الرئيسية > تقارير
الآثار الاقتصادية للحرب السعودية في اليمن تقتل الأطفال
المهرة بوست - رصد
[ السبت, 14 أبريل, 2018 - 03:55 مساءً ]
في عيادة تغذية مزدحمة داخل مستشفى بـ«الحديدة»، إحدى أكبر المدن اليمنية، تنتظر 30 أُمًّا في قلق الكشف على أطفالهن وإطعامهم، وأوّل شيء تلاحظه على «عائشة»، البالغة من العمر سبعة أشهر، أرجلها ذات الساقين النحيفتين وبطنها المنتفخ، الذي يزن 3.5 كجم فقط (متوسط ??وزن المولود الجديد في بريطانيا). وقبل أن تأتي إلى العيادة عانت من التجويع لمدة شهرين كاملين، وأمضت خمسة أيام في مركز للطوارئ بمستشفى للأطفال المصابين بسوء تغذية، وأنقذت حياتها بأعجوبة؛ لكنها عادت الآن إلى برنامج التغذية الطائرة التابع لـ«منظمة إنقاذ الطفولة».
هكذا تناولت صحيفة «الجارديان» البريطانية الآثار الاقتصادية للحرب السعودية في اليمن على الأطفال والمستشفيات تحديدًا، في تقرير ترجمته شبكة رصد. مضيفة أنّ خالة عائشة لديها طفلتان أيضًا عمرهما عامان وثلاث سنوات، فلا يملكون المال لشراء الطعام أو الأدوية؛ متسائلة: ماذا يمكننا أن نفعل؟
أحيانًا الحرب تقتل بشكل واضح ومباشر، وأحيانًا بطرق ملتوية، وحتى الآن قتل أكثر من خمسة آلاف طفل يمني، سواء بضربات عسكرية مباشرة (المستمرة منذ 2015) أو عن طريق التجويع؛ ويستخدم التحالف الذي تقوده السعودية ويحارب هناك سلاح الحصار الاقتصادي وسيلة للحرب، مستهدفين البنى التحتية والأسواق والخدمات الأساسية. وبالرغم من أنّه لا توجد إحصائية دقيقة عن الضحايا الأطفال؛ فيمكن اعتبار كل منزل مهدم قُتل فيه طفل يمني، بجانب المئات مثل عائشة المهددين بالجوع؛ بسبب الاعتداء الاقتصادي.
ووصفت الأمم المتحدة الحرب اليمنية بأنها «أسوأ كارثة إنسانية في العالم»، وينهار النظام الغذائي بأكمله؛ ما دفع البلاد نحو حافة المجاعة. كما يوجد أكثر من 400 ألف طفل معرّضين لخطر الموت الوشيك بسبب الجوع، وعلى عكس عائشة، فمعظمهم لا يتوفر لديه إمكانية الذهاب لعيادة طبية أو مركز تغذية.
واستهداف السعودية والإمارات البنى التحتية الاقتصادية ساهم إلى حدٍ كبير في تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها الأطفال والبالغون على حد سواء، مضيفة أنّ غاراتهم استهدفت بشكل أساسي المصانع وأسواق الغذاء، بجانب الحصار الذي فرض على ملايين اليمنيين؛ ما ساهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني لا يتحمله المواطنون.
كما أغلقت الطرق من صنعاء إلى ميناء الحديدة، أهمّ شريان رئيس يعتمد عليه اليمن في الغذاء والوقود. وفي رحلة للصحيفة الأسبوع الماضي إلى هناك، حصر المحرر ثلاثة جسور دمرتها الغارات الجوية السعودية، وتحوّل ميناء الحديدة إلى مكان للأشباح؛ فالسعودية دمّرت الرافعات الخمس التي كانت تفرّغ من قبل حمولات، وفقد أكثر من 20 ألف شخص وظائفهم في الميناء.
وتفاقم الانهيار الاقتصادي أكثر بعد انهيار النظام المصرفي اليمني؛ ففي 2016 نقلت السلطات السعودية البنك المركزي من صنعاء إلى مدينة عدن الجنوبية، التي يسيطر عليها حلفاؤها، وأدى هذا التحرّك إلى سحب التمويل العام في المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين؛ ما ترك أكثر من مليون ونصف يمني بلا أجور.
ويمكن رؤية نتائج الحرب بشكل مباشر على المستشفيات إذا اطّلعنا فقط على المستشفى العام في منطقة عمران المخصص للإحالة ويخدم أكثر من مليون يمني؛ فلا يمتلك مضادات حيوية أو أدوات تخدير، أو أدوية توليدية، ويضطر المرضى إلى صرف الأدوية الطبية على حسابهم الخاص.
وصحيحٌ أنّ التحالف السعودي يسمح بدخول كميات صغيرة من الطعام والوقود والأدوية إلى شمال اليمن عبر ميناء الحديدة؛ لكنه غير كافٍ، ويكشف تقاعس الغربيين عن إنقاذ اليمنيين وسط الخنق الاقتصادي المستمر؛ ويموت أطفال يوميًا دون أن يتحرك أحد، لا ماء نظيف ولا غذاء ولا دواء.
واستجاب المجتمع الدولي نوعًا ما للأزمة الإنسانية في اليمن، بتعهده بتقديم المعونات الإنسانية. وفي هذا الشهر، التزم المانحون بمبلغ ملياري دولار من أصل الثلاثة مليارات دولار التي طلبتها الأمم المتحدة لعام 2018، ومن المفارقات أن دول التحالف بقيادة السعودية كانت أكبر المساهمين.
والمساعدات الإنسانية الحالية حيوية، لكنها ليست كافية؛ إذ يمكن للبلدان الغربية، بما فيها بريطانيا، أن تفعل –وينبغي لها– أن تفعل كثيرًا للتوسط للوصول إلى اتفاق سلام، مطالبة إياها بالضغط على السعودية وأعضاءالتحالف الآخرين لتحمل مسؤولية جرائم الحرب والانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني.
(الجارديان البريطانية)
مشاركة الخبر: