الرئيسية > تقارير
بعد 15 عامًا على إسقاط صدام حسين وغزو العراق.. هذا ما حدث في بلاد الرافدين ؟
المهرة بوست - مصر العربية
[ الثلاثاء, 20 مارس, 2018 - 11:21 مساءً ]
15 عامًا مرت على أسوأ غزو في تاريخ العراق الحديث، حين احتلت الولايات المتحدة الأمريكية بغداد في العشرين من مارس لعام 2003، بحجة تحرير العراق من قبضة رئيسها البعثي صدام حسين..
الاحتلال الأمريكي للعراق- وبحسب مراقبين- كان بداية تمزق بلد ظل الأقوى لقرون عديدة، نتج عنه انقسام وطائفية واقتتال لم يتوقف يومًا، خلف وراءه خسائر بشرية قُدرت بمليون قتيل ومصاب وملايين المشردين، وخسائر مادية للطرفين تقدر بتريليونات الدولارات، وانزلاق البلاد في عنف طائفي بلغ ذروته خلال 2006-2007.
ففي مثل هذا اليوم من عام 2003، كانت بغداد على موعد مع محتل غربي، أراد عبر شرعية أممية زائفة ومؤامرات عربية أن يبدأ في تغيير المنطقة، بدأ باتهامات لبغداد بامتلاك أسلحة نووية، وإبادة لقرى كردية، أعقبه غزو وقصف وبارود أضاء سماء بلاد الرافدين، ومع مرور الأيام نهبت ثروات العراقيين وقطعت أوصالهم، وباتت الطائفية عنوانًا ليوميات بلاد ظلت لفترات طويلة أولى بلدان العرب.
أيضًا، في مثل هذه الأيام وبينما يستعد العالم للاحتفال بعيد الأم، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحتفل على طريقها، فأضاءت سماء بغداد فجرًا بالقنابل والصواريخ، وامتلأت أراضيها بالدبابات والمدرعات وآلاف الجنود، ليهدي المحتل الغاشم على طريقته هداياه المففخة لأمهات العراق.
مارس 2003 ، تصدرت أمريكا المشهد وبقيت بريطانيا وأستراليا كصديقين داعمين ومشاركين، بحسب قرار مجلس الأمن 1483 في 2003، وبحسب أيضًا التسمية التي أطلقت على التحالف، وهي "ائتلاف الراغبين بدعم من جبهات عراقية داخلية متمثلة في بعض شيعة جنوب العراق والأكراد بزعامة جلال طالباني ومسعود برزاني، وشكلت القوات الأمريكية والبريطانية نسبة 98% من قوات الائتلاف.
ومنذ انتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991 استمرَّت العلاقات المتوترة بين العراق من جهة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأمم المتحدة من جهة أخرى، وبدأ الائتلاف القوي الذي أخرج الجيش العراقي من الكويت بالتصدع ولم يكن من السهولة إصدار قرارات ضد العراق في مجلس الأمن بالإجماع كما كان الحال في عام 1991.
في أثناء ولاية الرئيس الأمريكي بيل كلنتون استمرّت الطائرات الأمريكية في مراقبتها لمنطقة حظر الطيران وأصدرت الإدارة الأمريكية في أكتوبر 1998 "قانون تحرير العراق" الذي كان عبارة عن منح 97 مليون دولار لقوى "المعارضة الديمقراطية العراقية"..
وكان بيل كلينتون متفقا مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بأن أي عملية عسكرية واسعة النطاق سوف تكون غير مبررة في تلك الظروف وعند مجيء الحزب الجمهوري الأمريكي للبيت الأبيض، دعمت وزارة الدفاع ووكالة المخابرات الأمريكية أحمد الجلبي وحزبه المؤتمر الوطني العراقي.
بعد أحداث سبتمبر وإدراج اسم العراق في "محور الشر" بدأت الجهود الدبلوماسية الأمريكية بالتحرك للإطاحة بحكومة صدام حسين، واعتبرت الولايات المتحدة وقتها عودة المفتشين الدوليين عن أسلحة الدمار الشامل شيئا لابد منه بعد أحداث 11 سبتمبر.
في نوفمبر 2002 مرر مجلس الأمن بالإجماع القرار رقم 1441 الذي دعا إلى عودة لجان التفتيش عن الأسلحة إلى العراق وفي حالة رفض العراق التعاون مع هذه اللجان فإنها ستتحمل "عواقب وخيمة".
وقتها لم يذكر عبارة استعمال القوة في القرار رقم 1441 وعندما وافق عليه مجلس الأمن بالإجماع لم يكن في تصور الدول المصوتة أن العواقب الوخيمة كانت محاولة دبلوماسية من الولايات المتحدة لتشريع الحملة العسكرية.
مع نهاية شهر نوفمبر من عام 2003، استطاعت الولايات المتحدة الحصول على التأييد لحملتها لغزو العراق من 49 دولة، ووصل العدد الإجمالي لجنود الائتلاف 300،884 وكانوا موزعين كالتالي: الولايات المتحدة الأمريكية 250.000 جندي، المملكة المتحدة 45 ألف جندي بما يعادل 15% من نسبة القوات المشاركة، وكوريا الجنوبية 3 آلاف جندي بنسبة 1.1 % ، وأستراليا 2000 جندي، والدنمارك 200 جندي، وبولندا 184 جنديًا.
في الغضون، ساهمت 10 دول أخرى بأعداد صغيرة من قوى "غير قتالية"، كان هناك دعم ضئيل من قبل الرأي العام في معظم الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة.
قبيل بدء الحرب ساقت أمريكا للعالم بعض التبريرات لتضفي شرعية على غزوها للعراق، وهي استمرار حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عدم تطبيقها لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان التفتيش عن الأسلحة بمزاولة أعمالها في بغداد..
وقبيل أيام من الغزو الأمريكي لبغداد، حرصت الولايات المتحدة الأمريكية على إلقاء الاتهامات ضد نظام صدام حسين، قالت فيها: إن النظام البعثي يمتلك أسلحة نووية وهو ما نفاه تقرير بعثة مفتشي الأسلحة النووية، وأن نظام صدام قصف قرية حلبجة الكردية وقتل 148 شخصا، وأن صدام يدعم تنظيم القاعدة ومنظمات إرهابية، وهو ادعاء لم يثبت بأي دليل.
وفي 20 مارس 2003 وفي الساعة 02:30 صباحا، سمعت دوي انفجارات في بغداد وبعد 45 دقيقة صرح الرئيس الأمريكي أنه أصدر أوامره لتوجيه "ضربة الفرصة" التي علم فيما بعد أنها كانت ضربة استهدفت منزلا كان يعتقد أن صدام حسين موجود فيه.
واعتمدت قيادات الجيش الأمريكي على عنصر المفاجأة فكان التوقع السائد هو أن تسبق الحملة البرية حملة جوية كما حدث في حرب الخليج الثانية فكان عنصر المفاجئة هنا هو البدء بالحملتين في أن واحد وبصورة سريعة، كان الغزو سريعا بالفعل فبعد حوالي ثلاثة أسابيع سقطت الحكومة العراقية..
وخوفا من تكرار ماحدث في حرب الخليج الثانية من إشعال للنيران في حقول النفط قامت القوات البريطانية بإحكام سيطرتها على حقول نفط الرميلة وأم قصر والفاو بمساعدة القوات الأسترالية، وتوغلت الدبابات الأمريكية في الصحراء.
في 27 مارس 2003 أبطات العواصف الرملية التقدم السريع للقوات الأمريكية وواجهت القوات الأمريكية مقاومة شرسة من الجيش العراقي بالقرب من منطقة الكفل الواقعة بالقرب من النجف والكوفة وأثناء هذه الأحداث في وسط العراق وبعد أن تصور جميع المراقببن أن الجنوب العراقي أصبحت تحت سيطرة القوات البريطانية نقلت شاشات التلفزيون مشاهدا لمقاومة شرسة في أقصى الجنوب بالقرب من ميناء أم قصر.
بعد أسابيع من القتال والاشتباكات بين عناصر المقاومة العراقية وجنود الغزو الأمريكي، حاصرت القوات البريطانية مدينة البصرة لأسبوعين قبل أن تستطيع اقتحامها، حيث كان التعويل على أن الحصار كفيل بإضعاف معنويات الجيش وفدائيي صدام مما سوف يؤدي في نهاية الأمر إلى حدوث انتفاضة جماهيرية من قبل سكان المدينة..
لكن هذا التعويل لم يكن مثمرا واستطاعت القوات البريطانية اقتحام المدينة بعد معركة عنيفة بالدبابات اعتبرت أعنف معركة خاضتها القوات المدرعة البريطانية منذ الحرب العالمية الثانية وتم السيطرة على البصرة في 27 مارس بعد تدمير 14 دبابة عراقية. في 9 أبريل انهارت القوات العراقية في مدينة العمارة.
في هذه الأثناء وفي شمال العراق قامت مجموعة من القوات الخاصة الأمريكية بإنزال بالمظلات في شمال العراق لأن البرلمان التركي لم يسمح باستعمال الأراضي التركية لدخول العراق وقامت هذه القوات الخاصة وإسناد من القوة الجوية الأمريكية وبدعم معلوماتي من الأحزاب الكردية بدك معاقل حزب أنصار الإسلام.
مع استمرار جرائم التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت تظاهرات عالمية مناهضة للحرب في معظم الدول العربية، وبلدان أوربية.
بعد قتال استمر لأشهر، وفي صيف عام 2003، ركزت القوات متعددة الجنسيات في العراق على اعتقال ما تبقى من قادة حكومة البعث، وفي 22 يوليو، نفذت غارة من قبل اللواء الجوي الأمريكي 101 وجنود فرقة العمل 20 وقتل فيها أبنا صدام حسين (عدي وقصي) إلى جانب أحد أحفاده..
كما قتل واعتقل أكثر من 300 من قادة الحكومة السابقة، فضلا عن عدد أقل من الموظفين والأفراد العسكريين.
وفي ال 13 من ديسمبر من العام ذاته، اعتقل صدام حسين، في مزرعة قرب تكريت في عملية أطلق عليها "الفجر الأحمر"، تم تنفيذ العملية من قبل فرقة المشاة 4 وأعضاء فرقة العمل 121 في الجيش الأمريكي، وعثرت الاستخبارات على مكان صدام بواسطة أفراد عائلته وحراسه الشخصيين السابقين بحسب تقارير إعلامية.
جدير بالذكر أن الجيش العراقي تشكل في عهد الرئيس الراحل صدام حسين أساسا من الحرس الجمهوري والجيش النظامي والتنظيمات الشعبية، وحل بعد الغزو الأميركي عام 2003.
وكان الجيش العراقي يحتفل بذكرى تأسيسه عام 1921، في 6 يناير من كل عام، خلال حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وقد دخل في حرب دامية مع إيران امتدت لثماني سنوات (1980-1988)، وخلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين.
ولم تكد تبدأ سنة 1991 حتى اندلعت حرب الخليج الثانية التي حشدت لها واشنطن تحالفا يضم دولا أجنبية وعربية بعد غزو الجيش العراقي للكويت، حيث شن التحالف الدولي هجمات شرسة أصابت العراق وجيشه بأضرار بالغة، ودخلت بغداد مرحلة الحصار الدولي الذي استمر حتى 2003، وهي السنة التي قرر فيها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن احتلال العراق وقتل واعتقال كبار قيادييه.
وانتهى فصل كامل من تاريخ العراق الحديث وجيشه عندما أعدم الرئيس صدام حسين يوم عيد الأضحى فجر السبت 30 ديسمبر 2006، لتدخل البلاد في دوامة من العنف.
مشاركة الخبر: