الرئيسية > اقتصاد
أحلاها مُر .. خيارات الكويت لتجاوز أزمة دفع رواتب الموظفين
المهرة بوست - الخليج الجديد
[ الخميس, 20 أغسطس, 2020 - 03:12 مساءً ]
بعد أقل من 8 شهور على جائحة فيروس كورونا، وانهيار أسعار النفط عالمياً، بدأت التداعيات الاقتصادية تظهر على دولة الكويت التي تعتمد على الذهب الأسود مصدراً رئيساً للإيرادات، وهو ما تسبب بتسجيل الموازنة عجزاً بقيمة 5.64 مليارات دينار (18.44 مليار دولار) خلال السنة المالية الحالية (2019-2020)، بزيادةٍ قدرها 69% عن السنة السابقة.
أولى نتائج التي سيشعر بها المواطن الكويتي نتيجة انهيار أسعار النفط إلى ما دون الـ40 دولاراً للبرميل، هو تأكيد الحكومة عدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها، بسبب وجود شح سيولة، وذلك لتراجع الإيرادات النفطية بشكل شديد، وزيادة المصروفات على الإيرادات
ووضعت الحكومة الكويتية مقترحاً لتلافي حدوث أزمة رواتب في البلاد، وهو تقديمها لمشروع قانون الدين العام إلى مجلس الأمة، الذي سيسمح لها باقتراض أكثر من 65 مليار دولار خلال 30 عاماً؛ وهو ما رفضته اللجنة المالية والاقتصادية في المجلس
رئيسة اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة الكويتي، صفاء الهاشم، أرجعت رفض مشروع القانون إلى "عدم وجود التزام لدى الحكومة بالإصلاح الحقيقي".
وزير المالية الكويتي، براك الشيتان، الذي فشل البرلمان في طرح الثقة عنه، سارع إلى التحذير، خلال جلسة مجلس الأمة التكميلية، (الأربعاء 19 أغسطس)، من أنه في حال لم تتحسن أسعار النفط، مع وجود اقتراض، أو لم تنفذ إصلاحات مالية، فستنفد السيولة لدى الحكومة.
وتراجعت أسعار النفط بحدة هذا العام، ووصلت، في مارس، إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً عند أقل من 20 دولاراً للبرميل، نتيجة انخفاض الطلب العالمي على النفط وحرب أسعار شنتها السعودية ضد منتجين من خارج منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، في مقدمتهم روسيا.
وأمام تلك المعطيات التي تؤكد قرب وجود أزمة مالية داخل الكويت، لا تزال تبحث الحكومة الكويتية عن حلول سريعة لتغطية عجز الموازنة، في حين يطرح مراقبون اقتصاديون عدداً من الخيارات أمامها ومنها خفض قيمة الدينار الكويتي، والسحب من صندوق الأجيال القادمة الذي أقره البرلمان.
قانون الدين العام
المختص الاقتصادي عبد الله السلوم، يرى أن الحل الأبرز لعجز الموازنة هو إقرار مجلس الأمة قانون الدين العام، حيث أصبح لا مفر منه، إضافة إلى أن "قانون السحب من احتياطي الأجيال القادمة"، أو "خفض قيمة الدينار الكويتي" أو كليهما، مسألة وقت لا أكثر.
ويجب على كل معارض لإقرار قانون الدين العام، كما يؤكد السلوم لـ"الخليج أونلاين"، أن يعلم أن العجز، في مارس 2021، يقدر بـ 14 مليار دينار (45 مليار دولار) كأفضل سيناريو.
وبعد أن أقر البرلمان قانون استغلال صندوق الأجيال القادمة، يقول السلوم إنه في حالة تعثر قانون الدين العام: "لن يجد الجهاز الحكومي أمامه سوى خفض قيمة الدينار الكويتي لسد عجز الميزانية".
وفي ظل التداعيات الاقتصادية بسبب جائحة "كورونا"، وانخفاض سعر برميل النفط، يوصي السلوم، بضرورة موافقة مجلس الأمة على قانون الدين العام بشرط تعهد حكومي بقانون رفع نسبة الإيرادات غير النفطية بمعدل 5٪ سنوياً من إجمالي الإيرادات، ابتداءً من 29 مارس 2022، على أن يكون هذا الارتفاع نتيجة للزيادة في ناتج الصادرات فقط.
وحول الأدوات التي تحتاجها الكويت لتحقيق الزيادة المستدامة في إجمالي الناتج المحلي، يشير المختص الاقتصادي لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن ذلك يتم من خلال الاستثمار وزيادة الصادرات وتقليل الواردات، أو كليهما؛ بتحفيز الصناعات المحلية الهادفة للاكتفاء الذاتي، وصنع استهلاك خارجي.
ويستدرك بالقول: "لتحقيق ذلك لا بد من تحمل تكلفة، وخلق بيئة مناسبة، إما بالأخذ من الاحتياطيات أو بزيادة الدين، إضافة إلى أن نسبة الدين العام المقدر بـ 30٪ من إجمالي الناتج المحلي صحية إذا ما وُظفت لزيادة إجمالي الناتج المحلي سنوياً، بما يخفض من نسبة الدين العام للسنة التي تليها مقارنة بارتفاع إجمالي الناتج المحلي الجديد، لكن إذا تم أخذ الدين بنسبة 30٪ دون رفع إجمالي الناتج المحلي سنوياً، فهنا لا يعد الأمر صحياً".
صندق الأجيال القادمة
وضمن مساعي سد العجز، أقر مجلس الأمة الكويتي إجراء تعديلات في قانون صندوق احتياطي الأجيال القادمة (صندوق الثروة السيادي).
وذكرت وكالة الأنباء الكويتية، يوم الأربعاء (19 أغسطس)، أن التعديل الجديد لقانون احتياطي الأجيال القادمة يشترط على التحويلات المالية إلى الصندوق تحقق فائض بالميزانية.
وأشارت إلى أن القانون المعدل سيوفر للحكومة 3.8 مليارات دينار كويتي (12.45 مليار دولار)، وهي مجموع المبالغ التي كان يفترض أن تحولها الحكومة للصندوق عن السنتين الماليتين (2017-2018 و2018-2019)، والتي لن تحول بسبب العجز في الميزانية.
ويرتفع هذا المبلغ إلى 4.5 مليار دينار، إذا أضيف له 750 مليون دينار كان يفترض تحويلها عن السنة المالية الحالية 2020-2021.
وبموجب القانون، يتعين على الحكومة تحويل 10% من إيراداتها السنوية إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وهو ما سيوفر للحكومة أكثر من 12 مليار دولار من السيولة التي تحتاجها بشدة هذه الأيام، فيما أجل النظر بقانون تقدمت به الحكومة لرفع سقف الاقتراض.
الصندوق تم تأسيسه في عام 1976، وهدفه الأساسي هو الاستثمار في الأسهم العالمية والعقارات لمصلحة أجيال المستقبل.
وحول هذا الخيار، يوضح السلوم لـ"الخليج أونلاين"، أن السحب من صندوق الأجيال القادمة أو الانتفاع من عوائد استثماراته لا يلزم الحكومة بإعادة المبلغ المأخوذ منه.
وتعد الموافقة على قانون الانتفاع من صندوق الأجيال القادمة، حسب السلوم، أشد ضرراً من الموافقة على قانون الدين العام، "لأن فائدة الدين في الأوضاع الراهنة؛ بسبب تراجع أسعار النفط، وجائحة كورونا، أقل تكلفة على الدولة من تسييل بعض الأصول بخسارة في صندوق الأجيال القادمة أو الاحتياطي العام".
مشاركة الخبر: