الرئيسية > عربي و دولي
بعد أن تلطخت بالدماء.. حملات الدعاية السعودية لن تنقذ نيوم
المهرة بوست - الخليج الجديد
[ الخميس, 02 يوليو, 2020 - 08:17 مساءً ]
يشير توظيف السعودية لشركة علاقات عامة دولية لمواجهة التشكيك في حلم "محمد بن سلمان" الذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار أمريكي في مدينة مستقبلية على البحر الأحمر، إلى أن الأزمة الاقتصادية والمالية في المملكة لم تضعف ميله للحصول على دفعة سياسية كبيرة من خلال المشاريع البراقة.
وعندما أعلن وزير المالية السعودي "محمد الجدعان" عن تدابير التقشف في مايو/أيار، بما في ذلك خفض 8 مليارات دولار أمريكي من الإنفاق على رؤية ولي العهد الطموحة لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، افترض الاقتصاديون والنقاد أن هذه هي ضربة الموت لمشاريع مثل "نيوم"، وهي خطة بقيمة 500 مليار دولار لمدينة ذكية مستقبلية ضخمة على البحر الأحمر.
ولكن ربما يرغب الاقتصاديون والنقاد في التفكير في ذلك مرة أخرى.
مخاطر السياسات الجائرة
وقد سبق أن طُرحت تساؤلات عديدة تشكك في القيمة الاستراتيجية للمشروع في الوقت الذي تكافح فيه المملكة مع التداعيات الاقتصادية للوباء، وتأثير هبوط أسعار النفط، والجدل حول مقتل زعيم قبلي قاوم الإخلاء، ولكن في الأسبوع الماضي، سعت نيوم إلى مواجهة الانتقادات عبر توظيف شركة علاقات عامة ومجموعات ضغط أمريكية.
وكان العقد الذي تقدر قيمته بـ1.7 ملايين دولار أمريكي من نصيب شركة "رودر فين"، وهي شركة علاقات عامة لها مكاتب في الولايات المتحدة وآسيا وبريطانيا، حيث سعت المملكة لإنقاذ مشروع آخر، وهو الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم الإنجليزي الممتاز، وهي الصفقة التي باتت مهددة بشكل خاص بسبب الاتهامات الموجهة للحكومة السعودية بقرصنة البث التلفزيوني في خلافها مع قطر.
قدمت الصفقة درسا في مدى تأثير مخاطر السمعة على عمليات الاستحواذ البارزة. ولم تكن القرصنة هي الشيء الوحيد الذي يعقد عملية الاستحواذ على نيوكاسل، حيث برز أيضا سجل السعودية السيء في مجال حقوق الإنسان نتيجة للاعتقالات الجماعية للناشطين والنقاد وواقعة قتل الصحفي "جمال خاشقجي" عام 2018 في القنصلية السعودية في إسطنبول.
مع نشر تقرير من قبل منظمة التجارة العالمية، تحركت السعودية بسرعة لمواجهة الانتقادات عبر أجهزة استقبال "BeoutQ"، وهي الأجهزة التي يتم استخدامها في عملية قرصنة البرامج الرياضية لشبكة "BeIN" القطرية، صاحبة الامتياز الحصري لبث العديد من البطولات الرياضية المرموقة في الشرق الأوسط.
وقد استفادت "BeoutQ" من حظر "BeIN" في المملكة كجزء من المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية التي فرضتها السعودية والإمارات ضد قطر. لكن المقاهي الرياضية السعودية بدأت في بث قنوات "BeIN" الأصلية للمرة الأولى فور نشر تقرير منظمة التجارة العالمية.
تبييض السمعة
وعلى غرار استجابة السعودية لتحركات منظمة التجارة العالمية، يبدو أن عقد "نيوم" مع "رودر فين" هو محاولة لإصلاح الضرر الناتج عن السمعة.
ومن الواضح أن عقد "رودر فين" مصمم بشكل أساسي لمواجهة تداعيات مقتل "عبدالرحيم الحويطي"، القيادي القبلي الذي رفض التخلي عن منزله للحكومة، في أبريل/نيسان، حيث ستعمل الشركة على إبراز "نيوم" كشركة مسؤولة اجتماعيًا، وقادرة على التعامل بشكل عادل وإيجابي مع مجتمعها المحلي.
وفي هذا السياق، سعى "علي الشهابي" المحلل السياسي والمصرفي السابق وعضو المجلس الاستشاري لـ"نيوم"، إلى دحض التقارير الإعلامية السلبية حول نيوم في سلسلة من التغريدات.
وقال "الشهابي" في تغريداته: "هناك ما هو أكثر جوهرية بالنسبة إلى نيوم من المشاريع المبهرة. سوف تشارك نيوم بشكل كبير في المشاريع الجادة مثل تحلية المياه والزراعة الصحراوية وتوظيف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح"، مضيفا: "تم التخطيط لها بشكل جيد للغاية ويتم تنفيذ بعض الأمور الآن بالفعل".
وأيدت شركة "رودر فين" ادعاءات "الشهابي" مع تقدمها إلى وزارة العدل الأمريكية للعمل كوكيل أجنبي نيابة عن الحكومة السعودية.
وقالت: "إن نيوم حلم جريء. إنه محاولة للقيام بشيء لم يتم فعله من قبل ويأتي في وقت يحتاج فيه العالم إلى تفكير جديد وحلول جديدة".
ولكن التعاقد مع "رودر فين" للعمل نيابة عن الحكومة السعودية، تزامنا مع حملة إعلامية ضخمة لتسويق "نيوم"، توحي أن الحكومة تركز على إصلاح الأضرار الناجمة عن الخلاف مع رجال القبائل المحليين بعد مقتل "الحويطي"، أكثر من تركيزها على إصلاح المشروع نفسه.
وتنبأ "الحويطي" بأنه سيُحتجز أو يُقتل في مقطع فيديو نُشر على موقع يوتيوب قبل وفاته بساعات. وادعى في الفيديو أن كل ما حدث له يهدف لكسر مقاومة قبيلة الحويطات لسياسات التهجير.
وندد "الحويطي" بقيادة ولي العهد السعودي، ووصف حكمه بأنه "ولاية الأطفال"، كما هاجم رموز المؤسسة الدينية في المملكة ونعتهم بأنهم "جبناء صامتون".
ومن المتوقع أن يتم تهجير ما لا يقل عن 20 ألف شخص من المنطقة، رغم ادعاءات "بن سلمان" أنه لم يجر تهجير أي شخص.
وقد أعلنت "نيوم" في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها ستقدم دروسًا في اللغة الإنجليزية في أكاديميتها التي تم إنشاؤها مؤخرًا وسيتم تدريب حوالي 1000 طالب على السياحة والضيافة والأمن السيبراني.
في الوقت نفسه، قالت الحكومة إنها ستعوض المهجرين عن خسارة أراضيهم وستمنحهم قطعا من الأراضي على طول الساحل كجزء من برنامج لتحسين مستوى معيشتهم.
وسوف تبدأ "رودر فين" في إنتاج "مواد إعلامية" للترويج للمشروع السعودي، بما في ذلك مقطع فيديو شهري لإبراز مشاركة "نيوم" مع المجتمع المحلي والتركيز على وفاء الشركة بمسؤوليتها الاجتماعية.
غير كافية
لكن من المرجح أن جهود "رودر فين" لن تفعل الكثير لإقناع منتقدي المملكة.
وانتقد كل من "عبدالله العودة"، الباحث القانوني السعودي، و"سارة ليا ويتسون"، المدير السابق لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، طموحات إنشاء مدينة "نيوم" الكبرى.
وقال "العودة" و"سارة": "بالنظر إلى الانهيار المالي العالمي بسبب كورونا وارتفاع الدين السعودي وسط أسعار النفط المنخفضة فإن نجاح هذا المشروع يبقى موضع شك كبير"، وأضافا أن "النتيجة الوحيدة التي رأيناها من هذه الرؤية للمدينة المستقبلية هي تدمير مجتمع تاريخي ووفاة محتج سعودي وسط غياب تام للمفاهيم الحديثة للحقوق والعدالة".
المصدر | جيمس دورسي - انسايد أرابيا- ترجمة وتحرير الخليج الجديد
مشاركة الخبر: