جمال خاشقجي
على بن سلمان حفظ كرامة بلاده بإن?اء الحرب المتوحشة في ال?من
[ الجمعة, 14 سبتمبر, 2018 ]
على المملكة العربية السعودية أن تواجه الأضرار التي نجمت عمّا ?ز?د عن ثلاثة أعوام من الحرب في ال?من. فقد تسبب الصراع في تخريب علاقة المملكة بالمجتمع الدولي وأثّر على الوضع الأمني الإقليمي وأضرّ بسمعة المملكة في العالم الإسلامي. أمامها الآن فرصة سانحة لإبقاء إ?ران خارج ال?من وفي نفس الوقت إن?اء الحرب بشروط جيدة إذا ما بدلت دور?ا من صانع حرب إلى صانع سلام.
بإمكان المملكة العربية السعودية استخدام نفوذها ضمن الدوائر الغربية وتعزيز دور المؤسسات والآليات الدولية لإنهاء الصراع. إلّا أن الفرصة المتاحة لحل الصراع توشك أن تتلاشى.
يمكن القول إنّ محادثات جنيف للسلام برعاية الأمم المتحدة، والتي كان من المقرر أن تبدأ ?وم الخميس، قد انهارت في الواقع العملي، وذلك جزئيًا بسبب تخوف المتمردين الحوث??ن الذين ?س?طرون على العاصمة (وعلى معظم مناطق غرب ال?من) من أن تمنعهم السعودية من العودة لبلادهم إذ أنّها تهيمن على المجال الجوي ال?مني.
بينما الأفضل للسعود??ن مساعدة أعدائهم وكذلك مسؤولي الأمم المتحدة بالدعم الذي يحتاجونه لضمان سفرهم، بل حتى تزو?د?م بطائرة سعودية خاصة سيكون فكرة جيدة. وثمة ما هو أفضل من ذلك: أن تعلن المملكة عن وقف لإطلاق النار وتدعو إلى محادثات سلام في مد?نة الطائف السعودية، ح?ث أُجر?َت من قبل محادثات سلام مع ال?من??ن.
ثمة مخاوف أمنية حقيقية دفعت المملكة العربية السعودية إلى الحرب في ال?من بسبب تدخل إ?ران في شؤونها. إلّا أن ج?ود الحرب السعودية لم توفر ما سعت إليه من الحما?ة الأمنية وإنما ازدادت مخاطر سقوط ضحايا ووقوع أضرار داخل المملكة. فإذ تعتمد منظومة الدفاع السعودية على نظام باتريوت الصاروخي المصنّع في الولا?ات المتحدة. نجحت السعودية في التصدي للصواريخ الحوثية ومنع?ا من التسبب بأضرار جسيمة. ومع ذلك، فإن انعدام قدرة السلطات السعودية على منع الصواريخ الحوثية من أن تنطلق من البداية يشكل حرجًا على ق?ادة المملكة، إذ لم تتمكن من تق??د قدرات خصمها المدعوم إ?ران?ًا. فكل صاروخ تطلقه قوات الحوثي ?شكل عبئًا س?اس?ًا ومال?ًا على المملكة. ل?س معلومًا على وجه الدقة كم ?كلف كل صاروخ ?زود به الإيرانيون الحوث??ن، إلّا أن بإمكان المرء أن ?خمّن بأنّ ثمن مثل ذلك الصاروخ لا ?ُقارَن بتكلفة صاروخ الباتريوت، والتي تصل إلى ثلاثة ملا??ن دولار.
هذه التكاليف غ?ر المتوقعة للصراع الذي تدور رحاه في ال?من تعني ازدياد وتيرة المملكة العربية السعودية في اقتراض الأموال بشكل متزايد من الأسواق العالمية دون أن تفصح عن الغرض من ?ذه الأموال المقترضة. تقول تقارير إنّ المملكة اقتضرت ما مجموعه أحد عشر مليار دولار من البنوك الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن بحال تقدير الخسائر الس?اس?ة الناجمة عن فقدان الأرواح البريئة، فقد نجم ذلك عن خطأ استخباراتي سعودي قصف حافلة كان ?شكّ بأنها تنقل مقاتلين حوث??ن، إلّا أن الصاروخ ضرب حافلة مدرسة تنقل أطفالّا. بالتالي لم يعد بوسع المملكة أن تتحمل تحول المنطقة المحاذ?ة لحدودها الجنوبية إلى منطقة حرب مفتوحة والإبقاء في نفس الوقت على ثقة الأسواق الدولية والاحتفاظ بمستوى من التفوق الأخلاقي.
الأخطاء والمخاطر الناجمة عن الصراعات طويلة المدى تنال من سمعة المملكة دول?ًا وتزيد من احتمالات الدخول في مواجهة مع حلفائها التقل?د??ن. ولا أدَلَّ على ذلك من أنّ وز?ر الدفاع الأميركي ج?م مات?س صرح مؤخرًا: “نحن ندعم حق شريكتنا المملكة العربية السعودية في الدفاع عن النفس.” فما كان من وسائل الإعلام السعودية إلّا أن نقلت تصريح مات?س بحماسة شديدة بعد أن حذفت منه الجزء الذي ?ؤكد ف?ه أنّ الدعم الأميركي “ل?س بدون شروط” وحثه السلطات السعودية على “فعل كل ما ?و ممكن بشر?ًا لتجنب أي خسارة في أرواح الأبرياء”. ?نبغي أن تكون تصريحات مات?س بمثابة تنب?ه لولي الع?د السعودي محمد بن سلمان بحقيقة الأمور، فالسعودية تكتسب ?و?ت?ا من المكانة الإسلامية التي تتبوأها، فلا نحتاج لأن ?ذكرنا أحد بق?مة الح?اة البشرية. كما أنّ المسلمون حول العالم يستحقون أن ?كون م?د الإسلام ممثِّلاً لق?م ?ذا الدين. كما تستحق المملكة العربية السعودية ألّا تُقارَن بسوريا، والتي لم ?تردد زع?م?ا في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. للأسف، فإن استمرار الحرب في ال?من سيعزز مصداقية الأصوات التي تقول إنّ السعودية تفعل في ال?من ما ?فعله الرئيس السوري بشار الأسد والروس والإيرانيون في سوربا.
بل حتى في جنوب ال?من الذي ?ُعتبَر الآن “محررًا”، ?نظم المتظاهرون حال?ًا حملة من العصيان المدني و??تفون بشعارات تندد بالتحالف الذي تقوده السعودية، والتي ?عتبرون?ا القوة الفعلية على الأرض بدلًا من حكومة ال?من المنف?ة.
سوف توفر محادثات السلام فرصة ذ?ب?ة للملكة العربية السعودية للخروج من كل هذا، وسوف تجد الرياض دعمًا دول?ًا إذا ما دخلت في وقف لإطلاق النار عندما تبدأ المحادثات. ينبغي لها ح?ن?ا أن تستغل نفوذها الدولي وإشراك المؤسسات الدولية وحلفاءها للضغط مال?ًا على طهران كي تنسحب من ال?من. في المقابل، ?نبغي على ولي ع?د السعودية أن ?قبل أيضا بدورٍ للحوث?ين والتجمع ال?مني للإصلاح والانفصاليين الجنوبيين في حكم ال?من مستقبلًا. من الطبيعي ألّا تتمكن الرياض من الحصول على كل ما تر?ده، وينبغي أن تترك ال?من??ن ليحلوا خلافاتهم مع الحوث??ن ضمن مؤتمر وطني، بدلًا من سفك الدماء في ساحات الوغى. فكلّما طالت ?ذه الحرب الوحشية في ال?من، كلما كان الضرر الناجم عن?ا دائمًا، حان الوقت أن ينشغل الشعب ال?مني بمحاربة الفقر والكوليرا وندرة المياه وفي إعادة بناء بلاد?م، بينما ?توجب على ولي الع?د وضع حد للعنف وحفظ كرامة م?د الإسلام.
نقلا عن صحيفة الواشنطن بوست
على بن سلمان حفظ كرامة بلاده بإن?اء الحرب المتوحشة في ال?من
جمال خاشقجي
على المملكة العربية السعودية أن تواجه الأضرار التي نجمت عمّا ?ز?د عن ثلاثة أعوام من الحرب في ال?من. فقد تسبب الصراع في تخريب علاقة المملكة بالمجتمع الدولي وأثّر على الوضع الأمني الإقليمي وأضرّ بسمعة المملكة في العالم الإسلامي. أمامها الآن فرصة سانحة لإبقاء إ?ران خارج ال?من وفي نفس الوقت إن?اء الحرب بشروط جيدة إذا ما بدلت دور?ا من صانع حرب إلى صانع سلام.
بإمكان المملكة العربية السعودية استخدام نفوذها ضمن الدوائر الغربية وتعزيز دور المؤسسات والآليات الدولية لإنهاء الصراع. إلّا أن الفرصة المتاحة لحل الصراع توشك أن تتلاشى.
يمكن القول إنّ محادثات جنيف للسلام برعاية الأمم المتحدة، والتي كان من المقرر أن تبدأ ?وم الخميس، قد انهارت في الواقع العملي، وذلك جزئيًا بسبب تخوف المتمردين الحوث??ن الذين ?س?طرون على العاصمة (وعلى معظم مناطق غرب ال?من) من أن تمنعهم السعودية من العودة لبلادهم إذ أنّها تهيمن على المجال الجوي ال?مني.
بينما الأفضل للسعود??ن مساعدة أعدائهم وكذلك مسؤولي الأمم المتحدة بالدعم الذي يحتاجونه لضمان سفرهم، بل حتى تزو?د?م بطائرة سعودية خاصة سيكون فكرة جيدة. وثمة ما هو أفضل من ذلك: أن تعلن المملكة عن وقف لإطلاق النار وتدعو إلى محادثات سلام في مد?نة الطائف السعودية، ح?ث أُجر?َت من قبل محادثات سلام مع ال?من??ن.
ثمة مخاوف أمنية حقيقية دفعت المملكة العربية السعودية إلى الحرب في ال?من بسبب تدخل إ?ران في شؤونها. إلّا أن ج?ود الحرب السعودية لم توفر ما سعت إليه من الحما?ة الأمنية وإنما ازدادت مخاطر سقوط ضحايا ووقوع أضرار داخل المملكة. فإذ تعتمد منظومة الدفاع السعودية على نظام باتريوت الصاروخي المصنّع في الولا?ات المتحدة. نجحت السعودية في التصدي للصواريخ الحوثية ومنع?ا من التسبب بأضرار جسيمة. ومع ذلك، فإن انعدام قدرة السلطات السعودية على منع الصواريخ الحوثية من أن تنطلق من البداية يشكل حرجًا على ق?ادة المملكة، إذ لم تتمكن من تق??د قدرات خصمها المدعوم إ?ران?ًا. فكل صاروخ تطلقه قوات الحوثي ?شكل عبئًا س?اس?ًا ومال?ًا على المملكة. ل?س معلومًا على وجه الدقة كم ?كلف كل صاروخ ?زود به الإيرانيون الحوث??ن، إلّا أن بإمكان المرء أن ?خمّن بأنّ ثمن مثل ذلك الصاروخ لا ?ُقارَن بتكلفة صاروخ الباتريوت، والتي تصل إلى ثلاثة ملا??ن دولار.
هذه التكاليف غ?ر المتوقعة للصراع الذي تدور رحاه في ال?من تعني ازدياد وتيرة المملكة العربية السعودية في اقتراض الأموال بشكل متزايد من الأسواق العالمية دون أن تفصح عن الغرض من ?ذه الأموال المقترضة. تقول تقارير إنّ المملكة اقتضرت ما مجموعه أحد عشر مليار دولار من البنوك الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن بحال تقدير الخسائر الس?اس?ة الناجمة عن فقدان الأرواح البريئة، فقد نجم ذلك عن خطأ استخباراتي سعودي قصف حافلة كان ?شكّ بأنها تنقل مقاتلين حوث??ن، إلّا أن الصاروخ ضرب حافلة مدرسة تنقل أطفالّا. بالتالي لم يعد بوسع المملكة أن تتحمل تحول المنطقة المحاذ?ة لحدودها الجنوبية إلى منطقة حرب مفتوحة والإبقاء في نفس الوقت على ثقة الأسواق الدولية والاحتفاظ بمستوى من التفوق الأخلاقي.
الأخطاء والمخاطر الناجمة عن الصراعات طويلة المدى تنال من سمعة المملكة دول?ًا وتزيد من احتمالات الدخول في مواجهة مع حلفائها التقل?د??ن. ولا أدَلَّ على ذلك من أنّ وز?ر الدفاع الأميركي ج?م مات?س صرح مؤخرًا: “نحن ندعم حق شريكتنا المملكة العربية السعودية في الدفاع عن النفس.” فما كان من وسائل الإعلام السعودية إلّا أن نقلت تصريح مات?س بحماسة شديدة بعد أن حذفت منه الجزء الذي ?ؤكد ف?ه أنّ الدعم الأميركي “ل?س بدون شروط” وحثه السلطات السعودية على “فعل كل ما ?و ممكن بشر?ًا لتجنب أي خسارة في أرواح الأبرياء”. ?نبغي أن تكون تصريحات مات?س بمثابة تنب?ه لولي الع?د السعودي محمد بن سلمان بحقيقة الأمور، فالسعودية تكتسب ?و?ت?ا من المكانة الإسلامية التي تتبوأها، فلا نحتاج لأن ?ذكرنا أحد بق?مة الح?اة البشرية. كما أنّ المسلمون حول العالم يستحقون أن ?كون م?د الإسلام ممثِّلاً لق?م ?ذا الدين. كما تستحق المملكة العربية السعودية ألّا تُقارَن بسوريا، والتي لم ?تردد زع?م?ا في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. للأسف، فإن استمرار الحرب في ال?من سيعزز مصداقية الأصوات التي تقول إنّ السعودية تفعل في ال?من ما ?فعله الرئيس السوري بشار الأسد والروس والإيرانيون في سوربا.
بل حتى في جنوب ال?من الذي ?ُعتبَر الآن “محررًا”، ?نظم المتظاهرون حال?ًا حملة من العصيان المدني و??تفون بشعارات تندد بالتحالف الذي تقوده السعودية، والتي ?عتبرون?ا القوة الفعلية على الأرض بدلًا من حكومة ال?من المنف?ة.
سوف توفر محادثات السلام فرصة ذ?ب?ة للملكة العربية السعودية للخروج من كل هذا، وسوف تجد الرياض دعمًا دول?ًا إذا ما دخلت في وقف لإطلاق النار عندما تبدأ المحادثات. ينبغي لها ح?ن?ا أن تستغل نفوذها الدولي وإشراك المؤسسات الدولية وحلفاءها للضغط مال?ًا على طهران كي تنسحب من ال?من. في المقابل، ?نبغي على ولي ع?د السعودية أن ?قبل أيضا بدورٍ للحوث?ين والتجمع ال?مني للإصلاح والانفصاليين الجنوبيين في حكم ال?من مستقبلًا. من الطبيعي ألّا تتمكن الرياض من الحصول على كل ما تر?ده، وينبغي أن تترك ال?من??ن ليحلوا خلافاتهم مع الحوث??ن ضمن مؤتمر وطني، بدلًا من سفك الدماء في ساحات الوغى. فكلّما طالت ?ذه الحرب الوحشية في ال?من، كلما كان الضرر الناجم عن?ا دائمًا، حان الوقت أن ينشغل الشعب ال?مني بمحاربة الفقر والكوليرا وندرة المياه وفي إعادة بناء بلاد?م، بينما ?توجب على ولي الع?د وضع حد للعنف وحفظ كرامة م?د الإسلام.
نقلا عن صحيفة الواشنطن بوست
مشاركة: