الرئيسية > تقارير
اليمن وأطماع الخليج ..
هذا ما تبحث عنه السعودية والإمارات في اليمن.. بعد 5 سنوات من الحرب!!
المهرة بوست - خاص
[ الخميس, 21 مايو, 2020 - 08:27 مساءً ]
بعد أكثر من خمس سنوات من التدخل العسكري للسعودية والإمارات في اليمن ، نجد أن الشرعية لم يتم دعمها والإنقلاب لم يتم إنهائه، وأصبح اليمن أضعف ومهدد بالتقسيم في وقت ينخر الفساد في جسد الشرعية إضافة إلى النهب العلني لمقدرات البلد مع كل يوم يمر وهو متورط مع هذا التحالف.
وفي نفس الوقت نجد جماعة الحوثيين (انصار الله) تصبح أقوى وأكثر غطرسة، وفي كل مرة يكاد الجيش اليمني على وشك دحر الحوثيين من أي موقع من المواقع الماكثة فيها منذ خمس سنوات نجد مقاتلات التحالف تتدخل لايقاف أي أذى يمكن أن يصيب الحوثي أو يغير من خارطة ما يسيطر عليه من مناطق.
وكأن المطلوب أن يسيطر الحوثي على ما تحت يده من مناطق وأن يسلم الجنوب لميليشيا جديدة فرخها التحالف العربي نفسه -الذي جاء لنصرة اليمن- لتنقلب على الدولة وتعطل مصالح الناس وتتركة دون خدمات في عدن تماماً كما هو الحال في مناطق الحوثي.
لذلك فمجريات الأحداث تظهر النية المبيته لدى التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في تقسيم وإضعاف اليمن ليكون لقمة سهلة لتنفيذ المخطط الاستعماري لاطماعهم في اليمن.
من الكلام الكثير الذي يتداول أن هناك مطامع سعودية وخليجية في اليمن متمثلة في المخزون النفطي اليمني ، لكن هذه الفرضية قد تكون غير منطقية بحكم أن لدى السعودية ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم بـ267 ملياربرميل بحصة 17.8% من الاحتياطي العالمي . ونفس الوضع بالنسبة للغاز الطبيعي للسعودية التي تمتلك سادس أكبر احتياطي عالمي من الغاز في العالم، يقدر بنحو 324.4 تريليون قدم مكعب، وتنتج نحو 13 مليار قدم يومياً، وبالتالي فالسعودية وحتى الإمارات لديهم من المخزون الهيدروكاربوني ما يكفيهم لعقود وربما لقرون.
لكن ما يمكن أن يكون مهم بالنسبة للسعودية والخليج عموماً لتأمين مصالحهم هو الجغرافيا اليمنية . بحكم أن اليمن حباها االله أو ربما -إبتلاها الله- بموقع جغرافي جعلها مطمع لكثير من القوى الاستعمارية عبر التاريخ. وبالنظر للارقام الحالية نجد أن مضيق باب المندب الذي يقع تحت السيادة اليمنية ويمرعبره حوالي 6.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمشتقات النفطية .
إضافة إلى أكثر من 30% من التجارة العالمية للغاز الطبيعي بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA). ناهيك طبعا ً عن أكثر من 10% من إجمالي التجارة العالمية تمرعبر باب المندب. وعليه فهذا الموقع المتميز لليمن هو الضامن للحفاظ على مصالح دول الخليج الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية.
فبحكم الخلافات المزمنة بين النظام في السعودية والنظام في إيران والتهديدات الإيرانية المتواصلة لقطع الطريق على إمدادات النفط عبر مضيق هرمز ، حاولت السعودية منذ عقود الحصول على منفذ على بحر العرب لبناء أنبوب لنقل نفطها للهروب من تهديدات ملالي إيران. على الرغم من أن لدى السعودية أنبوب طوله 1200 كيلو ويمتد من حقل بقيق في المنطقة الشرقية إلى مدينة ينبع بالبحرالأحمر إلا أن هذا الأنبوب لا يستطيع نقل أكثر من خمسة إلى ستة ملايين برميل يومياً . وبالتالي هناك حاجة إلى أنبوب عملاق لنقل كميات أخرى من النفط الخليجي عبر بحر العرب .
ولاجل بناء هذا الانبوب السعودية بحاجة إلى أرض تكون سعودية وغير خاضعة لسلطة أي دولة أخرى لتبني عليها هذا الانبوب. وهذا يظهر جلياً من الإهتمام الخالص الذي توليه السعودية بمحافظة المهرة التي من الواضح أنها الأرض التي ترغب السعودية في الاستيلاء عليها.
وسبق أن حاولت السعودية دعم إنفصال علي سالم البيض في 94 مقابل وعود باعطائهم المهرة ليبنوا عليها الأنبوب.
على الجانب الإماراتي الذي دائما ً ما كانت له مساعي للسيطرة وإدارة عدد من أكبر وأهم الموانئ بحر العرب والقرن الإفريقي والذي يعتبر أهمها على الاطلاق هو ميناء عدن .
وطموحات الامارات في الاستيلاء على هذه المواني ليس لاستثمارها وتنميتها. بل على العكس حرصت الامارات على عدم بناء أو توفيرالبنية التحتية اللازمة لتشغيل الميناء وعطلت الميناء لعقود حتى تجرأت الحكومة اليمنية في 2012م على إلغاء إتفاقية إدارة ميناء عدن مع شركة موانئ دبي العالمية .
يفسر هذه التصرفات هو حرص الامارات على عدم نهوض أي ميناء في المنطقة ، لان نهوض أي ميناء وخصوصاً ميناء عدن معناه بالضرورة فقدان دبي وجبل علي لجدواهم الاقتصادية . فما حاجة السفن والبواخر لقطع مسافة تزيد عن أربعة ألف كيلومتر ذهاباً وعودة،، واستغراق وقت أطول واستهلاك وقود أكثر للذهاب إلى دبي عبر مضيق هرمز للحصول على الخدمات الملاحية والتزود بالوقود وإتمام عمليات التبادل التجاري وما يصاحب ذلك كله من خدمات المنطقة الحرة والصناعية المعتمدة على الميناء.
لأن وجود ميناء آخر يقدم الخدمات التي يقدمها ميناء دبي معناه تناقص الطلب عليه ومع الوقت الذي قد لا يتجاوز سنوات سيصبح استخدام ميناء دبي والموانئ الاماراتية عموماً حصراً على تصدير المنتجات النفطية الاماراتية فقط. بخلاف ذلك فميناء عدن يقع ضمن خارطة موانيء طريق الحرير الذي تطمح الصين في استثمارها .
هذه التوليفة من المميزات لصالح عدن تعني بالضرورة خسارة دبي لناتجها القومي الذي يتجاوز 102.67 مليار دولار سنوياً وبالتالي انخفاض أسهم تداولات الاستثمارات الاجنبية في أسواق دبي وأبوظبي المالية والتي تصل إلى أكثر من 59.35 مليار دولار . هذا كله من ضمن التأثير المباشر على الاقتصاد الأماراتي ، أما الآثار الغير مباشرة وتكلفة الفرصة البديلة فستكون أضعاف هذه المبالغ.
الجدير بالذكر أن هذه السياسة الخليجية ضد مصالح اليمن ليست وليدة اللحظة بل سياسة قديمة ومتجذرة ، وكان نظام علي عبدالله صالح هو شريكهم المفضل لتنفيذ هذه السياسة التي عطلت ميناء عدن واخرجت بقية الموانئ اليمنية مثل نشطون والمكلا و الشحر والنشيمة وذباب والمخا من الجاهزية. على الرغم أن هذه الموانئ فقط كان بامكانها توفير دخل كافي لليمنيين وجعل اليمن في مصاف الدول الثرية في المنطقة في حالة شبيهه لما هو الوضع في دبي حالياً .
الأمر الذي يقودنا إلى استخلاص معادلة واضحة أن حياة وانتعاش ميناء عدن سيؤدي بكل بساطة إلى نهاية وموت ميناء دبي.
لذلك كله تحرص الإمارات والسعودية على عدم تمكين اليمن إقتصادياً . لأن تمكن اليمن إقتصادياً معناه استقلال قرارها السياسي. وطوال السنوات الماضية حرص التحالف على تعطيل استئناف تصدير النفط والغاز اليمني وحتى اللحظة لا تستطيع اليمن تصدير أكثر من 50% من انتاجها النفطي ، وإيرادات النفط البسيطة تذهب إلى حساب جاري في البنك الاهلي السعودي بدلاً عن تورديها إلى البنك المركزي اليمني. بخلاف القيود المفروضة على حركة الطيران والموانئ والمنافذ البرية .
والاسواً من هذا كله هو تعطيل النظام المصرفي لليمن وتحويل تدفق السيولة عبر الاقتصاد الموازي والسوق السوداء للصرافين وتشجيع عمليات غسيل الاموال .
ناهيك عن قيام التحالف بدفع رواتب بعض قطاعات القوات المسلحة اليمنية بالعملة السعودية والاماراتية نقداً ، وتجنب التعامل مع البنوك للوصول في النهاية إلى إضعاف الريال اليمني أمام سلة العملات الصعبة عبر فرض سلسلة من الاجراءات التضخمية افقدت الريال قيمته وحولت التعامل في السوق اليمني إلى الريال السعودي والدرهم الاماراتي والدولار الامريكي.
في ذات الوقت الذي يقوض فيه التحالف اليمن اقتصادياً ، نجد أن التحالف يدعم وبسخاء انقلاب المجلس الانتقالي في الجنوب ويتم ضخ الاموال والاسلحة والدعم اللوجيستي بشكل مستمر منذ خمس سنوات.
حتى بعد ما سمي باتفاق الرياض ، استمر التحالف بتقويض مقدرات الدولة اليمنية وتأصيل الفساد فيها كما هو الحال منذ بداية الحرب وحصل المجلس الانتقالي الجنوبي على الدعم والتسليح الكامل من الامارات للعمل على عدم استقرار الحكومة اليمنية وعدم تمكنيها حتى من إدارة مدينة عدن بسلام.
للاسف،،، منذ سنوات والسعودية تعمل على تدجين القيادات والنخب اليمنية في مناخ فاسد واستغلال النفوذ وممارسات نهب منظم للمال العام وتطويعها للعمل ضد مصلحة اليمن والذهاب نحو تنفيذ المخطط الاستعماري للسيطرة على اليمن والتحكم بهذا الموقع الجغرافي الأهم في المنطقة.
وتحويل اليمن إلى منطقة تصفية حسابات بين القوى في المنطقة والعالم فبدلاً مثلا من المواجهة المباشرة في الصراع السعودي-إيراني نجدهم يذهبون للحرب على أراضي يمنية و بدماء يمنية. ونجد القوى العظمى في العالم من مصنعي الاسلحة يرقصون فرحاً بمجرد نشوب حرب في أي مكان لتشغيل مصانع أسلحتهم وربح مئات المليارات على حساب أمن وسلامة الشعوب المستضعفة.
إن ما تدفعه السعودية والامارات حالياً في اليمن لاستمرار الحرب أقل بكثير من الفاتورة التي ستدفعها الإمارات أو السعودية في حال ما استقر اليمن وأصبح دولة قوية لها وزنها وثقلها الاقتصادي وبالتالي السياسي في المنطقة.
ولذلك لا سبيل أمام اليمنيين إلا التحرك فوراً لإلغاء وصاية التحالف العربي على اليمن عبر خروج الرئيس هادي أو رئيس مجلس النواب أو حتى رئيس الحكومة لانهاء مهام التحالف العربي في اليمن والانسحاب الكامل من كل الاراضي اليمنية . وإلغاء أي شرعية لتدخل التحالف العربي وقواته داخل اليمن .
وإطلاق سراح الرئيس اليمني وتمكين حكومة يمنية مصغرة من إدارة شؤون البلد بقرار يمني 100% غير تابع ولا مسير.
حينها فقط سيكون اليمنيون قادرون على دحر الانقلاب الحوثي وانقلاب المجلس الانتقالي والقضاء على المطامع الاستعمارية بكل اقتدار ، تماماً كما استطاعوا في حرب السبعين يوماً من دحر القوى الظلامية الإمامية وانتصار الثورة اليمنية في 30 نوفمبرعام 1967.
ختاماً ،، بمجرد انتهاء الحرب سيتمكن اليمنيون من استعادة مواردهم وادارة شؤون بلادهم والنهوض بها دون الحاجة إلى مساعدة أو صدقة من أحد . بحكم أن لدى اليمنيين استثمارات وأموال في الخارج تقدر بأكثر من مائتين مليار دولار وبامكان جزء من هذه الاموال العودة بمجرد انتهاء الحرب وتحقيق الاستقرار .
بخلاف أن اليمن حينها سيكون منطقة جاذبة للاستثمارات من كل العالم وسيستطيع عبر عقود BOT والشراكات بين الدولة والقطاع الخاص لتوفير البنية التحتية اللازمة للاستثمار وتوفير مصادر الطاقة عبراعادة تشغيل محطة مأرب الغازية وغيرها من محطات الكهرباء بالغاز الطبيعي. وإعادة تشغيل مصافي عدن لتزويد اليمن بما تحتاجه من المشتقات.
وتمكين شركات البترول العالمية من العودة لاستئناف عمليات الاستشكاف والتنقيب والانتاج للنفط . وبالتالي عودة الحياة إلى النظام المصرفي في اليمن وتدفق السيولة من العملة الاجنبية في السوق اليمني واستعادة الريال اليمني لعافيته بعد سنوات من الموت السريري.
مشاركة الخبر: