ياسين التميمي
أبعاد الاستهداف الممنهج لكوادر المهرة
[ الثلاثاء, 26 فبراير, 2019 ]
حينما تسارع السلطة الشرعية إلى معاقبة من يواجهون مخططاً واضحاً للهيمنة الأجنبية على البلاد عبر القوة العسكرية، فإن ذلك لا يندرج ضمن الصلاحيات الدستورية ولا يعبر عن روح الدستور والقانون، والأصح أن هذه السلطة المصادرة الإرادة والكرامة، تتورط بشكل واضح في انتهاك دستور البلاد وقوانينها تنفيذا لإملاءات تتعلق برغبة سعودية إماراتية لاستقطاع أراض يمنية تتجلى أكثر ما تتجلى في سلوكهما المستفز في كل من محافظتي المهرة وسقطرى.
لا يجب السكوت مطلقاً عن القرارات المجحفة، التي تستهدف مصادرة الحق في شغل الوظيفة والتي مورست وتمارس بحق المسؤولين المحليين الأحرار الذين عبروا عن مساندتهم لكفاح أبناء المحافظة من أجل إعادة السلم والاستقرار وإنهاء النفوذ العسكري للقوى الأجنبية الذي قوض الاستقرار المعهود لهذه المحافظة على هامش الحرب الدائرة في اليمن.
بدأ محافظ المهرة راجح باكريت أولى خطوات تجفيف المحافظة من المواقف الوطنية المناهضة للهيمنة، عبر إيقاف مدير مكتب وزارة حقوق الإنسان في المحافظة علي بن عبد الله بن عفرار، الذي أصدر تقريراً روتينيا عن واقع حقوق الإنسان في المحافظة لم يستطع أن يخفي معه الحقائق الناصعة عن الانتهاكات الأمنية والعسكرية والاستخبارية لحقوق الإنسان في هذه المحافظة.
الأمر ذاته ينفذ في حق وكيل المحافظة لشؤون الشباب، بدر كلشات، الذي ارتبط اسمه ببياناً موفقاً تناول فيه المساعي الحثيثة لملشنة محافظة المهرة المسالمة، وحذر فيه من مساعي إماراتية سعودية لإنتاج وضع مشابه لذلك الذي تعيشه محافظات جنوبية على وقع الممارسات الإرهابية لميلشيات مرتبطة بالامارات، وتعمل خارج الأجندة الوطنية.
إن الرفض الذي عبر عنه كلشات ضد قرار توقيفه، هو السلوك السياسي المفترض الذي ينبغي أن يأخذ أبعاده القانونية كاملة عبر المحاكم، حتى يتم تحجيم الصلاحيات المطلقة التي منحت للمحافظ باكريت، في تعبير واضح أنه إنما وضع في منصبه هذا للتغطية على المحاولات المفضوحة لاستقطاع المهرة من جانب الجارة الشمالية بهدف احتواء دولتين جارتين هما اليمن وسلطنة عمان، وتضييق الخناق عليهما وعلى خياراتهما في التصرف وفق الإمكانيات الجيوسياسية الطبيعية التي تتمتعان بها في المنطقة والعالم.
إن محاولات هذه تريد أن تكرر تجربة الدولتين السيئتين مع قطر، التي أغلقت عليها الحدود من كل الجهات وبقي لها البحر فقط، وهو كبير، لكن ما من مسوغ لسلوك كهذا سوى النزعة التوسعية لحكام الرياض وابوظبي المشحونين بحقد لا سابق له في تاريخ المنطقة، تكاد معه هذه المنطقة أن تشتعل حرباً متعددة الجبهات لا يعلم مآلاتها إلا الله.
لذا يفترض أن تتحول قضية كلشات وبن عفرار إلى قضية رأي عام ذات أولوية يتناولها اليمنيون المؤمنون بوطنهم وبحريته واستقلاله باهتمام خاص، في ظل التجليات المقلقة والمستفزة للتهديدات التي تستهدف حرية الوطن واستقلاله وتأخذ أشكالا عدة أخطرها محاولات فرض الهيمنة المطلقة على القرار السياسي والعسكري، وأخيراً في شكل مصادرة الأرض، وتسويق الادعاءات المثيرة للاستهجان المتصلة بتعويم الهوية اليمنية الخالصة لسقطرى والمهرة وجعلها مشاعاً بين كيانات لم تر الوجود إلا عام 1970.
نقلا عن اليمن نت
مشاركة: