الرئيسية > أخبار المهرة وسقطرى
حضارة وتاريخ يمتد لآلاف السنين..أسواق سقطرى القديمة يتهددها الاندثار
المهرة بوست - متابعات
[ السبت, 01 فبراير, 2020 - 10:47 صباحاً ]
تشتهر محافظة أرخبيل سقطرى، بالعديد من التنوع في الحياة الطبيعية التي جعلتها إحدى أهم الجزر على مستوى العالم.
وتعتبر أسواق سقطرى، واحدة من الأسواق التقليدية التي اشتهرت على مر العصور، وبرزت أسواق مدن "حديبو، قاضب، قلنسية"، وهي أسواق ليست كبيرة، لكنها لعبت دوراً كبيراً في المجتمع بقدر أهمية تلك السلع التي حازت على رواج عبر شعوب العالم القديم.
وتتميز سقطرى بالعديد من الأسواق التقليدية، حيث كانت سوقاً مهماً للبخور والصبر ودم الأخوين، منذ أكثر من 2500 عام.
وجلبت هذه المنتجات الفريدة التجار من أماكن بعيدة من الهند وأفريقيا والرومان والإغريق ، وتضمن كتاب "رحلة البحر الأحمر" إضاءة على تاريخ سقطرى في عصر ماقبل الإسلام.
سقطرى ربما كانت آخر جزء من مملكة "تدمر" في القرون المبكرة للميلاد، وعثر على أقدم الآثار في سقطرى كموقع قديم يقع بالقرب من قرية "راجف" شرق الجزيرة يرجح أن تكون بقايا مشغل لصنع الأدوات الحجرية من أحجار الصوان (العصر الحجري) وذلك حسب مصادر البعثة الروسية اليمنية التي عملت بالجزيرة، إلى جانب مجموعة من المدافن تحوي هياكل وجماجم ومقتنيات يرجح أنها تعود للنصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد.
وفي وادي حجرة عثر على آثار يعود تاريخها إلى القرن الثاني وحتى القرن السادس للميلاد، ومع إنه من غير المعروف متى أستوطن الإنسان أرخبيل سقطرى، إلا أن عالم الآثار الكسندر سيدروف، مدير متحف الشعوب الحضارية في روسيا، ورئيس البعثات الأثرية الروسية في سقطرى أشار إلى العثور على موقع يعود للعصور الحجرية.
سوق شءق
سوق "شءق" بالللفظ السقطري القديم،ولا توجد نظرية قطعية تشرح معنى الاسم، فاللفظ سقطري بحت وقديم، ولايزال المهتمين يبحثون في التسمية التي ربما تعود لموقع المدينة الجغرافي في سهل خصيب يرويه نهر سابقاً كان اتساعه إلى منطقة تاريخية اسمها (حشِشره) وتقع من مدينة (شءق ـ سوق) جنوباً منها ، مشكلاً بذلك (واحة شءق ـ حششره).
اشتهرت ( شءق ـ سوق ) بوصفها مدينة سياسية تجارية، تقصدها القوافل للراحة أو التجارة، وترجع شهرتها لشهرة سقطرى وأهميتها التاريخية إلى بداية ازدهار تجارة السلع المقدسة، ونشاط الطريق التجاري القديم – طريق اللبان، حيث اشتهرت سقطرى بإنتاج الند،والصبر السقطري، وزادت أهميتها وتردد ذكرها إلى شعوب حضارات العالم القديم التي كانت تنظر إلى السلع المقدسة نظرة تقديس البخور والمر والصبر واللبان ومختلف الطيب.
تعرض السوق التقليدي لمدينة ( “شءق” ـ باللفظ السقطري ـ ” سوق ” ـ باللفظ الحالي للعديد من الهجمات منذ الغزو البرتغالي الأول والثاني، وتم تدميره أثناء الحملة الصليبية وغزوهم على العاصمة في 1507م.
"شءق ـ سوق"، هي عاصمة لسقطرى قبل حديبو اليوم، وهي إحدى أقدم مدن العالم وفقاً لشهرة وأقدمية السلع التي تشتهر بها سقطرى عبر العصور الموغلة، مع تاريخ منقطع منذ العصور الوسطى تقريباً، كانت المدينة إحدى محطات طريق الحرير، وطريق البحر، ومحطات ترانزيت تجاري وموكب للحجيج، والقوافل المتجهة إلى فارس أو آسيا الصغرى أو مصر والجزيرة العربية.
هذا الدور الاقتصادي البارز لعب دوراً في إغناء المدينة وتحويلها إلى مقصد ثقافي وسياسي أيضاً ، لكنها تعرضت للتدمير في الاحتلال البرتغالي في 1507م.
سوق حديبو ( ششييرهر )القديمة
يقع سوق ( حديبوه ـ ششرهر القديمة لفظاً) في قلب المدينة، وهو عبارة عن مجموعة من المحلات ملتصقة في دواوين ومجالس،تنتشر في الأزقة الضيقة الواقعة في منطقة ( سرحة الشعب ـ ساحة الشعب، حافة زووبك) قريبة من جامع النور.
وفقاً للمعلومات التاريخية فقد كان التجار يأتون بالبضائع المتنوعة إلى السوق، سواء من الأرخبيل، أو تلك البضائع التي يستوردونها من عُمان مثل الألبسة وغيرها، وكانوا يتاجرون ببضائعهم في المحلات الملتصقة، والتي يقع قصر السلطان بن عفرار منها غرباً.
هناك معالم أثرية اندثرت أو تم العبث بها بعد سقوط السلطنة العفرارية، وكان الهدف محو وطمس مآثر عربية أصيلة، ومنها منارة المئذنة للجامع القديم التي هدمت في السبعينات من القرن الماضي.
يحتوي سوق (حديبو) على مسجد أثري قديم الشهير باسم (جامع العيدروس العدني) يسمّى اليوم بالجامع القديم، ويحتوي على قبب تراثية، وقد شيّد هذا المسجد أحد المحسنين في زمن السلطنة العفرارية، كما أن في السوق مسجد عبدالرحيم المعروف (مسجد الشيخ عبدالله بن حعلان) وهو من مساجد سقطرى التراثية.
يفقد الحرفيون أملهم في أن تبقى محلاتهم القليلة، وتقاوم الزمن، تلك المحلات التي تتميز بالأضواء الخفيفة، وتمتلئ بالأزاميل والمطارق والمسامير وقواطع المعدن الصدئة والجدران المتسخة، حيث يجلس الحرفيون في سوقهم على مقاعدهم الصغيرة أو يقفون حفاة من دون أحذية على حصير سعف النخيل أو جلديات البقر أو مما حاكتهم أيادي نساءهم من الصوف، يمارس الحرفيون مهنتهم، ويعلمون أنها على وشك الانقراض، مثلما انقرض كُل جميل من العاصمة الأولى لسقطرى (شءق ـ سوق ).
يرون اليوم أنهم ينتمون إلى هذا الطريق المنحدرة ذات السلع الشهيرة بالاسم فقط، فقد ساعد استيراد البضائع النحاسية والمفارش الرخيصة من المصانع الأجنبية، على اندثار سوق الحرفيين، إلى جانب عدم تشجيع الدولة للحرفيين.
يقول أحد الحرفيين في سقطرى: كنا نبيع أي شيء نضعه في المحل، ومنها بطلبات خاصة للحصول على الهدايا من مصنوعات السوق، حيث كان السوق يبقى مفتوحاً في الصباح، ولكن في الوقت نفسه فإنها تغلق أبوابها في وقت مبكر من المساء، فهناك القليل جداً من الأفراد سواء كانوا سقطريين أو تجار أو وافدين، أما الأجانب يأتون للشراء، وفق حاجاتهم للتسوّق.
نجد اليوم في الواقع أن المدن التأريخية تعيش على مخاوف أن تفقد تراثها ومعالمها التاريخية العديدة، كما حصل في مدن عربية أخرى، والسؤال: أين الحكومات التي تدعي أن من أولوياتها الحفاظ على هذا الإرث العظيم.
مشاركة الخبر: