ياسين التميمي
عن شكوك وجهاء المهرة حيال نجاح اللجنة الرئاسية
[ الجمعة, 29 مارس, 2019 ]
تمر محافظة المهرة في هذه الأثناء بمنعطف خطير للغاية، في ظل عدم الاكتراث الذي تظهره السعودية، لمطالب أبناء المحافظة الذين يمثلون الغالبية العظمى من السكان، وفي صفوفهم وعلى رأس حركتهم الاحتجاجية السلمية يقف رجال هم ذروة سنام المهرة وقياداتها التاريخية.
جاءت اللجنة الرئاسية بقيادة رئيس هيئة الأركان العام للقوات المسلحة إلى محافظة المهرة، واكتفت بلقاء المحافظ ورئيس المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى، الشيخ عبد الله عيسى بن عفرار، نجل آخر سلاطين سلطنة المهرة وسقطرى التي انتهت عام 1967.
معظم وجهاء المحافظة يتقاسمون الشعور بالإحباط حيال مهمة اللجنة الرئاسية وبالنتائج التي ستقدمها إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، ويقينهم أن الرئيس الموجود في الرياض لا يمكن أن يتبنى توصيات تقترب من تنفيذ المطالب الست لمعتصمي المهرة، التي لا تقبل بأقل من تحرير المنشآت والمرافق الحيوية من الوجود العسكري السعودي المهيمن عليها وتحرير الحياة العامة وحركتهم التجارية من هذا النفوذ الطارئ والمقيد والمحبط.
قبل يومين عقد في مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة، اجتماعٌ موسع لوجهاء وأعيان المهرة برئاسة الشيخ عبد الله عيسى بن عفرار، وقدم المجتمعون رسالة قوية إلى الرئاسة وإلى السعودية التي تقود التحالف العسكري في اليمن، وهي الرسالة التي وردت في النقاشات التي شارك فيها أعيان المهرة واتفقوا تقريباً على أن عودة الأمور إلى طبيعتها في هذه المحافظة مرهون بإنهاء التواجد العسكري السعودي، وبإقالة محافظ المحافظة الذي تورط في إسالة دماء أبناء المحافظة، وتورط في مؤامرة تهدف إلى ضرب الوحدة المصيرية لعشائر وقبائل المحافظة.
لقد جاءت الرسالة التي بعث بها الاجتماع القبلي الأخير قويةً ولكن محمولة على النوايا الحسنة تجاه الرئيس والتحالف، والأهم من كل ذلك أنها عبرت عن التزام أخلاقي تجاه السلم الاجتماعي وتماسك مجتمع المهرة عبر نبذ الاقتتال بين أبناء المحافظة.
لا يجوز إذا أن يستمر تجاهل المطالب الأساسية لأبناء المهرة والتعامل بحالة من عدم الاكتراث تجاه الاعتصامات التي لم تتوقف، فهذه الاعتصامات تعكس إرادة أبناء المهرة وعدم قبولهم بالمساومة على القضايا المتعلقة بتراب الوطن وبكرامة الشعب اليمني.
فقد تمتع أبناء المهرة بعلاقات خاصة مع دول الجوار سواء مع سلطنة عمان الواقعة إلى الشرق أو مع السعودية الواقعة إلى الشمال، وهي علاقة لا تبرر بنظرهم وكما عبروا مراراً وتكراراً، التوسع أو الاستحواذ كالذي تعبر عنه السعودية اليوم بشكل واضح عبر انتشارها العسكري الاستحواذي، الذي يتم بذرائع لم تعد مقبولة حتى ولو حاول تحالف الرياض أبوظبي أن يربط ما يجري في المهرة بمصير المعركة في اليمن، التي يبدو أنها لم تعد تحتفظ بأهدافها السابقة المتصلة بدعم الشرعية واستعادة الدولة، وصيانة التراب اليمني من التشظي.
وفي المقابل يقلقني ما تضمنه بيان الاجتماع القبلي من إشارة إلى الوضع الأقلوي لأبناء المهرة، والذي يستند بصفة أساسية إلى الخصوصية اللغوية للمهريين. وما نود أن نؤكده هنا أن العزلة الجغرافية ربما ساهمت في بقاء ما يمكن اعتباره لغة اليمن القديمة محكية حتى اليوم في محافظة المهرة.
لذا ليس من المجدي أن تكرس المواجهة الحالية الشعور بالأقلية لدى المهريين من قوم “الأزد” العظام، ولا يجب أن يتحول معها أبناء المهرة إلى أقلية، في الوقت الذي ينبغي أن يفتخروا بأن في وجوههم كما في ألسنتهم تتجلى الملامح الأصيلة المتبقية من الشعب اليمني الذي سكن جنوب شبه الجزيرة العربية وتحول إلى مخزنها البشري الأول.
مشاركة: