الرئيسية > تقارير
خبراء يتحدثون عن الآفاق الخليجية بعد مرور 3 سنوات على «حصار قطر»
المهرة بوست - الخليج الجديد
[ الجمعة, 05 يونيو, 2020 - 05:46 مساءً ]
مع حلول الذكرى الثالثة لحصار قطر، سأل منتدى الخليج الدولي 6 خبراء عن رأيهم حول آفاق استقرار وأمن مجلس التعاون الخليجي مع دخولنا العام الرابع من النزاع.
المدير التنفيذي لمنتدى الخليج الدولي "دانية ظافر"
استمرار المعضلات الأمنية التي تسببت أصلاً في أزمة الخليج
من المرجح أن تبرز العواقب الإقليمية للوباء على منطقة الخليج المخاوف الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي الأصغر، مع تحويل الدول في جميع أنحاء العالم تركيزها إلى الداخل، ومن المرجح أن تتفاقم المصالح الاستراتيجية المتناقصة للولايات المتحدة في الخليج بسبب التغيير في الأولويات الذي يسببه الفيروس التاجي.
من المرجح أن يتسبب التحول الداخلي للولايات المتحدة في قيام قطر (والكويت إلى حد ما) بتعزيز قوتهما الناعمة داخل هيكل الحوكمة العالمية وزيادة التوافق مع الضامنين الخارجيين البديلين، مثل تركيا.
من المرجح أن تفقد العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة بعض قيمتها كرادع لدول مجلس التعاون الخليجي الأصغر من الدول المجاورة الأكبر.
تحول الهدف الأصلي لدول الخليج العربية للبحث عن ضامنين أمنيين خارجيين مثل الولايات المتحدة إلى أبعد من الحفاظ على أمنهم ضد الخصوم الذين يتم الاستشهاد بهم في كثير من الأحيان مثل إيران والعراق، ليصبح متضمنا بنفس القدر من الأهمية تأمين دول مجلس التعاون الخليجي ضد بعضها البعض.
ونتيجة لذلك، حتى قبل حصار قطر، كانت دول مجلس التعاون الخليجي حريصة بشكل أساسي على العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، بينما لم يتعامل مجلس التعاون الخليجي بشكل جمعي مع واشنطن إلا في مناسبات محدودة.
من وجهة نظر الدول الصغيرة مثل قطر، تتضاءل فوائد مجلس التعاون الخليجي كهيئة مؤسسية، فعندما كانت هناك حاجة إلى المؤسسة لممارسة آليات لحل النزاعات للتعامل مع الطموحات الإقليمية القصوى للدول الأعضاء المجاورة، تم رفض هذه الإجراءات وتجاوزها.
وللعام الرابع، يستمر فشل مجلس التعاون الخليجي في القيام بدوره كهيئة لحل حصار قطر، لذلك تضاءلت أهمية المجلس من خلال إدراك دول الخليج الصغيرة بأنه كمنتدى لا يوفر لجميع الأعضاء نفس الوزن.
ويعتبر التراجع التدريجي لنفوذ الولايات المتحدة عاملا رئيسيا في حصار قطر، والآن بعد أن أجبرت الولايات المتحدة على تحويل انتباهها إلى الداخل، بسبب الوباء العالمي، سوف تتسارع المخاوف الأمنية لدول الخليج الصغيرة، ومن المرجح أن تستمر دول الخليج الكبرى في التنافس على النفوذ.
وخلاصة القول، ستستمر المعضلة الأمنية نفسها حيث سيعطي كل جانب أولوية تأمين نفسه ومصالحه المحلية على حساب الأمن الإقليمي الأوسع.
ومع وجود بديل ضامن للأمن الخارجي لقطر، فإن حوافز الاستسلام منخفضة، وبالمثل، فإن دول الحصار الأربع ليس لديها دافع كبير لإنهاء الخلاف وهي راسخة في مواقعها للحفاظ على الوضع الراهن، حتى في خضم الوباء، لا يوجد أي علامة مهمة تدل على تقارب وشيك بين دول مجلس التعاون الخليجي.
النائب الأول لرئيس معهد الشرق الأوسط السفير "جيرالد فييرستين"
موازنة المصالح في المنطقة في مواجهة الوباء العالمي
ستكون للعواقب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للوباء العالمي تأثيرات عميقة على المصالح الأمنية في الخليج، ففي الوقت الذي تواجه فيه الحكومات في المنطقة التداعيات المحلية للوباء، ستكون أولويتها بالتأكيد ضمان الاستقرار الداخلي بدلاً من الحفاظ على المنافسات الإقليمية.
ستواجه الحكومات الإقليمية تحديات أكبر مع التغييرات في سوق الطاقة العالمية، ليس فقط بسبب وفرة النفط الحالية وانهيار الاقتصادات العالمية، ولكن أيضًا بسبب واقع الضغط الشعبي المتجدد، خاصة في الغرب، للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ستستمر الجهود التي بذلت على مدى السنوات الثلاث الماضية لفرض تغييرات في السياسات القطرية من خلال تقويض استقرارها الداخلي، بدءًا من "التقارير الإخبارية" التي تم نشرها عبر اختراق وكالة الأنباء قبل 3 سنوات وانتهاء بالرواية الملفقة عن محاولة انقلاب في الدوحة الشهر الماضي.
أدى الانتقال السلس للسلطة في مسقط من السلطان "قابوس" إلى السلطان "هيثم" إلى تقليل فرص جيران عمان في استغلال عدم الاستقرار الداخلي للضغط على السلطنة للتوافق بشكل أوثق مع السياسات الإقليمية الخليجية الأوسع.
كما تحول السياق الإقليمي والعالمي الأوسع للأزمة الخليجية بشكل عميق نتيجة للوباء، فتراجع الدور الأمريكي كضامن عسكري ومهندس لسياسات الأمن الإقليمي (والذي كان واضحا بالفعل قبل الوباء) سيبدو أكثر وضوحا مع حاجة واشنطن إلى التركيز على التحديات الداخلية.
سواء فاز "دونالد ترامب" بولاية ثانية أو تم انتخاب "جو بايدن" فإن واشنطن ستستمر في الحد من الالتزامات الإقليمية، خاصةً أنها لم تعد تعتبر ضرورية للأمن الاقتصادي العالمي، وقد يوفر هذا فرصًا جديدة لموسكو وبكين لملء الفراغ، لكن كليهما لهما مصلحة في الحد من التوترات الإقليمية بدلاً من تفاقمها.
وبينما سيستمر التدخل الإيراني في العراق وسوريا واليمن في زعزعة العلاقات الإقليمية، فقد تحول ميزان المصالح في المنطقة من المواجهة إلى سلام غير مستقر على الأقل.
يمكن أن يستمر ذلك وربما يفتح الباب أمام التعاون الإقليمي الناشئ والمشاركة في القضايا غير المثيرة للجدل مثل الصحة العامة والمناخ.
ومع ذلك، فإن هذه الفرصة ضعيفة، ويمكن أن يقضي عليها وصول قيادة جديدة أكثر عدوانية وأكثر عسكرية في طهران أو من خلال زيادة التحديات التي يمثلها الإسلام السياسي للحكومات الإقليمية التي ترى أن الدوحة وأنقرة تثيرها.
زميل معهد بيكر للشرق الأوسط وجامعة رايس "كريستيان كوتس أولريشسن"
التهديدات والتحديات المشتركة
يبدو أن محاولات حل حصار قطر عالقة، بعد فترة من التفاؤل في الأشهر القليلة الأخيرة من سنة 2019 بعد الهجمات على السفن والأصول النفطية في منطقة الخليج في الفترة بين مايو/أيار، وسبتمبر/أيلول 2019، والتي بلغت ذروتها بالهجمات على منشآت "أرامكو" في بقيق وخريص.
وقد أدت تلك الهجمات إلى توجه نظر السعودية إلى التهديد الإقليمي الحقيقي الذي تواجهه، وقد انضمت قطر إلى جميع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في إعادة التأكيد على مبدأ الأمن الجماعي في اجتماع طارئ في الرياض بعد فترة وجيزة من الهجمات.
بدأ الحوار بين المسؤولين السعوديين والقطريين وبدا أنه يتقدم بشكل جيد، وكانت مشاهد الترحيب بالوفد القطري في القمة السنوية لمجلس التعاون الخليجي، التي عقدت في الرياض في ديسمبر/كانون الثاني، مختلفة تمامًا عن الاستقبال البارد في القمة التي عقدت قبل 6 أشهر في مكة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن استضافة قطر لبطولة كأس الأمم الخليجية لكرة القدم، في ديسمبر/كانون الثاني، ولّد جوًا من حسن النية حيث سافر العديد من السعوديين والبحرينيين إلى الدوحة، وتم استقبالهم بكرم، وسادت روح تذكر بالأوقات الأكثر سعادة في المنطقة.
ومع ذلك، يبدو أن الحوار بين المسؤولين السعوديين والقطريين قد انتهى في يناير/كانون الثاني 2020، وحتى جائحة "كورونا" التي تؤثر على جميع البلدان والمجتمعات بغض النظر عن التوافق الجيوسياسي، لم تنه الحصار.
وبدلاً من ذلك، عززت الإجراءات والتصريحات استمرار الحصار، خاصة عند مقارنة ذلك بتراجع التوتر في المناطق الساخنة الإقليمية الأخرى، مثل تراجع التصعيد بين الإمارات وإيران أو استعداد السعودية لإيجاد مخرج من حربها التي لا يمكن الفوز بها في اليمن.
كما أن ولي عهد أبوظبي، "محمد بن زايد"، كان على استعداد لمناقشة تداعيات "كورونا" مع رئيس النظام السوري، "بشار الأسد"، في 27 مارس/آذار، ومع ذلك، لا يزال غير راغب في التعامل مع قطر.
وبالتالي، في الذكرى السنوية الثالثة للحصار، فإن المرء يتساءل عن الظروف التي قد تسمح بحل حصار قطر إذا كان إعادة التأكيد على تهديد خارجي مشترك (إيران ووكلائها الإقليميين) أو تحدٍ إقليمي مشترك (كورونا) لا يمكن أن يحل الأزمة.
الباحثة بمركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية "كورتني فرير"
تضامن دول مجلس التعاون الخليجي
ظهرت أزمة الخليج إلى حد كبير بسبب اختلاف الآراء حول دور الحركات الإسلامية في المنطقة، حيث عارضت البحرين ومصر والسعودية والإمارات انتشارها، في حين استضافت الدوحة حركات إسلامية مستقلة تعارض سياسات وسلطة بعض الأنظمة الحاكمة في المنطقة.
وقد حان الوقت لحسم الخلاف حول السياسات المحلية تجاه الإسلاميين، الذين لا يزالون في سجون دول الحصار، وكذلك السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي تمتد إلى القرن الأفريقي.
وفي حين أن "الإسلاموية" كانت محور التركيز في البداية، كما كان الحال في الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي في 2013-2014، فقد اختلف الحصار المستمر عن الخلافات الأخرى بين دول مجلس التعاون الخليجي في طول عمره، وشدته، وتأثيراته المتتالية التي تتجاوز النخب الحاكمة التي فرضت الحصار.
في وقت مبكر من حصار قطر، كتبت عن الآثار الاجتماعية للحصار على قطر حيث تم فصل العائلات وجرى منع الطلاب من العودة إلى جامعاتهم؛ وأصبحت التغطية الإعلامية وحتى الفن والموسيقى تغذي الاستقطاب.
بعد 3 سنوات، يستمر هذا الاستقطاب، حيث يجري منع القطريين من زيارة الدول المجاورة ما لم يحصلوا على إعفاء خاص؛ وأصبح المشهد الإعلامي منفصلًا بشكل متزايد؛ وأصبح الأشخاص الذين يدعمون سياسات جانب متهمين بتلقي أموال من الدولة المنافسة.
ونتيجة لذلك، أصبح السكان المحليون، من المواطنين والمغتربين على حد سواء، منخرطين في جصار قطر، ومما زاد من ترسيخ هذا الوضع، قرب قطر من الإسلاميين وقرب الإمارات والسعودية من المستبدين.
ومع الاستقطاب، شهدنا صعودًا للقومية عبر دول الخليج، ومرة أخرى تكرست الانقسامات على طول الحدود الوطنية، بينما كان هناك في السابق على الأقل درجة من التضامن بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وكلما طال استمرار هذا الوضع، كلما كان التأثير الاجتماعي أكثر ديمومة، مما يجعل الحل غير محتمل بشكل متزايد.
الأستاذ الزائر بمعهد المتوسط وجامعة سنغافورة الوطنية "عبدالله باعبود"
مواجهة مشاكل الأمن الإقليمي برؤية وأهداف مجزأة
حطمت أزمة الخليج بشكل أساسي رؤية دول مجلس التعاون الخليجي وأهداف التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع المجالات وكذلك هددت العلاقات بين شعوبها.
ويتعارض حصار قطر مع نص وروح الاتفاقات الخليجية مثل السوق المشتركة كما تفسد أي تعاون أمني.
ويقوضحصار قطر مبدأ اتخاذ القرار ذاته الذي يتطلب تصويتًا بالإجماع داخل مجلس التعاون الخليجي وفقًا لميثاقه، خاصة أن الأزمة تتعارض بشكل مباشر مع الاتفاقيات المعتمدة من دول مجلس التعاون الخليجي.
ونظرًا لأن قرار الحصار تم اتخاذه خارج إطار عمل المنظمة، لم تفقد الدول الأعضاء الثقة في دول مجلس التعاون الخليجي فحسب، بل فقدت الثقة لدى الرأي العام أيضًا، بما في ذلك الشركاء الدوليون.
وجه حصار قطر ضربة هائلة لمسار التعاون والتكامل في دول مجلس التعاون الخليجي، وجمدت المشاريع الإقليمية المشتركة، وأوقفت عمل مجلس التعاون الخليجي.
وخلقت الأزمة ثغرات في منظومة الأمن الإقليمي، ما جعل من الصعب على شركائها الدوليين العمل بشكل جماعي مع المنطقة لمواجهة التحديات والتهديدات المتزايدة.
وإذا لم يكن هذا الكسر ضارًا بما فيه الكفاية، فإن الأثر الثلاثي لـ"كورونا"، وحروب أسعار النفط، وتراجع قيمة الاستثمارات، قد تتسبب في تفاقم التحديات التي تواجه استقرار دول مجلس التعاون الخليجي.
بشكل عام، يزيد حصار قطر المستمرة من تعقيد الأمور في منطقة فوضوية ومضطربة من خلال إثارة مخاوف من عدم الاستقرار في المستقبل وزيادة المخاوف الأمنية.
مدير مركز دراسات الخليج، جامعة قطر "محجوب الزويري"
الانقسامات الناجمة عن الأزمات في النسيج الاجتماعي لدول مجلس التعاون الخليجي
تم تغيير منظومة الاستقرار والأمن بأكملها في مجلس التعاون الخليجي إلى الأبد عندما تجرأت دولة عضو على غزو عضو آخر، يبدو أن استراتيجيات الأمن والاستقرار الأساسية الموحدة تظهر أنها مجرد حبر على الورق.
وقد أدى هذا التجاوز إلى مستوى عميق من عدم الثقة بين الأعضاء، وبالتالي تقسيم دول مجلس التعاون الخليجي إلى جبهتين: جبهة البحرين والإمارات والسعودية، في مواجهة قطر والكويت وعمان.
إلى جانب الاحتكاكات الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي، أكدت أزمة الخليج دور الجهات الفاعلة من خارج المنطقة، خاصة الولايات المتحدة وتركيا.
وبالرغم من أن الولايات المتحدة، وهي جهة فاعلة خارجية رئيسية، اتخذت موقفاً غير متناسق تجاه حصار قطر، فمن الواضح أنها تواصل الاستفادة من مبيعات الأسلحة من المنطقة وستبقى مستفيدة لهذا السبب.
والأهم من ذلك، هدد حصار قطر النسيج الاجتماعي لدول مجلس التعاون الخليجي. ولن يتم علاج هذا الشرخ المجتمعي بسهولة ومن المرجح أن يستمر حتى إذا انتهت الأزمة، حيث أوجدت الأزمة صدعًا عميقًا وطويل الأمد تغذيه أطراف مختلفة.
ونتيجة لذلك، تتغير الأفكار المتعلقة بالاستقرار والأمن وستستمر في التغيير في هذا المشهد المتقلب.
لم تعد الوحدة أو الاندماج المتزايد استراتيجية قابلة للتطبيق لدول مجلس التعاون الخليجي وحتى عندما تنتهي الأزمة، سيكون تم تغيير أساس وتعريف كل منهما دون شك.
بدلا من ذلك، تعمل الديناميات الجديدة على تشكيل طرق جديدة للمضي قدمًا، على سبيل المثال، تم بالفعل تشكيل تحالفات أمنية جديدة مع لاعبين خارجيين بشكل فردي مع دول في الخليج.
مشاركة الخبر: