الرئيسية > عربي و دولي
ميدل إيست آي: سد النهضة الكبير والصراع حول مياة النيل
المهرة بوست - نون بوست
[ الإثنين, 13 يوليو, 2020 - 03:18 مساءً ]
نشر موقع ميدل إيست آي تقريرا عن سد النهضة الإثيوبي الذي تتفاوض كل من مصر والسودان وإثيوبيا بشأنه منذ ما يقارب العقد للتوصل إلى تسوية بشأن المسائل المحورية المتعلقة به للحفاظ على أمنهم المائي.
وتواصل دول حوض النيل الثلاث الالتزام بالمشاركة في المحادثات الدبلوماسية، مع تكرار إثيوبيا أنها ستبدأ بملء خزانات السد الذي تبلغ تكلفة إنشائه 4.6 مليار دولار في منتصف شهر يوليو، أي مع بداية الرياح الموسمية، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا.
وتصر كل من مصر والسودان على أهمية إبرام الاتفاقيات الملزمة لضمان مصالحها المستقبلية وأمنها المائي، مع ضرورة الاتفاق على ذلك مسبقا قبل انطلاق عملية ملء السد، الذي بدأت أشغال بناء السد في سنة 2001 مع اكتمال 70 بالمئة من المشروع.
وتعتمد مصر على مياه النيل لسد جزء كبير من احتياجاتها من الماء وهي قلقة بشأن تسبب عملية ملء السد في مفاقمة أزمة نقص المياه في حال مواجهة البلاد موسم جفاف طويل.
إن إثيوبيا التي تمثل مصدر 85 بالمئة من مياه النيل والتي تدير سد النهضة قلقة في المقام الأول بشأن طاقة الضغط التي تحتاجها وإمكانية مساهمة السد في تخليص الملايين من شعبها من براثن الفقر.
وبمجرد أن يصبح السد قيد الاستغلال، سيوفر احتياجات البلاد من الطاقة الكهربائية لقرابة 115 مليون نسمة، الذين لا يزال أغلبيتهم غير متصلين بالشبكة الكهربائية.
أما مخاوف السودان، جار إثيوبيا الشمالي، تتمحور حول التأثير المحتمل لأشغال بناء سد النهضة على سدوده، وعلى سلامة سكانه وأراضيه الزراعية من الفيضانات التي يمكن أن تنشأ جراء الأخطاء المرتكبة في عملية البناء أو عملية إدارة سد النهضة الإثيوبي الكبير.
من المحتمل أن يكون لسرعة ملء خزانات سد النهضة تأثير مباشر على مصر. إذا استغرقت عملية ملء السد خمس سنوات، فإن ذلك سيؤدي إلى تخفيض إمدادات مصر من المياه بنسبة 36 بالمئة وتدمير نصف الأراضي الفلاحية.
وعلى الرغم من أن مصر والسودان سيعاني كلاهما من شح المياه الناتج عن أشغال بناء السد، فإن مصر معرضة لخسارة نصيبها من المياه بمعدل ثلاث مرات أكثر من السودان، وذلك حسب ما تبينه إحدى الدراسات.
تجدون أدناه الخطوط العريضة لأهم المسائل التي يقع مناقشتها في المحادثات الحالية والخلفية التاريخية للصراع.
المسائل التي تهيمن على المفاوضات
I- الحد من تأثير الجفاف
إن مصر قلقة بشكل رئيسي بشأن كيفية إدارة الجفاف في سنوات ملء السد واستغلاله، إلى جانب السنوات التي تلي موسم الجفاف.
حسب وزير الري والموارد المائية المصري محمد عبد العاطي، إذا كانت مستويات الفيضان مرتفعة خلال سنوات ملء السد الأولى، لن تواجه مصر أي مشاكل كبيرة من حيث نقص المياه.
وفقا لما أفاد به الوزير المصري في لقاء أجراه مؤخرا، تكمن المشكلة في مواجهة موسم الجفاف سواء خلال سنوات ملء السد أو انطلاق استغلاله.
قد يكون الجفاف من صنع الإنسان أو طبيعيا. وينطبق الجفاف من صنع الإنسان على سد النهضة حيث يحدث نتيجة ضخ الماء إلى خزان السد مما يقلص من المياه المتدفقة إلى كل من مصر والسودان.
أما في حالة الجفاف الطبيعي، ومع قلة الأمطار، قد تدعى إثيوبيا إلى ضخ المزيد من المياه إلى مصر والسودان من السد، وبالتالي استنزاف مخزون السد. ونتيجة لذلك، ستحتاج إلى إعادة ملئه مرة أخرى ما سيتسبب في نقص إضافي في تدفق المياه.
تتمثل المقترحات التي قدمتها مصر في المحادثات الحالية في:
التعبئة: في حال الجفاف عند ملء السد، تلتزم إثيوبيا بتوليد 85 بالمئة كأقصى حد من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية، وتبطئ من عملية ملء السد وتسمح للماء بالوصول إلى مصر لتجاوز الجفاف الطبيعي.
الاستغلال: ستنضب خزانات سد أسوان بعد ملء سد النهضة. ونتيجة لذلك، إذا حدث جفاف في ذلك الوقت، فإن خزان سد النهضة يجب أن يستخدم لتوفير المياه لمصر للتعويض عن النقص في مياه سد أسوان.
في البداية، وافقت إثيوبيا على هذين المقترحين في واشنطن في شهر فبراير، ثم عدلت عن قرارها. كما تصر أديس أبابا على أن تخصيص المياه خلال فترات الجفاف من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى نضوب خزان السد، وبالتالي الحد من قدرته على توليد الطاقة الكهربائية التي تعد البلاد في أمس الحاجة إليها، وذلك حسب دانيال ستول العميد المساعد في الشؤون الدولية في جامعة سانت نوربرت في الولايات المتحدة.
أضاف ستول أن أديس أبابا تعتقد أيضا أن مصر تحاول تكريس ما تعتبره مطالبة غير عادلة بحصص أساسية من مياه النيل. إلى جانب ذلك، تجادل إثيوبيا بأن أي فترات جفاف يجب الحد من تأثيرها من خلال المياه المخزنة في السدود المصرية والسودانية، وليس فقط عن طريق سد النهضة الإثيوبي الكبير.
II- اتفاق ملزم
طالبت كل من مصر والسودان بعقد اتفاق كتابي وملزم بين الأطراف بالنظر إلى التزام إثيوبيا بعدم الإضرار بدول المصب. ومن جهتها، لم تقدم إثيوبيا إلى حد الآن سوى تعهدات شفوية ورفضت التوقيع على أي اتفاق ملزم.
وتعتقد أديس أبابا أن إعلان مبادئ مشروع سد النهضة لسنة 2015 كاف لإظهار احترام مبدأ عدم الإضرار. ولكن مصر والسودان يجادلان بأنه لا يمكن الاعتماد على حسن النية.
III – حل النزاع
في حين تريد إثيوبيا تسوية النزاعات المستقبلية من خلال المفاوضات، فإن مصر والسودان تؤيدان اللجوء إلى التحكيم الدولي. لكن إثيوبيا تعارض التحكيم الدولي نظرا لغياب اتفاق حول حوض النيل يمكن اعتماده من قبل التحكيم الدولي لتسوية النزاع حول حصص المياه.
وفقا لستول، تؤمن إثيوبيا بأنها تتمتع بأفضلية الموقع، بما أنها منع النيل الأزرق ولها القدرة على التحكم في السد وتدفق المياه نحو دول المصب. كما تخشى من أن التحكيم الدولي سيحد من نفوذها وتأثيرها لذلك تفضل المفاوضات المباشرة، وذلك حسب ما أكده ستول لميدل إيست آي.
IV- سلامة السد
تراود السودان ومصر مخاوف بشأن إجراءات السلامة التي وقع تطبيقها أثناء بناء السد، والعواقب المحتملة لأي أخطاء قد تقع في بنائه على الدولتين. فعلى سبيل المثال، يخشى السودان، الذي يقع على بعد 20 كيلومترًا فقط من السد، من أن تُغرق المياه المتدفقة من سد النهضة خزان الروصيرص الخاص به، إذا لم يقع التحكم فيه بشكل صحيح. لهذا السبب يطالب السودان إثيوبيا بتقديم المزيد من الضمانات بشأن إدارة خزانات سد النهضة ومعايير السلامة الخاصة بها. وفي حالة انهيار السد بسبب أخطاء في بنائه، فإن البلد بأكمله سيكون في خطر.
II: التاريخ
1902: المعاهدة الأنجلو إثيوبية
وقع توقيع المعاهدة التي صممت لترسيم الحدود بين إثيوبيا والسودان بين الإمبراطور منليك والوكيل البريطاني في إثيوبيا، جون لين هارينجتون. وقد حققت المادة الثالثة من المعاهدة «هدفًا بريطانيًا قديمًا يتمثل في الحفاظ على تدفق المياه دون عوائق من النيل الأزرق وبحيرة تانا».
يقول نص من المادة: «جلالة الإمبراطور منليك الثاني، ملك ملوك إثيوبيا، يتعهد تجاه حكومة جلالته البريطانية بعدم بناء أو السماح ببناء أي منشأة عبر النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط، والذي من شأنه أن يوقف تدفق المياه إلى النيل، إلا في حالة الاتفاق مع حكومة جلالته البريطانية وحكومة السودان».
1929: اتفاقية مياه النيل الأنجلو المصرية
وُقعت الاتفاقية بين مصر وبريطانيا العظمى، والتي كانت في ذلك الوقت تمثل أوغندا وكينيا وتنجانيقا (تنزانيا الآن) والسودان. منحت هذه الاتفاقية مصر الحق في استخدام حق النقض لرفض مشروعات في أعلى النيل، والتي قد تؤثر على حصتها في المياه.
1959: الاتفاقية الثنائية لتقاسم مياه النيل بين مصر والسودان
منحت الاتفاقية مصر الحق في 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل سنويا ومنحت السودان 18.5 مليار متر مكعب سنويا. وقد خصصت الاتفاقية جميع مياه النيل للبلدين.
1970: مصر تبني السد العالي
في يوليو سنة 1970، أكملت مصر بناء السد العالي عبر النيل في جنوب البلاد.
1993: إطار التعاون العام بين مصر وإثيوبيا
أُبرم الاتفاق بين الرئيس المصري السابق حسني مبارك ورئيس الحكومة الانتقالية لإثيوبيا ملس زيناوي، في يوليو 1993، واتفق من خلاله البلدان على تسوية نزاعاتهما بشأن مياه النيل في إطار القانون الدولي واستنادا إلى مناقشات الخبراء. كما اتفقا على عدم مشاركة أي من البلدين في أي نشاط يعتبر ضارًا بمصالح الطرف الآخر.
1999: مبادرة حوض النيل
تمثل مبادرة حوض النيل شراكة حكومية بين 10 من دول حوض النيل: بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر وإثيوبيا وكينيا ورواندا وجنوب السودان والسودان وتنزانيا وأوغندا، وتشارك إريتريا بصفة مراقب. في 22 فبراير سنة 1999، وقع إنشاء المؤسسة كمنتدى للتشاور والتنسيق بين 11 دولة من أجل الإدارة والتنمية المستدامة ذات المنفعة المتبادلة لمياه حوض النيل المشتركة والموارد ذات الصلة.
(1997-2010) اتفاقية الإطار التعاوني
لم تصادق مصر والسودان على اتفاقية الإطار التعاوني التي وقع تطويرها على مدى أكثر من عقد من الزمان بسبب تحفظاتهما على المادة 14 ب التي تنص على: «عدم التأثير بشكل كبير على الأمن المائي لأي دول أخرى في حوض النيل».
وقد وافقت جميع الدول (بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا) على هذا النص باستثناء مصر والسودان اللتان اقترحتا الصياغة التالية: «عدم التأثير سلبا على الأمن المائي والاستخدامات والحقوق الحالية لأي دولة أخرى في حوض النيل».
وتعتزم اتفاقية الإطار التعاوني إنشاء إطار «لدعم الإدارة المتكاملة والتنمية المستدامة والاستخدام المتناسق لموارد الحوض المائية، بالإضافة إلى الحفاظ عليها وحمايتها لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية».
في الواقع، تهدف الاتفاقية إلى إنشاء هيئة دائمة، وهي هيئة حوض نهر النيل وتعمل على تعزيز وتسهيل تنفيذ الاتفاقية. وبعد فشل مصر والسودان في الاتفاق على اتفاقية الإطار التعاوني في سنة 2010، شرعت إثيوبيا في مشروع السد.
2011: إثيوبيا تبدأ في بناء سد النهضة
في خطوة مفاجئة في أبريل 2011، أعلنت إثيوبيا عن بدء أشغال بناء سد النهضة بعد توقيع عقد بقيمة 4.8 مليار دولار مع شركة «ساليني كوستراكتوري» الإيطالية. وقد أعربت الحكومة المصرية المؤقتة، التي أعقبت ثورة 2011، عن قلقها تجاه تلك الخطوة.
2012: تشكيل فريق الخبراء الدولي
تأسس فريق الخبراء الدولي في 15 مايو 2012، وتضمن خبراء من مصر والسودان وإثيوبيا بالإضافة إلى متخصصين دوليين. وقد أصدر الفريق تقريرًا بعد ذلك بسنة أوصى بدراسة التأثيرات الإضافية للسد. وقد شكلت البلدان الثلاثة لجنة وطنية ثلاثية في سنة 2014 لإجراء دراسات حول التأثيرات ولكنها لم تكتمل بعد.
2015: إعلان المبادئ
حدد إعلان المبادئ، الذي وقعته مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم في مارس 2015، مجموعة من المبادئ التي يجب أن توجه إنشاء سد النهضة، بما في ذلك: التنسيق متبادل المنفعة، وإمدادات الطاقة المستدامة، ومنع الضرر الجسيم للبلدان الثلاثة، والاستخدام العادل والمعقول لموارد المياه، والاتفاق على أول عمليات تعبئة السد وفقا لتوصيات الخبراء والتسوية السلمية للنزاعات الناشئة عن بناء السد.
2018: مصر والسودان وإثيوبيا يشكلون مجموعة بحثية مشتركة
شكلت البلدان الثلاثة مجموعة الدراسة الوطنية المستقلة للبحث العلمي في مايو 2018 لتقييم تأثير المشروع وملئه وتشغيله.
2019: الخزانة الأميركية والبنك الدولي يراقبان المحادثات الثلاثية
فشلت مجموعة الدراسة لسنة 2018 في التوصل إلى اتفاق، مما أفسح المجال لمزيد من المحادثات من قبل الدول الثلاث في نوفمبر 2019، ولكن هذه المرة بحضور وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي.
2020: المفاوضات
29 فبراير 2020: إثيوبيا ترفض اتفاق الحد من آثار الجفاف.
10 أبريل 2020: إثيوبيا تقترح اتفاقًا بشأن أول عامين من التعبئة.
اقترح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اتفاقية مؤقتة لتغطية العامين الأولين من ملء خزان السد، لكن القاهرة رفضته متهمة أديس أبابا بمحاولة تأخير صفقة شاملة أثناء المضي قدما في عملية التعبئة.
9 يونيو 2020: استئناف الأطراف المفاوضات.
19 يونيو: مصر تطلب من مجلس الأمن الدولي التدخل.
طلبت مصر رسميًا من مجلس الأمن الدولي التدخل وتدعو إثيوبيا إلى العودة إلى المحادثات. وردًا على ذلك، بعثت إثيوبيا برسالة إلى المجلس تتهم فيها مصر بمحاولة الضغط عليها من خلال المؤسسات الدولية.
15 يونيو: فشلت الفرق الفنية في التوصل إلى اتفاق.
اجتمعت الفرق الفنية في مصر والسودان وإثيوبيا في منتصف يونيو للتوصل إلى اتفاق، لكنها فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الرئيسية لبروتوكولات التخفيف من الجفاف وآلية حل النزاعات.
26 يونيو: اتفق قادة مصر وإثيوبيا والسودان على محادثات يقودها الاتحاد الأفريقي.
27 يونيو: تقول إثيوبيا إنها ستبدأ التعبئة في منتصف يوليو.
يقول آبي أحمد إن الدول الثلاث وافقت على التوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين (بحلول 12 يوليو).
29 يونيو: مجلس الأمن الدولي يشجع على المحادثات بين الدول الثلاث.
أطلعت وكيلة الأمين للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، مجلس الأمن الدولي على أحدث أزمة في سد النهضة، وأشادت بالاتفاق الأخير بين الدول الثلاث للانضمام إلى عملية محادثات يقودها الاتحاد الأفريقي بشأن القضايا العالقة.
2 يوليو: يقول الوزير المصري إنه يأمل أن تؤدي الجولة المقبلة من المحادثات إلى اتفاق.
5 يوليو: صرح وزير الموارد المائية المصري بأن الأطراف المعنية تتوقع التوصل إلى اتفاق بحلول 11 يوليو.
7 يوليو: أفاد متحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية بأن إثيوبيا لا تزال غير راغبة في التوصل إلى حل وسط بشأن القضايا العالقة، في حين أكد آبي أحمد عزم بلاده على بناء السد خلال موسم الأمطار الذي يبدأ في يوليو.
نون بوست
مشاركة الخبر: