فارق مقبل
أخيرا سيكون لنا أن نموت بوباء جديد تحدى العالم
[ الخميس, 30 أبريل, 2020 ]
" على الأقل ثمة سبب وجيه هذه المرة لنموت رعبا ونموت مرضا فقد كان من المعيب أن نموت بأوبئة تخلص منها العالم قبل قرن من الزمن وعادت تمارس غطرستها على أجساد اليمنيين جنبا إلى جنب رصاص الإخوة الأعداء"
لا تخبرني إن الوضع لا يدعو للهلع وأن 6 إصابات سجلت بعد أن سجلت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مليون إصابة وقرابة 60 ألف حالة وفاه، أمرا طبيعيا في عالم كله مصاب إلا نحن، لا مجال للمقارنة ولا المقارنة هذه كفيلة ببث الطمأنينة في نفسيتي التي تموت كل يوم منذ ستة أعوام تواليا.
بدأنا رحلة الموت اليومي باكرا وباكرا جدا بدأنها في 2011 واستمرت معنا حين كانت المفخخات والمتفجرات لغة سائدة كل يوم منذ العام 2012 وحتى أواخر العام 2014 م ثم تبدلت الحكاية، لنبدأ معها حكاية الموت بطائرات التحالف تشق سكون ليلينا المظلمة إلا من مضادات الطيران التي كانت فقط تكفي لتقول لنا أن ثمة أناس لا زالوا يعيشون خارج جدران منازلنا وهم يطلقون النار وثمة كلاب تنبح في الحارات أيضا وهذا دليل كاف على أن الدنيا بخير.
خمسة أعوام لم تتبدل الحكاية هنا أو هناك لكنها زادت تشعبا وأنظمت أوبئة وأمراض إلى قائمة الموت العامل بوتيرة عالية لحصد أرواحنا ووحدهم الذين ماتوا حصلوا على الراحة الأبدية.
من الكوليرا إلى حمى الضنك إلى المكرفس إلى انفلونزا الخنازير إلى الحميات المجهولة التي لم يعرف لها اسم والمؤسف أنه لا طبيب لدينا تجرء أن يسجل في تاريخ ردائه الأبيض أي إنجاز حقيقي عد الهرب من المستشفيات كلما لاحت حالة من الحمى مثلما يحدث الأن مع كورونا أو كما يحلوا لي تسميته من باب التسلية (انفلونزا الخفافيش) تيمنا بإنفلونزا الخنازير وإن كانت أنفلونزا الخنزير أكثر رحمة.
نعم لم ينقصنا أن نموت خوفا فالخوف لم يعد ينفع في حالتنا نحن في مرحلة الرعب لو كان لهذه الكلمة دلالة أو معنى أشد من كلمة خوف أو هلع لقد عرفنا كيف يموت الناس جوعا بعد أن تلتصق جلودهم على العظم حتى لا تجد قطرة الماء طريقا لها للمرور نحو بطونهم.
لقد عرفنا كيف كانت الأمهات تفقد فلذات أكبادهن وكل منظمات الدنيا تتاجر بحالتهم الصحية وتصيح أنقذوا اليمنيين من الكوليرا، لقد عرفنا كيف ينفجر الخوف والرعب في صدور الأمهات وهنا يسمعنا صوت الطيران الحربي لأخوتنا في العروبة والدين يشق حاجز الصمت ويلقي بقنابله المدمرة فوق مدرسة يتعلم فيها أطفالهن الذين لم يتجاوزوا سن الثانية عشرة، وذلك العالم المتحضر من حولنا لم ترف له جفن.
كنا نموت تواليا بعشرات الأسباب والآن هاهوا سبب جديد ينظم إلى تلك القائمة من الأسباب والتوقيع قاتل منفلت لم تسلم منه أكبر الأنظمة الصحية تقدما في العالم والأمر اليس بأيدينا نحن العالم المتعاطف مع اليمنيين والتوقيع للأمم المتحدة ووكالتها.
على الأقل ثمة سبب وجيه هذه المرة لنموت رعبا ونموت مرضا فقد كان من المعيب أن نموت بأوبئة تخلص منها العالم قبل قرن من الزمن وعادت تمارس غطرستها على أجساد اليمنيين جنبا إلى جنب رصاص الإخوة الأعداء
مشاركة: