الرئيسية > أخبار المهرة وسقطرى
تحقيق من ميناء نشطون بالمهرة يكشف هول الأطماع السعودية في اليمن
المهرة بوست - متابعات
[ السبت, 30 مارس, 2019 - 01:00 مساءً ]
"ميناء نشطون اليمني؛ تحكمه السعودية، وتتصرف بقراره الاقتصادي، بل والعسكري والسياسي، يكشف هذا الميناء الاستراتيجي - الذي حولته السعودية إلى ثكنة عسكرية- أطماع التحالف والأدوار المتبادلة بين أبو ظبي والرياض، حيث سلمته الأولى للأخيرة، لكنه لم يُسلم بعد للحكومة اليمنية، بل تتحكم فيه السعودية بصورة كاملة، وهو امتداد لأطماعها القديمة الجديدة في اليمن.
عزلت السعودية الميناء عن الحكومة لكن الغضب الشعبي يتنامى في المهرة رافضاً هذا السلوك الانتهازي الذي يذهب بميناء نشطون إلى أن يكون جزءً من ممتلكات السعودية في اليمن، والسؤال الذي يطرحه الرأي العام حتى وإن كانت الحكومة تقيم في الرياض..لماذا تتخلى الحكومة عن ميناء استراتيجي مثل نشطون؟!؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كان لديك بضائع تجارية ترغب باستيرادها إلى اليمن عبر ميناء نشطون في محافظة المهرة (شرقي اليمن) فعليك أولا أن تتقدم إلى التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لطلب الإذن المسبق، ودون ذلك لن تستطيع فعل شيء.
أما إذا قدر لك أن تزور ميناء نشطون، فإن القوات السعودية المتواجدة في المهرة ستكون أول من يعلم بزيارتك، وإذا كنت شخصا غير مرحب بك من تلك القوات لسبب من الأسباب، فاحتمال اعتقالك ونقلك إلى السجن الذي أنشأته تلك القوات داخل مطار الغيضة وارد جدا.
يقع ميناء نشطون في الواجهة الشرقية للجمهورية اليمنية غربي مديرية الغيضة عاصمة محافظة المهرة وأهم مديرياتها، وهو الميناء الوحيد فيها، وافتتح في العام 1984م، ويبلغ طوله 210 أمتار، ومستوى الغاطس فيه خمسة أمتار، وأنشئ كميناء متعدد الأغراض ليخدم الحركة التجارية والسمكية، وجرى إعادة تأهيله من جديد في العام 2010م.
يمتاز بحركته التجارية بين دول الخليج ومحافظة المهرة، وضعف قبل سنوات بسبب فتح الطريق البري بين اليمن ودول الخليج، وبعد تعطل أغلب الموانئ اليمنية وإغلاق معظم المنافذ البرية الدولية جراء الحرب التي تعيشها اليمن منذ العام 2015م بدأ يكتسب الزخم من جديد.
لكن هذا الوضع لم يدم طويلا، فقد أدت سيطرة التحالف العربي على محافظة المهرة إلى التأثير على وضع الميناء، وتحوله من ميناء تجاري إلى ثكنة عسكرية، ومن إشراف الحكومة اليمنية الشرعية، إلى الإشراف الكامل لدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
جغرافيا نشطون
الطريق إلى ميناء نشطون من مدينة الغيضة يمر عبر خط إسفلتي يقدر طوله بـ45 كيلومترا، وتمر عبر مرتفعات جبلية، ومناطق صحراوية، وشواطئ البحر.
أما الميناء فيتكون من رصيفين، الأول رصيف تجاري، والثاني رصيف خاص بالصيادين، وهو عبارة عن لسان بحري يقع في منطقة مفتوحة بين الجبل والأرض،
ويمتد لمساحة تقدر بأربعة كيلومترات في طوله وعرضه، وتتواجد في مساحته الخلفية أرض جُمعت فيها السيارات الواردة، والتي تهالك الكثير منها، كما تقع في اليمين منه قرية صغيرة يقطنها مواطنون من أبناء المنطقة، ويضم أيضا سوقا على الطريق التي تقطع منطقة الميناء، وتؤدي إلى حضرموت كطريق دولي ساحلي.
يتبع الميناء إداريا مؤسسة موانئ البحر العربي التي أنشئت بموجب القرار الجمهوري رقم (62) لسنة 2007م، والتي تعمل تحت الهيئة العامة للشؤون البحرية، وتشرف عليه محليا السلطة المحلية في محافظة المهرة، وتنظم أعماله وزارة النقل اليمنية، التي تعمل من العاصمة المؤقتة عدن.
أهمية الميناء
يمثل ميناء نشطون أهمية كبيرة، سواء من الناحية الجغرافية وقربه من دول الخليج، خاصة سلطنة عمان، أو من ناحية العائدات المالية التي يدرها يوميا، وتشكل أحد مصادر الدخل القومي للجمهورية اليمنية بشكل عام، أو لمحافظة المهرة بشكل خاص، خصوصا في الوقت الراهن، حيث تذهب أغلب إيراداته للمحافظة، مع نسبة قليلة يتم توريدها لمؤسسة موانئ البحر العربي التي يقع مقرها الرئيسي في محافظة حضرموت.
داخل ميناء نشطون توجد خزانات كبيرة تستخدم لتخزين المشتقات النفطية التي تصل محافظة المهرة، وتوزع على محطات المحروقات، أو تلك الكميات التي تستخدم في المؤسسات الرسمية.
كان الميناء في الوقت السابق يعمل كميناء متعدد الأغراض، وتصل إليه السيارات والشاحنات والبضائع المختلفة من عدة دول خارجية، أغلبها من دول الخليج كميناء دبي الإماراتي، وميناء صلالة العماني، ثم تحول مؤخرا من مستورد لمختلف البضائع إلى ميناء مخصص لاستيراد المشتقات النفطية فقط، وفق الإجراءات التي تم استحداثها بأكثر من آلية في الفترة الأخيرة.
ويتواجد في الميناء فريق حكومي من مختلف المؤسسات الحكومية لإدارته، كالنقل والجمارك، إضافة للقوات الأمنية التي تتولى المهام هناك كالأمن السياسي والقومي، والأمن العام، ثم قوات تتبع الجيش اليمني، وتتولى الحراسة فيه، وتتبع اللواء 137 مشاة، وعندما جاءت القوات السعودية فرضت هيمنتها على الجميع هناك.
قوارب داخل ميناء نشطون
وتكمن أهميته أيضا في وجود مساحة واسعة لصيد السمك، وهي المهنة التي يمارسها قطاع كبير من أبناء المهرة، وينظم هذا العمل جمعية الصيادين في نشطون، والتي يرأسها شخص يطلق عليه "شيخ الصيادين"، وتعرض هؤلاء مؤخرا للمضايقات مثل بقية الصيادين في المهرة، وسنتحدث عن معاناتهم في مادة مستقلة، ستنشر لاحقا.
الوضع العام للمدينة
والملفت في الأمر هنا أن الميناء رغم كونه إيراديا وعلى درجة كبيرة من الأهمية، إلا أن الميناء والمناطق السكانية التي تقع قربه وحواليه تعاني من انقطاع الكهرباء طوال اليوم، وتعمل في ساعات الليل فقط، كما يشكو السكان هناك من عدم وجود مشروع لتوصيل المياه إلى المنازل، وهو وضع شاذ قياسا ببقية مديريات المحافظة، رغم أن الميناء تجاري، ويدر الملايين على المحافظة.
ووفقا لسكان هناك فمدينة نشطون برمتها تفتقر لوجود مستوصف طبي متكامل يقدم الخدمات الصحية التي يحتاجها القاطنون هناك، وفي حالة الأمراض الطارئة والإسعافات يتم نقل المرضى إلى مدينة الغيضة التي تتواجد فيها مستشفيات ضعيفة الإمكانيات، أو إلى مدينة المكلا بحضرموت، أما الحالات الحرجة فيتم إسعافها إلى مدينة صلالة العمانية، التي تقدم سلطاتها كافة التسهيلات الطبية اللازمة للسكان المنتمين لمدينة نشطون، وعموم مديريات محافظة المهرة.
بداية الهيمنة الخارجية
مع تدهور الأوضاع السياسية في اليمن، ونشوب الحرب التي يقودها التحالف العربي منذ أربع سنوات، تعرض الميناء للإهمال وانفصل عن المركز الرئيسي في العاصمة صنعاء من ناحية الإيرادات المالية، لكنه حافظ على بقائه وآلية عمله في حدها الأدنى، ثم جاءت عملية الحصار الشاملة للموانئ والمنافذ التي فرضها التحالف العربي بطلب من الحكومة اليمنية، وأخضع في آلية عمله للتحالف العربي، وظل الإشراف الحكومي الرسمي من الجانب اليمني شكليا.
سيطرت عليه قوات تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة أثناء وصولها لمحافظة المهرة في العام 2015م، لكنها لم تمارس أي سلطة فعلية على الميناء بسبب قصر فترة بقائها، وفشلها في إنشاء قوة عسكرية محلية تدين لها بالولاء على غرار ما جرى في محافظات عدن وشبوة وحضرموت.
قوارب تابعة لخفر السواحل جاثمة في المكان
وعندما غادرت الإمارات محافظة المهرة، حلت مكانها القوات السعودية التي وصلت المحافظة في نوفمبر من العام 2017م، وتوسعت تدريجيا، لتشمل سيطرتها جميع المنافذ البرية والبحرية في المهرة، وكان لميناء نشطون النصيب الأكبر من ذلك التواجد، الذي انتهى بالهيمنة والسيطرة الكاملة للقوات السعودية.
نشطون كهدف إستراتيجي للسعودية
يمثل ميناء نشطون هدفا إستراتيجيا للمملكة العربية السعودية ظل يراودها منذ عدة عقود، ويتمثل برغتبها في فتح ميناء خاص بها يطل على البحر العربي، لنقل النفط عبر أنابيب من الحقول السعودية إلى السوق العالمية، دون الحاجة لمضيق هرمز، بحيث يجري شق مشروع بري يمتد من داخل الأراضي السعودية وينتهي بميناء نشطون.
سعت الحكومة السعودية في سبيل تنفيذ هذه الإستراتيجية منذ وقت مبكر، وتظهر وثائق سعودية جرى تداولها مؤخرا رغبة الرياض في تنفيذ هذا المشروع في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وكانت حملات التجنيس التي قامت بها السعودية مستهدفة القبائل المهرية مقدمة لهذا الأمر، كما يؤكد شيوخ قبائل استطلع "الموقع بوست" أراءهم.
سعت الحكومة السعودية، إبان فترة حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لتنفيذ هذا المشروع، لكن تجمدت تلك الخطوات بعد إصرار السعودية على فرض شروطها، ورفض العرض الذي وضعه الرئيس السابق "صالح".
يقول الشيخ القبلي البارز في محافظة المهرة علي سالم الحريزي إن وفدا رسميا من الحكومة السعودية زار الرئيس السابق "صالح" والتقى به في العاصمة صنعاء في العام 2002م للتفاهم حول مد الأنبوب النفطي في محافظة المهرة، لكن ذلك اللقاء انتهى بالفشل.
وفي التفاصيل يحكي الحريزي أن صالح استدعاه وأبلغه بأن السعودية تريد مد أنبوب نفطي عبر المهرة بطول 300 كيلومتر، ويضخ يوميا 500 ألف برميل، وستقوم بشق طريق إسفلتي محاذي للأنبوب، بمسافة تصل من اثنين إلى أربعة كيلومترات في جانبي الطريق، ويخضع الطريق لسيادتها الكاملة، ويحميه الجيش والأمن السعودي، دون أي تدخل للجانب اليمني، وسيتم إنشاء جسور على طول الطريق تكون مخصصة لليمنيين، دون أن يعبروا في تلك الطريق التي ستنشؤها السعودية.
يضيف الحريزي في حديثه أن الرئيس "صالح" اقترح على السعوديين منحهم مدينة على البحر العربي لتسكين الموظفين والخزانات والصيانة، وتحديد قوة يمنية خالصة تتولى عملية الحراسة في الميناء، وتتعامل مع وزارة الخارجية لتحديد الموظفين اليمنيين والسعوديين وفرق الصيانة.
كما أبدى صالح -وفقا للحريزي- استعداده لتشكيل لواء من أبناء المهرة يتولى عملية الحراسة تحت إشراف الجيش اليمني، والتنسيق أيضا فيما يخص الأمن السعودي، لكن السعوديين رفضوا عرض صالح، واشترطوا أن تكون القوات بشكل كامل منهم، ثم توقف العمل برمته.
(شيول) منعت القوات السعودية خروجه بحجة استخدامه من قبل الحوثيين
بعد هذا التاريخ تلاشى الحديث بالنسبة للسعودية عن تنفيذ هذا المشروع، وبعد إطلاقها لحملة عسكرية في اليمن تحت مسمى "عاصفة الحزم"، عاودت السعودية العمل على تحقيق حلمها من خلال ما كشفت عنه بعد انطلاق تلك الحرب بسبعة أشهر، تحت مسمى مشروع "قناة سلمان".
ففي مطلع سبتمبر من العام 2015م، نشر رئيس مركز "القرن العربي" للدراسات في الرياض سعد بن عمر دراسة تحمل اسم "قناة سلمان" نسبة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، متضمنة دراسة متكاملة لربط الخليج العربي بحراً ببحر العرب عبر قناة مائية، بعد تغيير الاسم الذي كانت تحمله من "قناة العرب" إلى "قناة سلمان".
ووفقا لما كشفته وسائل الإعلام السعودية التي تطرقت لتلك الدراسة، فسيكون طول القناة 950 كم، وتمتد في الأراضي السعودية 630 كم، وفي الأراضي اليمنية 320 كم، ويبلغ عرض القناة 150 متراً، والعمق 25 مترا.
وبالنظر إلى ذلك المشروع، فما ستحققه تلك القناة من مكاسب للسعودية يفوق ما ستحققه لليمن، إذ يقول القائمون عليها إنها ستساعد على عودة الحياة إلى الربع الخالي، وذلك بإقامة الفنادق والمنتجعات السياحية على ضفاف القناة، كذلك اكتفاء المملكة من الثروة السمكية بإنشاء المزارع السمكية على جوانبها، وإنشاء بحيرات مرتبطة بالقناة لهذا الغرض، إضافة لمشاريع الطاقة وتحلية المياه وبناء مدن سكنية متعددة، كما ستضيف ألفاً و200 كم من السواحل النظيفة والرائعة في منطقة الربع الخالي إلى المملكة العربية السعودية.
كما سيقوم الجانب السعودي بعمل 20 نفقاً للسيارات والمشاة، إضافة إلى تخطيط ثلاث مدن سكنية ومدينتين صناعيتين، وبحيرات متعددة على جانبي القناة لمزارع الأسماك ولصيانة السفن.
أما بالنسبة للجانب اليمني -وفقا لرئيس مركز القرن العربي- فستوفر ما لا يقل عن مليون فرصة عمل طوال مدة بناء المشروع، وستضيف إلى اليمن أكثر من 700 كم من السواحل التي ستنشأ عليها المدن والمنتجعات.
قدرت التكلفة الإجمالية لتلك القناة بـ80 مليار دولار، على أن يتم تشكيل هيئة مستقلة من الدولتين لإنشائها وتشغيلها برأس مال مشترك مع مراعاة سيادة الدول، وذكر المسؤول السعودي وقتذاك أن كثيرا من الشركات السعودية على وشك إتمام المشاريع المنوطة بها، وتمتلك معدات وعمالة مدربة قادرة على القيام بالإنشاء والحفر، ورجح الانتهاء من جميع تلك الأعمال خلال خمس سنوات.
كانت أبرز المصاعب التي واجهها هذا المشروع عند الكشف عنه هو عدم الاستقرار السياسي في اليمن، ولذلك تم وضع مسار احتياطي للقناة بحيث تكون نهايتها في أحد شواطئ سلطنة عمان بدلا من اليمن.
كان ذلك في العام 2015م، وجرى الترويج للمشروع بشكل واسع في الاعلام الرسمي السعودي، لكن التنفيذ على الأرض في الجانب اليمني لم يبدأ، ومع استمرار هيمنة السعودية على الحكومة الشرعية المقيمة في أراضيها، واستمرار قيادتها للحرب تحت مبرر إعادة الشرعية للحكومة اليمنية، بدأت السعودية في التحرك الفعلي لتنفيذ هذا المشروع، مستغلة ضعف النظام السياسي اليمني، وبقاء اليمن تحت البند السابع، الذي أساءت الرياض فهمه، وحولته إلى عنصر ضغط ووسيلة إخضاع لتمرير ما تريد في اليمن.
تنفيذ المهمة من نشطون
وصلت القوات السعودية إلى ميناء نشطون بعد أيام من وصولها لمحافظة المهرة، وكان مبرر تدخلها في الميناء بدافع أنها ترغب في تأهيله، وتزويده بالإمكانيات التي تؤهله لاستعادة نشاطه بشكل أفضل، وبما يخدم محافظة المهرة بشكل خاص واليمن بشكل عام.
أجرت تلك القوات عدة زيارات ميدانية إلى الميناء، بحجة إعادة الإعمار، تحت يافطة تنفيذ مشاريع حيوية للسكان كالمدارس وغيرها، وبعد مضي عدة أشهر من تواجدها، وبالتزامن مع تعيين راجح باكريت محافظا للمهرة أطبقت تلك القوات سيطرتها بشكل تدريجي على الميناء بنفس السيناريو الذي سلكته في المهرة عندما وصلت أول مرة.
فرضت تلك القوات رؤيتها الخاصة على الميناء وآلية العمل فيه، وفي نفس الوقت بدأت تحركاتها الميدانية لمد أنبوبها النفطي.
يقول شيخ قبلي في محافظة المهرة -طالبا التحفظ على هويته- إن القوات السعودية شرعت في مد أنبوبها من خلال وضع علامات على الأرض الصحراوية التي يفترض أن يمر من خلالها الأنبوب في المهرة، لكن القبائل تنبهت للأمر، ونزعت تلك العلامات وحذرت القوات السعودية من الاستمرار في ذات العمل والمشروع.
نشطون يتكون من رصيفين واحد للبضائع وآخر للاصطياد
ويرى هذا الشيخ القبلي أن السعودية تستغل إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي في عاصمتها، وتمارس عليه الضغوط في تمرير هذا المشروع، ويستدرك بالقول: "نحن نتفهم وضع الرئيس هادي حاليا وكافة أعضاء الحكومة، لكن حتى لو تم تمرير المشروع تحت أي ضغوط ستمارسها السعودية عليهم، فلن نسمح نحن أبناء المهرة بذلك".
وعند سؤاله عن الأسباب أجاب بأنهم لا يمانعون مد هذا الأنبوب، وتنفيذ أي مشروع يمكن أن يحقق لليمن برمتها استقرارا ماليا، لكن الوضع الذي تعيشه الحكومة اليمنية الآن لا يجعلها في موضع الندية للجانب السعودي، الذي يسعى لتنفيذ المشروع بقوته وليس كمشروع مشترك بين دولتين.
ميناء خارج سلطة الحكومة
أدى التواجد العسكري للقوات السعودية في ميناء نشطون إلى إحداث تغيير واسع في آلية العمل هناك، وفرضت تلك القوات رؤيتها الخاصة، التي تنطلق من استغلال القوانين الدولية المتعلقة في اليمن الصادرة إبان فترة الحرب الجارية في البلد.
وعند تجولك وسط الميناء ستلحظ وجود العديد من الشاحنات بمختلف أنواعها، جاثمة داخله، بعد احتجازها من قبل القوات السعودية بحجة أنها ستذهب للحوثيين،
وسيستغلونها في مواجهة القوات السعودية وحلفائها في جبهات القتال المفتوحة بين الطرفين.
تمكنا من الدخول لرصيف الميناء والتجول فيه، وهناك شاهدنا العديد من المعدات والشاحنات الموقوفة، والتي التصق بعضها بالمكان من طول فترة بقائه داخل الميناء، فهناك "شيول" اشتراه أحد المواطنين، وتم شحنه إلى الميناء، وأوقفت القوات السعودية جمركته ومنعت خروجه بحجة أنه سيذهب للحوثيين الذين سيستخدمونه لبناء "متارس" (حواجز ترابية) أو حفر خنادق -وفقا لموظف يعمل في الميناء- والذي علق بالقول ساخرا: "لا يعلمون أن الحوثيين لديهم العشرات منها".
سيارات الدفع الرباعي هي الأخرى وجهت القوات السعودية بمنع جمركتها ودخولها، بينما السيارات المستوردة من أوروبا والتي يتم تحويل مقودها من اليمين إلى الشمال تسمح بدخولها، رغم أن القانون اليمني يحظر هذا النوع من السيارات بسبب المخاطر الناتجة عن استخدامها، وتسببها بحوادث مرورية قاتلة، وحصادها لأرواح الناس.
عدة مواد وآلات وبضائع أخرى منعت القوات السعودية دخولها رغم أن بعضها مصنع لدى وكالات تجارية عالمية معروفة، وتناسب المستخدمين والمواصفات المحلية، بما في ذلك "طاوات" السيارات النيكل (الكروم).
تلك القائمة التي فرضتها القوات السعودية ومنعت دخولها لليمن عبر ميناء نشطون وبقية منافذ المهرة، استندت إلى آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن (UNVIM) التي أنشئت من قبل الأمم المتحدة بناءً على طلب الحكومة اليمنية، لضمان الامتثال لقرار مجلس الأمن 2216 (2015) للسفن التي تبحر إلى موانئ اليمن، والتي أكدت على ضرورة تفتيش كل الواردات إلى اليمن للتأكد من خلوها من الأسلحة و"الأعتدة" ذات الصلة بجميع أنواعها، بما يشمل الأسلحة والذخائر والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع غيار، وكذلك المساعدة التقنية أو التدريب أو المساعدة المالية أو خلافها، فيما يتصل بالأنشطة العسكرية أو توفير أي أسلحة و"أعتدة" ذات صلة أو صيانتها أو استخدامها.
سيارات دفع رباعي منعت القوات السعودية خروجها بموجب قائمة المنع التي أصدرتها
وجاء هذا التأكيد الأممي لمنع وصول أي أسلحة إلى الشخصيات والكيانات اليمنية المشمولة بالعقوبات في مجلس الأمن.
ومن المفلت هنا أن تلك الآلية تختص بتنظيم عمل الموانئ التي لا تقع تحت سيطرة الحكومة اليمنية، وتخضع لإشراف جماعة الحوثي، كميناء الحديدة والصليف
ورأس عيسى، ومن قبلهم ميناء المخأ، بينما الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية كميناء عدن ونشطون لا تنطبق عليها تلك الآلية.
لكن القوات السعودية تعاملت مع ميناء نشطون وبقية منافذ المهرة وكأنهم لا زالوا خارج سيطرة الحكومة الشرعية اليمنية، ففرضت تلك القوائم، من خلال تعميم أصدره محافظ المهرة، وعممتها على العاملين في الميناء، وأناطت بقواتها الإشراف على تنفيذها.
تم توجيه رسالة من الموقع بوست إلى بعثة الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن لمعرفة مدى قانونية هذه الإجراءات التي اتخذتها القوات السعودية في المهرة، وهل تتطابق مع البنود التي توضح عمل هيئة التفتيش أم لا، وكان الرد الذي أرسلوه لنا هو إحالتنا إلى موقع الهيئة على الإنترنت الذي يتضمن تفاصيل عملها، مع رفض التعليق على الاستفسارات التي قدمناها لهم.
يقول موقع (nepia) التابع لشركة تأمين بريطانية متخصصة في المسؤولية البحرية ومخاطر الحرب، وتضم في عضويتها عدة أندية دولية تعمل في النقل البحري، إن على السفن الراغبة في الوصول إلى موانئ عدن والمكلا ومحطة النفط في روضوم وميناء نشطون التقدم بطلب للحصول على تصريح من التحالف في الرياض قبل وصولها لتلك الموانئ، بينما يتعين على السفن التي تتصل إلى ميناء الحديدة والصليف التقدم بطلب للحصول على تصريح لدى بعثة الأمم المتحدة المتواجدة في جيبوتي قبل وصولها لتلك الموانئ.
هذا الموقع المتخصص يقوم بنشر التحديثات الدورية عن الأوضاع في مختلف موانئ العالم، ومن خلال الرجوع إلى ما نشره عن ميناء نشطون يتبين كيف أثرت الإدارة السعودية على الميناء، فقبل التواجد السعودي كانت بيانات الموقع تظهر أنه في طور التشغيل الكامل لاستقبال جميع البضائع، لكن مع التواجد السعودي تظهر البيانات أن الميناء خصص فقط لإستقبال المشتقات النفطية فقط.
الموقع في سياق استعراضه لحالة الموانئ اليمنية نشر الإيميل الخاص بالتواصل مع الجانب اليمني، ويتبع وزارة النقل اليمنية، إضافة لرقم هاتف يتبع شركة اتصالات سعودية، ومخصص للتواصل مع التحالف العربي لإبلاغهم عن الشحنات التي سيتم استيرادها من خارج اليمن.
جرى التواصل عبر ذلك الإيميل باعتبار أننا أحد تجار المشتقات النفطية ونرغب في استيراد شحنة من النفط إلى ميناء نشطون في المهرة، جاء الرد يحمل توضيحا من وزارة النقل اليمنية أكدت فيه أن إجراءات استيراد المشتقات النفطية يمر أولا عبر اللجنة الاقتصادية حسب قرار مجلس الوزراء (75) للحصول على وثيقة موافقة بالاستيراد من اللجنة الاقتصادية، ولها إجراءات ووثائق معينة يتم طلبها من قبلهم، وبعد ذلك يتم تقديم الطلب لنا عبر الإيميل مرفق به استمارة الطلب والمستندات المطلوبة فيما يخص الشحنة والسفينة مع إرفاق وثيقة اللجنة الاقتصادية.
لم نتمكن من التواصل مع اللجنة الاقتصادية للحصول على تفاصيل أكثر، لكن مصدرا في وزارة النقل اليمنية أكد أن هذه الإجراءات تم استحداثها مؤخرا، بعد تفعيل عمل اللجنة الاقتصادية، وأن الدور الذي تمارسه وزارة النقل اليمنية يخضع لإشراف الجانب السعودي بشكل كامل.
* نقلاً عن "الموقع بوست"
مشاركة الخبر: