الرئيسية > أخبار المهرة وسقطرى
المهرة اليمنية: قبائل عريقة تلفظ دعوات التشرذم وهلع تجار الحروب
المهرة بوست - خاص
[ الأحد, 31 مارس, 2019 - 01:01 صباحاً ]
أظهرت الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة المهرة، الحكمة ورجاحة العقل التي تتمتع بها قبائل اليمن الشرقية وإدراكها لأهمية الحفاظ على أمن واستقرار الأرض العريقة وجذورها التاريخية من هوس تجار الحروب والأطماع الاستعمارية.
وتعد محافظة «المهرة» ثاني أكبر المحافظات اليمنية لجهة المساحة بإجمالي 82 ألفا و405 كيلومترات مربعة بعد محافظة حضرموت، والأقل لجهة الكثافة السكانية، إذ يبلغ عدد سكانها وفقا لآخر الإحصاءات 122 ألف نسمة.
وتقع محافظة المهرة إلى الشرق من العاصمة صنعاء، ويطلق عليها تسمية البوابة الشرقية لليمن، وتبعد عن العاصمة بحدود (1318) كيلو مترا يحدها من الشمال صحراء الربع الخالي، ومن الشرق سلطنة عُمان، ومن الجنوب خليج القمر والبحر العربي، ومن الغرب محافظة حضرموت.
وتقول كتب التاريخ إن الاستيطان في أراضي محافظة المهرة إلى عصور غابرة، وتحتوي بشكل مثير للاستغراب، كثيراً من مستوطنات عصور ما قبل التاريخ، وهي العصور التي سبقت معرفة الكتابة.
وتنعم محافظة المهرة بالأمن والاستقرار، ولا ينتشر فيها أي جماعات مسلحة متطرفة كما هو الحال في المحافظات اليمنية المجاورة لها.
وخلال فترات الحكم المتعاقبة في البلاد لم تتلقى المحافظة الاهتمام الذي يليق بها، قدمت لها سلطنة عمان الخدمات التعليمية والتنموية وغيرها.
تماسك فريد
وظلت المهرة منذُ القدم متمسكة بعاداتها وتقاليدها وتاريخها الفريد، وبلغتها المهرية التي تعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد، توارثتها الأجيال.
ويعتبرها الباحثون واللغويون لغة سامية بدائية والأصفى لغويا بين اللغات السامية بسبب انعزالها.
ومع إن قبيلة صغيرة مثل المهرة لها تاريخ طويل من التراث وقرون من التكيف مع الظواهر الطبيعية والثروات النباتية والحيوانية، لكنها مهددةً بالانقراض، لأن اندثار لغة ما يعني اندثار فكر وهوية وفقدان الشعور بالقيمة الذاتية.
وحول موقف المهرة ازاء وجود لغتهم في دائرة خطر الاندثار وهيمنة اللغة العربية يقول الباحث اليمني سعيد المهري إن المهرية هي اللغة السائدة في موطنها كلغة محكية وليس كلغة مكتوبة.
ويضيف بأن المتحدثين بالمهرية يعتبرون "اللغة العربية هي همزة الوصل بأشقائهم العرب وتربطنا أيضا بلغة القران الكريم". ويرى أن الحكومة اليمنية لا تعادي المهرية ولكنها لا تعبأ بها.
الهوية الثقافية
ولعل الحفاظ على الهوية الثقافية والخصوصية الاجتماعية أحد الأسباب التي تدفع أبناء المحافظة للتصدي لأي قوى عسكرية إقليمية أو دولية تحاول دخول المهرة تحت أي مزاعم.
ورغم الحرب الدائرة في اليمن للعام الخامس على التوالي، إلا أن المهرة نأت بنفسها عنها وظلت محافظة على أمن واستقرارها ووحدتها الاجتماعي.
غير أنه منذ نهاية العام 2017 ا، دفعت السعودية بقوات وتعزيزات عسكرية إلى المهرة تحت شعار محاربة التهريب، إذ منعت حركة الملاحة والصيد في ميناء نشطون على مضيق هرمز، كما حولت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية ومنعت الرحلات المدنية من الوصول إليه.
وتقف وراء التدخل السعودي في المحافظة العديد من العوامل أهمها الموقع الاستراتيجي ومساحتها الواسعة التي تقدر بـ( 82405) كم2 لم يجعلها في مأمن من مخططات الجشع والسعودي والإماراتي.
وتتنوع تضاريس المهرة بين سهل ساحلي وهضاب ومناطق جبلية وأخرى صحراوية شاسعة تمثل جزءًا من صحراء الربع الخالي، وتمتلك خطًّا ساحليًّا طويلًا يقع على بحر العرب والمحيط الهندي يبلغ طوله قرابة (560) كم، ويتوافر لها موارد معدنية وزراعية وسمكية، ومناطق خلابة، وفرص استثمارية كبيرة.
كل تلك الميزات التي تحظى بها المهرة دفعت بالرياض وحليفتها الإمارات إلى إرسال قوات عسكرية، حيث اتخذت السعودية من كذبة مكافحة التهريب وسيلة لها، وأبو ظبي تستخدم الغطاء الإغاثي والإنساني وسيلة رخيصة لها لتمرير مخططات القبح وهوس النفوذ.
وتخشى قبائل المحافظة على تاريخها الثقافي ولغتها السامية، وثروتها النباتية والحيوانية من التأثر إزاء جلب الأسلحة الثقيلة والجماعات المتطرفة والميليشيات إليها.
ولأن أبناء المحافظة يدركون أن المهرة تنعم بالأمن والاستقرار وليست محطة تهريب أو غير ذلك من تلك الادعاءات التي تروج لها وسائل إعلام السعودية والإمارات وغيرها من الأبواب الإعلامية اندفعوا منذُ البداية نحو تنفيذ احتجاجات سلمية ترفض بصريح العبارة أي قوة عسكرية لاتنتمي للسلطات اليمنية الشرعية.
ومنذُ ذلك الحين مارست القوات السعودية كل أنواع الانتهاكات بحق أبناء المحافظة ولازالت عبر قواتها وميليشيات جلبها المحافظ "راجح باكريت" الموالي لتمرير مخططات النفوذ والهيمنة.
وحول علاقة الوجود السعودي بثقافة المهرة يصف وكيل محافظة المهرة الأسبق علي الحريزي الوجود السعودي بالاحتلال ويعتبره تهديدا لهويتهم الثقافية.
التعامل بشفافية مع دول الجوار
وأفاد: "نحن في المهرة لدينا هوية خاصة ولغة قديمة...الطفل يدخل المدرسة يتعلم العربية و لاينطق باللغة المهرية، لذلك نطالب باقليم مستقل."
وتابع قائلا: "نعم، هناك تهديد سعودي إماراتي للهوية الثقافية المهرية والسقطرية. وهناك عمل ممنهج في سقطرة وفي المهرة لطمس هذه الثقافة وهذه الهوية. ونحن نناشد العالم وكل منظمات حقوق الانسان في العالم أن تقف مع هذا الشعب المظلوم."
وخلال اليوميين الماضيين أصدرت قبائل المهرة بيان أكدت على مواصلتها في الحفاظ أراضي محافظة المهرة وثرواتها البرية والبحرية وعدم التفريط فيها بأي شكلا من الأشكال وليس لأحدا كان الحق في استغلالها او استخدامها إلا بعد التخاطب مع السلطة وموافقتها بمشاركة أهل الحل والعقد والرجالات الوطنية ومكونات ومنظمات المجتمع المدني وفق أسس وضوابط متفق عليها وموثقه ومعلنه ليتبدد بذلك أي لبس أو مخاوف على مستقبل المحافظة وأبناءها.
وأعلن البيان توجه قبائل المهرة إلى التعامل بمصداقية مع حكومات وشعوب دول الجوار وغيرها انطلاقا من أخوة الدين والعروبة والحوار وتداخل العلاقات والروابط الاجتماعية وتبادل المنافع والمصالح والترحيب بأي دعم او استثمار وفقا للأنظمة والقوانين والمنبثقة وبطريقة شفافة وواضحة للجميع.
مشاركة الخبر: