اتفاق أوبك+1 أثقل كاهل السعودية؛ فبعد أن تراجعت صادرات الرياض النفطية بمقدار 38%؛ من ضمنها صادراتها إلى الصين والمقدرة قيمتها بـ30%؛ فإن موسكو قاومت الانحفاض بتراجع طفيف بلغ 4% من صادراتها إلى الصين؛ في حين أن خسائر أبو ظبي بلغت 18% من حجم صادراتها النفطية؛ فالسعودية تتحمل الكلفة الأعلى وهي الآن مطالبة من قبل شركائها بدفع ثمن الشغب الإماراتي الذي فاقم بدوره أعباء الرياض في إدارة ملف خفض الإنتاج العالمي.
أبو ظبي حليف مرتفع الكلفة بالنسبة للرياض؛ تزداد كلفة التحالف معه يوما بعد الآخر؛ ولا يقتصر الأمر على الكلفة الاقتصادية والشغب الذي تثيره في منظمة أوبك؛ فالسعودية تدفع أثمانا باهظة في اليمن في وقت خفضت فيه أبو ظبي حضورها العسكري وقصرته على دعم المجلس الانتقالي الجنوبي؛ مثيرة مزيدا من الاضطراب والانقسام في بنية التحالف العربي الهش؛ والأهم أن السعودية تتلقى الضربات الأمنية الأعنف في الصراع مع إيران والحوثيين كان أبرزها تعرض منشآتها النفطية في خريص والبقيق لهجمات الصواريح المجنحة في حين لا زالت أبو ظبي تحتفط بعلاقات تجارية ودبلوماسية قوية مع طهران.
علاقة الرياض بأبو ظبي تشهد اضطرابا وتوترا بين الحين والآخر تعمل السعودية على تجاوزه بتقديم التنازلات لأبوظبي؛ غير أنها معادلة باتت مكلفة جدا للرياض ما اتضح من خلال الشغب الإماراتي في مفاوضات أوبك يوم أول أمس الثلاثاء والتي ستستأنف اليوم الخميس 4 كانون الأول (ديسمبر) الحالي؛ فالتحالف مع أبو ظبي بات مكلفا من الناحية السياسية والأمنية والاقتصاية في آن واحد؛ إذ أعاق وقف النزيف السياسي للرياض إنهاء أزمة حصار دولة قطر والتقارب مع تركيا أكثر من مرة؛ مضيقا حدود وهامش المناورة للرياض.
ختاما: من جديد وضع اتفاق أوبك + روسيا العلاقات الإماراتية السعودية على المحك؛ فإدارة ملف حصار قطر ومن قبله ملف التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وملف الانسحاب من اليمن خلقت فجوة بين الإمارات والمملكة السعودية ودفعت الرياض لتحمل الكلفة الأعلى وتقديم التنازلات لأبو ظبي بدون مقابل أو مكاسب واضحة؛ الآن الخلاف على ملف أوبك + 1 يمثل نقطة تحول من الممكن أن تقود الرياض لتوسيع مروحة تفاهماتها مستقبلا وتصفير خلافاتها لتشمل الدوحة وأنقرة؛ فالتحرر من إسّار الحليف الإماراتي المشاغب وغير المبالي بالمصالح السعودية الحيوية المباشرة بات سببا لإعادة الرياض النظر في حسابات الكلفة والأرباح لتحالفاتها الاستراتيجية في المنطقة.
نقلا عن عربي 21
مشاركة الخبر: