الرئيسية > أخبار اليمن
تحليل : هل يتخلى "الانتقالي" عن الانفصال بعد انضمامه للحكومة اليمنية؟
المهرة بوست - الخليج أونلاين
[ الاربعاء, 29 يوليو, 2020 - 11:04 مساءً ]
دخل الصراع في جنوب اليمن فصلاً جديداً، مع بدء تنفيذ جزئي لـ"اتفاق الرياض" بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، والذي يطالب بانفصال الجنوب عن الشمال، وسط محاولات سعودية لتهدئة التوتر بين الطرفين.
وخلال 9 أشهر من اتفاق وُقِّع في نوفمبر 2019 بين الطرفين في الرياض، تفاقم المشهد السياسي اليمني المضطرب، وشهد جنوب اليمن تصعيداً عسكرياً وسياسياً أفضى إلى سيطرة "الانتقالي" على جزيرة سقطرى، وإعلانه الإدارة الذاتية على المناطق التي يسيطر عليها، قبل أن يتراجع ويلغي ذلك الإعلان، بالتزامن مع بدء أولى خطوات تنفيذ الاتفاق.
ويسود غموض حول مصير الوحدة اليمنية بين شطريه الشمالي والجنوبي، على الرغم من دخول "الانتقالي" ضمن الحكومة المرتقب إعلانها، في وقتٍ يعتقد كثيرون أن إشراك "الانتقالي" لن يُنهي مخططه للانفصال، وسيجدها خطوة لتنفيذ مزيد من مخططاته.
تنفيذ "اتفاق الرياض"
خرجت السعودية في 29 يوليو 2020، معلنةً عن تقديمها للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي آلية لتسريع العمل على تنفيذ "اتفاق الرياض"، لكن لم يتم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة بين الطرفين.
الآلية المعلن عنها تنص على "نقاط تنفيذية تتضمن استمرار وقف إطلاق النار والتصعيد بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي التخلي عن الإدارة الذاتية، وتطبيق اتفاق الرياض، وتعيين محافظ ومدير أمن لمحافظة عدن، وتكليف رئيس الوزراء اليمني ليتولى تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوماً".
كما تنص الآلية على "خروج القوات العسكرية من عدن إلى خارج المحافظة، وفصل قوات الطرفين في (أبين)، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، وإصدار قرار تشكيل أعضاء الحكومة مناصفةً بين الشمال والجنوب، ومن ضمنهم الوزراء المرشحون من المجلس الانتقالي الجنوبي".
وبدأ فعلياً تطبيق الآلية السعودية؛ إذ أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، تخلِّيه عن الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية، بعد ما يقارب 3 أشهر من إعلانه حكماً ذاتياً فيها.
كما وقَّع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، اليوم، قرارين قضيا بتعيين أحمد حامد لملس (الأمين العام للمجلس الانتقالي) محافظاً جديداً لمحافظة عدن، خلفاً لأحمد سالم ربيع، الذي كان يشغل المنصب منذ 8 نوفمبر 2018، والعميد محمد أحمد الحامدي مديراً عاماً لشرطة محافظة عدن مع ترقيته إلى رتبة لواء.
"الانتقالي" غير جاد
يعتقد الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور عادل المسني، أن "الانتقالي" الذي تدعمه أبوظبي "غير جاد فيما يفعله"، مشيراً إلى أن الشرعية اليمنية تدرك ذلك؛ "ولهذا طلب هادي من السعودية ضمانات".
ويشير "المسني" في سياق حديثه، إلى ما تتعرض له حكومة بلاده من ضغوط كبيرة من قِبل تحالف دعم الشرعية باليمن، من خلال "القبول بالانتقالي وإفساح المجال له"، موضحاً بقوله: "من غير المعقول أن تعود الحكومة والرئيس ومستشاروه إلى عدن، وإذا عادوا فلن يُمكَّنوا من الدور ولن يُعطوا النفوذ لإدارة شؤون البلاد، وهذا يعني أن ما يحدث لصالح الانتقالي".
ويرى في تصريحه لـ"الخليج أونلاين"، أن هذا الاتفاق "نسخة غير مفعلة من الاتفاق الأول الفاشل، والهدف شرعنة الانقلاب ومنحه الدور لممارسة الحكم بشرعية وفق المرجعيات، بمعنى آخر منحه الشرعية مع الاحتفاظ بعتاده وسلاحه كاملَين".
وعن إمكانية أن يتخلى "الانتقالي" عن فكرة انفصال البلاد، يستبعد "المسني" حدوث ذلك، قائلاً: "الانتقالي له سوابق في التمرد والتنصل من الإيفاء بالالتزامات، والرهان على يقظة ضميره سيفضي الى الانفصال".
وتابع: "نحن معنيون بالوقائع على الأرض وهذا هو التحدي، أما التصريحات فكما أشرت، هي في النهاية مليشيا خارجة عن القانون ولا تتحرج من التنصل عن الإيفاء بالوعود، وكيف أنها تنصلت عن تطبيق اتفاق الرياض وسلبت البنوك واحتلت سقطرى وصعَّدت، وكل هذا مخالف للاتفاق".
الانفصال..مشروع استراتيجي
ويؤكد أستاذ الإعلام بجامعة قطر، الدكتور عبد الرحمن الشامي، أنَّ فصل جنوب اليمن عن شماله، أو ما يطلق عليه "الانفصال" بالنسبة للمجلس الانتقالي، "يعد مشروعاً استراتيجياً، يعمل على تحقيقه بشتى السبل الممكنة وغير الممكنة".
ويرى أن ما يفعله "الانتقالي"، بدءاً من التمرد من خلال دعوته إلى النفير، العام الماضي، مروراً بإعلانه الحكم الذاتي، وأخيراً –وليس آخراً- تراجعه عن هذا الإعلان، "لا يعدو أن يكون سلسلة من المناورات، التي تتم من خلال المراوغة تارة، وأعمال العنف والقتال تارة أخرى، لتحقيق حلمه بالانفصال والانفراد بحكم المحافظات اليمنية والسيطرة عليها، خدمةً لأجندة خارجية، وليس لمصلحة أبناء المحافظات الجنوبية".
يقول الشامي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إن الانتقالي سيستمر في العمل على تحقيق الانفصال، من خلال "شرعنة وجوده داخل الحكومة الشرعية، بدءاً من تحكُّمه في محافظة عدن التي عُيِّن لها محافظ قيادي في هذا المجلس، ومروراً بتحكُّمه في بعض الحقائب الوزارية التي ستُسند إليه".
وأضاف: "يمكننا القول إننا على أبواب مرحلة جديدة من مراحل الصراع، يقوم فيها الانتقالي هذه المرة من داخل الحكومة الشرعية، وليس من خارجها، بعد إضفاء المشروعية عليه، وإشراكه في الحكم، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت".
وأشار إلى أن "الانتقالي" الذي تدعمه أبوظبي، "لن يمكِّن الحكومة الشرعية من مدينة عدن على وجه التحديد، كما سيواصل العمل ومن الداخل على إضعاف سيطرتها على المحافظات الجنوبية، وتخريب أي أعمال من شأنها تحسين مستوى الحياة في هذه المحافظة، بما يدفع إلى مزيد من حالة السخط والغضب الشعبيَّين على الحكومة الشرعية، ويؤجج الصراع، ويدفع بمزيد من المطالب الانفصالية".
وتابع: "وقتها سيبرز الانفصالي مرة أخرى، باعتباره البطل والمنقذ، وستتعدد الذرائع، ومبررات الدعوة إلى الانفصال"، لافتاً إلى أن اليمنيين أمام "مرحلة سيتكرر فيها سيناريو المرحلة الانتقالية نفسه (2012-2014)، وما قام به أنصار النظام السابق في تلك المرحلة".
عام من الصراع
في منتصف أغسطس 2019، أعلن المجلس الانتقالي سيطرته على العاصمة المؤقتة عدن، والتقدم نحو محافظات أبين ولحج وشبوة، قبل أن يدخل في قتال مع قوات حكومية في شبوة، وتخرج المدينة عن سيطرته.
ومع تقدُّم القوات الحكومية من أبين باتجاه عدن، تدخلت الإمارات بسلاحها الجوي، وقصفت أرتالاً للجيش اليمني، مخلِّفة نحو 300 بين قتيل وجريح، لتتوقف المعارك حينها، وتدخل الحكومة اليمنية في صراع سياسي دولي مع الإمارات.
عقب التصعيد اليمني ضد الإمارات، تدخلت الرياض وجمعت الحكومة و"الانتقالي" في 5 نوفمبر 2019، ودفعتهما إلى التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، غير أنه لم يفلح في معالجة الأوضاع بالجنوب، الذي يطالب المجلس الانتقالي بانفصاله عن شمالي البلاد.
ويشمل "اتفاق الرياض" تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى 24 وزيراً، مناصفةً بين المحافظات الجنوبية والشمالية.
وفي 26 أبريل الماضي، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية اليمنية، ترافقت مع رفض دولي وعربي واسعَين، قبل أن تعلن 6 محافظات يمنية جنوبية حينها، من أصل 8، رفضها إعلان "الانتقالي"، وأكدت تمسُّكها بالشرعية والرئيس اليمني "هادي".
ولجأ "الانتقالي" إلى تنفيذ تكتيك جديد، تم خلاله التركيز على نهب الأموال الحكومية التابعة للبنك المركزي اليمني، والاستيلاء على الموارد العامة، مثل الضرائب والجمارك، في عدن وبعض المحافظات الأخرى.
خمس خطوات للأمام
"التراجع عن الإدارة الذاتية من قِبل الانتقالي ليس سوى تراجع خطوة إلى الخلف؛ من أجل خمس خطوات إلى الأمام"، هكذا اختصر الكاتب والصحفي اليمني فهد سلطان مشهد ما يحدث في الرياض.
ويقول سلطان في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن المتغير الجديد اليوم في المعادلة اليمنية هو "أن التحالف بشقَّيه (السعودي الإماراتي) بات ضامناً لأهداف ورغبات الانتقالي (التي هي أهدافهما في الأساس)، وهذا المتغير يجعل من هذا التراجع عملية تكتيك مرحلية لا أكثر".
وأضاف: "لقد عمِلت قيادة الانتقالي من داخل الحكومة الشرعية قبل أن يمتلكوا هذه القوة وهذا النفوذ، وفشلت الحكومة في احتوائهم أو التأثير عليهم، فكيف سيكون الوضع اليوم وهناك دولة صريحة كالإمارات تقف إلى جانبهم، والسعودية من وراء حجاب أو بطريقة غير مباشرة".
ويعتقد أن هذه الحكومة الجديدة "ربما آخر حكومة سيشكلها الرئيس هادي وقد تُطوى الشرعية إلى غير رجعة، لأن الحاصل الآن أن السعودية تطلب منها بعض الخدمات، وهذا التشكيل الجديد ضمن هذه الخدمات التي تقدمها الشرعية مجاناً للتحالف، وما لم يستطيع التحالف أن يصل إليه خلال الفترة الماضية، سيصل إليه بالحكومة الجديدة التي ستجعل الانفصال الشكلي أمراً واقعاً".
وعن الانفصال، يقول سلطان إن العالم لن يقبل بانفصال في جنوب اليمن، مضيفاً: "والتحالف لا يريد فعل ذلك ولكنه يريد حكماً ذاتياً لهذه البقعة تحت نفوذ الشرعية شكلياً؛ ليمارس كل أهدافه وأطماعه وما يريد، وهذا ما يجري بالضبط في هذه الأثناء".
مشاركة الخبر: