ياسين التميمي
المهرة.. عدالة القضية وكفاءة القيادة
[ الجمعة, 28 سبتمبر, 2018 ]
من بين الجبهات المعدودة التي يقاتل فيها اليمنيون دفاعاً عن دولتهم وأرضهم وكرامتهم ثمة جبهة بلا سلاح لكنها أمضى من السلاح، إنها جبهة المهرة التي تتكرس كساحة مواجهة تاريخية مع التهديدات الخطيرة التي تطال الأرض اليمنية وسيادة دولتها.
هذه التهديدات تأتي للأسف من أشقاء يمارسون انتهازية لا نظير لها تتخفى خلف شعار دعم الشرعية الذي برر تدخلهم العسكري الواسع في اليمن منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وفيما أخفقت الإمارات -لكنها لا تزال تحاول- في فرض السيطرة على محافظة أرخبيل سقطرى، تبالغ السعودية من جهتها في تعزيز انتشارها العسكري غير المبرر في محافظة المهرة وسط مؤشرات على نوايا هذه الدولة الجارة ذات الأطماع التاريخية في الأراضي اليمنية، فرض اليد على المهرة وإحياء مشروع قديم لها للوصول إلى بحر العرب.
هناك التفاف وطني واسع يميز المواجهة التي يخوضها أبناء المهرة، تحت مظلة المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى الذي يتزعمه الشيخ عبد الله بن عيسى آل عفرار، وثمة قيادة ميدانية يمثلها الشيخ العميد علي سالم الحريزي. هذه القيادة تعمل بثبات في ساحة المواجهة هذه، وتتكرس كرمزية وطنية مثيرة للإعجاب، بالنظر إلى خطورة الظروف التي تحيط بأدائها في ظل تغول هذا التحالف وسفور مخططاته وتطاوله على السيادة.
لا يبدو الشيخ علي سالم الحريزي، الذي يتولى حالياً القيادة المباشرة والميدانية لحراك المهرة الوطني، مكترثاً للتهديدات التي بدأت تطاله بعد أن تسربت معلومات بشأن مذكرة اعتقال بحقه بفعل ضغوط سعودية مورست على السلطات اليمنية.
لقد كشفت ملابسات الاعتقال الذي لم يتم مدى صلابة المهرة وموقفها بإزاء هذا التطور الخطير، ووعيهم بطبيعة هذه التهديدات وكيف أنها أرادت أن تسكت الانتفاضة المهرية عبر إسكات قائدها الميداني.
كان الشيخ الحريزي عند مستوى هذا الاختبار الصعب ولعب دوراً أساسياً في تحويله إلى مناسبة لتجسيد الإجماع الوطني في المهرة حول خيار رفض الاحتلال والتدخلات الخارجية الماسة بالكرامة الوطنية.
لقد حظيت المهرة بقائد جيد في لحظة تاريخية فارقة، إذ تجمعت في شخص الشيخ الحريزي مواصفات القيادة الشاملة، بالنظر إلى خلفيته كعميد في القوات المسلحة وقائد لحرس الحدود في المهرة، ومهاراته القيادية الذي اكتسبها عبر عمله كوكيل لمحافظة المهرة.
لقد كان أداؤه جيداً بل مثالياً وبرهن أنه قادر على تقديم القدوة الملهمة في تحريك المجتمع لمواجهة ظروف استثنائية كالتي تواجهها المهرة اليوم، وبلغت حد التهديد بالنيل من قياداتها وإسكاتهم بالقوة القهرية.
لقد أدركت السعودية أن خطوة اعتقال القائد الميداني لحراك المهرة سيشكل قفزة إلى المجهول وستفقد معه المهرة حالة الانضباط والسلمية اللذين يغلبان على حراك أهلها، ما قد يفتح الباب أمام تحول الحراك إلى مواجهة مسلحة خارج سياق مهمة التحالف التي توفر الأمم المتحدة غطاء لها بموجب القرار 2216.
وفي سابقة لها علاقة بهذه الساحة الجغرافية، نجح أبناء محافظة سقطرى من قبل في تعقيد مهمة الإمارات وتحويلها إلى دولة غازية وذات نزعة احتلالية واضحة، وتعين عليها فيما بعد أن تواجه تهمة مباشرة من قبل الحكومة، تبرهن على هذه الحقيقة تضمنتها مذكرة حكومية مقدمة إلى الأمم المتحدة.
بالتأكيد لا تريد السعودية أن تنزلق إلى هذا المنعطف الخطر لأنها حينذاك لن يكون بوسعها أن تبرر انحراف قواتها صوب مواجهة مسلحة مع مواطنين دولة أخرى لمجرد أنهم اعترضوا على انتشارها العسكري غير المبرر وعلى وانحرافها عن مهمتها الحقيقية في اليمن ، بعد أن أدركوا أن سيادتهم تنتهك على نحو لا يمكن احتماله.
مشاركة: