الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومواقع إسرائيلية في منطقة أم الرشراش     وساطة محلية تفشل في الإفراج عن شخصية اجتماعية في شبوة     البحرية البريطانية تعلن إسقاط صاروخ أطلقه الحوثيون لاستهداف سفينة     باحث: مزاد علني بإسرائيل يفشل في بيع آثار يمنية     زعيم الحوثيين يعلن استهداف 102 سفينة أمريكية وبريطانية وإسرائيلية منذ أكتوبر     قتلى وجرحى باشتباكات بين مسلحين قبليين في لحج     وفاة طفلة مصابة بالدفتيريا بمخيم للنازحين في مأرب     إسرائيليون يتهجمون على وزير الأمن القومي "بن غفير" ويحاصروه بمقر حكومي     القوات الحكومية تعلن إحباط هجوم للحوثيين في تعز     هيئة بريطانية تعلن عن دوي ارتطام وتصاعد للدخان من البحر جنوب غربي عدن     الأرصاد يتوقع هطول أمطار متفاوتة الشدة على عدد من المحافظات ويحذر من الصواعق     مباحثات "أمريكية عمانية" بشأن التصعيد في البحر الأحمر     كتائب القسام تعلن إيقاع قوتين إسرائيليتين في كمينيْن بالمغراقة في غزة     سفينة حربية يونانية تعترض طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر     حجة.. إصابة مدني جراء انفجار لغم في ميدي    
الرئيسية > تقارير

أرخبيل "سقطرى".. جزيرةٌ يمنية عزلتها الحرب وأنهكتها الأمراض المزمنة (تقرير خاص)


ضاعف الحصار المفروض على اليمن معاناة الطلاب والمرضى في سقطرى

المهرة بوست - خاص
[ الخميس, 30 يناير, 2020 - 12:12 صباحاً ]

"سقطرى" جزيرة يمنية تقع في خليج عدن بالمحيط الهندي، لم يكن جمالها الفريد، وتنوعها الحيوي بعيداً عن تأثير الحرب التي انعكست على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والصحية والإنسانية.

تنفرد سقطرى، المكونة من أربع جزر، "سقطرى ودرسه وسمحة وعبد الكوري"، بتنوع نباتي يضم نحو 850 نوعاً من النبات، منها 293 نوعاً مستوطناً ونادراً لا يوجد في مناطق أخرى من العالم، وهو ما جعل منظمة اليونسكو تصنفها عام 2008 ضمن قائمة التراث العالمي.

وبدأت معاناة أبناء الجزيرة عندما قرّر التحالف العربي في مارس/آذار من العام 2015 توقيف رحلات الطيران إلى الجزيرة مع تفاقم الحرب التي يقودها ضد الحوثيين في صنعاء.

ومنذ نحو 5 سنوات، أصبحت "سقطرى" تحت رحمة الحصار والعزلة التي امتد تأثيرها على الحياة اليومية، ومن بينها نقص الأدوية في المستشفيات والوحدات الصحية والصيدليات ومخازن الأدوية.

وكان للحالات المرضية الحرجة والمزمنة النصيب الأكبر من الأوجاع والآلام فالحصار المطبق على جزيرتهم صادر آمالهم في السفر إلى خارج البلاد لتلقي العلاج، ولم يكن أمامهم بديل غير مواجهة المخاطر عبر الإبحار على سفن صغيرة أو قوارب، وتوفي العشرات منهم خلال السنوات الماضية.

رسمت الحرب ملاحمها على وجوه المرضى الشاحبة والحزينة، فهم ضحايا العزلة التي فرضتها الحرب عليهم، ومن خلال اللقاء الذي جمعنا بهم وجدناهم يشكون المرض الذي حل بهم، والعراقيل التي حالت دون تمكنهم من السفر إلى دولة أخرى من أجل الحصول على الرعاية الصحية.

يجد الأهالي أنفسهم رهينة لأمراض مزمنة تستوطن أجسادهم؛ فالحرب التي تدور رحاها في البلاد، والتدخل الإماراتي في الجزيرة يفرزان الكثير من السلبيات ومنها "الوساطة"، في المعاملات المتعلقة بالرحلات العلاجية، حيث تبسط القوات الإماراتية نفوذها على الجزيرة وتتحكم في معظم الرحلات العلاجية.

وحيال ذلك أصبحت الأسر الفقيرة لا تجد من يشفع لها عند المندوب الإماراتي وميليشياته في إرسال مريضها ضمن رحلة من الرحلات التي ترسلها إلى أبو ظبي.

تنقل مراسل "المهرة بوست" في بعض المراكز الصحية في الأرخبيل، وقابل حالات وقصصاً مؤلمة يواجهها المريض في الجزيرة؛ التي أصبحت ترزح تحت سلطة احتلال، وسلطة محلية تتبع الحكومة الشرعية مواردها قليلة وتحركاتها مقيدة.

أم عمران وأوجاع المرض

كانت "أم عمران" في طريقها إلى مركز الغسيل الكلوي في العاصمة "حديبو" الذي تتردد عليه بشكل دوري لمتابعة حالتها الصحية.

وجدناها بالقرب من مركز صحي يطلق عليه مستشفى خليفة وسط العاصمة "حديبو" ففيه يتواجد مركز للغسيل الكلوي تدعمه أبوظبي والذي لايمكنك أن تتلقى فيه العلاج قبل الانضمام لقائمة المتمردين على الحكومة الشرعية والسلطة المحلية، كما يقول السكان.

تقول المرأة البالغة من العمر 40 عاماً، وتبدو على محياها غصة ألم ومعاناة كبيرة، إن المرض اختبار للإنسان وظرف طارئ يجبره على تغيير جدول يومياته، ليكون العلاج في قائمة أولوياته، فهي تتردد على المستشفى بشكل دوري، وهذا الأمر ينطبق على مرضى الفشل الكلوي، وبعض أمراض الدم.

تتنهد أم عمران بحزن، وتروى لمراسل "المهرة بوست" أنها طرقت أبواب عدد من المؤسسات الخيرية بحثاً عن منحة علاجية إلى دولة أخرى لتلقي العلاج، تقول: لم أجد أي بشارة خير من أي جهة فأنا أم وامرأة من الطبقة المستورة، ولا يوجد لدي منصب سياسي أو أقود جمعية نسوية لكي يستجيبون لدعوتي الإنسانية.

تتابع: لم أفقد الأمل، وكرّرت زياراتي حتى حصلت على وعود للسفر إلى الإمارات، ومع كل رحلة للطيران من مطار الجزيرة أحضر إلى هناك، لكن أواجه أعذاراً ومماطلة ووعوداً جديدة.

وقالت: كلما ذهبت إلى المطار برفقة أطفالي الأيتام الذي يبلغ أكبرهم من العمر 24 عاماً، أجد الرحلة لشباب من أبناء الجزيرة يتم تجنيدهم في أبوظبي من شهر إلى شهرين وبعدها يعودون إلى الأرخبيل لتنفيذ مخططات الإمارات.

تشير أم عمران أنها سافرت برفقة أحد أبناءها بعد عراك شديد، وأكدت أنهم يجبرون الكثير من المرضى للسفر بدون مرافق، وهناك بحسب الأم اليمنية يتم إهمال المريض، ونسيانه بدون أي خدمات صحية.

تمضي بالقول: عندما وصلت إلى الإمارات واجهت صعوبات شديدة وتدهورت حالتي الصحية جراء الإهمال الذي يطال المريض القادم من الأرخبيل، فنقل الحالات المرضية الحرجة إلى أبوظبي ليست سوى زوبعة إعلامية.

واختتمت حديثها لـ "المهرة بوست" بالإشارة إلى أن تدهور حالتها الصحية بشكل كبير دفعها للمطالبة بعودتها إلى بلادها، وعادت إلى أرض الوطن لتتابع علاجها، مضيفة: لا أحد يخدمك أفضل من أبناء بلدك لولا الدمار الذي ألحقته الحرب بكل شيء.

العزلة عن العالم

"حسنة محمد" أم تبلغ 55 عاماً، تبحث أسرتها في كل الاتجاهات من أجل منحة علاجية خارج البلاد، منذ ستة أشهر إصابتها بمرض المرارة.

كانت جالسة على مقعد بالقرب من مدخل المستشفى، وعندما اقتربنا منها وجدنا السكينة والرضا والابتسامة لا تفارق محياها.

بصوت هادئ ردت على سؤالنا لها أن عمرها تجاوز الـ 55 عاماً وكانت أول معرفتها عن المرض قبل ستة أشهر، لكنها لم تستلم للمرض بل تجمع المال للسفر إلى محافظة حضرموت، والبحث من هناك عن علاج في مستشفى داخل البلاد أو خارجها.

وتطرقت "حسنة" لوعود مؤسسة خليفة لها التي لم يتحقق منها شيء رغم أن الرحلات متواصلة ولكن لشيطنة شباب الجزيرة، وتسفير الحالات المرضية التي تتبع أدواتها.

تقول: هكذا فعلت بنا الحرب، تذاكر السفر أصبحت بأسعار خيالية لا يقوى عليها غير رجال الأعمال والتجار وأصحاب المرتبات العالية، أما المسكين فإنه يجمع المال لأشهر من أجل الحصول السفر لمحافظة أخرى أو خارج اليمن.

وتابعت: في حال باع المريض كل ما لديه واستطاع السفر فإنه لا يحصل على العلاج إلا وقد أخذ المرض حقه من جسده مما يصعب على الأطباء معالجته.

معاناة الطفولة

الطفل "فهد" ذو الـ9 سنوات، مصاب بانسداد في القلب، ونصح الأطباء والده بالسفر خارج البلاد لعلاجه.

يقول والد "فهد" في تصريح لـ "المهرة بوست" إن طمأنة الطبيب له بإمكانية الحصول على علاج لابنه خارج البلاد أفرحته، لكن ظروفه المادية ضاعفت أحزانه.

وأفاد الأب أن الطبيب أكد له إمكانية الحصول على علاج في الإمارات، لكنه كما يقول لا يمتلك وجاهة اجتماعية تساعده في إقناعهم بسفره لتلقي العلاج.

وأضاف، وعيناه تفيض بالدمع: فرحتي بإمكانية الحصول على علاج لابني "فهد" تتلاشى كل يوم، وكل الوعود التي تلقيتها أصبحت سراباً، ومواعيدهم تشبه وعود عرقوب.

كل صباح يصحو الطفل "فهد" ويخرج لممارسة ألعابه مع أصدقاءه، والأحزان تخيّم على والديه اللذين يحاولان جمع المال من أجل السفر إلى حضرموت، إلا أنهم كما يقول والده لم يحصلوا حتى على نصف المبلغ، ويختتم حديثه بالقول: فهد ينتظر من يصنع البسمة على وجهه وأنا متفاءل بالخير.

المحسوبية في الرحلات العلاجية

يعاني الرجل المسن "حمد" من روماتيزيوم مزمن ولم يحصل على العلاج المناسب لمثل حالته، حيث يؤكد الشيخ المسن في تصريح لـ"المهرة بوست" أنه لم يستطع السفر نظراً للظروف الاقتصادية التي يواجهها.

ويتابع: الطيران ليست للأسر الفقيرة ومستورة الحال؛ وإنما فقط لرجال الأعمال والسياح، "أما نحن لا نقوى على الأسعار الخيالية لتذاكر السفر".

وأضاف أن السفر عن طريق البحر أصبح مخيفاً ومخاطرة بعد الحوادث التي شهدتها رحلات سابقة ولم يعد من كانوا على متنها وضاعوا في المحيطات وبطون الحيتان.

وخلال التجول في شوارع العاصمة "حديبو" وجدنا الشاب عيسى يبكي، حيث توفي والده نتيجة حادث مروري.

يقول عيسى البالغ من العمر 30 عاماً إن والده أصيب خلال حادث مروري عندما كان يقود السيارة برفقة العائلة، وتم إسعافه إلى مستشفى العاصمة "حديبو" وكانت إصابته خطيرة في الرأس، ولم يجد الأدوية والأطباء المناسبين لإنقاذ حياته.

وأضاف: طالبنا برحلة إماراتية لنقله إلى الخارج لأننا كنا نسمع أنها تنقل الحالات الخطيرة لكننا تفاجئنا بالرفض وعدم الشعور بظروفنا ووضعنا الذي لا نحسد عليه، وفشلت كل محاولات نقله إلى خارج البلاد، وتوفي في اليوم الثالث.

تكاليف باهظة يتحملها المرضى

يقول نائب مدير التأمينات في المحافظة، ناظم محروس، إن مشكلة الطلاب والمرضى في سقطرى قديمة ومستمرة نظراً لعدم وجود حلول كافية تعمل على حلحلة المشكلة من جذورها.

وأفاد "محروس" في تصريح لـ "المهرة بوست" أن الحالات المرضية الحرجة تواجه صعوبات مالية، فيما دخل الفرد السقطري والمجتمع بشكل عام ضعيف جداً.

ولفت إلى أن الحالات المرضية الحرجة تواجه مشكلة كبيرة جداً، وتحتاج إلى إنشاء صندوق أو برنامج لدعم المرضى والطلاب، من قبل التحالف.

وتحدث، محروس عن تحسن نسبي فيما يتعلق بالحالات المرضية العادية بعد إنشاء المستشفى السعودي الميداني، ومستشفى آخر يتبع مؤسسة خليفة في العاصمة "حديبو".

وحول عزوف المرضى عن السفر إلى الإمارات؛ أكد المسؤول المحلي أن هناك عدد من الحالات يجري تسفيرها إلى مستشفيات أبوظبي، مشيراً أن العائدين يؤكدون أن الخدمات والإمكانيات الطبية التي تقدمها المستشفيات في أبوظبي ضعيفة ما يجعل المرضى يعزفون عن ذلك، ويبحثون عن السفر إلى المستشفيات الموجودة في حضرموت وصنعاء أو خارج اليمن.

وأبدى محروس أمله في أن يعمل التحالف على حل هذه المشاكل والأعباء التي تواجه السكان في أرخبيل سقطرى، وهي بسيطة جداً إذا وجدت النوايا الطيبة، حسب قوله.

 





مشاركة الخبر:

كلمات دلالية:

تعليقات