حلف قبائل حضرموت يؤكد استمرار في التصعيد ويرفض أي قرارات لا تلبي مطالبه     الجيش الأمريكي يقول إنه دمر 5 مسيّرات ونظامين صاروخيين للحوثيين     ارتفاع عدد ضحايا السيول بمحافظة ذمار إلى 30 قتيلا     مصدران: سفينة مملوكة لشركة سعودية تتعرض لهجوم في البحر الأحمر والمهاجمون مجهولون     ناقلة نفط وسفينة تجارية تبلغان عن تعرضهما للهجوم في البحر الأحمر     الأمم المتحدة: وفاة وفقدان 41 شخصا جراء سيول المحويت باليمن     زعيم الحوثيين: نحضر للرد على قصف الحديدة والتوقيت سيفاجئ إسرائيل     بينها تعيين قائد جديد للقوات المشتركة باليمن.. أوامر ملكية بتعيين قادة عسكريين جدد     عدن.. غروندبرغ والعليمي يبحثان الحاجة الملحة لحوار يمني "بناء"     محافظ المهرة يصدر قراراً بتعيين مدير جديد لفرع المؤسسة العامة للكهرباء بالمحافظة     في ختام مباحثات في مسقط.. غروندبرغ يدعو إلى حوار بناء لتحقيق السلام في اليمن     اليونان تقول إنها على اتصال مع السعودية بشأن ناقلة نفط معطلة في البحر الأحمر     الحوثيون: لم نوافق على هدنة مؤقتة وإنما سمحنا بقطر الناقلة سونيون     أسبيدس: لم يتسرب نفط من الناقلة سونيون المتضررة بعد هجوم الحوثيين     مشايخ ووجهاء سقطرى يطالبون بإقالة المحافظ رأفت الثقلي ويتهمون بالفشل في إدارة الجزيرة     
الرئيسية > أخبار اليمن

أعباء الجوار.. ملامح النفوذ والتدخل السعودي في اليمن منذ عهد الإمامة «2-2»

المهرة بوست - عبدالسلام قائد
[ السبت, 26 مايو, 2018 - 05:54 مساءً ]

لم يقتصر التدخل السعودي في اليمن على شأن دون آخر، ولا يميز بين المصالح المشتركة والأمور السيادية، فالتدخل شمل مختلف القضايا والأزمات والتحولات التي شهدتها اليمن، سواء كانت ذات ارتباط بالمحيط الإقليمي أو داخلية بحتة، مثل الوحدة اليمنية، وحرب صيف 1994، وثورة 11 فبراير 2011، وغير ذلك.
 
 ويمكن توصيف طريقة تعامل السعودية مع اليمن بأنها تعكس سياسة متخبطة لم تتم وفقا لدراسات أو رؤى ثاقبة، وإنما تحكمها الهواجس الأمنية والخشية من الحراك السياسي في اليمن، وأيضا المخاوف من ازدهار وتطور اليمن لتصبح ذات وزن وقوة إقليمية منافسة للدول المحيطة بها وعلى رأسها السعودية.
 
 - الموقف من الوحدة اليمنية

 
 كانت السعودية من أبرز المعارضين الإقليميين للوحدة بين شطري اليمن، وهناك من يتهم السعودية بالتخطيط والمشاركة في اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي بعد أن اتفق مع قادة الجنوب على إعلان الوحدة اليمنية في 14 أكتوبر 1977، ليكون هذا الحدث التاريخي متزامنا مع ذكرى ثورة 14 أكتوبر 1963 ضد الاحتلال البريطاني.
 
 أما سر المخاوف السعودية من الوحدة حينها فتكمن في التقارب الأيديولوجي بين الرئيس إبراهيم الحمدي الذي كان قوميا مع حكام عدن اليساريين، وأيضا تزايد المخاوف السعودية من التهديدات التي كان يطلقها حكام عدن باحتلال السعودية ودول الخليج العربي بذريعة إسقاط ما يسمونها "الأنظمة الرجعية" فيها واستبدالها بأنظمة اشتراكية تقدمية، بحسب توصيفاتهم.
 
 بدأ الاعتراض السعودي على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية منذ اتفاقية القاهرة الوحدوية في 28 أكتوبر 1972، واستمر حتى حرب صيف 1994 الأهلية، كما كانت تغذي الصراعات والحروب بين شطري اليمن قبل الوحدة لوأد أي تقارب بين الطرفين يؤدي إلى التسريع بتحقيق الوحدة بينهما، واحتضنت قوى المعارضة اليمنية من شماليين وجنوبيين.
 
وقبل الإعلان عن تحقيق الوحدة بمدة زمنية قصيرة، أرسلت السعودية وزيري المالية والخارجية إلى عدن، ولم تسفر الزيارة عن أي نتيجة ملموسة ولم تعرف نتائجها والغرض منها، وفسرها مراقبون بأنها ربما كانت تحمل عرضا للجنوبيين مقابل إثنائهم عن الوحدة مع الشمال، وزاد من التكهنات حول طبيعة الزيارة الاتصالات التي أجرتها الحكومة اليمنية بعد الوحدة مع السعودية بهدف طمأنتها بأن الوحدة اليمنية لن تشكل خطرا عليها.
 
غير أنه بعد الإعلان عن الوحدة اليمنية بشهور قليلة، دخلت العلاقات اليمنية السعودية منعطفا خطيرا بسبب الموقف الرسمي اليمني من حرب الخليج الثانية ورفض الوجود العسكري الأجنبي في الخليج العربي، واتهمت السعودية اليمن بنصب صواريخ عراقية باتجاه أراضيها لاستخدامها عند الحاجة.
 
 وبعد انتهاء الحرب، بدأت السعودية التدخل في الشؤون اليمنية بكافة الوسائل، ووصل ذلك لدرجة تحريضها القبائل اليمنية على التمرد ضد السلطة. وأثناء الأزمة السياسية بين حزبي المؤتمر والاشتراكي، وجهت السعودية رسائل لعدد من الشركات النفطية الأجنبية التي تنقب عن النفط في اليمن، وطلبت منها الكف عن التنقيب، باعتبار أن هذه الأراضي متنازع عليها.
 
 - أزمة وحرب صيف 1994
 
 استغلت السعودية ودول خليجية أخرى الخلافات بين حزبي المؤتمر والاشتراكي، وحاولت توسيع الخلاف بينهما، وحرضت الحزب الاشتراكي على الانفصال وأغرته بالمساعدات.
 
 وبعد أن تفاقمت الأزمة اليمنية، وخرجت من السر إلى العلن، برز الدور السعودي الداعم للانفصال بقوة، أثناء رحلة علي سالم البيض العلاجية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث التقى هناك بالأمير بندر بن سلطان في يوليو 1993، وعلى إثر ذلك اللقاء والرحلة العلاجية، عاد البيض إلى عدن معتكفا.
 
 وكشفت صحيفة "الشعب" المصرية آنذاك أن علي سالم البيض -أثناء زيارته العلاجية إلى الولايات المتحدة- عقد لقاءات سرية مع عدد من المسؤولين الأمريكيين بترتيب من الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي في واشنطن، لتهيئة عملية الانفصال.

 كما أن السعودية والدول الخليجية الأخرى كانت رافضة لوثيقة العهد والاتفاق بين طرفي الأزمة التي تمت في الأردن، وكانت الصحف السعودية التي تصدر من لندن، كالشرق الأوسط والحياة ومجلة الوسط، تنشر خطابا مناوئا للوحدة اليمنية ويعمل على تكريس الانفصال أثناء الأزمة السياسية التي سبقت حرب صيف 1994 وأثناء الحرب ذاتها.
 
وقال الدكتور عبد الكريم الإرياني، في حوار مع صحيفة "السفير" اللبنانية، نشر بتاريخ 13 أبريل 1995، إن حكام السعودية ولاسيما الأمير سلطان والأمير نايف ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل كانوا من المتشددين والمتحمسين لتجزئة اليمن.
 
 - الملف الحدودي
 

 برز ملف ترسيم الحدود اليمنية السعودية كامتداد لتراكم الخلافات والتوتر الذي شاب العلاقات بين الطرفين بسبب معارضة السعودية لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية وموقفها من طرفي الأزمة قبل وأثناء حرب صيف 1994 الأهلية، بالإضافة إلى موقف اليمن الرافض للتواجد العسكري الأجنبي في شبه الجزيرة العربية أثناء حرب الخليج الثانية.
 
 وقد أثرت النتيجة التي خلصت إليها حرب الخليج الثانية، ونتيجة حرب صيف 1994 الأهلية في اليمن، على طبيعة العلاقات بين البلدين، ودفعت اليمن ثمنا كبيرا مقابل تحسن علاقتها مع السعودية، يتمثل في التنازلات التي قدمها الرئيس اليمني حينها علي عبد الله صالح أثناء المفاوضات الحدودية بين حكومتي البلدين، والتي بدأت بتوقيع "مذكرة التفاهم" في مكة المكرمة في 26 فبراير 1995، ونصت على تمسك الطرفين بشرعية وإلزامية "معاهدة الطائف" لسنة 1934 وملاحقها، وانتهت المفاوضات الحدودية التي تلت ذلك باتفاقية جدة الحدودية عام 2000.
 
 وما زال الملف الحدودي بين البلدين من أبرز الملفات العالقة والتي من شأنها جعل العلاقة بينهما عرضة للمد والجزر، بسبب شعور اليمنيين بالظلم جراء سيطرة السعودية على أجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية خلال مفاوضاتها مع الإمام يحيى، وأيضا خلال مفاوضاتها الحدودية مع الرئيس الراحل علي صالح، وأيضا مخاوف السعودية من قيام دولة قوية في اليمن تثير الملف الحدودي وتعيده إلى نقطة الصفر، وتبدأ مفاوضات جادة معها بهدف استعادة الأراضي اليمنية التي سيطرت عليها بالقوة، مستغلة ضعف النظام الحاكم في اليمن وتمزق المجتمع اليمني.
 
 - ثورة 11 فبراير والانقلاب


 فرضت السعودية ثقلها في اليمن بقوة منذ اندلاع ثورة 11 فبراير 2011 وحتى يومنا هذا، يتمثل ذلك في المبادرة الخليجية التي كانت أكبر راعٍ لها. وبعد أن تطورت الأحداث سريعا بشكل سلبي جراء وحشية الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، والتي كانت السعودية من أكبر الداعمين لها هي ودولة الإمارات، انزلقت الأوضاع في اليمن إلى انقلاب عسكري ضد السلطة الشرعية من قبل الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي صالح.
 
 ورغم اتهام بعض المحللين السياسيين للسلطات السعودية بالقيام بدور كبير في رعاية الانقلاب في اليمن، باتفاق وتواطؤ مختلف الأطراف في الداخل، من أجل القضاء على ثورة 11 فبراير وكبار مسانديها (حزب الإصلاح والجنرال علي محسن الأحمر وعائلة الشيخ القبلي عبد الله الأحمر)، إلا أن جماعة الحوثيين التي كان سيتم استخدامها كواجهة عسكرية للقضاء على الثورة، خرجت عن الخطة المرسومة لها تحت إغراء الدعم المتزايد الذي كان يقدمه لها علي صالح للانتقام من خصومه السياسيين.
 
 وزاد الطين بلة دخول إيران على خط الأزمة التي قدمت دعما كبيرا للحوثيين، وازدادت التهديدات والاستفزازات للسعودية من قبل إيران وجماعة الحوثيين، الأمر الذي دفع السعودية إلى تشكيل تحالف عسكري عربي شكلي على عجل، وأعلنت عن عملية "عاصفة الحزم" العسكرية كاستجابة لطلب الرئيس الشرعي للبلاد عبد ربه هادي وتحت مظلة قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، بهدف القضاء على الانقلاب وإعادة السلطة الشرعية. وما زالت الأجندة السعودية في اليمن تتسم بالغموض، كونها غير جادة في القضاء على الحوثيين، ولم يصدر عنها أي موقف واضح إزاء التصرفات الإماراتية في اليمن والمقوضة للسلطة الشرعية.
 
 - أدوات النفوذ
 
 حتى قبل اندلاع عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، كان النفوذ السعودي في اليمن يتم وفقا لمسارين، أحدهما فكري والآخر قبلي، فالمسار الفكري يتمثل في الدعم الذي كانت تقدمه للجماعات السلفية، وهي جماعات اعتمد عليها كثيرا نظام علي صالح لحماية كرسي الحكم من خلال الفتاوى التي تحرم الخروج على ولي الأمر.
 
 أما المسار القبلي فيتمثل في الجانب المشيخي والقبلي، وبدأت بوادره بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، عندما أنشأت السعودية ما تسمى "اللجنة الخاصة"، برئاسة الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز، الذي كان ممسكا بالملف اليمني، ومن خلال "اللجنة الخاصة" كانت السعودية تقدم الدعم المالي لبعض مشايخ القبائل في شكل منح جزيلة أو رواتب شهرية أو سنوية، بهدف تأمين الحدود الجنوبية للمملكة.
 
 لكن هذا الدعم بدأ يتناقص في السنوات الأخيرة، خاصة بعد توقيع اتفاقية جدة الحدودية عام 2000، ثم قُلِّص بشكل كبير بعد ثورة 11 فبراير 2011، غير أنه بدأ يتخذ مسارات أخرى ومتنوعة بعد الانقلاب واندلاع عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، ولن يستقر على حال إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها، وتتشكل خارطة تحالفات جديدة على أنقاض الدمار الذي حل وسيحل بالبلاد.

* الموقع بوست 




مشاركة الخبر:

كلمات دلالية:

تعليقات