الرئيسية > تقارير
عامان من الفساد المالي والإداري..كيف انعكس فساد باكريت على الوضع في محافظة المهرة؟!
المهرة بوست - خاص
[ الإثنين, 06 يناير, 2020 - 09:59 مساءً ]
خلال عامين فقط، أفقد محافظ محافظة المهرة، راجح باكريت، المحافظة أمنها واستقرارها، والحياة المدنية فيها، وخلال المدة نفسها تراجعت الحركة الاقتصادية في المحافظة البعيدة عن المواجهات، والتي تحظى بموقع استراتيجي يمنحها الفرصة للنهوض، لولا الفساد المالي والإداري الذي تشهده في ظل سلطة باكريت.
الرسائل الحكومية، ومذكرات النيابة العامة، والبنك المركزي، كشفت بالدلال للرأي العام حجم الفساد المستشري الذي يمارسه باكريت، حيث تمرد على الحكومة ورفض توريد إيرادات البنك المركزي في المهرة إلى عدن، بل وعمد إلى السحب من رصيد البنك بالمحافظة في مخالفة واضحة للقانون.
وتحت ظل القوات السعودية أفسد باكريت محافظة المهرة، وعمل جاهداً على إفشال التحركات الشعبية الرافضة للتواجد السعودي، ومكّن باكريت القوات السعودية من الانتشار في المحافظة، عبر استحداث مواقع حيوية تمركزت فيها وعطلتها وأضرت بمصالح المهرة، ويتهمه ناشطون بخيانة الشرعية والتآمر عليها وملشنة المحافظة والتمهيد للانقلاب عليها عن طريق هذه المليشيات، لخدمة أجندة خارجية.
يقول الناشطون الذين يطالبون بإقالة باكريت، إنه، وأقاربه، يتصدرون نهب المال العام، وهدر ميزانية المحافظة، حيث تُحوّل المنهوبات إلى أرصدة وحسابات باكريت في البنوك الخارجية.
عمل المحافظ على فتح سجون سرية، واستقدام ميليشيات من خارج المهرة، وتهميش القيادات العسكرية والأمنية، وتفريق صف قبائل المهرة وزرع الفرقة والخلاف، وصرف سيارات لشراء ذمم الوجاهات والمشائخ.
نهب الأموال بمشاريع وهمية
وفي الوقت نفسه فشل في توفير الخدمات الضرورية مثل الكهرباء، حيث تعيش المهرة أياماً كاملة في الظلام، كما تشهد تدهوراً للخدمات الأساسية، بعد تعطيل باكريت للسلطة المحلية ومشاريع التنمية.
الناشط والقيادي في لجنة اعتصام المهرة، أحمد بلحاف، أكد المحافظ "باكريت" عمل بمساعدة القوات السعودية، على نهب المال العام تحت مسمى "مشاريع" وهمية أصبح المواطن يدرك أنها مجرد غطاء لتمرير الأجندة السعودية في المهرة.
ولفت بلحاف إلى أن الكثير من مناطق محافظة المهرة تعاني من مشكلة المياه، ولم يقدم لها أي شيء في هذا الجانب من سلطات باكريت أو المشروع السعودي، مشيراً إلى أن الحديث عن "المشاريع"، هو دغدغة لعواطف البسطاء من عامة الناس.
وقال "بلحاف" إن "باكريت" والفريق السعودي عملوا وبكل وقاحة على تضليل الرأي العام، بافتتاح مشروع مياه في أحد المديريات سبق وأن نفذته الهيئة العمانية للأعمال الخيرية، التي لها باع طويل في دعم الجانب التنموي والإنساني بمحافظة المهرة، وتلك واحدة فقط من عمليات نهب واسعة، وتضليل للرأي العام.
الفساد الإداري والمخالفات القانونية
خلال 2019، عمل "باكريت على تعيين أقاربه في السلطة المحلية، وعمل على تعطيل قانون الجمارك، والصرف خارج القانون، ورفض توريد الإيرادات للبنك المركزي في عدن.
واستغل باكريت غياب الحكومة، وعبث بموارد الدولة وتجاوز القوانين النافذة بالسلطة المحلية، وتجاوز صلاحيات الحكومة والرئاسة وقام بتشريعات جديدة واستحداث هيئات ومناصب جديدة خارج الإطار الوظيفي للدولة، كما رفض توجيهات حكومية بالتوقف عن التدخل في صلاحيات وزارة المالية والعبث بالمال العام.
كشف التقرير الذي أعدّه مركز "مرس" للدراسات، أن المحافظ أصدر المئات من القرارات خلافاً للقانون كإصدار أوامر التعيين أو التكليف أو النقل في مكاتب الهيئات والمصالح الحكومية خارج صلاحيات المحافظ.
خلق فساد باكريت واقعاً مأساوياً في محافظة المهرة، وولّد مخاوف لدى الشركات الخارجية والمحلية من تنفيذ أي مشاريع مستقبلاً داخل المحافظة، بسبب عدم وفاء المحافظة بالمبالغ المستحقة للشركات، حيث سبق أن أعلنت شركة "الرصيد" سحب معداتها وإيقاف أعمالها في مشروع تأهيل طريق حوف صرفيت.
التقرير ذاته أوضح أن باكريت أقدم على تجميد عمل لجنة المناقصات في المحافظة، واعتمد تكاليف مباشرة للمقاولين ما نتج عنه توريد المقاولين لأردأ الأصناف والمعدات وما يحدث في كهرباء ومياه مدينة الغيظة وغيرها خير شاهد على ذلك.
الشيخ "علي الحريزي" أكد أن باكريت أداة من أدوات العمالة والخيانة بيد السعودية والإمارات، وأن من يحكم المحافظة فعلياً هو القائد العسكري للقوات السعودية في مطار الغيظة.
وأوضح أن السعوديين طلبوا من باكريت تسليمهم كافة الموارد والثروات، ويعملون على تقاسمها بينهم ولا يتم توريد الإيرادات للبنك المركزي اليمني ويقومون بشراء الذمم بهذه الأموال بينما تعيش المحافظة أوضاعاً مأساوية.
قطاع التعليم
رغم أن محافظة المهرة بعيدة عن الحرب والمواجهات العسكرية التي تجري في محافظات أخرى، وكان من المفترض استثمار حالة الأمن في المهرة، لخدمة كافة مناحي الحياة، ومنها التعليم، إلا أن "باكريت" والقوات السعودية عملوا على نشر الفوضى وزعزعة الأمن، وبالتالي لم تراجعت التنمية في المحافظة على مدى العامين الماضيين التي تسلم فيها "باكريت" القيادة في المهرة.
شهدت المحافظة خلال العام الماضي عدة وقفات واحتجاجات، وإضرابات للمعلمين على خلفية تنكر سلطات المحافظ باكريت لوعودها بصرف مستحقاتهم، في ظل الفساد المستشري ونهب المال العام.
وانعكس الفساد المالي والإداري الذي رعاه باكريت، على حياة المعلمين، والحياة التعليمية في محافظة المهرة بشكل عام، حيث تدهورت الأوضاع المعيشية للمعلمين.
وعلى المستوى الصحي، تمتلئ شوارع مدينة الغيظة بالمخلفات والقمامة التي تهدد صحة المواطنين وسط صمت مطبق من سلطات باكريت.
يدفع المواطنون رسوم نظافة للسلطة المحلية الغائبة الحاضرة، إضافة إلى الإيرادات الأخرى التي تصل إلى سلطات باكريت، فيما تنتشر القمامة في مختلف شوارع الغيظة والأماكن العامة في المدينة عاصمة المحافظة.
ولم يستثنِ المحافظ بفساده أحداً، فقد تظاهر، مطلع أكتوبر 2019، أفراد من حراسة "باكريت"، أمام القصر الرئاسي في المهرة للمطالبة بصرف رواتبهم ورفع العنصرية التي يتعرضون لها من قبل القائد "وضاح الكلدي" المقرب من المحافظ حيث استبدل الأفراد الذين ينتمون لمحافظة أبين بآخرين من منطقة "يافع" التابعة للحج.
ولأنه يعمل ضد محافظة المهرة وأبناءها، فإن باكريت لا يروق له أن تكون حراسته من أجهزة الأمن الرسمية، حيث يستبدلهم بميليشيات عسكرتها السعودية لزعزعة أمن واستقرار المحافظة.
ملشنة المحافظة الآمنة
لم يكن "باكريت" متهماً بالفساد المالي والإداري فحسب، بل العمالة منقطعة النظير للسعودية في المحافظة، فإلى جانب أنه يغطي على أعمالها المشبوهة، وانتهاكاتها المستمرة في المحافظة، فقد عمل على استقدام عناصر إرهابية من محافظات مختلفة إلى الغيظة في محافظة المهرة.
مصادر مطلعة كانت أكدت في أكتوبر الماضي، أن باكريت وقيادة القوات السعودية عمدوا إلى استقدام مزيد من العناصر الإرهابية من محافظات مختلفة خلال 2019، معظمها محسوبة على تنظيم القاعدة، لخدمة بقاء السعودية في المحافظة، وتتنفيذ مخططاتها الهادفة لإلصاق تهم الإرهاب بالمهرة.
أنشأ باكريت، مليشيات مسلحة، تتهم بارتكاب عدد من الانتهاكات واختطاف نشطاء وصحفيين بحجج واهية، وتعمل في المهرة بمعزل عن الأجهزة الأمنية في المحافظة، وتتبع "باكريت" والسعودية وتتلقى توجيهاتها منهما.
وخلال العام الماضي، داهمت تلك المليشيات المسماة "الشرطة العسكرية"، منازل المواطنين، ومحلاتهم، واعتدت عليهم، وعبثت بممتلكاتهم، كما اختطفت عدداً منهم، ودائماً ما تودع المختطفين في ثكنات عسكرية يتعرضون فيها لمختلف أنواع التعذيب دون أي تهم أو قضايا موجهة لهم.
انتهج باكريت سياسة عدائية تجاه وسائل الإعلام والحريات الصحفية، وحرية الرأي والتعبير، وعمل من خلال المليشيات التي أنشأها على قمع واختطاف وتعذيب الأقلام التي تنادي بإقالته وتقديمه للمحاكمة، بسبب قضايا الفساد المالي والإداري والعديد من الانتهاكات التي شهدتها المهرة.
وتحتجز مليشيات باكريت، شقيق الصحفي "يحيى السواري"، كرهينة، بعد تمكنه من الفرار من المعتقل، في ظل الملاحقة ومحاولة إعادة اختطاف السواري، بسبب كتاباته الصحفية، حيث اعتقلته، مطلع يوليو الفائت، وظل أكثر من 50 يوماً في الاحتجاز القسري والتعذيب الجسدي والمعنوي. ويواجه "باكريت" اتهامات رسمية وشعبية بالإهمال والفساد وتنفيذ دور مشبوه لا يخدم أحداً سوى السعودية المُعين بأمر منها والحاضرة بقواتها داخل المهرة برعاية منه.يقول الناشط "سالم بخيت المهري" إن الخدمات لم تعد صالحة لخدمة المواطن، والمطار الذي كان مفتوح قبل وصول القوات السعودية لايزال مغلق، ومشاريع برنامج الاعمار متوقفة، وكل يوم نسمع ونرى وعود كاذبة حول الموضوع ولكن لاشيء يذكر على أرض الواقع.
وأكد أن محافظة "المهرة" بحاجة إلى إصلاح الكهرباء الطرق، بالإضافة إلى إنقاذ المواطنين من شبكة الصرف الصحي والمجاري الطافحة وتسليم الرواتب.
ودعا "المهري" إلى ترك الفساد ونهب المال العام ومخططات إشعال الفرقة والخلافات بين القبائل القادمة بتنفيذ المحافظ "باكريت" من أجل الاسترزاق على حساب أبناء محافظته وسيادة بلاده.
وتشهد المهرة تدهوراً غير مسبوق منذُ دخول القوات السعودية أواخر العام الـ 2017 وتعيين "راجح باكريت" محافظا لها، حيث ينخر الفساد المنظم برعاية المحافظ، في جسد المحافظة الغنية بالثروات.
وبعد انتهاء العام 2019، لاتزال الأضرار التي خلفها اعصار "لبان"، في المهرة، شاهدة على فساد السلطة المحلية التي يقودها المحافظ "راجح باكريت"، حيث لاتزال أغلب الطرقات مهملة لم يتم إصلاحها الأمر الذي يضاعف من الحوادث المرورية في ظل تجاهل مريب من قبل الجهات المختصة لمعاناة المواطنين.
مشاركة الخبر: